في ظروف بالغة القسوة تمرّ بها البلاد بشعبها المُبتلى بكل مكوّناته، بحلقة حكّام غلب عليهم الفساد و النهب الذي يتصاعد الآن بسبب ضعف حكومة تصريف الاعمال، و غلب عليهم استخدام القسوة المفرطة تجاه شبابها و انتفاضته التي قلّ نظيرها، بجيرانها الذين لا يتوقفون عن محاولات نقل ازماتهم اليها و السعي لإحكام السيطرة على ثرواتها و مقدّراتها، في زمن ازمة مالية هائلة تلوح امامها بسبب انخفاض اسعار النفط و بسبب حكّامها الفاسدين الذين جعلوا منها دولة ريعية، و بسبب انانيتهم التي لا تعرف حدود و لا ابسط شعور بحال شعبهم بأطيافه و لا بما يتهدده من معاودة نشاط داعش الإجرامية، و لا بحال ملايين النازحين و مآسيهم التي تزداد بسبب تزايد مياه الامطار و انهيار السقوف على من احتمى بها . .
في زمن تغوّل انتشار المرض القاتل في العالم و الذي حوّله الى حالة تشابه حالته في الحروب الكونية و ما تنذره من تغييرات في بنية المجتمعات . . حتى دخل الفايروس البلاد من الشرق لغياب من يحميها و لإنشغال حكامها بارباحهم الأنانية، في وقت صارت فيه احدى اخطر بؤره الجارة (الأرجنتينية) التي لاتكف عن محاولات صدّه بالخرافة و بإحكام تصعيد الحلول الدينية و الطائفية التي صار المرض و كثرة ضحاياه هناك، يعريّها و يكشف هزالها و تعاويذها التي وصلت الآن فقط الى غلق الاماكن المحرّمة خوفاً من انفجار شعوبها بوجهها و هي تنادي باتّباع العلم . .
في وقت تزداد فيه حدة اهمية ضمان استقلال البلاد و حمايتها من محاولات الجيران لنشر كورونا فيها بمختلف الوسائل (الاصرار على بقاء الحدود مفتوحة، طرد عراقيين مصابين و حاملي المرض و ارجاعهم للبلاد آخرهم ارجاع مئات من الطلبة قبل ايام . . )، في محاولات لزج البلاد في حرب تحت امرتها لمواجهة (العدوان الأميركي الفايروسي) و الضغط عليها لتكون تحت قيادة واحدة برئاسة شمخاني المعيّن مؤخراً كقائد عام للامن الوطني الإيراني، كما تتناقل وكالات انباء دولية و مواقع تواصل مستقلة.
في هذا الزمن اللعين و اثر استقالة الحكومة امام مطارق انتفاضة تشرين و بقيت كراسي الوزراء مشغولة برجال تصريف اعمال لا يُعرف لهم بإشغالها حدود، سواء بمسؤولياتهم الداخلية او الخارجية . . حتى ضاع الدستور و احكامه و القائمين عليه سواء من المحكمة الإتحادية او مجلس القضاء الأعلى، وسط طرب الكتل الحاكمة المتنفذة الميليشياوية التي اطلقت الاوضاع القائمة يدها اكثر و بلا حدود، بل و ضاعت حتى التزامات حدود الضبط الطائفية التحاصصية التي اقامتها و اعلنت تمسكها بها طيلة سبعة عشر عاماً ، و هي تندب حظها الآن على مقتل ضابط ايقاعها الجنرال سليماني، الذي تسئ الى دوره و ذكراه بسلوكها و عنجهيتها.
و يشير العديدون ان الظروف الإستثنائية القائمة، تفرض حلولا استثنائية، في ظروف ضياع الحدود و المقاسات و الالتزامات في مواقف الكتل الحاكمة و في تركيبها ذاته، و فلتان التزامات الحكومة امام الحقوق الأساسية للشعب و شبابه، وسط هرج و مرج تفتعله هي . . ظروف يزداد فيها تفتت كتل البرلمان الحاكمة و ضياع كلمة مسؤوليها و فروضهم على نوابهم . .
ظروف تجمعات ذئاب، تتطلب كبداية للتغيير و لفترة محددة، توفر شخصية حازمة لها تجربتها في مواجهة الميليشيات، شخصية تريد المنصب بضوابط و لها كتلة ساندة، شخصية دعت و تدعو الى قيام حكم مدني ينهي المحاصصة الطائفية، و تريد استقلال البلاد على اساس الوسطية في التعامل، شهدت لها مواقفها مطلع الالفية . . اضافة الى سلوكه كمحافظ للنجف في زمن الموازنات الصعبة الخطيرة آنذاك. (يتبع)
25 / 3 / 2020 ، مهند البراك