الإثنين, نوفمبر 25, 2024
Homeاخبار منوعةخدعة غريبة حسمت حرباً طاحنة وحددت مصير أوروبا

خدعة غريبة حسمت حرباً طاحنة وحددت مصير أوروبا

ما بين عامي 1803 و1815، كانت أوروبا على موعد مع الحروب النابليونية التي قادها الإمبراطور الفرنسي، نابليون بونابرت، (Napoléon Bonaparte) ضد عدد كبير من القوى الأوروبية التي لم تتردد في تشكيل تحالفات ضده.

وفي الأثناء، صنفت الحروب النابليونية ضمن قائمة أتعس الفترات في تاريخ أوروبا. ويعزى السبب في ذلك إلى عدد القتلى الهائل الذي أسفرت عنه حيث تراوح عدد ضحايا هذه الحروب بما بين 3 و6 ملايين قتيل، وهو ما مثّل رقماً مرتفعاً مقارنة بعدد ضحايا الحروب السابقة.

وفي خضم الحروب النابليونية، شهدت حرب التحالف الثالثة والتي استمرت ما بين سنتي 1803 و1806 واقعة غريبة. فمن خلال خدعة محكمة، تمكنت قوات نابليون بونابرت من تحقيق مكسب عسكري مهم عجّل بنهاية الحرب لتصنف هذه الخدعة عقب ذلك ضمن قائمة أهم الأحداث التي حددت مصير أوروبا خلال تلك الفترة.

صورة للامبراطور الفرنسي نابليون بونابرت
لوحة زيتية لعدد من قوات المدفعية الفرنسية خلال معركة أوسترليتز

فعلى إثر نهاية الحملة العسكرية على أولم (Ulm) خلال شهر تشرين الأول/أكتوبر سنة 1805 ونجاح الفرنسيين في تحقيق نصر ساحق، تراجعت القوات النمساوية نحو الضفة الشمالية لنهر الدانوب (The Danube) في سعي منها لإعادة تنظيم صفوفها وانتظار قدوم الدعم الروسي. فضلاً عن ذلك، لم يتردد النمساويون في جعل نهر الدانوب حاجزاً بينهم وبين الفرنسيين عن طريق تلغيم العديد من جسوره بالمتفجرات استعداداً لتفجيرها في سعي منهم لمنع جيوش نابليون بونابرت من عبور النهر.

بالتزامن مع كل ذلك، شهدت نفس تلك الفترة بداية مفاوضات سلام بين الفرنسيين والنمساويين فعلى إثر معركة أولم باتت القوات الفرنسية على مقربة من العاصمة النمساوية فيينا وأمام هذه الوضعية الحساسة أجبر النمساويون على الجلوس إلى طاولة المفاوضات.

منتصف شهر تشرين الثاني/نوفمبر سنة 1805، اتجه كل من جان لان (Jean Lannes) ويواكيم مورات (Joachim Murat) اللذين كانا من كبار جنرالات نابليون بونابرت، نحو استغلال الموقف والقيام بخطوة ذكية لتسهيل عبور قواتهم نحو الجهة الثانية من نهر الدانوب ومواصلة الحملة على النمساويين.

صورة للجنرال الفرنسي جان لان
صورة للجنرال الفرنسي يواكيم مورات

فخلال تلك الفترة، استغل الرجلان فترة المفاوضات ليمرّا بمفردهما فوق جسر تابور (Tabor) الملغم بالمتفجرات. وبالتزامن مع ذلك، لاحظ الجنود النمساويون والذين كانوا متواجدين على الضفة الأخرى حالة عدم المبالاة التي كان عليهما الجنرالان الفرنسيان. ومع اقترابهما من النمساويين، طلب كل من لان ومورات ملاقاة القائد العسكري النمساوي المسؤول الكونت أورسبرغ (count Auersperg) لإخباره عن توصل الفرنسيين والنمساويين لتفاهم عادل يضمن مصالح الطرفين وينهي هذه الحرب التي استمرت لسنوات فضلاً عن ذلك عرض الرجلان الفرنسيان على المسؤول العسكري النمساوي مرافقتهم خلال اليوم التالي لحضور عملية توقيع اتفاقية السلام.

في حقيقة الأمر، لم تكن هنالك أية اتفاقية سلام إذ كانت المفاوضات متعثرة بين الطرفين. وعلى إثر هذه الأقوال الغريبة والأكاذيب التي قدمها الجنرالان الفرنسيان، عمت حالة من الفرح بين الجنود النمساويين الذي كانوا سعداء بنهاية الحرب وقرب موعد عودتهم للديار.

خريطة نهر الدانوب
لوحة زيتية تخليدا لذكرى معركة أوسترليتز

بالتزامن مع ذلك، استغلت القوات الفرنسية على الضفة الأخرى لنهر الدانوب هذا الموقف لتبدأ بالعبور بشكل تدريجي عبر جسر تابور فضلاً عن ذلك عمل الجنرالان لان ومورات على إجهاض إحدى محاولات تفجير الجسر من قبل أحد الجنود النمساويين مؤكدين أن ذلك سيهدم مفاوضات السلام. وخوفاً من إقدام أحد جنوده على تفجير الجسر دون قصد، اتجه المسؤول العسكري النمساوي أورسبرغ إلى تسليم جسر تابور للفرنسيين في سعي منه للحفاظ على السلام المزعوم.

وهكذا، استغل الفرنسيون الموقف لتواصل بقية قواتهم العبور نحو الضفة الشمالية للدانوب ولتشهد على إثر ذلك الأسابيع القليلة التالية معركة حاسمة عرفت بمعركة أوسترليتز (battle of Austerlitz) انتصرت خلالها القوات الفرنسية وانتهت بتوقيع اتفاق سلام مذل للنمساويين وعجّلت بنهاية حرب التحالف الثالث. وفي الأثناء، قبضت السلطات النمساوية على المسؤول العسكري أورسبرغ، الذي خدع عند جسر تابور، لتوجه إليه تهمة الخيانة والتخاذل في أداء واجبه وقد أُعدم خلال الفترة التالية رمياً بالرصاص كعقاب له.

RELATED ARTICLES

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Most Popular