غريبٌ أنت في وطنٍ
غريبٌ أنت في المنفى
غريبٌ في عداد الناسي والمنسي
فصار الهمس أقواساً من الرؤيا
إلا تدري!
ستبقى طائراً حراً
تطيرُ كما ترى ترغب
وتنجو من الكبوات في دربٍ من العوسج*
وتبقى شامخاً منطاد…
غريبٌ عندما ترحل
غريبٌ عندما تأتي
غريبٌ عندما تضحك..
غريبٌ عندما تحزن
عجيب الوصل والذكر
فريدٌ في هوى قصدك
فلا تَعْتبْ على الماضي
ولا تزعلْ من الحاضر
وان أدماك في ظهرك
مقاديرٌ من الأهواء قد تغرب
مقاديرٌ من الأحكام قد تقدم
بما ينجزْ ومن فكرة
تعانق فكرك العلمي
وَتُظهر صورة الحق..
وصه واكتم ولا تنبس
بقولٍ يضعف الفكرة
وكنْ واعد التصميم
صحيح الصرح في الجوهر
وان ذاب في المظهر
فجوهر عمرك الباقي
نجومٌ في الوفا تزهر
وإن تسألْ
فقل قولك
ـــ سأبقى مؤمنا حقاً
بأقوالي، سلامي
ولا يتعب سلامي
مقامي، في هوى دربي قيامي
يُفَسرْ باعتصامي من هجين القوم..
وسري في هيامي
وطُوبى لاقتحامي في وجودي،
عظيم الشُّكْمُ أن تعرف مقامي
ولن تصدئْ وعودي أو عهودي
غريبٌ بما أٌعرف عن نفسي
غريبٌ في الوغى شمساً..
غريبٌ في عتابي
غريبٌ في رواتي
غريب الوقت لن ارجعْ عن الفكرة
وفي الكلمة
” شربتُ الماء دجلة خير ماءٍ*
أكلت التمر من شجن السواقي
عشقتُ النخل والقمم الدوالي ”
فهل تعجبْ ؟
ومن صبري أغني في شموخٍ
وصبري عماليقٌ بما نملكْ من النخوة
ومن عشقٍ سليل الوعد والنظرة
ونبعي هادئ المجرى
نظيفٌ مثل شهد الماء في الكوزِ*
—
* عوسج أو عوشز، شجر ينبت عادة في الأراضي الجافة والحارة لأنه يعيش على القليل من الرطوبة
*بتصرف قول أبو العلاء المعري
(شربنا ماء دجلة خير ماء — وزرنا أشرف الشجر النخيلا)
* إناء من فخار أو غيره له أذن يشرب فيه أو يصب منه الماء