الخميس, نوفمبر 28, 2024
Homeمقالاتقراءة في واقع الحياة بالمكوث في الدار بسبب كورونا : د. خالد...

قراءة في واقع الحياة بالمكوث في الدار بسبب كورونا : د. خالد محمود خدر

١- بعيدا عن كورونا:
يتفق الكثير الخير على انه من الجميل ان يكون كل مناً باباً يدخل منه السلام والخير للناس ، فإن لم يتمكن ، فليكن نافذةً ينفذ منها الضوء لينير طريق الآخرين ، وإن لم يتمكن من ذلك ايضاً ، فليكن جداراً ساندا تستند عليه الرؤوس المتعبه من عناء الدنيا (واخرها في هذا العقد وباء كورونا وقبله داعش). ‏
ويتفق الكثير ايضاً على انه على كل منا ايضا ان لا ينسى قبل كل ذلك أن يحمل معه ابتسامته ليوزعها على القلوب المتعبه ، في هذا الزمن الصعب ، التي طال شقائها وإحبطت في امالها ، ابتسامه ينثرها في طريقه على الوجوه التي يئست من لحظه فرح أينما ذهبت.
ولكن استطيع القول انه بالمقابل لا شيء في هذه الحياة يأتي كما يتمنى الكثير الخير الذين يعيشون بنوايا طيبة، وقلوب رقيقه ، خيرة ، متسامحه ، محبه للآخرين ، الذين عندما تلتقي ببعضهم تجد بينهم أناساً كثر تشعر معهم وكأنك إلتَقيت بنفْسك ،بما يتركونه في روحك من عبق عطرٍ لا يمحى.
ولكن تجد في الطرف الآخر من البشر من يحفر فيها جرحاً لا يشفى ، مثلما تجد هناك ايضاً البعض (وان جاء اكتشافك له بعد مر لاقيته منه وحيناً فات عليك أوانه ) ممن لا يستحقون كل ما اشرت اليه. فقد تصفعنا الحياة بهم ، وَهُم ممن وثقنا بهم واهمين ، وقد نواجه صنفاً من الناس لا يفكرون الا بانفسهم
وبانانيه قاتله ينكرون معها كل جميل و معروف لنا معهم ، حدا انهم يخذلوننا من اول طريق رسمناه لهم بصفاء روح ليرسموا لنا مقابله درابين ، وعرة وعوره قلوبهم وقسوتهم ، بمكر الضباع او بتسهيل وتدبير ومعين من امثال لهم في ذلك ، اذ نجدهم لا يتوانَون عندها عن استباحه كل شيء لنا في هذه الحياة بدم بارد .
هكذا تصفعنا الحياة ببعض ممن وثقنا بهم ، صفعه قاسيه ولكنها تبقى صفعه معلم مرشد ،علمتنا وتبقى تعلمنا العبر حتى نعتبر.

صحيح انه ليس هناك ما بين القسوة و النسيان والتسامح سوى طي صفحه من كتاب العمر . وصحيح ايضا ان هذا الأمر قد يبدوا للكثير سهلا” لكن ما يعيشه ويدمنه الانسان بمرارة وخذلان لا يتمكن من اقتلاعه بسهوله من داخله.
سيظل يعثر عليه بين كل فصل من فصول حياته حتى وإن كان فيه وجعه ، فالانسان لا يهزم الا بالاشياء التي يحبها.
نعم قد ينكسر في النفس شيء لا يجبره الف اعتذار او تبرير بعنوان مرير .
ولكن على الجميع ان يتعلم مسبقا من تجارب الحياة ودروسها كيف ينهض بنفسه وببقاياه ، ويحسب حساب غدر الزمان في كل حين ، فمن لا يجيد قراءة الماضي ، يعاد عليه.

٢-قريبا من كورونا:
واستكمالا للحديث اعلاه عن ان من لا يجيد قراءة الماضي ، يعاد عليه فانني ساتخذ من حديث الساعه عن وباء كورونا نموذجا اخر (خارج نطاق التآلف والتباعد الاجتماعي والانساني) وكأننا نقرا بذلك ان الحياة كثيرا ما تعلمنا دروسا وحكم ولكن بعد ان ندفع لها ثمن ذلك أرواحاً ودموعاً . اقول ان وباء كورونا يشكل نموذج بشكل اخر قد لا يجيد قراءته حاليا الا الملهمين من حكماء متنورين وعلماء متخصصين الذين سرعان ما استذكروا ماض الاوبئه وطرق القضاء عليها بعمل امصال منها لتعمل اضداد لها ،ولا عجب ان يتابعهم وينتظرهم الجميع بلهفه للخلاص من وباء فايروز كورونا هذا واولهم وياللمفارقه نفر محدود ممن ينبغي ان لا يقاس عليه احد او يسمع منه وهم ممن سموه بدايه بجند الله عندما كان بعيدا عنهم وعندما اصبح الوباء قريبا منه ينتظر بلهفه العاشق من العلماء (الكفرة كما يسميه هذا الذي لا يقاس عليه ) بما ينقذه واهله بالقضاء على ما اسماه مسبقا هكذا ، كما اسموا امثالهم قبل ذلك الدواعش بهكذا مسميات جلبوا بسببها للشعوب الاهات والويلات ، والحديث ثانيه يذكرني بتلك المرأة العجوز من سمرقند يوم داهم الجند العباسيون منزلها ،فقالت لهم من انتم واجابوها بانهم جند الله وعلى الفور ردتهم بالقول : لم اسمع من قبل ان لله لصوصاً.
عليه يمكن القول
ان الاوبئه احيانا ليست بالضرورة ان تاتي من فايروساً بل من إنسانا تخلى عن انسانيته ليقوده ضميره الميت وانانيته القاتله وعقليته المتطرفه ، ليسمح لنفسه بها ان يتجاوز على كل ما بناه الانسان الانسان من علم وحضارة بقيمه البناءة الشخصيه والجَمعيه من دينيه واجتماعيه التي تنظر الى الانسان من باب انسانيته بل والوهيته ، ذلك ان هم الله في انسانه كما يقول عبدالرزاق الجبران في كتابه لصوص الله.

ان وباء كورونا لا يعرف الحدود ولا المذهبية ولا الأديان ولا القوميات او الاثنيات.
فهو لا يفرق بين صيني وامريكي ، بين ايطالي وهندي او بين عربي وانكليزي ،وبوذي ومسلم وبين مسيحي ويهودي وايزيدي وصابئي وملحد ،اي لا يوجه فايروساته إلى مجموعة واحدة من الاعراق او القوميات او الاديان ، مثلما فعل فيروسات الداعش البشريه مع الاقليات الدينيه كالايزيديين والمسيحيين وكل المذاهب المخالفه لفكرهم المتطرف.

ولعل عبرة واحده من وباء كورونا استفادة البشريه منه مفادها ان العالم قد اصبح بالنسبه لها قريه واحده ليكون بهذا مصير الكل واحدا ان لم يتحدوا و يتعاونوا ويتخذوا تدابير وقائيه وعلاجات ولقاحات ناجعه لكل مشاكلهم وخلافاتهم واوبئتهم باصنافها البشريه والفايروزيه ، ولعل كورونا يؤكد او ينافس بذلك مفهوم العولمه الذي يتفاخر به الغرب دون ان يدري او يتحاشى ذكر ان العولمه ليست فقط بالتكنولوجيا بل في كل شيء بل تشترك فيها الحياة البايولوجيه ايضا بمختلف مراحل تطورها ، مثلما يؤكد ذلك ايضاً (والكلام بلغه قوانين الطبيعه والكون) بتهديده ما تنشره وكالات الاعلام العلميه مثل وكاله ناسا وغيرها عن التهديد الذي ياتينا بين حين حين واخر ، واخرها حاليا من كويكبب قطره ما بين ١٨٧-٤٢٧ قدم وعلى بعد اقل من ٧٠٠٠٠كلم اي اقل من بعد القمر عن الارض و يهدد بضرب الارض بقوه نوويه تعادل ٣٠ قنبله . والجدير بالذكر ان كويكبا مشابه له قد انهى الحياة في عصر الديناصورات.

ان فايروس كورونا والكويكب المشار له يذكرنا بتحذير العالم ستيفن هوكنك سنه ٢٠٠٦ التي صادفت قبل يومين الذكرى الثانيه لوفاته وهو بالمناسبه نفس اليوم الذي ولد فيه العالم انشتاين في ١٤ اذار ١٨٧٩ .
حيث تنبأ ستيفن هوكنك بان عمر الحضارة اليشريه لا يتجاوز ١٠٠سنه قادمه بسبب الانبعاثات الحراريه وثقب الاوزون والاسلحه النوويه والذكىء الاصطناعي وغيره من عوامل تدمير البيئه ، ثم اضاف انه على البشر ان يبحثوا من الان عن كوكب اخر ،اذ عبر اكثر من مرة عن قلقه هذا من الحياة على كوكب الأرض في وجه الخطر المتمثل باندلاع حرب نووية مفاجئة أو بسبب العوامل الاخرى التي اشرت لها وايضا انتشار فيروس جرت هندسته وراثيا أو غيرها من الأخطار المحدقة ويرى هوكينج هنا ان في إرسال الرحلات الفضائية واستعمار البشر للفضاء ضرورةً من أجل التأمين على مستقبل البشرية.

ان فايروس كورونا قتل المئات ويصيب الآلاف غيرهم ولكن لم ينهب ولم يطالب من احد بأن يقدم له رايات الشكر والعرفان كما فعل الدواعش.

في نهايه المقال لا يسعني الا القول بضرورة التعريف بوباء كورونا واساليب الوقايه منه ولكن دون التهويل خاصه من غير المختصين.
اعود لاكرر ما كتبته بدايه من القول انه من الجميل ان يكون كل مناً باباً يدخل منه السلام والخير للناس ، فإن لم يتمكن ، فليكن نافذةً ينفذ منها الضوء لينير طريق الآخرين ، وإن لم يتمكن من ذلك ايضاً ، فليكن جداراً ساندا تستند عليه الرؤوس المتعبه من عناء الدنيا واوبئتها التي تاتينا مرة من بشر مهووس واخرى من ميكروب او فايروس .

RELATED ARTICLES

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Most Popular