الخميس, نوفمبر 28, 2024
Homeاخبار منوعةإنقاذُ «العرائس الجهاديات».. القصّة الكاملة لمهمّة جنديٍ بريطاني في الموصل

إنقاذُ «العرائس الجهاديات».. القصّة الكاملة لمهمّة جنديٍ بريطاني في الموصل

بدأ مهمته في حزيران 2016 بعد أن تلقى اتصالاً من شخصٍ مجهول
.

ظهر جندي المشاة البريطاني السابق مرتدياً سترةً واقية وحاملاً على كتفه قذيفة AK-47 ومسدساً على وركهِ ونظارةً واقية تحمي عينيه، حيث وجد نفسه وسط أخطرِ ساحة معركة في العالم خلال عملية استعادة مدينة #الموصل الواقعة تحت سيطرة تنظيم #داعش في #العراق عام 2016.

إلا أنه لم يكن هناك لقتل «الجهاديين»، بل في مُهمّةٍ تُعدّ عملاً غير مُرخص وهي إنقاذ “ديانا عباسي” وهي شابة هولندية انضمت إلى صفوف التنظيم ولذلك تم اعتبارها من الأعداء، إلا أنها كانت تتعرض للاعتداء الجنسي من قِبَلِ مَنْ جنّدها وأرادت الخروج من بينهم بإلحاح.

نشر والدها كلامها، ولم يكن هناك شخص آخر لتقديم المساعدة، لذلك قرر (كارني) وفرقة صغيرة من المقاتلين الكرد السابقين المخاطرة بحياتهم من أجل إنقاذها، حيث تتبّعوا #قوات_التحالف في عمليةٍ جريئة.

اجتازوا الأسلاك الشائكة والألغام والقائمين بالعمليات الانتحارية وقناصة «الخلافة» الذين يقتلون أي شخص يتواجد في الشوارع، أُصيب بعض الأطفال بالعيارات النارية في ظهرهم بينما كانوا يحاولون الهرب.

الآن، (كارني) ورجاله محاصرون في مزرعةٍ مُحطّمة، وكتب جندي المشاة البرطاني في كتابه: «عملية العروس الجهادية: مهمتي السرية هي إنقاذ الشابات من تنظيم داعش».

وأردف واصفاً المعركة: «الضجيج مستمر، صخب المدافع والرشاشات يتعالى، أصوات صراخ ومدافع هاون، القذائف العشوائية التي ترتد من المركبات أشبه بأصوات خشخشة مجموعة من المفاتيح».

لقد واجه (كارني) النار من قبل، إلا أن هذا الخطر كان جديداً بشكلٍ كلي عليه. «لطالما شعرت أنني قوي لا يمكن قهري»، يكتب (كارني) الذي اختار اسماً مستعاراً للكتاب من أجل حماية عائلته.

ويضيف: «ولكن لم أعد أشعر كذلك. ومع ذلك، لا أستطيع أن أمنع نفسي من التفكير فيما إذا كنا في المكان والزمان الصحيحين».

عمل (كارني) 42 عاماً، بعد إتمامه ست سنوات من الخدمة العسكرية البريطانية عام 2003، في مجال الأمن لمديري النفط التنفيذيين في #العراق. وكان يتلقى مبالغ هائلة لقاء عمله.

وبعد عشرة أعوام من جمع المال، اشترى (كارني) (فيلا) تقع في أعلى قمة جبل في #كريت له ولزوجته ولابنته (نتيليني) 12 عاماً، وهي فتاة ودودة ومرحة ليست أصغر بكثير من تلك الفتاة التي تمنى إنقاذها.

بسبب (ناتي)، كما يسميها، تعاطف (كارني) مع زوجات مقاتلي تنظيم داعش المحررات، فقد تم خداع العديد منهن، بينما كنّ مراهقات ساذجات ليقمن بالتخلي عن عائلاتهن من أجل الوعد بحياة جديدة في العراق.

«لقد شرعن في إعطاء معنى لحياتهن من خلال الانضمام إلى ما اعتقدوا أنه حرب مقدسة»، كتب (كارني).

وبدلاً من ذلك، تلقّت الكثير منهن الضرب بالعصي والجلد والاغتصاب الجماعي. «فقط كان علي أن أجدهم وأُخلّصهم مما هم فيه»، يقول متابعاً.

بدأ (كارني) بمهمته هذه في شهر حزيران 2016 بعد أن تلقى اتصالاً من شخصٍ مجهول، قال بأن (مات لامبرت) اقترح عليه التوجه لـ (كارني) لطلب المساعدة، وهو وكيلٌ في الاستخبارات البريطانية الخارجية كان قد عرف (كارني) من خلال عمله الأمني.

توسل إليه المُتصل المجهول للمساعدة في إنقاذ امرأة باسم (هانسن) قائلاً: «هناك فتاة عالقة في الموصل، إنها عروس جهادية، يعتقد (لامبرت) أنه سيكون بإمكانك إخراجها».

اعتقد (كارني) أن الأمر مجرد مزحة. «لا يمكن للجيش الدخول إلى الموصل»، أخبر الرجل المتصل، وأضاف: «أنا بالتأكيد لا أستطيع ذلك».

إلا أن الرجل أرسل رسالةً إلكترونية بشأن الحالة، موضحاً بأن (هانسن)، 21 عاماً من #هولندا، تزوجت رجل فلسطيني يحمل أوراق هولندية كانت قد تعرّفت عليه من خلال مواقع المواعدة الإسلامية.

والآن، تتعرّض للضرب بشكلٍ يومي، وقيل أن لها طفلان سيموتان؛ إذا لم يتم إنقاذهم. وكتب (كارني): «الصور أظهرت فتاةً بعينين داكنتين كبيرتين كانت تبدو في السادسة عشر من عمرها».

كان (كارني) مدركاً للعواقب، وكتب في كتابه: «لم يعتقل تنظيم داعش الكفار، النصرانيين ذوي الوجوه البيضاء. لقد قطعوا رؤوسهم».

لكنه لم يستطع تجاهل صورتها. فتواصل مع (لامبرت) الذي أخبره بدوره أن عائلة (هانسن) جمعت مبلغ 10 آلاف دولار من أجل إعادتها إلى المنزل.

ذهب (كارني) إلى #أربيل في #إقليم_كردستان، حيث أقام منزلاً آمناً وجنّد فريقاً مؤلفاً من ثلاثة أشخاص بمساعدة صديقٍ كردي في الاستخبارات.

إلا أن المهمة المرتبطة بـتخليص (هانسن) ذهبت أدراج الرياح، بعد أن اختفت الأموال التي أرسلت عن طريق سمسار، كما أن الفريق الذي جنّده (كارني) للقاء (هانسن) وأطفالها بالقرب من نقطة تفتيش تابعة للتنظيم، أُجبِر على التنحي.

اكتشف (كارني) فيما بعد بأن #القوات_الكردية التي تم استئجارها من قبل العائلة، خطفت (هانسن) وعائلتها إلى خارج الموصل، «لم نلعب أي دور»، كتب (كارني).

لكن بعد ذلك، تدفقت الكثير من التوسلات الجديدة بالبريد الإلكتروني إليه من خلال شبكة (لامبرت)، برزت إحداها وكانت من والد “ديانا عباسي” 22 عاماً، حيث تضمنت الرسالة «إن الفتاة ترغب بالعودة إلى المنزل، وهي تخجل من ذلك، بعد تعرّضها للضرب والاعتداء الجنسي لمراتٍ عديدة».

كانت الفتاة “العباسي” مواطنة هولندية من أسرة باكستانية، وهي حائزة على إجازة في العلاقات الدولية من إحدى جامعات لندن، ولكن عندما ذهبت في إجازة مع أشقائها إلى منزل والديها في #باكستان، كانت هناك خدعة بانتظارها، دبروا لها الزواج من قروي يبلغ من العمر ضعف عمرها.

لقد كُسِرت وكانت تحلم بالهروب، «كانت تعلم قبل وصولها إلى الموصل بأن كل ذلك كان خطأ فادحاً»، كتب (كارني).

كان طاقم فريقه بالكامل متضامنٌ معها، بالرغم من أنهم كانوا بحاجةٍ إلى المال لشراء الأسلحة والمعدات لتخليص (هانسن).

كان (كارني) على استعدادٍ لتغطية التكاليف؛ إلا أن (لامبرت) أرسل إليه خمسة آلاف دولار من أرباح استثماراته، وبذلك توجه الفريق إلى الموصل.

هكذا وجد (كارني) نفسه محاصَراً في مدينة الموصل، وخلال مواجهاتٍ مع مسلحي التنظيم، تمكّن الفريق الكردي، من تخليص امرأةٍ مع ابنها تُدعى (ماري كلير) 25 عاماً، من مدينة #ليون في #فرنسا.

بعد أيامٍ قليلة، سمع (كارني) ومجموعته عن شابةٍ استرالية تدعى (صوفيان) كانت متحصنة في مستشفى تعرّض للقصف في الموصل ويقع خلف خطوط التنظيم.

لذا انطلقوا، ودخلوا مجدداً في كابوس من الموت والدمار عبر أرض قاحلة، وكتب (كارني): «استدرنا يميناً ويساراً عبر شبكة من المباني غير المكتملة، اعتقدت أن هذا ما سوف يكون عليه العالم بعد حرب نووية».

تسللوا عبر ركنٍ للمدافع الرشاشة وشقوا طريقهم من خلال الأنقاض قرب المشفى، تسابقت امرأتان تلفان وشاح الشماغ الداكن حول وجهيهما، كان مع إحديهما طفل، قَفَزتا إلى عربة (كارني) وانطلقت المجموعة متملصين من اثنين من مراهقي تنظيم داعش متسلّحين بقاذفات صواريخ، لاحظوا وجودهما وكان معهما قاذفات صواريخ.

عندما تمكنوا من الابتعاد بسلامة، أخبر (كارني) الامرأتين بأنه بإمكانهما نزع غطاء الرأس. عرّفت المرأة التي تحمل طفلها بأنها “صوفيا”، والأخرى عرفها من صورتها: لقد كانت “ديانا عباسي”.

لقد تمكنوا من إخراجها، إلا أن “العباسي” واجهت محاكمة محتملة من السلطات الهولندية.

حرّك (كارني) جميع إمكانياته للمساعدة، بما فيها اتصالات مع الاستخبارات العسكرية ووكالة المخابرات المركزية CIA، مجادلاً بأنها ونساء داعش الأخريات يكرهن التنظيم وأنهن قد يصبحن نافعات إذا ما تم التعامل معهن بالشكل الصحيح.

في نهاية المطاف تمت تبرئتها، وانتقلت للعيش في #لندن وتم تعيينها كمستشارة لبرنامج حكومي لمكافحة الإرهاب والتخلص من التطرف.

«ظهرت “لورا هانسن” بريئة في المحاكمة وبدأت حياة جديدة. إلا أن العديد من العرائس الجهاديات ما زلن عالقات في مخيمات اللاجئين والاعتقال يحكمهن الروتين»، كتب (كارني). وأضاف: «بعضهن اختفين، ربما قد متن. والبعض منهن ما زلن هناك».

كذلك وجد (كارني)، الذي يزعم أنه أنقذ ما يزيد عن مائة من هؤلاء النسوة، نفسه في مشكلة، حيث تم اعتقاله في #مطار_هيثرو من قبل أمن المطار عندما قام برحلة عودة إلى #انجلترا برفقة عائلته للاحتفال بعيد الميلاد عام 2016.

«كيف تفسر يا سيد (كارني) ظهور اسمك على قائمة الإرهابيين المراقبين؟»، سألوه. أجاب بأنه «لا يعرف» وطلب من الأمن الاتصال بأصدقائه من الاستخبارات العسكرية.

أشار (كارني) أيضاً إلى أنه عمل إلى جانب الكرد، هم الذين وجدوا “أسامة بن لادن”، وكشف لهم بأنه كان أيضاً على قائمة الموت لدى تنظيم داعش. وسمحوا له في النهاية بالذهاب عندما أخبرهم بأنه كان يراقب النساء والأطفال الذين تم إطلاق النار عليهم خلال الأسابيع العشرة الماضية.

واليوم، تتلقى مجموعة (كارني) تمويلاً من جمعية خيرية مسيحية أميركية وغيرها وتواصل عملها وتنظّم جهوداً تهدف إلى القضاء على التطرف على الحدود السورية التركية بدعمٍ من برنامج الحكومة البريطانية لمكافحة الإرهاب والجمعية الخيرية البريطانية للأطفال المفقودين.

وبالرغم من طردِ تنظيم داعش من العراق، إلا أن (كارني) غير متفائل بشأن القتال ضد التنظيم الإرهابي، حيث كتب: «المجرمون ماتوا أو هربوا للجهاد في إفريقيا، سوف لن ينتهي التنظيم».

RELATED ARTICLES

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Most Popular