في الوقت الذي يتفشى فيه فيروس كورونا المستجد بسرعة كبيرة في دول العالم وأدى إلى وفيات كثيرة خلال الساعات الماضية، إلا أن عدد الإصابات في الصين شهد تراجعاً كبيراً.
فقد سجلت الصين خلال الـ24 ساعة الماضية، 27 حالة وفاة، و44 حالة إصابة فقط، ليرتفع عدد الوفيات منذ ظهور الفيروس إلى 3097 حالة.
وقد أكدت الحكومة الصينية أن هذه النتائج تثبت أن الإجراءات التي اتخذتها لاحتواء المرض، كانت فعالة وناجحة وفقاً لصحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية.
وأشارت الصحيفة إلى أن هذه الإجراءات اعتمدت على فرض الحظر على نحو 60 مليون شخص في مدينة ووهان، وفرض الحجر الصحي على مئات الملايين من المواطنين والأجانب.
بالإضافة إلى تجهيز عيادات يمكنها تشخيص مئات الحالات يومياً، باستخدام الأشعة المقطعية والفحوصات المخبرية، وتجهيز مراكز عزل شامل في ملاعب مدينة ووهان.
تكلفة احتواء الفيروس
وذكرت الصحيفة أن هناك مخاوف من أن أعداد السلطات الصينية قد تكون غير دقيقة، وأن الاختبار الحقيقي لهذا الاحتواء سيكون عند عودة الطلاب للمدارس والعمال للمصانع، وعودة الحياة للمدن الصينية.
وأكدت أن حملة بكين لاحتواء الفيروس كانت مؤلمة وباهظة التكاليف، فقد جاءت على سبل عيش الناس وحرياتهم الشخصية، مما جعل “طريقة العلاج من المرض أسوأ من المرض نفسه”، بحسب الصحيفة.
مايكل تي. أوسترهولم، مدير مركز أبحاث وسياسات الأمراض المعدية في جامعة مينيسوتا الأميركية، بدوره قال: “أعتقد أنهم قاموا بعمل رائع في القضاء على الفيروس”، وأضاف: “لكنني لا أعرف إذا كان هذا سيستمر، وما الذي حققه الصين؟ هل احتوت الفيروس حقًا؟ أم أنها قمعته فقط؟”.
وبسبب الإجراءات التي اتخذتها الصين، يعاني الاقتصاد من حالة توقف تام، وتعاني العديد من الشركات الصغيرة من الإفلاس، كما أن المتاجر والجامعات تحولت إلى مدن أشباح، وتم إغلاق وسائل النقل العام، وتشديد القيود على حركة السكان، ومنعهم من مغادرة منازلهم.
كما تسببت هذه الإجراءات في أن الكثير من المرضى الذين يعانون من الأمراض الخطيرة فشلوا في الحصول على علاجهم بسبب سياسات العزل.
فانغ فانغ، بدوره أكد أن هذه الإجراءات سببت بجانب الخسائر الاقتصادية خسائر نفسية كبيرة، مؤكداً أن الأشخاص العاديين المعزولون في منازلهم فقدوا مصدر دخلهم.
إجراءات هونغ كونغ
وقالت الدكتورة جينيفر نوزو، عالمة بارزة في مركز جونز هوبكنز للأمن الصحي إن الإجراءات التي اتخذتها الحكومات في هونغ كونغ وسنغافورة، كانت أكثر دقة وإيجابية، فقد سنت الحجر الصحي المستهدف على المرضى فقط، ولم تغلق أماكن العمل تمامًا، مما سمح لاقتصاداتهم بمواصلة العمل مع احتواء الفيروس بنجاح.
وأضافت: “علينا أن نلقي نظرة واسعة على التأثير على المجتمع، وأن نحسب بشكل الخسائر الاجتماعية لهذه التدابير التي لا تركز فقط على الأرقام”.
من جانبها أكدت منظمة الصحة العالمية إن تدابير الاحتواء في الصين ربما أنقذت مئات الآلاف من الأشخاص من العدوى.
وقال الدكتور تيدروس أدهانوم غبريسيس، المدير العام للمنظمة، “يمكن وقف هذا الوباء، ولكن فقط من خلال نهج جماعي ومنسق وشامل يشترك فيه الجهاز الحكومي بأكمله”.
كما أكد الدكتور ويليام شافنر، أخصائي الأمراض المعدية بجامعة فاندربيلت، إن الأرقام تشير إلى أن إجراءات الحجر الصحي العدوانية، عندما يتم تطبيقها بالكامل، يمكن أن تخنق انتشار الفيروس.
ويؤكد الكثير من الصينيين أن هذه الإجراءات كان يمكن تجنبها، لو لم تخفي الحكومة حقيقة ظهر فيروس كورونا منذ البداية.