الجمعة, نوفمبر 29, 2024
Homeمقالاتالاتحاد الاوربي الى اين ....2 : شهاب وهاب رستم

الاتحاد الاوربي الى اين ….2 : شهاب وهاب رستم

 

التعاون الشمالي عمـرها قرن ونصف القرن ، وقد أخذ هذا التعاون شكلاً مؤسساتياً منذ فترة ليست بالقصيرة، وهو أقدم من التعاون في الاتحاد الاوربي . ما المقارنة بين التعاون الشمالي والاتحاد الاوربي فهي غير ممكنة، لان الفروقات كبيرة بينهما فالتعاون الشمالــي لا يسـند على المعاهدات ، كمعاهدة روما ، ولا يستـند الى رؤية واضحــــة حول كيف يكون التعاون الشمالي في المستـقبل . التعاون في الاتحاد الاوربي يهدف الى تغير العلاقات بين الحكومات ، الا انه ليس لدول الشـمال هذا الطموح و لايوجد مجال في التعاون الشـمالي وظهوره عـــامل واقعي . كما لم تكن هناك خطة عمل في تلك الفترة و يبدوا أن الاختلافـات بين تعاون دول الشمال والتعاون في الاتحاد الاوربي يعود الى الفرق بين الكتلتين على أعتبار أن الاتحاد الاوربي هو مجموعة غير متجانسة او قليلة التجانــس ، والتعاون بين هذه الـدول يحتاج الى مؤسسات قوية للحفاظ على حجم الخـلافات وأيقافها في مكانها .اما دول الشمال فهي مناطق متجانسة ولا تحتاج لهذه المؤسسات . بل لا توجد هذه المؤسسات. المعلوم أن العلاقات التعاونية بين الدول لكي تكون قوة ديناميكية فانها بحاجة الى مؤسسات سلطوية قوية للقيادة و الاتحاد الاوربي يمتلك هذه المؤسسات. كانت قيادة الأتحاد الأوربي بيد الفرنسيين ثم تحولت القيادة الى فرنسية المانية ، وربما يتحول الى قيادة المانية بحتة . بني التعاون الشمالي من خلال المؤسسات الضعيفة ، ولم تكن لاية دولة شمالية اي شكل من أشــــــكال القيادة في هذا التعاون . وهذا يوضح لماذا كانت النتائج محددة ، مما خلـقـت معضلات، وقد أدى ضعف المؤسـسات الشمالية الى صعـوبات للدخول في سوق المنافسة في السوق الاوربية المشتركة وفـــــي الاتحاد الاوربي . لقد أنقسمت القوى الى داخلية وخارجية ، فالقوى الداخلية مع الشعور السلبي للشماليين تعيق التعاون الملزم . اما الخارجية ، فهي تؤثر على دول الشمال بطرق مختلفة كونها ترتبط بقضايــا أقتصادية . وقد عوقلت العوامل الخارجية التعاون بين دول الشمال، لأرتباطها بالقضايا التــريخية . وقد ترك النزاع القديم بين الدانمــارك والسويد والنرويج لقيادة دول الشمال بصماته ، حيث كانت الدانمارك القوة القائدة لدول الشمال لغاية القرن السابع عشر . الحق بهم الهزيمة مما اضطرهم الى فقدان الدور القيادي كقوة اوربية عظمى ، وكذلك موقعهم القيادي بين دول الشمال، الا أن الضربة الأخيرة التي وجهت الى الدانمارك عام 1814 جعلتها تتنازل عن النرويج للسويدين و في عام 1864 خسرت المعركة امام بسـمارك.

بعد أن تعرضت السويد هي الاخرى لسلسلة من الانهزامات ، حيث خسرت مقاطعات كبيرة خـارج حدودها و قادت السويد دول الشمال بعد انتصارها عـلى الدانمــارك والنرويج ، لاسباب أهمها تمتعها باقتصاد قوي ودخولها الى عالــم الصناعات الحديثة والمتقدمة . لقد تركت التطورات التاريخية تأثيراتها النفسية على دول الشمال والتي كان يمـكن ان تحول دون التعاون بين دول الشمال وعندما لا يكون هناك قوى مؤثرة فوقية في التعــاون الشمالي ، تحصل كل دولة ( كبيرة أوصغيرة ) من هذه االـــدول على حق النقض (فيتو) في جميع المسائل . فكانت الاعتراضات النفسية بين دول الاتحـــــــاد الاوربي واضحة وجلية ، كما في هو بين فرنسا والمانيا ، لذا فان المفوضية الاوربية تعتبرقوى متناقضة تاريخيا ً حيث جــاءت باقل من التعاون بين دول الشمال. وأن العوامل الخارجية التي تحد من التعاون بين دول الشمال ترتبط بالقــــوى المحيطة بدول الشـمال ، روسيا ، المانيــا ، بـريطانيا . واستكملت امريكا الحلقة في السنوات الاخيرة بعد دخولها الحلبة السياسية في المنطقة . وقد مارســـت الدول العظمى الثــلاث كل طاقتها على دول الشمال ، مما ادى الى وجــود علاقات مختلفة بين دول الشـمال وهذه الدول وبســـبب ضعف هذه الـــــدول ضعفت تاثيراتها على التعاون الشمالي ، وقللت من المعـــوقات على هــــذا التعاون . كما أن العامل الخارجي قيد تعــاون دول الشـمال ، أضعف العلاقات الاقتصادية ، وتحولت الصنـــاعات الى العالمية وتم تفضيل التعاون مع الاتحاد الاوربي . أن علاقات دول الشمال ما زالـت قائمة رغم انضمام أغلب هذه الدول الى الاتحاد الاوربي (عدا النـرويج , آيسلندا) . فهناك خصوصية في علاقات هذه الدول شعبيا أكثر من العلاقات الرسمية.
كما أن الانظمة في دول الشمال تتقارب في الكثير من الاحيان في القضايا الشمالية والاسكندنــافية وتتبادل الاراء ووجهات النظر في الكثير منى القضايا السياسية والاقتصادية.

العلاقات الاقتصادية – الاقتصاد الشمالي

لعبت العلاقات الأقتصادية في دول الشمال دوراً بارزا في توازن العلاقات فيما بينها وبين الدول الأوربية وأثرت أيضا على علاقاتها السياسية والتاريخية خلال الحقب المختلفة .
وكان للنموالأقتصادي في دول الشمال جوانب عديدة ، فقد وجد الالمنيوم في السويد وتركزت الزراعة في المناطق السهلية الخصبة الصالحة للزراعة .
تمتلك النرويج وفنلندا غابات كثيفة بالاشجاروهي المصدر الطبيعي الهام للتصدير، أما الشمال الشرقي من البحـر الأطلنطي وبحر بارنتس * فهما غنيان بانواع الاسماك
( sei , sild . Torsk )كان أقتصاد دول الشمال متواضعا ً و ضعيفا ً ومنـفتحأ ً في التاريخ المعاصر حيث أن الصادرات أرتبطت بالموارد الطبيعية الضرورية والمطلوبة اواسط القرن التاسع عشر. وكان الطلب على المواد الاولية والغذائية من قبل مركز الاقتـصاد العالمي في لندن . تعتبر الغابات في فنلندا و السويد و النرويج مـن أهـم الموارد للتصدير الى الخارج ، أما القطران و منتوجات الأخشاب فـقد كانت هي الأخرى من الصناعات الاولية في هذه البلدان .كما أن للمناجم في السويد أهمية قصوى ولعبت دورا مماثلا لكن في فترات سابقة حيث أن الغابات أثـناء الثورة الصنــــاعية كانت تغذي المصانع بالاخشاب .
كانت الدانمارك تصـدرالمواد الزراعية الا أن صناعتها كانت ضعيفة ويدوية .على العكس من ذلك فقد كانت الثروة السمكية من المصـــــادر الطبيعية الهامة في النرويج ، من أجل ذلك تم بناء السفن العملاقة لتصدير الاسماك لأنه أرتبط بصيد الاسماك وأصبح أساسا للنقل البحري خلال وبعد سنوات 1700 بل وأصبح جزءا ًمن قطاع التصدير و شكل نسبة كبيرة من أجمالي الصادرات في فترة ما بين الحربيين العالميتين ، وكانت الثروة السمكية من من الموارد الطبيعية العامة في آيسلندا أيضا .
في بداية عام1900ميلادية أستغلت المياه لانتاج الطاقة و وضع اساس انتاج السماد الصناعي ( الكيماوي )، كما دخل الالمنيوم المجال العملي في آيسلندا في سـنة 1960 ميلادية ، وكان لخام الحديد أهمية كبيرة في السويد ، فكان الأســـاس لأنتاج الحديد الصلب و صناعة المحركات ،و أنتجت مواد دائمة الاستعمال مما ادى الى تحول السويد الى الصناعات الشاملة والمتطورة و بشكل أفضل من باقي دول الشمال وتحولت الى دولة عظمى . حاولت دول الشمال بعد الحرب العالمية الاولى مـن اعادة مكانتها العالمية في تقاسم العمل. كان الرهان على قطاع الصادرات وكانت المساعي تدور حول تجنب أقتصاد ما بعد الحرب . كان وضع دول الشمال مناسبا ، لأنهم كانوا يصدرون المواد الضرورية والمطلوبة بشكل واسع بعد الحرب. عرفت المواد الاولية في مقدمة الصادرات الخارجية وكان للصادرات السويدية قيمة أعلى . تركزت صادرات الســويد بعد الحرب على القطاعات الديناميكية كالاستـثمار والمواد الاستهـلاكية وكان اقتصاد دول الشمال مخطط له نسبيا ً ، لأسباب سياســـية في سنوات 1950 ميلادية وما بعد توجهـت الدول الصغيرة الى الانفتاح الاقتصادي ، للصناعات التقليـدية لكي تتمكن من تمويل الواردات ، و كانت وسائل الانتاج مستهلكة ومهـللة بعد الحرب العالمية الثانية . وهذا ما دعا الى تفضيل الاسـتـثمار وتخصيص الحـصـص للمواد الاستهلاكية (التمـوين) ( النموذج الشمالي ) ، أرتبطت أهداف حكومات الرفاهية بالتشغيـل والعدالة في توزيع السلع ، والعدالة الاجتماعية بين الجميع ، وهذا كان يتطلب أدارة حكومية تتمتع بالشروط اللازمة المطلوبة الجيدة حتى اواسط سنة 1960 ميلادية .
بدأت التجارة الحرة (الليبرالية) بعدها و كانـت دول الشمال بين اوائل الدول في المنظمة الاوربية للتجارة الحرة EFTA و في معاهدة التجارة والكمارك GATT .
وقد أدت التطورات الى ضعف الادارة القومية و تغيرت التجارة الخارجيـة ( الصادرات والواردات) في دول الشـمال بشكل تدريجي .حفـزت التجارة الحرة العمل لتأسيس صناعات حديثة مما أسهم في تقوية العـلاقات التجارية بين دول الشمال . كان التعامل التجاري بين دول الشـــمال وبدرجة كبيرة مع دول منظمة التعاون الاقتصادي ومع الـدول الغــربية الصناعية الاعـضاء في منظمة التعاون الاقتصـــادي للتنمية OECD(19 و دول في منظمة التعاون الاقتصادي المشترك ومع اليابان والولايات المتـحدة الامريكية و كندا واستراليا ونيولندا ).
لقد شكل هذا نموذجا للصناعــات الشمالية و التي بدأت تصدر الى الاسواق الشمالية اولا ثم الى أسـواق الأتحاد الاوربي التي اصبحت أسواق دول الشمال منطلقا الى الأسواق الأوربية . وهذا ما أمكن الاقتصاديين النرويجيين من ادارة الازمات الأقتصادية عام 1972 ميلادية وكان هناك تطور وتوسع شامل لصــادرات دول الشمال خاصة صادرات المـــواد الاولية ، باستثناء الدانمارك فقد كان لديها نقص في مواد الخام والمواد الأولية .
كان النمو في دول الشمال و نسبة العاطلين عن العمل أقل من دول منظمة التعاون الاقتصادي الغربي وان مستوى دخل الفرد في دول الشمال كان أعلى في عام1980.
كان تغيرالنمو الاقتصادي والنســــــبة المنخفضة من العاطلين عن العمل و الاقتصاد الصحي في الســــنوات الاخيــــــــرة وقد ظهرت مؤشرات تبين أن أقتصاد هذه الدول سوف يمر بأزمــــة كبيرة بعد الحرب العالمية الثانية .

النمو الاقتصادي كان ضعيفا ( منخفضا) و كذلك توقعاته فهي أيضا ضعيفة حيث أنخفضت نسبة الصادررات من الناتج الاجمالي ومستوى الاستثمارات و ارتفع عدد العاطلـين عن العمل ، اما الأسعار وبشكل عام فقد كانت غير متوازنة مع الدول الأوربية كان الوضع النرويجي مختلفا بسبب انتاج النفط ، أن انتاج النفط والغاز أسهم في انعطاف الاقتصاد النرويجي الضعيف من خلال اسعار النفط ، و المنافسة في اسواق النفط وقد مرت
النرويج في تجربة استثنائية من البطالة بعد أن بدأ بالعمل بشكل كامل في قطاع النفط
والغاز . وظلت الدانمارك تعاني من المشاكل الاقتصادية أما اليوم فهي تعتبر من الدول الصناعية ولديها أقتصاد متين حتى انها أصبحت من الممولين للأسواق العالمية .
تغيرت تجارة دول الشــــــمال في الفترة ما بين 1959 – 1972 وكانت في أوربا كتلتان اقتصاديتان هما الأتحاد الاوربي EU و المنظمة الأوربية للتــــــــــجارة الحرة EFTA . أما التعاملات التجارية ما بين دول الشمال و دول المنظمة الاوربية للتجارة الحرة ، وبشكل خاص مـــــــــع دول الشمال فقد عرفت في الفترة ما بين الحربين العالميتين . انضمت الدانمارك الى الاتحــاد الاوربي عام 1972 ، اما دول الشمال الاخرى فقد اتـفـقت في تعاملاتها التجارية مع الاتحاد الاوربي ، عمليا أصبح لأوربا سوق للمنتوجات الصناعية ، و أدى ذلك الى توجه صادرات دول الشمال نحـــــــو الاتحاد الاوربي ، خاصة الســويد والدانمارك ، وقد أزداد التعامل النرويجي مع الاتحاد الاوربـي بسبب صادرات النفط والغاز، وهذا ما غير الصورة الرئيسية وكثافة رأسمال دول الشمال للانتاج المعتمد على مواردها مقابل تقـــدم مصرفي مؤمــــن ومؤكــــد كما تغير شكل التعاملات التجـــــارية مـــع الاتحــاد الاوربي منذ 1972 . كانت الــــواردات مـن الاتحاد الاوربي تمثل الحاجات التقليدية ، كالمنسوجات ، والمحركات . أما وسائل النقل فـتستورد من دول خارج الاتحاد الاوربي . بدأ كل من الدانمارك و فنلندا بالتصدير الى دول الاتحاد الاوربي عام 1972، فقد غذت التطـورات في الاستثمارات دول الشمال والاتحاد الاوربي في السـنوات الاخيرة وأستثمرالسـويديون في النرويج كعادتهم ، وكذلك في دول الاتحاد الاوربي .كان نقل الموارد خارج دول الشمال الى الأتحاد الاوربي وراء الانضمام السويدي السريع الى الاتحاد الاوربي عام 1990 .

التعاون الشمالي

اولا -1950 – 1960 عشر سنوات من التعاون

تأسست الأستشارية الشمالية (المفـــــــــوضية الشمالية )عام 1952 ميلادية لتحول التعــــاون بين دول الشمال الى شكل مؤسـســاتي ، كانت حكومات الدانمارك والنرويج والسويد وراء تأسيس المفوضية الشمالية اما فنلندا وآيسلندا فقد أنضمتا الى هذه المفوضية فيما بعد. وجاء تأسيس الاستشارية الشمالية (المفوضية الشمالية ) اسـتهلالا لنشاط تعاوني بين دول الشمال لعشر سنوات ، شرع بالعمل للتأكيد على حرية الحركة والتنقل في الدول .
وقد تم الاتفاق بين دول الشمال لالغاء جوازات الســـفر (الفيزة) و أنشاء سوق عمل مشترك يكون بمقدور مواطني البلــدان العـمل في أية دولة شمالية . لقد استطاع المواطن في دول الشمال الحصــــول على الضمان الاجتماعي من خلال أتفاق أجتماعي بين الـــدول دون الاكتراث بمكان عيشه . أما الجدل الذي كان يدور داخـــــل أروقة أتحاد الكمارك منذ عام 1947 م فكان حول أمكانية نقل السلع بحرية في المناطق الشمالية ، لكن لا أتحاد الكمارك ولا قضية الأستثمارات

 

RELATED ARTICLES

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Most Popular