الجمعة, سبتمبر 20, 2024
Homeاخبار منوعةيعيشون معنا ولا ندري عنهم شيئاً… ماذا تعرف عن الشركس؟

يعيشون معنا ولا ندري عنهم شيئاً… ماذا تعرف عن الشركس؟

الكثير مِنّا يسمع عن الشراكس، ولكن قلة هم من يعرفون المعلومات الكافية عن هذه القومية، مع أنّهم موجودون في المنطقة، وتعدادهم في بلاد الشام لوحدها يقدر بمئات الآلاف، فمَن هم الشركس؟ ما هو موطنهم؟ ومن أين أتوا؟ ما تاريخهم؟ ما عاداتهم؟ ما عقائدهم؟؟

كثير منا فيما مضى قد سمع عن الشركة، ولكن القليل من يعلمون أو لديهم معلومات كاملة او كافية عن الشركس او المنطقة التي ينتمون اليها أو مناطق تواجدهم حالياً؟! ويقدر عددهم في المدن الشامية بمئات الالاف، فمن هم الشراكسة وما موطنهم الأصلي وأين يعيشون ومن أين جاؤوا، وما هو تاريخهم يا ترى؟ وما هي تقاليدهم وعاداتهم وعقائدهم الدينية؟

أصول الشراكسة

مصطلح الشركس تم اطلاقه من قبل اليونانيين على جماعة من شعب القوقاز مثل: الأديغة والأبخاز والأوبيخ والشيشان والداغستان، ولكنهم يطلقون على أنفسهم (أديغة)، ويسكنون في مناطق القوقاز ما بين البحر الأسود وبحر قزوين المتميز بجباله الشاهقة الضخمة ذات المناخ الصعب والقاسي وأرياف جبلية ذات تضاريس قاسية وصعبة تعود سكانها على مشاق الحياة والصعاب.

أكثر ما يميز الشراكسة عن غيرهم هو الفروسية واللباس الرسمي المتأنق والمهارة العالية، والامل وتحمل مصاعب ومشاق الحياة والروح المعنوية العالية، وهذه الروح قائمة وراسخة رسوخ الجبال التي يعيشون فيها ومن أمثلتهم (ريدادًا) الذي بذل نفسه وضحى بها من أجل قومه، وروحهم العالية وهمتهم وعدم قبولهم الإهانة هي ما جعلتهم يثورون على إهانة أهل خان القرم، وقاموا بإبادة المحتل التتري عن كبرة أبيه في أشهر معاركهم في المعركة المعروفة باسم (قنجال زتوة).

لقد عانى شعب الشركس الامرين في حروبهم مع الإمبراطورية الروسية القيصرية زهاء مئة عام، وقام الروس بغزو أراضيهم من أجل نهب ثرواتهم الطبيعية، وعمل الروس على طردهم من أراضيهم وأرغموهم على ترك أراضيهم وموطنهم قسراً ورغماً عنهم وهاجروا الى العديد من البلاد في العراق والأردن وسوريا، وكل ذلك حصل بالاتفاق بين روسيا القيصرية من جهة والدولة العثمانية من جهة أخرى، وقضى الالاف من الشركس نحبهم وماتوا بسبب الامراض والفقر والجوع ومرارة الحياة.

ويستحيل على الشراكسة نسيان اليوم الأسوأ بينهم والمؤرخ في الواحد والعشرين من أيار عام 1864، وهو اليوم الأسود ويسمونه بيوم الحداد الشركسي وذلك تخليداً لأرواح الذي سقطوا في المجازر والحروب المميتة والابادة الجماعية على أيدي الروس.

اختلط الشركس في البلدان التي هاجروا اليها قسراً، واندمجوا في مجتمعات تلك البلاد بشكل كبير جداً، وساهموا بشكل كبير في بناء تلك المجتمعات والبلدان، وفي نفس الوقت حافظوا على هويتهم الخاصة وعلى تقاليدهم وعاداتهم القومية والقبلية وملابسهم التقليدية وحافظوا على حضاراتهم وصانوها وخلدوا تراثهم.

ويوجد للشركس مقابرهم الخاصة ومراكزهم الثقافية التي تمتهن تعليم أطفال الشركس اللغة الشركسية ولهم أماكن عبادة مثل المساجد ومدارس وجمعيات مكتوب عليها بالكلمات والحروف بالشركسية، ويرفع على هذه الأماكن العلم الخاص بهم.

بماذا يمتاز الشركس؟

يمتاز الشراكسة الرجال وتحديداً كبار السن فيهم بـِما يعرف (القلبق)، وهي عبارة قبعة مصنوعة من الصوف، دائرية الشكل، وللمرأة أيضاً ثوبا مميزا يغطي جسمها بالكامل، ولهم علمهم الوطني ذو اللون الأخضر وبداخله ثلاثة رماح وهي عدد السهام التي كان يحملها الفارس الشركسي في أوقات السلم، وترمز هذه السهام الى السلام، ويحتوي علمهم الوطني أيضاً على اثني عشرة نجمة تشير الى العدد المكون لقبائل الشركس.

للشراكسة أشكال وملامح تكون أقرب ما يكون الى الاشكال والملامح الروسية فبشرتهم بيضاء وشعورهم شقر فاتحة اللون وعيونهم جميلة جداً وملونة، وعادةً يتزوج الشراكسة من بعضهم البعض فقط.

ديانتهم

يعتنق معظم الشراكسة الدين الإسلامي، وهناك قلة يعتنقون الدين المسيحي، واعتنق الشراكسة الدين الإسلامي في عهد الدولة العثمانية حيث دخل الإسلام الى بلاد القوقاز في القرن الثالث عشر، ويتبع الشراكسة ما يسمى “الأديغة خابزة”، وهي عبارة عن مجموعة من القوانين غير المدونة والمبادئ الرئيسة والأنظمة والخطوط العريضة والضوابط التي تحكمهم وتدير وتنظم شؤون حياتهم اليومية، وفيما مضى كان الشركس يرددون مقولة (ما من شيء الا ويحكمه قانون ونظام) أي ما أطلقنا عليه سابقاً اسم (خابزة)، ومعناها أن كل علاقة بحياتهم محكومة بقاعدة وانظمة وقوانين تحكمها في كل الأوقات وعلى مر الزمان وفي كل الامكنة التي يقطنون فيها، أي أنهم محكومون بهذه القواعد الخاصة أينما تواجدوا، “والاديغية الخابزة” لا تتغير عندهم باختلاف المكان والزمان وهي راسخة ثابتة ويتمسك الشراكسة بها بكل ما أوتوا من قوة وهي تتغير ببطيء شديد جداً وعلى ازمان بعيدة من تاريخهم الحافل.

عاداتهم وتقاليدهم

يقدس الشركس ثلاثة أشياء: الأخلاق والقوة والوطن، فهم يقولون أنّ الإنسان منهم إن فقدَ أخلاقه فقَدَ قوته، وإن فقدَ قوته فقد وطنه. أخلاقهم كانت هي مصدر قوتهم منذ آلاف السنين أمام الغزاة والمستعمرين.

الاخلاق والوطن والقوة هي أكثر ثلاثة أشياء مقدسة بنظر الشركس وهم يعتقدون بقوة بأن الانسان الذي يفقد قيمه وأخلاقه فإنه بالتالي يفقد قوته ولا يعود له ولاء لوطنه، كانت أخلاق الشركس تعتبر مصدر الهام وقوة في مواجهة كافة أصناف المحتلين الغزاة والمستعمرين منذ آلاف السنين.

من أجمل عاداتهم تلك التي ترتبط بنسائهم وهي قيام المرضعات منهم بإرضاع كل الأطفال من أجل رابطة قرب قوية ومتينة، وهذا يحول القرية الى وحدة متماسكة كعائلة واحدة وعند الزواج يقوم الشركس بالارتباط بأزواج وزوجات من القرى المجاورة ولا يفضلون زواج الأقارب على الاطلاق، ويسخرون من أي شخص يتزوج من أقربائه.

من أغرب عاداتهم وتقاليدهم عدم حضور أهل العروس حضور مراسم وزواج ابنتهم

تعدد الزوجات غير موجود بينهم الا في حالات الضرورة القصوى مثل العقم عن الزوجة او عند المرض الشديد، وهنا تقوم الزوجة بنفسها بالبحث عن زوجة لتقوم مقامها وترعى زوجها.
الطلاق نادر الحدوث والوجود بينهم وغير مفضل على الاطلاق وينظرون اليه أنهم نذالة ونقص في الرجولة والعقل، وكذلك المُطلقة التي تقوم بطلاق زوجها وترغب بزوج اخر غير زوجها، ينظر اليه بسوء شديد.

يقوم الشراكسة الرجال في فترة صغر أبنائهم بالابتعاد عنهم وتركهم يترعرعون في أحضان امهاتهم، ويقومون بهذا التصرف الغريب لأنهم يؤمنون أن الرجولة والعاطفة لا يمكن أن تجتمعا معاً.
إذا قام المؤذن بالصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر من مرة، فهذه عندهم دلالة على أن أحد ما من قومهم قد وافته المنية ويذهبون الى المقبرة لمد يد العون في الدفن.

يعتبر التدخين معيباً جدا امام الأكبر سناً ويعتبر الابتعاد عن التدخين اما كبار السن نوع من أنواع اجلال واحترام شيوخهم وكبار السن فيهم، كما أن إعطاء ظهرك لكبير ما بينهم يعتبر إهانة بالغة وعليك تجنبها، اما بخصوص السلام بالأيدي مع الكبار والشيوخ فيتوجب عليك المصافحة بكلتا يديك، وعند مرور الشيخ المسن او الشخص الكبير فيتوجب عليك الوقوف احتراماً واجلالاً لقدره، واذا ما صادف وان كنت مع أحد المسنين وسألك عن صحة أبيك، فيتوجب عليك ان تقف بشكل منحني (نصف وقفة) احتراما لذكر سيرة أبيك بوجودك، ويمنع على الطفل الصغير أن يتحدث بصوت مرتفع أو حتى أن يضحك، أو يجلس بطريقة غير ملائمة أو مهذبة، كأن يقوم بوضع رجل على أخرى، أو أن يقوم بالتعارك مع الاخرين.

عند حلول ضيف غريب بينهم وإذا ما دخل عليهم، يقوم جميع الجالسين بدون استثناء، فقراء وأغنياء بالنهوض واستقبال الضيف بكل أدب واحترام، ولا يحدثون أي صوت أثناء استقباله، وذلك دلالة على إظهار الاجلال والاحترام للضيف.

رقص الشركس

يحتل الرقص مكانة مرموقة ومميزة بينهم تعود الى الاف السنين ويعود ذلك الى عراقة حضارتهم، وتدرج الرقص عندهم حيث كان سابقاً كنوع من محاكاة الالهة والارباب، وتحول اليوم الى رقص استعراضي ولديهم فرق عالمية مشهورة ومعروفة بالرقص مثل فرقة، نالمس، والكبردينكا، وإسلاميه، وبجامييه، ونارت، وقفقاس، والأبخازية، والمعمرين الأبخاز.

يتميز الرقص الشركسي بشكل واضح عن الرقص في بلاد المشرق الأخرى، ويشبه إلى حدٍ كبير الرقص الأوروبي، وأشهر الرقصات رقصة الوج ورقصة القافا ورقصة الششن. يرقص فيها الشاب مع الفتاة زوجيًا، وتعزف الموسيقى ويُحاط الموسيقيون باحترام عام، ويشترك فيها كلا الجنسين، أمّا بالنسبة للنساء فالفتيات فقط يشتركن بالرقص، أمّا المتزوجات والأرامل والمطلقات فلا يشتركن.

يشبه الرقص الشركسي بشكل كبير جدا الرقص الأوروبي، ويختلف بشكل واضح عن الرقص في أراضي الشرق، وأشهر رقصاتهم على الاطلاق هي ما يعرف بـِرقصة القافا ورقصة الوج والشش، يرقص في هذه الرقصات فتاة وشاب، ويقومون بعزف أجمل أنواع الموسيقى ويحظى الموسيقيون بينهم باحترام كبير، ويشترك في هذه الرقصات كما أشرنا كلا الجنسين، وتنحصر الرقصات للفتيات العازبات فقط، اما الارامل والمطلقات والمتزوجات فلا يقمن بالرقص.

ويوجد نظام خاص للحفلات عند الشركس اذ تقوم الفتيات بالوقوف في صف واحد قرب الجدار بترتيب يعتمد على السن، حيث تتواجد أكبرهن سناً على الجانب الأيمن ويتوالين بشكل قوسي وتقوم الفتيات الصغار جداً بالفصل بين الرجال والفتيات، ويقوم الرجال بإكمال نصف القوس الذي شكلته الفتيات على شكل دائرة وفي الوسط تكون دائرة واسعة للرقص، وعندهم امرأة تقوم على تقديم الفتيات للرقص واحدة خلف الأخرى دون تجاوز احداهن الا اذا كانت احدى الفتيات لا تجيد الرقص وهذا أمر نادر جداً عندهم، ويطلقون على المرأة التي تقوم بتقديم الفتيات للرقص اسم (حتياكوه) أي عريفة الحفل، ومن السيء جداً عندهم أن ترفض احدى الفتيات الرقص، وينظر إليه على انه تكبر وتمنّع من الاختلاط والرقص مع اشخاص بعينهم، ويجلب لها هذا التصرف التوبيخ فيما بعد.

وأسوة بالفتيات فأنه يوجد أيضا للشبان عريف للرقص يقوم بنفس المهمة التي تقوم بها عريفة الحفل للفتيات ويعاون عريف الحفل للشباب فتيان يقومون بالدوران حول المتواجدين ويقومون بتحميس المتواجدين وحثهم على التصفيق، وتُستهل حفلة الرقص عادةً بالعزف على آلة تدعى (الأكورديون الرتيب) تتناغم مع غناء الفتيان، ويقوم عريف الرقص الخاص بالفتيان بمناداة الشاب المطلوب للرقص بصوت مرتفع، ويطلب منه العريف أن يظهر حماسته ورشاقته وبراعته ويقول له حرفياً (ان كنت من الشركس فأظهر نفسك بيننا)، وبنفس الوقت تقوم عريفة الحفل الخاصة بالفتيات بالوقوف عند الفتاة التي جاء دورها بالرقص، فإذا ما قامت الفتاة للرقص فان العريفة تحل محلها في الدائرة، وكذلك يقوم عريف الرقص للشبان، ويبدأ الفتاة والشاب بالرقص معاً ويقفان متواجهين ، ويحني الشاب رأسه للفتاة في نهاية الرقصة ويتراجعان كل منهما في مكانه الأصلي، وتحني الفتاة ايضاً رأسها على أن لا يدير أحد ظهره للأخر وذلك بالتراجع للخلف دون الالتفات وتبقى الأوجه متواجهة الا اذا تطلب الرقص الدوران، ولا يقوم الشاب بملامسة شريكته في الرقص نهائيا الا في نوع واحد من الرقص وهو رقص (الوج)، ولا ينطقان بأي كلمة اثناء الرقصة.

وللموسيقى دور رئيسي وبارز في الغناء عند الامة الشركسية، وعند كل أغنية يقومون بتردديها يترافق معها استثارة الحماسة والهمة العالية دلالة على المحافظة على الشرف، وتحظى الموسيقى التي تعزف على آلة الأكورديون على أهمية كبيرة واهتمام عال، وتكون الموسيقى التي تعزف على هذه الالة صاخبة جدا وتمتاز بالعنف، وهي من أهم فنونهم الرائعة التي يعتمدون عليها ويلجؤون اليها في حفلاتهم الغنائية والموسيقية وفي الافراح الخاصة بالولادة والمتصلة بالابتهالات الدينية والشعائرية والاديغية الخابزة وكذلك في التربية والفضيلة من خلال ترديد الأغاني الاجتماعية والتاريخية وعندهم أيضاً اغان خاصة بالحب والحرب.

أما أشهر الآلات الموسيقية وأكثرها شيوعاً واستخداما عندهم وهي كثيرة نذكر منها أهمها: الكمان والأكورديون والبجمي وهو عبارة عن مزمار يستعمله الرعاة، وعندهم آلة الأبخيارستا والتي تكون حاضرة في مرافقة المغنيين، ولديهم أيضاً الة الناي والقيثارة والشيكابشنه، ويستخدمون فيها ذنب الخيل للعزف وهي من الآلات الوترية، وعندهم أدلة لها صوت شبيه بصوت حوافر الخيول اثناء ركضها السريع.

أشهر الامثال شركسية

يوجد للشراكسة العديد من الاقوال المأثورة والمحببة عندهم ويستخدمونها في حياتهم اليومية والتي ترتبط بالنزعة النبيلة لسلالتهم العريقة ومن هذه الامثال نذكر:
ابذل حياتك في سبيل الشرف.
الرجل الخلوق والمؤدب ليس بفقير ابداً.
الضيف واحد من أفراد الأسرة.
البيت الذي يخلو من الضيف ليس ببيت سعيد.

البيت الذي يخلو من النساء شبيه بالحقل الغير مزروع.
من يهين المرأة لا يُكِّن الاحترام لنفسه.
النبل في ذات الرجل، وليس في أصله.
اليأس يمنع الفرس من الركض السريع.
كيل المديح لإنسان في حضوره كالذي يغتابه في غيابه.

مشاهير الشركس

يوجد العديد من الرجال الذي يمتازون بتاريخ عظيم عبر التاريخ الشركسي، مثل الملك العظيم الظاهر بيبرس ومحمد أوز وقلاوون نفيسا كرتاي وتوركان شوراي والعديد من الممثلين أمثال حسين فهمي ونجلاء فتحي ورشدي أباظة وعندهم أسماء كبيرة ومتميزة في عالم الادب أمثال عليم كوشوقه وعلي شوجينتسوك وباغرات شينكوبه وكيراشه تمبوت وإسحق مشباش، وغيرهم الكثير وهناك منهم من حاز على جوائز مرموقة وعالمية في مجال المسرح والشعر والقصة، وتم ترجمة العديد من كتاباتهم الى لغات عالمية والى العربية.

RELATED ARTICLES

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Most Popular