الخميس, نوفمبر 28, 2024
Homeاخبار عامةعيد الفصح في السويد.. الاساطير والتقاليد

عيد الفصح في السويد.. الاساطير والتقاليد

      

أصبح عيد الفصح في السويد منذ عقود مرت، فرصة للكثيرين من أجل قضاء بعض الوقت مع العائلة، والأصدقاء القادمين من مسافات بعيدة في بعض الأحيان، وتزيين المنزل، وتلوين البيض المسلوق، والاستمتاع بالحلويات وأطعمة العيد، أكثر مما هو مناسبة دينية مرتبطة بقيامة السيد المسيح.

نظرة تاريخية
يتم الاحتفال بعيد الفصح في تواريخ مختلفة كل عام، ولكن يحدث دائمًا أن يكون في يوم الأحد ما بين 22 آذار و25 نيسان، وعادة تبدأ عطلة الفصح في السويد في يوم الجمعة التي تسبقه، وتنتهي مساء يوم الاثنين الذي يليه، إن تحديد يوم الفصح يعتمد على قاعدة كنسية تم وضعها عام 325 يجب أن يكون عيد الفصح أول يوم أحد بعد اكتمال القمر، بعد الاعتدال الربيعي.
تحتفل السويد بعيد الفصح منذ القرن الثاني عشر، وفي العام 1844 أصبح عيد الفصح عطلة رسمية في السويد، وظل الاحتفال ذا طابع ديني يستذكر صلب وموت وقيامة المسيح حتى نهاية العقد السادس من القرن العشرين على وجه التقريب، عندما بدأ الناس يتحولون باحتفالاتهم بعيد الفصح من الشكل الديني الكنسي، إلى الشكل المدني الاجتماعي.

لقد كان سائداً في أوقات مضت أن يصوم غالبية السويديين الأربعين يوماً التي تسبق عيد الفصح، ومع حلول عيد الفصح كان الناس يحتفلون بانتهاء الصيام. لكن الصيام هو الآخر تراجع في المجتمع السويدي بشكل كبير بسبب بعده الديني.
من الكنيسة إلى منزل العائلة
إن الغالبية العظمى من السويديين اليوم يحتفلون بعيد الفصح في إطار عائلي في المنازل، وعيد الفصح هو أول عطلة نهاية أسبوع طويلة في فصل الربيع، وهذا يعني بالنسبة للكثيرين أول رحلة يقومون بها إلى منزل العطل الريفي، والذي كان على الأغلب مغلقاً طوال فصل الشتاء.
وعلى الرغم من اختلاف العادات والتقاليد المتبعة في إحياء ذكرى المسيح بين البلاد غير أن الهتاف بتحية عيد الفصح (فصح سعيد)، وتزيين المنازل، وعادة تلوين البيض، وأرنب الفصح، هي من العادات الاجتماعية المرتبطة بالفصح في السويد كما حول العالم.

                

زينة الفصح
خلال عيد الفصح يقوم الكثيرون بوضع أغصان أشجار البتولا للزينة، ويتّم تثبيت ريش بألوان مختلفة على الأغصان، بالإضافة لتعليق قشور البيض على أغصان عيد الفصح. كما تزين المحال والمجمعات التجارية، ويتم الاهتمام بكل ما له علاقة بالفصح، من أغطية الطاولات والمحارم بألوانها الزاهية، فروع الأشجار مع الريش الملون لا يكاد يخلوا منها بيت سويدي، رمزية الصيصان والأرانب والفئران ترتسم هي أيضاً في زينة الفصح التي تتميز بطابعها اليدوي في قسم كبير منها، ومهارات التنسيق.
وتجدر الاشارة إلى أن زينة الفصح هذه مرتبطة لدى السويديين بعيد الشعانين، إحياء لذكرى استقبال المسيح عند دخوله لمدينة القدس وبداية الاحتفالات المُتعلّقة بالأسبوع المُقدّس، ويُطلق عليه كذلك اسم أحد السعف، حيث فرش المستقبلين سعف النخيل ويلوحون بأغصان الزيتون، ولعدم توفر سعف النخل في السويد فقد استخدمت بدلاً عنه أغصان البتولا التي علق عليها الريش الملون.

       

ارنب الفصح
أرانب عيد الفصح هي عبارة عن شخصيات تقوم بتوزيع بيض عيد الفصح، حيث يلبس زي الأرنب لتمثيل تلك الشخصيات بهذا العيد، في الأسطورة تحمل هذه المخلوقات السلال المليئة بالبيض الملون وبعض الحلوى، وأحيانا العاب لمنازل الأطفال. ويشبه هذا العيد نوعا ما بسانتا كلوز (بابا نويل) في عيد الميلاد بأن كلاهما يقومان بتوزيع الهدايا للأطفال في ليلة الاحتفال بتلك الأعياد.
تقول الأسطورة بأنه ذات يوم ربيعي قامت إلهة الخصوبة بتحويل عصفور غط على يدها، إلى أرنب حتى يتمكن الأطفال من اللعب معه، ولكن هذا التحول لم يعجب العصفور فأصبح حزيناً جداً، ولذلك طلب الأطفال من الإلهة إعادة تحويله إلى عصفور، في ذلك الوقت كان قد مضى الربيع ووصل الشتاء وضعفت إلهة الخصوبة وفقدت قواها.
عندما عاد الربيع من جديد، عادت معه القوة إلى إلهة الخصوبة، وتمكنت من تحويل الأرنب إلى عصفور من جديد، ومع عودته إلى أصله قدم العصفور للإلهة البيض تعبيراً عن الشكر. عند وصول المسيحية إلى شمال أوروبا بقيت بعض التقاليد ولكن تغيرت معانيها.
اسطورة أخرى تقول بأن شعوب السكسون في أوروبا كانت تحتفل بعيد الخصب في أول الربيع، وترمّز إلى إله الخصب بالأرنب، نظراً لخصوبته العالية ولتزامن عيد الفصح وارتباطه مع الانقلاب الربيعي. وقد ورث المسيحيون في القرون الوسطى هذا الرمز، ثم نقله الأوربيون المهاجرون إلى القارة الأميركية.

  

  
بيض الفصح
بيض الفصح هو البيض المزيّن الذي يتم عمله ضمن تقاليد الاحتفال بعيد الفصح، تقليديا بيض عيد الفصح هو بيض دجاج يتم زخرفته وتلوينه بألوان براقة، لكن حاليا يتم الاستعاضة عن بيض الدجاج ببيض بلاستيكي أو بيض مصنوع من الشوكولا، يتم تغليفه بطبقة رقيقة من القصدير المزركش، بيض الفصح هو تقليد احتفالي قديم، حيث كانت البيضة ترمز إلى بداية الحياة على سطح الأرض حسب المعتقدات.
يذكر التقليد الأرثوذكسي المسيحي أن القديسة مريم المجدلية كمواطنة رومانية، ذهبت إلى قيصر في روما لرفع احتجاجها على صلب المسيح، وقامت بشرح قصة محاكمة المسيح وصلبه وقيامته، عندها أوقفها القيصر قائلا: لو أن البيض أصبح بلون أحمر أصدق أن المسيح قام من الأموات، عندها أخذت المجدلية بيضة وقالت: (المسيح قام) فتحول لون البيض إلى أحمر، واتبعت الكنيسة هذا التقليد بصبغ البيض في عيد الفصح تأكيداً على قيامة المسيح. وكذلك يرمز البيض كما أن فرخ الدجاج يشق البيضة ويخرج إلى الحياة هكذا المسيح شق القبر وقام من الأموات تقليد مسيحي أرثوذكسي معتمد بالكنيسة
اسطورة: كما هو عليه الحال في بقية الطقوس، تعود عاده تبادل البيض وقت الفصح الى ايام العيد الاولى في القرن الثاني الميلادي. البيض يرمز لدى الشعوب الأوروبية الى بعث الحياة والولادة وكان يتم تزيين البيض بلفها برقائق ذهبيه عند الأغنياء، اما الفقراء فكانوا يغلونه مع اوراق الأعشاب، لإعطائه الوانا برّاقه ثم يتم تبادله في بدء الربيع كرمز لتجدد والبعث ومنهم تسربت تلك العادة، واصبحت شائعه كتقليد يرافق الاحتفال بالفصح.
بعض المؤرخين يعزو عاده تبادل البيض الى ان الفصح يأتي بعد الصيام الاكبر في المسيحية، وبما ان الدجاج لا يؤكل أثناء الصوم، ويتابع وضع البيوض اثناء الصيام فكان من الواجب ان يتم حفظ تلك البيوض لأطول مده ممكنه وكان ذلك يتم بسلقها ثم تلوينها وتبادلها وقت العيد.
اسطورة: تلوين البيض هو تقليد بالغ في القدم، يبلغ من العمر اليوم خمسة آلاف سنة، مارسه المصريون القدماء للاحتفال بأقدم أعياد البشرية على الإطلاق، وهو عيد شم النّسيم، عيد قدوم الرّبيع ومن مظاهر الاحتفال بهذا العيد ركوب القوارب في نهر النيل والغناء وتجميل المنازل بالزهور وتلوين البيض.
وكان الفراعنة يقومون بتلوين بيض الحمام أو الإوز أو البط، وأحياناً بيض النعام الكبير الحجم، وكانوا يزخرفونه بالنّقوش الفرعونية الموجودة في المعابد والبرديات القديمة، ولأنّ حياةً تنبثق من البيض، فقد اختاره الفراعنة ليكون تقليداً راسخاً في عيد شم النّسيم، عيد الرّبيع وتجدد الحياة كما تعددت صور تلوينه والرّسم على قشرته الرّقيقة برسومات بالغة الدّقة. أما البيض الذّي نقوم بتلوينه اليوم وهو بيض الدّجاج، فقد عرفه المصريون القدماء من الفرس في القرن الخامس قبل الميلاد.
يرتبط فن زخرفة وتلوين البيض لدى بعض الشعوب، ومنها شعوب وسط أوروبا بعيد الفصح. وتعود جذور هذه العادة إلى العهود الوثنية، عندما احتفل الناس بقدوم الربيع وعودة الخصب، واستعملوا في الاحتفال البيض الملون الذي يمتلك دلالة رمزية على الخصب كما هو معروف. إذ عثر على بقايا بيض مزخرف في قبور تعود إلى فترة ما قبل انتشار الديانة المسيحية التي أعطت هذه العادة محتوى دينياً جديداً.
وحسب العادة الشعبية اليوم تهدي الفتيات البيض الملون إلى الفتيان خلال عيد الفصح، وفي بعض المناطق يجري تقديم البيض في الأحد الذي يلي عيد الفصح. وخلال الاحتفال يقوم الأولاد من مختلف الأعمار في يوم إثنين الفصح برش البنات بقليل (أو كثير) من الماء بعد إنشاد أبيات شعرية خاصة بهذه المناسبة جوهرها انبعاث الربيع والحياة والخصب، بالمقابل يحصلون على البيض الملون وبعض الشراب والكعك أو النقود في بعض الأحيان. وكان البيض الملون في السابق يوضع في صحن مع معجنات مالحة ويقدم إلى الشباب.
ومن الطرق المميزة لمشاركة الآباء والأطفال الوقت الممتع، هي البحث عن بيض الفصح المخبأ. إذا تملأ بيضات من الكرتون المزركش بالحلويات وتخبأ بعيداً، ثم يعطى الأطفال بعض الأدلة أو خريطة لمساعدتهم على إيجادها.
ساحرات الفصح
عادة ما تغلق المدارس في السويد أبوابها خلال أسبوع الفصح، فهي فرصة للصغار كما للكبار للاستمتاع بالوقت مع العائلة، والتمتع بأول عطلة ممتدة لعدة أيام مع نهاية الشتاء السويدي ولياليه الطويلة المظلمة. ولعل واحدة من العادات التي تجعل للاحتفال بعيد الفصح في السويد نكهة متميزة مقارنة بغيرها من الدول حول العالم هو تقليد ساحرات الفصح، الذي يرتدي فيه العديد من الأطفال ملابس تنكرية هي ملابس الساحرات، ويضعون على رؤوسهم أوشحة وقبعات ملونة، ويرسمون على خدودهم باللون الأحمر، ثم يتجولون في الأحياء المجاورة، ويتنقلون من منزل إلى آخر فيقومون بتقديم اللوحات والرسومات للسكان آملين من خلال ذلك الحصول على بعض الحلوى. الغاية من سحرة عيد الفصح هو تقليد قديم له جذوره من أنشطة خميس الفصح وفقا للفولكلور، ان الشيطان كان مشاركا في مأدبة العشاء الاخير عندما يهوذا الإسخريوطي خان المسيح، تم السماح للأرواح الشريرة بمساعدة الشيطان على تقديم الاذية للناس في تلك الفترة، لكن الاطفال بملابسهم الشبيهة بملابس الساحرات يقدمون الفرح والبسمة للعوائل في هذه المناسبة.
اسطورة: ساحرة عيد الفصح. تقول الأسطورة أن السحرة كانوا يحلقون على مكانسهم إلى (الجبل الأزرق) للرقص مع الشيطان. كانوا يغادرون يوم الخميس ويعودون يوم عيد الفصح.
مائدة الفصح
بالنسبة للكثيرين، فإن عيد الفصح وتناول الأطعمة الشهية يسيران جنباً إلى جنب. وأسبوع للاستمتاع بالطعام، أما محور معظم وجبات عيد الفصح في السويد فإنها تدور حول البيض، مرافقاً بطبق أسماك الرنجة المخللة التقليدي وصاحب الشهرة في السويد، شرائح أسماك السالمون المدخن، اسماك الأنشوفة المطهية بالكريما، (هي سمكة صغير خضراء اللون مع انعكاسات زرقاء بسبب شريط فضي يمتد من قاعدة الزعنفة الذيلية ويتراوح طولها بين 2 سم إلى 40 سم الأنشوفة سمك يستخدم طعامًا وهو شبيه بسمك الرنجة.)
إضافة إلى طبق سويدي يدعى Janssons Frestelse، وهو عبارة عن خليط من البطاطا والبصل، يقدم أيضاً كما العادات السويدية خبز المائدة، مصحوباً بمشروب كحولي هو الـ Schnapps، أما على العشاء يقدم لحم الضأن المشوي مع البطاطا المحمرة والجبن المبشور، لوبياء، الهليون، وأطباق أخرى جانبية.
وهناك عصير الفصح كمشروب أساسي على مائدة الفصح، وهو مشروب غازي غير مخمر من الفواكه أو التوت، وبغض النظر عن التسميات فإن محتويات عصير الفصح، هي نفسها محتويات عصير عيد الميلاد، الذي يصعب إيجاده في الأسواق في غير هاتين الفترتين من السنة.
ومائدة الفصح السويدية مازالت تتمحور حول الكثير من البيض كطبق رئيسي، حيث يصل استهلاك الأسرة السويدية من البيض خلال أسبوع الفصح إلى ضعف استهلاكها الطبيعي. عدا عن استخدامه للرسم والتزيين. والحقيقة أن جذور هذا التقليد تعود إلى الزمن الغابر في المجتمع الزراعي السويدي الذي كان سائداً فيه صيام الأربعين التي تسبق الفصح، فكان بيض الدجاج يتجمع خلال هذه الفترة في قن الدجاج، حتى إذا ما جاء يوم الفصح وانتهى الصيام وجدت العائلة السويدية المزارعة أمامها كميات كبيرة من البيض لأكلها.
والرنجة المخمرة هو أحد الاطباق الشهيرة بالأجزاء الشمالية من السويد ، ويؤكل غالبا مع رقائق الخبز الرقيقة أو المقرمشة، السويديون يتباهون بأطباقهم الشهيّة كمعظم دول العالم التي تتباهى بأطباقها ، كذلك هي حال السويد مع طبق الرنجة المخمّرة الذي تشتهر به ، ينطلق موسمه في نهاية شهر آب ، وبحر البلطيق الذي هو العنصر الرئيسي في المطبخ السويدي منذ القرن السادس عشر، عندما تصل المنتجات البحريّة إلى الأسواق ، وهواة هذا الطبق يفضّلون تذوّق انتاج العام السابق إذ تكون الرنجة عندها قد نضجت تماماً وصارت أكثر نضجاً وتخمراً ، ويستخدم الملح لمنع الأسماك من التعفن، وعملية التخمير تحتاج لستة أشهر على الأقل يعطي الأسماك المملحة رائحتها القوية المميزة وطعم حامضي إلى حد ما.
سمكة الرنجة هي سمكة صغيرة تنتمي لصف الأسماك شعاعيه الزعانف، تعيش عادة في المياه الضحلة المعتدلة الحرارة وتكثر بشمال المحيط الأطلنطي وبحر البلطيق والبحر المتوسط، والمفضل عند البعض الرنجة المخمّرة مع البصل والخردل، ويوجد في الاسواق مجموعة متنوعة مع الفلفل الأسود والأبيض، الشبت، الثوم، والبصل الأحمر.
المزيد من الحلويات
عرف السويديون تناول السكاكر والحلويات في عيد الفصح منذ القرن الثالث عشر، السكر حينها كان غالياً، وكان يُنظر إلى الحلوى على أنها شيء احتفالي للغاية، وعلى الرغم من حقيقة أن الحلوى لم تعد باهظة الثمن كما في السابق، فقد ظل تقليد تناول الحلويات في عيد الفصح قائماً. حيث يتم بيع حوالي 6000 طن من السكاكر السويدية الشهيرة على مستوى دول الشمال خلال أسبوع عيد الفصح.
وعيد الفصح يتمحور حول كميات إضافية من الحلوى التي تعطى بسخاء من الأهل والجيران في حين يقيد استهلاكها في الأيام العادية ويحصر بأيام عطلة نهاية الأسبوع.

RELATED ARTICLES

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Most Popular