ادنا بعض المواضيع من كتابنا التوثيقي القادم بعنوان ” المرأة الايزيدية و الابادة الجماعية ” وهو الكتاب السابع ضمن سلسلة داعش والابادة الجماعية للايزيديين .
1: المرأة الايزيدية تقاتل داعش
بعد حدوث الابادة الجماعية زرت كوردستان، التقيت بتأريخ 2014.12.10 مع القائد قاسم ششو، وزوجته المقاتلة حربية حسن التي رفضت أن يكون جنسها عائقا بينها وبين حمل السلاح لقتال داعش، وعرفت بان هناك نساء قاتلن التنظيم بصورة عفوية دفاعا عن مناطقهن، وباسلحة بسيطة، والمعروف أن نساء شنكاليات يقاتلن تنظيم “داعش” جنبا الى جنب مع الرجل، ورغم أنّ بعض مشاركات النساء الايزيديات في قتال “داعش”، يوضَع في توصيف “الإنتقام الشخصيّ”، وقد تكون هذه حالات فرديّة، وإنّ السياق العام هو أنّ المرأة المقاتلة في جبل شنكال تنتمي إلى تنظيمات رسميّة او شبه رسميّة وتخضع إلى الأوامر العسكريّة ،(( البيشمركه وقوات حماية ايزيدخان وقوات وحدات حماية شنكال )) ممّا يجعل من مهمّتها نبيلة، دفاعاً عن الارض والشرف وطرد الدواعش من العراق وتحرير المختطفين والمختطفات وليس ثأراً فرديّاً، حيث حملن السلاح في الجبهات، واشتبكن في القتال المباشر مع داعش.
((كان في نيتنا البحث والكتابة عن هذا الموضوع بشكل اوسع ولكن عدم استجابة بعض الاطراف للحديث عن مشاركتهن في القتال دفعنا للإشارة الى موضوع مشاركة نساء ايزيديات في قتال داعش من باب الاشادة والتوثيق دون التعمق في الموضوع كي لايحسب علينا باننا نميل الى الجهة الفلانية على حساب الاخرين وهنا نؤكد بانه كان للمرأة الايزيدية دور بارز في مقتالة داعش.))
2: مشاركة المرأة في المظاهرات ضد داعش
كان وما زال للمرأة بشكل عام والمرأة الإيزيدية بشكلٍ خاص دور مباشر في إنجاح وزيادة زخم مسار المظاهرات والمسيرات الإحتجاجية ضد جرائم داعش، سواء في البلدان الأوروبية والأمريكية أو داخل العراق، وبهذا سجلت النساء الإيزيديات وصديقاتهنَّ من الديانات الأخرى دورًا كبيرًا في تعزيز المظاهرات من خلال تنظيم الوقفات التضامنية والاحتجاجية إبتداءً من أول مظاهرة أمام البرلمان الأوروبي في بروكسل تندد بأفعال داعش الإجرامية بتأريخ 2014.08.08، فالمشاركة النسائية تنوعت لتشمل جميع الفئات العمرية والطوائف ومختلف الأدوار جنباً إلى جنب، بالإضافة إلى تشكيل لجان جمع التبرعات لتوفير الدعم المتنوع للنازحين.
لقد سلطت المظاهرات والإحتجاجات التي قامت في الكثير من البلدان الضوء على دور المرأة الإيجابي في الحضور المكثف والمشاركة الفاعلة، وقد إعتبر هذا التفاعل النسائي مع قضية سبي النساء الإيزيديات والإتجار بهنَّ من قبل تنظيم داعش تمثيلاً حقيقياً لأصوات المختطفات وما يتعرض لهن من حملات إسترقاق وإستعباد جنسي وجنساني واغتصاب ممنهج وغيرها من الجرائم الدولية، وبهذا أصبحت المرأة المتظاهرة وجه وقمة القضية الإيزيدية وصوتها، من خلال مشاركتها الواسعة في المظاهرات التي انطلقت إحتجاجاً على ما يتعرض له الإيزيديون وكذلك الأقليات الدينية الأخرى في منطقة شنكال وسهل نينوى في محافظة الموصل في العراق.
3: ناشطات لهن بصمتهن في المنظمات والإعلام
في مناطق تواجد الإيزيديين في العراق ومنذ عام 2014 عملت الكثير من المنظمات المدنية والإغاثية، كما أُنشِئت منظمات أخرى جديدة بغية تلبية احتياجات الضحايا من النازحين والناجين والناجيات من الإبادة الجماعية.
لقد تراوحت أعمال هذه المنظمات ما بين مد يد العون والمساعدة للضحايا في سعيها للحصول على العدالة من خلال العمليات التوثيقية والتوعية، والقضائية على الصعيد المحلي أو الوطني أو الدولي، وما بين تقديم بعض المساعدات المالية وتوفير المساعدة الطبية والنفسية قد تكون هذه النشاطات التي تهدف لإنصاف الضحايا ليست بالمستوى المطلوب لكنها تسير ضمن الحراك المستمر والذي يعتبر توجها إيجابيا لصالح المرأة الإيزيدية بتقديم العون لأهلها.
ما يهمنا هنا هو التأكيد على نجاح وتفوق عمل الكثير من الناشطات الإيزيديات وخاصة الناجيات منهنَّ ضمن أطقم هذه المنظمات المحلية والدولية وعلى كافة الأصعدة الإغاثية والتنموية والحقوقية وبشكل تطوعي أو بأجر بسيط بهدف خدمة النازحين وأهالي الضحايا والناجين والناجيات.
كما هو معلوم للمتابعين بأن الساحة الإعلامية في كوردستان العراق شهدت خلال السنوات الخمس الأخيرة حضوراً مميزاً للمرأة الإعلامية، وهو حضور ساهم في تغيير الصورة النمطية للمرأة بشكل عام.
لقد كان لنساء الأقليات حصة جيدة في إنجاز هذه المهمة الإعلامية حيث برز دورهن في وسائل التواصل الاجتماعي والقنوات الإعلامية لغرض التوعية بقضايا النساء الإيزيديات وخاصة الناجيات منهنَّ، كما قامن بوصفهن مُبادرات بالتأكيد على قوة وصلابة النساء على مواجهة محنتهنَّ ولديهن طاقة فائقة بهدف تغيير أدوارهن الاجتماعية.
ولما كان المجتمع العراقي مجتمعاً يغلب عليه الطابع المُحافظ فإنه يقوم بوضع بعض القيود أمام المرأة فيما يخص انخراطها في العمل بشكل عام، أما فيما يخص العمل في مجال الإعلام فهو في أغلب الأحيان يعتبر تحدياً صعباً وخاصة على المرأة، لأسباب واعتبارات عديدة.وللتأريخ نقول لقد أبلت المرأة الإيزيدية بلاءاً حسناً في إدائها المميز في مجال الحقل الإعلامي من خلال إنفتاحها على المنصات الإعلامية بعيداً عن القيود الإجتماعية وعن ثقافة “العيب” و”العار ” من خلال نهوض المرأة الإيزيدية الناجية عن سطوة الإرهاب الداعشي بكل جرأة، وحين وقفت بكل إقدام وروت قصتها ومعاناتها الأليمة لوسائل الإعلام، ودافعت عن حقها أمام الرأي العام بكل صدقٍ وشجاعة، هذه الشجاعة التي ورثتها من تأريخ معاناة الإيزيديين والتي استمدتها مع حليب الأم الشنكالية الطاهرة.
لقد تكلمت الناجية الإيزيدية المعنفة بكلِّ قوة وإصرار في المنابر المحلية والمنصات الدولية عن جرائم إرهابيي دولة الخلافة الإسلامية في العراق والشام، وناشدت العالم الحر في إنصاف ضحايا الإبادة الجماعية وتحقيق العدالة.
4: النساء والمؤتمرات
انفتاح الناجيات الايزيديات على الاعلام العالمي والعربي والمشاركة في المؤتمرات ساهم بصورة كبيرة في تعرية تنظيم داعش الارهابي وفضحه وإبراز القضية الايزيدية الى المنابر العالمية والمحافل الدولية واللاتي بدأن بمزق حاجز الخجل الاجتماعي والسكوت الذي لا يمكن ان يجدي نفعاً امام ذلك الكم الهائل من الجرائم والانتهاكات الجسدية والاعتداءات النفسية التي اقترفها عناصر تنظيم داعش بحق المختطفين والمختطفات الايزيديات. فضلا عن وجود الكثير من النساء والفتيات الناشطات المشاركات في المؤتمرات الوطنية والإقليمية والدولية اللائي يعملن من اجل تعزيز وجود المرأة في قيادة المجتمع والتي استطاعت أن تقدم الكثير من الإنجازات في شتى المجالات في عامة، وأصبحت الساحة مفتوحة أمام الناشطات اللاتي يشاركن في المؤتمرات باعتبارهن المدافعات عن حقوق المرأة الايزيدية بجانب الناجيات وتبيان حقيقة ما جرى لهن من تعذيب واغتصاب وانتهاكات لا اخلاقية يندى لها جبين الانسانية، ويطالبن بالكشف عن مصير النساء المختطفات وغيرهن مع إنصافهن وإنصاف أهاليهن قانونيا، ويطالبن المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته تجاه المرأة والطفل وكافة ضحايا داعش باللجوء لتحقيق العدالة الانتقالية ضمن اليات دولية وإجراءات قانونية.