الإثنين, نوفمبر 25, 2024
Homeاراءرأس السنة الأيزيدية ( چار شه ما سه رى نيسانى ) :...

رأس السنة الأيزيدية ( چار شه ما سه رى نيسانى ) : خديدا الشيخ خلف

sar sala ezidiya , çarshema Sere nissane

لايخفى بان كل زهرة تعرف من عبيرها وكل شجرة من ثمارها وكل قوم من تراثه وتاريخه ، وكل قوم له ميزات خاصة في هذا المجال تميزه عن غيره ومن أبرزها هي الطقوس والآداب والفنون الدينية والأجتماعية والميزة الاساسية هي رأس السنة والمَعبد والحِساب المتَبع في تَحديد الأعياد والمناسبات وربَما لها أسم ومَعنى ورَمز خاص تميزها عن غيرها ،
وبما أن الأيزيدية تعد الوريث الشرعي لأمجاد وحضارات شَرقية عَريقة تغور في اعماق تاريخ تمتد لآلاف السنين على أرض الرافدين أو ما تسمى ب (ميزوبوتاميا) وأقدمها حضارة سومر وبابل وآشور وهور وميتان وسوپار ولم يبقى من هذه الحضارات في الوقت الحاضر سوى آثار حَضارية شاخصة ومنها مطمورة ضمن هذه الرِقعة الجغرافية ،
أما الشعلة الوهاجة بيد الاقوام التي اِحتفظت ببَعض الطقوس الدينية والاِجتماعية والاداب والعلوم والفنون للحَضارات المندثرة المتمثلة بالديانة الايزيدية وأبرزها الأعياد والمناسبات والديار المقدسة والتقويم الشرقي الذي تعتمده في تحديد طقوسها وأعيادها ومناسباتها وأهمها عيد رأس السنة النيسانية الموافق في يوم الأربعاء الأول من شهر نيسان حسب التقويم الشرقي التي ترمز الى بدء تكوين الخليقة وهبوط طاؤؤس ملَك على أرض لالش ،
حيث معبد لالش النوراني lalish nurani الذي يَحتضن عَشرات الآلاف سنويا من الحجاج والزوار وإجراء طقوس ومَراسيم دينية وتَنتشر على أديمه عَشرات المَزارات والمَراقد والمقدسات ،
هذا ما يتطابق مع المعابد السومرية والبابلية والاشورية أيزيدا وآنو أنليل وأينكي ونرگال أنموذجا ، وتَقارب كِبار آلهَتِهم آنو ونآبو مع طاؤؤس ملَك واِشتراك يوم الأربعاء وكوكب عطارد بَين الجَميع ، وناهيك عن تطابق رأس السنة الأيزيدية مع رأس السنة البابلية والآشورية أكيتو وزاكموك السومرية ونوروز الميديين ، وكل هذا ما يؤكِد على عِراقة الديانة الأيزيدية وامتداد جذورها الى أعماق التاريخ الشرقي واِعتبارها الحفيدة والوريثة لهذه الأمجاد والحضارات الباقية والمحتفظة بشواخصها على هذه الأرض البسيطة ،
وكما نلاحظ اليوم من خلال متابعتنا ومعايشتنا للمناسبات الدينية والاستدلالات الرمزية للطقوس التي تمارس من قبل الايزيدين ، هي دقيقة باليوم والتاريخ وحسب التقويم السومري القديم (الشرقي) وكل ما يتخلل عيد رأس السَنة sersale ezidia من طقوس جَميلة وعَميقة ومميزة وأبرزها تقديم الأضحية وطبخ الأطعمة وفعل الخير والصلاح وأيقاد القناديل مع الطَوَفان حَول الدِيار المقدسة والمَراقد والمَقابر وكذلك توقد في معبد لالش النوراني ٣٦٥ سراج الذي يمثل عدد أيام السنة ويتوسطها قنديل نوراني كبير يمثل الملاك نفسه هذا ما يتم اجراؤه في عشية الأربعاء المقدس اِبتهاجاً بفجر يوم جديد وهبوط الملاك وتتعالي الهَلاهل والتقاليد مع أنغام الدف والشباب المقدستَين وتراتيل القوالين والخدمتكارين وحضور رجال الدين وتناثر البخور لطرد الأرواح الشريرة وحلول الأرواح الطاهرة الإلهية مع رفع الأيادي والدعاء لجَميع البشرية وطلب الخير والسلام و تحقيق الأماني والمراد لهم ولغيرهم ، والقلوب البيضاء عامرة بالحنان والإيمان تدعوا لجميع الخلائق اولا ثم لأبناء جلدتنا وتعمد وجوهها برذاذ اوراق الاشجار تاركا بالماء الجديد والسنة الجديدة ، و رَبات البيوت تغلي البَيض الذي يرمز إلى تخثر وتجميد الأرض وسكونها في لالش وتلٌوين البيض بأربعة ألوان أساسية هي البَيضاء والصَفراء الحَمراء والخضراء التي تَرمز الى عَناصر الطَبيعة وزَهائها وجَمالها ، وكذلك تَزيٌن أبواب المنازل والمَزارات بقشور البَيض الملون وشَقائق النعمان الحَمراء وبالإضافة إلى ثمة نبات اخضر يدعى ( بى ناف) أي بلا اسم الذي تؤشر إلى جمالية الطبيعة والحياة الجديدة .
وفي الصَباح الباكر يَتبادل الناس التَهاني والتَبريكات بقلوب صافية مع نَقاء النفوس وتَقديم الخَيرات وتَوزيع الصَدقات على المحتاجين والفقراء وتبادل الخبز والولد مع الجيران والأهل والأقارب من أجل تمتين العلاقة وخلط الزاد والبركات وترحما على الموتى .
يُعَد عيد رأس السنة الايزيدية عيد الخصوبة والنشاط والحيوية محدد في زمانه ومكانه أذ يوافق في يوم ثابت حسب التقويم الشرقي ألا وهو ألأربعاء الاول من شهر نيسان من كل عام مع حلول أجواء رَبيعية زاهية جَميلة وبدء الدفء والأنبات وأنطلاق المَهرجانات وَبدء الاِحتفالات الغامِرة بالأفراح والمسرات ،
حيث الفرحة التاريخية والدينية الكبرى تجتمع في هذا اليوم الأغر والمقدس التي تكمن في هبوط رئيس الملائكة طاؤؤس Tauss malak بهيئة طائر الطاؤؤس على شجرة هه ر هه رى الأبدية وفي لالش النوراني تجرى أقدس الفعاليات الدينية والاجتماعية وافراح ومسرات تعبر عن حفاوتها واِستقبالها لوكيل الله رئيس ملائكته العظيم طاووس ملك ،
ولهذا السبب ينظر الأيزيدي بعين التَبجيل والتَقديس لهذا اليوم وللفعاليات الدينية والاجتماعية التي تجرى خلاله وبالاضافة الى المهرجانات التي تقام طيلة أيام هذا الشهر بدءاً من أول نيسان شرقي والتي يطلق عليها ( الطوافات ) التي تسود وتعم جميع المواطن الايزيدية ، والتي تبدأ بمنطقتي بعشيقة وبحزاني وكذلك مع تتويج و تبييض القبب والمزارات بمادة الجص الأبيض الذي كان يصنعه الايزيدين في المنطقة وفضلا عن انطلاق دورة سنجق المرگه mergah من گلي بحزاني وتوجهه الى بلدة بعشيقة وأخلاقه بعد ذلك الى المناطق التابعة لقضاء الشيخان وقضاء تلكيف ومحافظة دهوك متجولا بِصحبةِ مجموعةٍ من رجال الدين ودَفوف وشَبابات ومقدسات أخرى ، وكذلك يتبعه بعدة ايام سنجق شنگال ايضاً من بحزاني ايضا متوجها إلى جبل سنجار بجناحيه شَمال وقُبله ت ،وكان في السابق الايزيدية سبع سناجق تتوجه إلى جميع المواطن الايزيدية في العالم ، ويسبق عيد راس السنة اي في مطلع شهر نيسان حلول عيدَين مقَدسين لهمان اِرتباط بالاربعاء المقدس هما ملكَزان الأول ومَلكزان الثاني melkazan والذي يرمز ايضا للملاك طاؤؤس وزيارته للأرض البسيطة لإدارة شؤؤن وحياة البشرية عليها ، وبالمناسبة ايضا تجرى مَراسيم السَماع أو ( سه ما) Sema الذي أجراه الملائكة حَول عَرش العظيم في السَماء وبَعدها بمئات السنين تم تأديته حول جَسد آدم عند تكوينهِ بإشراف الملائكة وبأمر من الله العظيم .
والجدير بالذكر ان الأيزيدين يوصفون قدسية وعَظمة طاوؤسي ملك ويوم الأربعاء من خلال قول الأربعاء الذي يتكون من اكثر من ٥٠ سبقة والذي مفاده أن في يوم الأربعاء الأول من نيسان حَسب التقويم الشرقي تَتلوَن الدُرٌة بالأصفر الأبيض والأخضر و الأحمر وتتَجمل الطبيعة وتتَكمل الدنيا بها أي بعد انفجارها بأمر من الباري عز وجل واِدارة طاووس ملك تتكون الارض بيابسٍها و مائِها وسمائِها ويبدأ الكَون بالوضوح وبالأنبعاث والحياة الحديثة الولادة تأتي للوجود بعد ما كانت عبادة عن خليط من الماء والتراب والدخان والغمام ، حيث يعدها القَول بالأربعاء الفاضلة وبيوم ولادة ملك فخردين ايضا واصفا كَيفَ عَرِجت روحهُ الى السَماء في هذا اليوم الاغر أي الأربعاء ،
وكذلك يعدها بالتقدير والاِعتبار والحِساب وبعث هذا المرسوم من رب السماوات والأرض والذي اوعز بفتح أبواب الأرض والسماء من الشرق الى الغرب لاِستقبال الخير والعمل الصالح ومضاعفة الأجور ويَذكر كيفَ يلزم تَزيين الأبواب والعتبات وذكر دلالات كل منها ، وكما يَعزي تلوين البَيض الى ألوان الطبيعة ووجوب عمل الخير ودفع الشر بالصدقات والعمل الصالح وتقديم الأضحية قرباناً لله وقدسية العيد ونور طاووس ملك .
ولا ننسى في صباح العيد كيف يذهب الفلاح والمزارع لمزروعاتهم ومعه البيض الملون لنشر قشورها بين مزروعاته وحقوله طلبا من الله وطاووس ملك زيادة رزقه ومباركة نتاجه واِبعاد السوء والغلاء والداء والبلاء عن عائلته وأهله وبني جلدته . والأرض بِبَركاتها وخصوبَتها وجمالها خٍلال هذه الأيام من نيسان والتي يستَحرم حرثها أو حفرها بكونها حبلى وخصبة لما تحمله من بذور ونباتات حديثة الولادة .
وهذه الطقوس الدينية والفنية تستمر ل
طيلة شهر نيسان بالحساب الشرقي اي يبدا في ١٣ نيسان ميلادي وينتهي في ١٣ مايس ايضا حسب التقويم الميلادي ويحرم فيها الزواج وحفر الأرض .
بهذه المناسبة الدينية والتاريخية نتقدم بأزكى التهاني والتبريكات لكافة أبناء الديانة الايزيدية في العالم ونتمنى أن يعم الخير السلام على كل خلائق الله ويعيد البسمة على الشفاه ويدخل الفرحة في القلوب ويعيد كل غائب الى وطنه واهله ويفك أسر السبايا والمختطفات الايزيديات وينجيهم الله من أيدي القتلة ووحوش داعش المقيتة ،
المجد والخلود للشهداء الأبرار والموت للمتطرفين الاشرار .
١٣/٤/٢٠٢٠ گوترسلو الألمانية .

RELATED ARTICLES

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Most Popular