الميليشيات تخشى على سطوتها
العرب/بغداد – تحوّل رئيس الوزراء المكلّف عدنان الزّرفي إلى صداع في رأس اليمين الشيعي العراقي الموالي لإيران، بعدما فشلت جميع خطط إقصائه حتى الآن.
وقالت مصادر مطلعة إن القوى الشيعية الموالية لإيران، تخلت تماما عن فكرة ترشيح أيّ شخصية سياسية على صلة مباشرة أو غير مباشرة بها، لمنصب رئيس الحكومة، بعدما تأكدت من استحالة قبول الأطراف الأخرى بهذا الخيار.
لذلك، فإن قائمة المرشّحين التي تتداولها هذه القوى تشمل رؤساء جامعات وشخصيات أكاديمية فقط، تأمل أن يقنع أحدها داعمي الزرفي بالتخلي عنه.
وحتى الآن لا يبدي الزرفي مؤشرات توحي بإمكانية انسحابه، لكنه يدرك أن خصومه بدأوا عمليا استثمار فايروس كورونا، في ضربه.
ومنذ تكليفه الذي تزامن من تفشي الفايروس القاتل عبر العديد من دول العالم ولاسيما الجارة إيران، تتعالى الأصوات بضرورة تجميد العمل السياسي والتمديد للحكومة المستقيلة بقيادة عادل عبدالمهدي ومنحها صلاحيات مطلقة لمواجهة الوباء.
وبالرغم من أنّ هذه الدعوات التي يلحّ في إطلاقها قادة ميليشيات مثل زعيم حركة عصائب أهل الحق قيس الخزعلي والمتحدث العسكري باسم كتائب حزب الله أبوعلي العسكري، لا تلقى اهتماما في الأوساط الشعبية، إلا أن مخاوف فريق الزرفي جادة من أن يفشل البرلمان في الانعقاد للتصويت على الكابينة الوزارية.
ويخشى الزرفي أن يمنع فايروس كورونا البرلمان العراقي من الانعقاد للتصويت على كابينته خلال المدة الدستورية التي بدأت في يوم تكليفه وهو الـ16 من مارس الجاري، وتستمر لثلاثين يوما.
وتراهن الأحزاب الشيعية الموالية لإيران على الفايروس أكثر من رهانها على قدراتها السياسية للتصدي للزرفي، بعدما تبين أن رئيس الوزراء المكلّف يحظى بمقبولية واسعة لدى مختلف القوى السياسية.
وتشمل قائمة مؤيدي الزرفي أو غير المعترضين عليه في الوسط السياسي الشيعي، كلاّ من زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر وزعيم تيار الحكمة عمار الحكيم.
وعلى المستوى السني والكردي يسجل الزرفي قبولا عاما بشكل لافت، بالنظر لعلاقاته السياسية المميزة بمختلف الأطراف، واقترابه من المحور الأميركي كثيرا.
لكن الدعم السني والكردي لن يكون مفيدا، في حال لم يتمكن الزرفي من الحصول على دعم سياسي شيعي وازن، على اعتبار أن منصب رئيس الوزراء، في عرف المحاصصة السياسية، هو من حصة المكون الشيعي، لذلك يواصل مشاوراته مع مختلف القوى.
ويقول الباحث العراقي منقذ داغر، إن “الكتل الشيعية المتحاصصة” أمام طريقين “للتخلص من الزرفي” لا ثالث لهما “إما إجباره على التنازل والانسحاب وهو أمر ممكن لكنّه مستبعد، أو إسقاطه في البرلمان”.
ويضيف أن من الواضح “أنهم غير متأكدين من قدرتهم على إسقاطه في البرلمان”، وهو ما يفسر من وجهة نظره الحملة الإعلامية “النفسية” التي تشنها هذه القوى ضد رئيس الوزراء المكلف، بهدف دفعه إلى الانسحاب.
ويقول مراقبون إن تمسك الميليشيات العراقية بعادل عبدالمهدي لا يتعلق بفايروس كورونا كما يشاع، بل بالترتيبات الكبيرة التي ارتبطت بوجوده.
ولم يسبق للميليشيات الموالية لإيران أن بلغت هذا المستوى من النفوذ في عهد أيّ رئيس وزراء سابق، حتى الموالين لإيران منهم، مثل نوري المالكي وقبله إبراهيم الجعفري.
وفتح عادل عبدالمهدي أبواب مؤسسات الدولة العراقية أمام الميليشيات الموالية لإيران لتتحكم في توزيع عقودها وإدارة عمليات التوظيف فيها.
ولا تريد الميليشيات العراقية الموالية لإيران أن يتغير هذا الواقع، لذلك تفضل استمرار عبدالمهدي أو الإتيان بشخصية أكاديمية مكشوفة سياسيا، تسهل السيطرة عليها.
وخشية من التفشي الواسع لفايروس كورونا، يخضع العراق منذ أسبوع لحظر تجوال شامل في عموم البلاد، فيما فرضت قيود صارمة على السفر الخارجي والتنقل الداخلي، بلغت ذروتها مطلع الأسبوع.
ولا يمكن التنبؤ بموعد نهاية هذه الإجراءات التي تصاعدت حدتها مع تجاوز عدد المصابين بالفايروس في العراق حاجز 200 شخص وتسجيل20 حالة وفاة حتى الآن.
ويعتقد مسؤولون في القطاع الصحي أن هناك الآلاف من العراقيين أصيبوا بالفايروس في إيران، قبل أن يعودوا إلى بلادهم خلال الأسبوعين الأخيرين، لذلك يتوقعون زيادة عدد الحالات المؤكدة في غضون الأيام القليلة القادمة، ما لم تحدث معجزة.
وأعلنت السلطات العراقية في بيان الأحد فرض حظر للتجول في عموم محافظات البلاد التي تمتلك نظاماً صحياً متهالكاً، بعد وفاة 20 شخصاً جراء فايروس كورونا المستجد، وتواصل ارتفاع أعداد المصابين به.
وكانت نصف محافظات العراق الـ18 خاضعة لحظر تجول منذ الثلاثاء الماضي، غير أن خلية الأزمة التي ترأسها وزارة الصحة قررت منع الحركة في عموم البلاد.