الخميس, نوفمبر 28, 2024
Homeمقالاتدور الأحزاب في المحاصصة الطائفية السياسية :مصطفى محمد غريب

دور الأحزاب في المحاصصة الطائفية السياسية :مصطفى محمد غريب

الحديث عن دور الأحزاب والقوى المتنفذة في ما آلت عليه الأوضاع من خراب وتخلف في العراق  ليس سراً ولا هو اتهام باطل لأغراض سياسية أو غيرها،  أمام التداعيات التي شملت مفاصل البلاد وحياة المواطنين، فازدادت الكوارث والمآسي والفواجع والأزمات التي لازمت حكم هذه القوى ودفعت الجماهير إلى الانتفاضة ورفض تسلطهم، ورؤية الواقع المزري  لا يضع المرء كلتا يديه على رأسه فحسب بل حتى قدميه ويصرخ بصوت كله ألم وقهر ورفض ” يا ويلاه على ما جرى ويجري الآن”، فالنكبة وسأسمح لنفسي بالقول ” أنها نكبة عامة ضربت كل البلاد” بعدما كان التفاؤل يعم الأكثرية بسقوط النظام السابق ونقل العراق بعد تلك السنين العجاف إلى موقعه الصحيح في التخلص من الاحتلال والمباشرة والتخلص من تركة النظام الدكتاتوري بالبناء السليم للعملية السياسية وقيام الدولة المدنية الاتحادية الديمقراطية وتحقيق العدالة الاجتماعية، لكن بدلاً من ذلك نجد البلاد في أسوء حال في كل المضامير ما عدا إنتاج النفط وسرقته ” عينك، عينك ” بدون أي رادع للضمير أو شعوراً بالمسؤولية الوطنية، إضافة إلى تمويل أموال النفط الهائلة للنظام الريعي الخام واستخدام الإيرادات الكبيرة لسد الرواتب وقطاعات أحادية الجانب في مواقع وقطاعات غير منتجة وإهمال القطاع الزراعي والخاص والمختلط ، ولا نريد الإطالة وكشف الأرقام والحسابات والكوارث، ولندقق انتفاضة تشرين 2019 والجماهير الشعبية صاحبة الحق في الإصلاح والتغيير ثم نقارن مواقف القوى المتنفذة وصاحبة القرار المتمسكة بالسلطة وكأنها ورث لا يمكن المساس به، ثم التعنت للبقاء على المحاصصة الطائفية والحزبية بأي ثمن لاستمرار الفساد والهيمنة، هنا يتاح لنا القول : أن أس البلاء في العراق هو هيمنة البعض من أحزاب الإسلام السياسي وبخاصة الشيعية ونهج المحاصصة الطائفية والتبعية واعتبار الوطنية درجة ثانية وان ادعى البعض بها وغرد لها للإلهاء وصرف النظر عما هو مكنون في الصدور وتحت هذا الغطاء يكمن الشر والفساد والتدمير

1ـــ  المحاصصة الطائفية جلبت أول كارثة وهي ، تقسيم مسؤوليات الدول من قمة الرأس حتى أخمص القدمين( رئيس الجمهورية كردي أو سني، رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة شيعي، رئيس مجلس النواب سني أو شيعي حسب الاتفاق ) وتواصل التقسيم، نواب رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ورئاسة البرلمان والوزراء ووكلائهم والمدراء العامين والوظائف المهمة المالية والقانونية ولا داعي لذكر الباقين، ثم التعيينات وفق المفهوم الحصصي الطائفي والحزبي في القوات المسلحة ” الجيش والشرطة” والأمن والاستخبارات وتأسيس أو دعم الميليشيات الطائفية وصولنا لتوحيد أكثرها في الحشد الشعبي الذي تأسس على أساس فتوى السيد علي السيستاني حول ” الجهاد الكفائي الطوعي بالضد من خطر امتداد داعش الإرهاب ”  لكنه استغل لتأسيس الحشد الشعبي من قبل التنظيمات الشيعية والطائفية  بتغيير واجهته وتشكيله  المخالف لدعوة السيد علي السيستاني للجهاد العام من مختلف الكيانات ضد داعش،وتحول من قبل الأحزاب والتنظيمات والميليشيات الشيعية ليصبح قوة ضاربة لها أهداف معلنة وأخرى سرية غير معلنة تختلف عن فتوى ” الجهاد الكفائي ” ولا يمكن نكران ما قدمه الحشد الشعبي من تضحيات لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية ” داعش ” 

2 ـــ الأحزاب والتنظيمات والميليشيات القديمة والجديدة نسبياً الدينية الطائفية والسياسية التي يظهر أن العديد منها الانتماء الطائفي والتبعية لقوى خارجية تحت طائلة المكون الواحد، ومدى توغلها في الفساد واللاديمقراطية وتأسيس ميليشيات مسلحة وما يقدم لها من دعم مادي ومعنوي من قوى خارجية بهدف خوض الحرب القادمة والحفاظ على المصالح الأنانية

3 ـــ التدخل الخارجي في الشؤون الداخلية وتأثيراته على القرار العراقي الوطني بالاعتماد على سن قوانين تبيح  له التدخل أكثر فأكثر ومنها ” قانون الانتخابات التشريعية ومجالس المحافظات غير العادل الذي استغل خلال الانتخابات السابقة ، إيجاد مفوضية عليا للانتخابات غير مستقلة رغم الادعاء بالاستقلالية،  بالاعتماد على البعض من القوى الدينية والسياسية  وتحريك الميليشيات الطائفية المسلحة لخدمة أهدافه وتواجده.

عندما نتحدث عن التأثيرات الطائفية هدفنا تعرية هذا النهج ووضع النقاط على الحروف وكشف دور الأحزاب والتنظيمات الطائفية في إذكاء الهيمنة والهيمنة على القرار الذي يخدم التوجه للسيطرة على مقدرات البلاد

ــــ إلا كيف يفسر الفساد المالي والإداري الواسع النطاق والذي اختلست بواسطته القوى الفاسدة مليارات الدولارات والدنانير وهربت إلى خارج البلاد؟..

ــــ كيف هُربت هذه المليارات من الدولارات والدنانير العراقية والعجز الهائل في الموازنات السابقة ثم العجز المالي حيث كشفت ”  عضو اللجنة المالية النيابية ماجدة التميمي إن قيمة العجز في موازنة عام 2020 بلغت 51 تريليون دينار” والكميات المهربة الهائلة من النفط الخام وغيره بطرق ووسائل حديثة جداً لمصلحة القوى المتنفذة من أحزاب وتنظيمات طائفية مسلحة تتقن أعمالها الإجرامية مثل أي مافيا لها باع طويل في الاستيلاء والسرقة والنهب، وكشفت كمثال على الاختلاسات .

ــــ القيمة المعرفية لعمل وسياسة هذه الأحزاب والتنظيمات في التوجه للاستحواذ ورهن القرار العراقي والاستقلال الوطني للعامل الخارجي.

لقد ظهر بوضوح دور أحزاب المحاصصة الطائفية والسياسية في التأثير على سير العملية السياسية والتأثيرات التي تستثمر لتكوين الحكومة من خلال هيمنة البرلمان واستخدام الميليشيات المسلحة الطائفية والمال العام، فضلاَ عن الدور الإيراني الذي فضحتهُ التصريحات والمواقف تجاه العراق ولهذا يدل مثلاً  تصريح (علي يونس ) مستشار الرئيس الإيراني روحاني في  منتدى الهوية الإيراني أن  “إيران اليوم أصبحت إمبراطورية، كما كانت عبر التاريخ، وعاصمتها بغداد حالياً، وهي مركز حضارتنا وثقافتنا وهويتنا اليوم كما الماضي. إن جغرافية إيران والعراق غير قابلة للتجزئة، وثقافتنا غير قابلة للتفكك، لذا إما أن نقاتل معاً أو نتحد”..

 انه المعنى الواضح لا يحتاج إلى تضليل أو تبرير إن العراق هو جزء من إيران لا بل خاضعاً لهُ، إن هذا التصريح الذي نكتفي به ولا نذكر العديد من التصريحات والتدخل في الانتخابات، ودعم الجماعات والتنظيمات السائرة في ركاب السياسة في المجالات كافة، حيث تفقد الدولة العراقية السيطرة على الميليشيات المسلحة التي تعمل خارج نطاق القوانين وتتصرف كدولة لها قراراتها وتوجهاتها ولا تلتزم بقرارات الدولة العراقية ولا بمؤسساتها الأمنية، وهذا ما أشار له انطونيو غوتيرش الأمين العام للأمم المتحدة “إن العدد الكبير من الجماعات المسلحة التي تعمل خارج نطاق سيطرة الدولة يمنع البلاد من العمل كدولة طبيعية”ولا نحتاج إلى الكشف عن المستور والعلني بما قدم  من الدعم المعنوي والمادي لهدف توحيد المنظمات والأحزاب الشيعية المتمثلة”بالتحالف الوطني العراقي”، وبخاصة بين حزب الدعوة والتيار الصدري و المجلس الأعلى وغيرهم من الأحزاب والميليشيات الطائفية وهي استراتيجية إيرانية تهدف إلى توحيد الجهود بين الكتل الشيعية ليتسنى لها تمرير مخططاتها وتوجهاتها في التدخل في الشؤون الداخلية، وجراء هذه السياسة التي تتبعها الأحزاب والمنظمات الدينية الطائفية تفاقمت المشاكل والأزمات على مستوى الوحدة الوطنية وبدلاً من التوجه لأبعاد المحاصصة فقد كرست الجهود لتعميق التقسيم الطائفي وإعلان حرب خفية على المكون الآخر وغيره وعدم السماح له بالمشاركة الحقيقية وبهذه الممارسة والنهج أصبح جل همهم تثبيت “العراق الشيعي!!”  لا يمكن التخلي عنه إلى العراق الوطني الجامع، لكن هذا المخطط المخيف بجعل الطائفية والتقسيم الطائفي اصطدم بمواقف القوى الوطنية والديمقراطية والمستقلة وملايين العراقيين الرافضين لنهج المحاصصة وهيمنة إيران على القرار العراقي وتوج هذا الرفض بعشرات المظاهرات والاعتصامات منذ عام 2011 وقبل ذلك ولحد انتفاضة تشرين 2019 التي زكت ما قلناه بخصوص الأحزاب والتنظيمات الطائفية المسلحة، واشرنا أن هذه القوى بتوجهاتها الطائفية وجرائم الاغتيال والخطف تهدف إلى تعميق التقسيم الطائفي بهدف بقاء الدولة والحكومة ضمن دائرة مفهوم الطائفية، وها هي السنين تزكي ما قلناه ، وها هي الانتفاضة التشرينية الشعبية تؤكد الموقف الرافض للأحزاب والتنظيمات والميليشيات الطائفية المسلحة وفضح سياستها وأهدافها وإدانة تبعية عدد منها، لم تكن الانتفاضة وليدة يوم او شهر او حتى سنة

فهي ما خلفته التراكمات خلال السنين السابقة ، وما أفرزته سياسة أحزاب الإسلام السياسي صاحبة القرار بحيث هي مدانة ومرفوضة من قبل أكثرية الشعب العراقي

 

RELATED ARTICLES

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Most Popular