المانيا نيسان 2020
منذ اكثر من سبعة عشرة سنة مضت وانا اعمل بصفة سائق تاكسي في المانيا وبالتحديد في مدينة اولدنبورك والتي هي مركز لأحدى المحافظات الثلاث التابعة لولاية نيدرزاكسن والتي عاصمتها هي هانوفر ، تقع اولدنبورك في الشمال الغربي من المانيا وعلى مقربة من الحدود الهولندية .
سائق تاكسي كوردي في مدينة هامبورك
هو أحد الاعمام المقربين الى عائلتي ، قدم من كوردستان تركيا في أذار 1969 مع مجاميع العمالة الوافدة الى المانيا وأستقر فيها منذ ذلك الحين ، أتصلت به هاتفيا في يوم 7/4/2020 و أخبرته بأني بصدد أصدار كتاب عن يومياتي كسائق تاكسي ، وأردت منه أن يزودني ببعض المعلومات عن سيرته كسائق تاكسي وعن أهم الاحداث المثيرة والغريبة التي واجهته أثناء عمله طيلة السنوات الماضية ، فأجاب : بدأت العمل بصفة سائق تاكسي في مدينة هامبورك في شباط عام 1978 ، وبالرغم من أني بلغت الان سن الواحد والثمانين من عمري ومتقاعد ، الا أنني لا زلت أعمل والى الان مدة يومين في الاسبوع كسائق تاكسي وفي نفس المدينة ، أي مضى أثنان و أربعون سنة على عملي هذا .
وللوصول الى عملي ومن ثم الرجوع الى بيتي الواقع في احدى المدن القريبة من هامبورك مساءا يتوجب عليّ قطع مسافة ستون كيلومترا في كل يوم عمل . ثم قال أنا أسوق السيارة ولحد الان من دون نظارات ومددت رخصتي لقيادة التاكسي في بداية هذه السنة أي 2020 و ذلك يعني بأنه يسمح لي بالعمل خمسة سنوات أخرى ما لم تحصل عندي مشاكل صحية خلال الفترة القادمة . أجبته وسألته بأستغراب : وكيف يسمح لك بالعمل في سنك هذا ؟!
أجاب : طالما أنا كنت مستقلا في عملي لفترة طويلة ( رب العمل لنفسه ) و أنا أدفع مستحقاتي للتأمين الصحي بنفسي ، وطالما ليس لديّ مشاكل صحية ، فيسمح لي بمواصلة عملي .
ثم قال : في حقيقة الامر لم تحدث معي شخصيا مشاكل كبيرة طيلة فترة عملي الماضية ، أما المشاكل الصغيرة فهي أعتيادية ومتوقعة بأن تحصل بين حين و أخر ، مثل هروب يعض الزبائن وعدم دفعهم لأجورهم ، وهذا مالا أولي له أهتماما ، ومبدأي في العمل دائما هو تجنب المشاكل مع الزبائن .
وبصدد المشاكل الكبيرة للاخرين من سواق التاكسي فذكر مايلي : في هامبورك وصل حد او سقف المشاكل الى مقتل أحد الزملاء قبل بضعة سنوات ، وبدرجة أدنى فأنه يتعرض بعض السواق بين حين وأخر الى عمليات الخطف والضرب المبرح ومن ثم سرقة سياراتهم و أموالهم أيضا.
البدلة وربطة العنق ( الكرافته )
سائق تاكسي الماني ، جميل وأنيق جدا في شكله ومظهره وهندامه ، يرتدي على الدوام البدلة وربطة العنق ، عنه ، قالت أحدى زبوناتي الالمانيات : مرة رأيت زميلكم هذا واقفا بجاني التاكسي ، فتصورته زبونا ، لذلك توجهت الى سيارة التاكسي التي خلفه ، فرجاني سائقها بأن أستقل السيارة الامامية ، فتعجبت وقلت له : أعتقد أن ذلك الزبون ينتظر ويريد أن يذهب مع ذلك التاكسي ، فوضح لي الامر وقال بأن ذلك الرجل الانيق ليس زبونا و أنما سائق تاكسي .
أخبار ومعلومات من الكيئوسك ( الكوشك )
بينما كنت جالسا عند صديقي في متجره الصغير ( الكوشك ) ، دخل أحد زبائنه الالمان والبالغ من العمر أثنان وثمانون عاما و الذي لازال يشرب الخمر وبأستمرار . مزح معه صديقي عن علاقاته مع النساء ، فذكر الرجل بأنه مطلق وأن سبب طلاقه لزوجته كان هو ضبطه لزوجته متلبسة بالخيانة الزوجية مع عشيقها في سريره و أنه أثناء ذلك قال لها مايلي : لاتقلقي ، استمري و واصلي مع عشيقك في عملية ممارسة الجنس ، لأنها هي المرة الاخيرة التي أراك فيها في بيتي ! أما بصدد صحته فذكر الرجل بأنها على أحسن مايرام وبأنه لم يتناول طيلة حياته أي نوع من الادوية و لا حتى حبة باراسيتول أو أسبرين واحدة .
وعن أخبار المتاجر الصغيرة في السنوات العشرة الاخيرة في المانيا ، فجدير بالذكر أنها تتعرض لعمليات السرقة بين حين و آخر ، وأن العصابات التي تقوم بتلك العمليات محترفة وتنهي العملية الواحدة خلال دقائق معدودة جدا ، ومهما كان المحل مجهزا بكاميرات المراقبة وأجهزة الانذار والابواب الموصدة ، و أن أكثر من عشرين متجرا صغيرا لأصدقائي ومعارفي و أقاربي تعرضت للسرقة خلال السنوات الاخيرة في كل من أولدنبورك و هانوفر وغيرها من المدن و من دون أن تضبط الشرطة السرّاق ولو لمرة واحدة فقط ( حسبما أعتقد ) ، والبضاعة الرئيسية التي يسرقونها هي السيكاير وذلك لسهولة حملها ولقيمة اسعارها الغالية .
بصدد عمليات السرقة تلك يقول صديقي الانف الذكر : و لأنه تعرض أحدى متاجري الصغيرة ( الكوشك ) الى السرقة قبل بضعة سنوات و لأنه كنت أعلم بأن هذا المتجر أيضا سيتعرض للسرقة لذلك كنت أأخذ معي كل يوم صناديق السيكاير الكبيرة الى البيت و أبقي كمية قليلة جدا من علب السيكاير في المحل ولمدة سنتين ، ولكن بسبب تعرضي الى آلام حادة في ظهري في أحدى الايام وعدم تمكني من حمل صناديق السيكاير تفاجئت بأن المحل قد تعرض للسرقة في صباح اليوم التالي ، و أن الشرطة ذكرت له بأنهم يخمنون ويعتقدون أن عملية السرقة لم تحصل ليلا بل حدثت في حوالي الساعة السادسة من صباح ذلك اليوم ( السبت ) حيث يسود الهدوء والسكون الشبه تام في ذلك الحين . الحدث يدل على أن أكثرية العصابات والسراق يراقبون الامور بشكل جديد قبل أقدامهم على تنفيذ عملياتهم .
كما أن عمليات سرقة السيارات أصبحت هي الاخرى ظاهرة شائعة جدا في المانيا .
معلومة أخرى عن عمليات السرقة
العصابات تستغل فترة ذهاب أصحاب البيوت من الاجانب الشرقيين للمشاركة في حفلات الاعراس ليلا وتقوم بسرقة ما موجود في البيوت من مواد قيمة وثمينة وخاصة المجوهرات والذهب ، وكانت تلك الظاهرة شائعة جدا ولفترة طويلة ، وربما أنها قلت في الاونة الاخيرة نتيجة تعقل ربات البيوت و أحتفاظهن لمصوغاتهن وحليهن من الذهب في الصناديق الخاصة لدى البنوك بدلا عن الاحتفاظ بها في بيوتهن .
الانتظار في المطار
سافرت في عام 2019 بالطائرة من مدينة هانوفر الالمانية الى مدينة دياربكر في كوردستان تركيا ، وهدفي كان هو زيارة أهلي في كوردستان العراق ، لكن تلك الرحلة لم تكن مباشرة ، بل توجب عليّ المرور بترانزيت عبر مدينة أزمير والانتظار في مطارها لمدة سبعة ساعات . الانتظار وكما هو معروف للجميع مزعج وممل جدا وخاصة أذا كان الانسان لوحده ، ولأنه لم أرغب بالذهاب الى خارج المطار في تلك الفترة ، فكان لابد من التحمل والصبر وكبت ذلك الشعور السلبي بطريقة ما ، بعد برهة من التفكير جاء الحل المسعف والمعقول والمنطقي الا وهو تذكر السيد ( مهران كريمي ناصري ) ، ذلك الايراني الذي سرق منه حقيبته اليدوية التي كانت تحتوي على جميع أوراقه الثبوتية ، وعلى أثر تلك الحادثة علق في مطار شارل دي غول في فرنسا لمدة 18 سنة وكان ذلك بتأريخ 8/8/ 1988 ولغاية أغسطس 2006 .
صدر عدة افلام وروايات بصدد قصة ذلك الرجل وهي معروفة عالميا .
سبعة ساعات أنتظار مرت وبكل يسر وسهولة في مطار أزمير بعد أن قارنتها بمعاناة 18 سنة أنتظار لذلك الايراني المسكين .
سفرة الى مصر
في عام 2009 سافرت لمدة تسعة ايام مع أحد الاصدقاء الى مصر، والتقينا هناك مع أثنان من معارفنا الاخرين وقمنا خلال تلك الفترة بزيارة لأهم الاماكن والمعالم الاثرية والسياحية في القاهرة ومنها : الاهرامات ـ المتحف الوطني ـ قلعة صلاح الدين ـ جامعة القاهرة ـ خان الخليلي ـ حديقة الازهر ـ جوامع وأسواق ومحلات ومكاتب كثيرة من ضمنها مكتبة دار المدى العراقية ـ أضافة الى جولة نهرية في النيل . كما حضرنا في فندق شيراتون القاهرة أمسية أو ندوة ثقافية فنية عن الفلم السينمائي المصري (دكان شحاته) وبحضور مخرجه خالد يوسف وابطال الفلم من الممثلين والممثلات عدا هيفاء وهبي التي تخلفت عن الحضور والمشاركة .
ولمدة يوم واحد فقط سافرنا فيها الى الاسكندرية وخلالها قمنا بجولة بعربة تجرها خيل واحد في كورنيش الاسكندرية وشوارعها ، أطلعنا من خلالها على أهم معالمها ، ثم قمنا بزيارة كل من قلعة الاسكندرية الاثرية والتاريخية ومكتبة الاسكندرية العالمية (القديمة ـ الحديثة ) ومتحف الرئيس الراحل السادات والمطلة كلها على شاطئ البحر الابيض المتوسط .
سفرتي هذه لم تكن ترفيهية سياحية فقط ، بل كانت بحثية أيضا ، أذ انجزت فيها توثيقا ولقاءا مطولا مع احدى الاميرات الايزيديات التأريخيات والتي كانت قد هاجرت من منطقتنا في كوردستان العراق منذ عام 1934 ، وأستقرت في القاهرة منذ عام 1960 ، وكانت تلك الاميرة معروفة لدى كافة النخب المصرية القديمة والحديثة من سياسين وفنانين وأدباء وفي أعلى مستوياتهم ، مادة التوثيق تلك هي مشروع كتابنا القادم .
طلبية غريبة عند التاكسي
أستلمت طلبية من مركز التاكسي في حوالي الساعة الحادية عشر ليلا ، فذهبت للعنوان الذي أستلمته ، دقيت الجرس ، فخرجت سيدة مسنة ، قلت لها تفضلي ياسيدتي أنا بأنتضارك ، قالت لا سوف لن أأتي معك ، بل طلبت التاكسي لكي تساعدني في داخل المنزل ، فقلت لها وبماذا أساعدك ياسيدتي ؟!
فقالت زوجي مشلول ومعاق ووقع من سريره وليس بأمكاني رفعه وأعادته الى سريره ، ارجوك ساعدني في ذلك .
دخلت غرفة نومه وشاهدته قد وقع ودخل جزءا من جسمه تحت السرير ، فسحبته ورفعته ووضعته على سريره ، شكرتني زوجته وقالت لي : كم تطلب من الاجرة ؟
أجبتها : لا شيء . فأستغربت وقالت كيف ذلك؟!
قلت لها أنا سعيد لأني أنجزت عملا أريح بها ضميري ونفسيتي ، و ما أطلبه منك هو فقط أن تدعين لي بالخير .
أفريقية فقدت أخاها
في الصباح الباكر دخلت عندي في التاكسي فتاة افريقية جميلة وأنيقة جدا وطلبت مني أن أوصلها الى بيتها ، عند الانطلاق قالت هل لك أن تعطيني سيكارة ، فتأسفت وقلت لها : لا أدخن ومن ثم التدخين ممنوع في التاكسي ، فمدت يدها اليّ بطريقة وقحة وقلة أدب وبكل أستهتار وقالت التدخين والكحول يضعفان القدرة الجنسية ، وأنت تريد أن تحتفظ بقوتك وطاقتك . كانت فضولية وتتفوه بكلمات سخيفة ! وبعد ذلك بدقائق معدودة ذكرت أسما (مسيحيا ) معروفا ومألوفا لا أتذكره بالضبط ، وصرخت عاليا وأصابت بهستيريا وسالت دموع غزيرة من مقلتيها ، حاولت بكل جهدي أن أهدئ من روعها و أن أواسيها و أفهم من عندها عن ماهية مشكلتها وسبب محنتها هذه ؟!
بالفعل وضعها كان يرثى لها ، وبعد أن هدأت بعض الشيء ، تحدثت عن أخاها الشاب الذي وافته المنية فجأة وهو جالس بينهم في العائلة ، فقدمت لها أسفي ومواساتي ورجوت منها أن تهدأ من روعها و أن أقدم لها الماء أو أن أنقلها الى المستشفى لو أرادت . لكنها رفضت ، ثم بدأ نحيبها وعويلها وصراخاتها تزداد ثانية و أستمرت بالبكاء طيلة مسافة الطريق الذي أستغرق حوالي العشرين دقيقة ، وبعد أن أوصلتها الى عنوانها حاولت بكل جهدي أن أقنعها بأن ترحم نفسها قليلا ، ولحسن الحظ ظهر في الشارع أحد من جيرانها ومعارفها ، وهو الاخر كان أفريقيا ، والظاهر أنه كان مطلعا على أخبارها والحالة التي تنتابها من جراء تذكرها لوفاة أخيها ، أستقبلها و أحتظنها و واساها ، ثم شكرني وقال لي بأنه سيهتم بها و بأمكاني الانصراف الى عملي من دون قلق .
سفرة لمسافة مائة وعشرون الف كيلومتر
بصدد السفر ناقشت مع أحد زبائني والذي يعمل بصفة ممرض في أحدى مساكن كبار السن وتحدثت عنه سابقا في أحدى صفحات يومياتي هذه والذي يصدر منه اصوات غريبة اثناء حديثة والتي اعزوها الى سمنه المفرط (هع ـ عع ـ هخ ـ خخ ـ عع ) ، فقال لي ما مفاده : أنه في ثمانينات القرن المنصرم قام مع أحد أصدقائه بشراء سيارة عسكرية قديمة وحولاها الى كرفان وقاما بواستطها بجولة حول العالم ، قطعوا فيها مائة وعشرون الف كيلومتر وشاهدوا فيها العشرات من البلدان وبضمنها العراق وغيرها من دول الشرق المتوسط .
أول عربية في مدينة أولدنبورك
هي سيدة تونسية لها أبن واحد ومضى على وجودها أكثر من اربعين سنة في مدينة أولدنبورك ، و لأنها ضخمة الجسم والبنية ومعاقة فأنها تستخدم عربية كبيرة لمساعدتها في المشي ، وحسبما فهمت منها أنها كانت تعمل في مطعم لأحدى الفنادق ، وبسبب أصابتها بالربو الحاد توقفت عن عملها ذلك ، وذكرت لي بأنها استخدمت وشربت في فترة معينة دم سلحفاة البحر كعلاج فعال لمعالجة الربو .
موسيقار مكتئب
هو زبون الماني يطلب التاكسي بين حين وآخر للذهاب الى البنك ومن ثم الى محطة تعبئة الوقود لشراء بعض قناني الكحول ومن ثم الرجوع الى البيت ثانية ، وبالاضافة الى كونه مكتئب فله مشاكل صحية كبيرة في العمود الفقري ولذلك لايستطيع ممارسة الرياضة أو أداء حركات الانسان الطبيعي ، ولتلك الاسباب كلها أصبح مدمنا على الكحول أيضا .
مرة ذكر لي بأنه يمتلك عدة الالات موسيقية ويتقن عزف ثلاثة منها جيدا ، وبأنه يقتني في البيت ايضا الف كتاب ، قرأها كلها ، ولكنه حزين ومكتئب ويريد الانتحار . فقلت له أنت أنسان متميز جدا ، كونك موسيقي ومثقف ، والمفروض أن تساعدك الموسيقى والكتب وتنتشلك من واقعك المرهذا ، كما رجوته بأن يحاول الابتعاد بقدر المستطاع من تناول الكحول كونها لن تنقذه ، بل ستزيد من الطيبة بله . أنشرح الرجل لكلامي ولو قليلا .
غجري
قمت بنقل غجري من مركز المدينة الى بيته ، أخاه الذي يشبهه صورة وحتى صوتا هو زبون دائم لدى شركتنا ، لذلك قلت له أنت تشبه أخاك الذي هو زبوننا الدائمي . قال صحيح أنا لدي عدة أخوة وأخوات ونتشابه نحن جميعا بعضنا البعض كثيرا ، وذكر بأنهم عائلة سعيدة و بأن أوضاعهم المادية أيضا جيدة ، الا أن الشاذ الوحيد من بينهم جميعا هو أحد أخوته المنحطين أخلاقيا على حد قوله ، والذي تحرش قبل بضعة سنوات بزوجته ، وأنه أراد قتله ، ألا أن أباه أمتنعه من القيام بذلك ، و أن العائلة جميعها تبرئت منه وقاطعته .
شاب كوردي من تركيا
شاب كوردي من تركيا ، تحدث لي عدة مرات عن حياته الشخصية ، و ذكر بأن أباه كان قاسيا جدا معه ومع أمه وأخوته ، وبأنه تركهم في أحلك الظروف ، فلذلك أنحرف سلوكه ، وهذا ما جعله يقوم بعمليات السرقة أحيانا كثيرة في طفولته ، ولكنه توصل في النهاية الى قناعة بأنه لابد أن يصبح أنسانا سويا وأن يعدل سلوكه ويصبح عصاميا ويعتمد في كل شيء على نفسه ، يقول بالفعل كافحت وأصبحت أنسانا ناجحا و أشتريت بيتا وسيارة وتزوجت وقدمت أيضا لأمي و أخوتي كل ما يحتاجونه ، ولكن للاسف الشديد بقيّ عندي أخ وحيد لايزال منحرفا ويتردد الى صالات القمار وبأستمرار ، وفيما عداها والحمدلله أوضاعنا كلها جيدة وعلى أحسن مايرام .
ثم ذكر بأنه تم تكليفه مرة من قبل جماعة بأيصال مساعدات مالية لمجموعة من النازحين في أحدى مخيمات اللاجئين في تركيا ، ولأن المبلغ كان كبيرا ومغريا فوقع الطمع في قلبي ، و اردت أن أأخذ لنفسي جزءا من ذلك المبلغ ، ولكن بعد التفكير مليا توصلت الى قناعة بأن ذلك حرام ، وبأنه لن يسمح لنفسه بأن ينحرف ثانية . ويقول بدلا من ذلك قمت بأضافة مبلغ جيد من عندي الى تلك المساعدات .
أضاف الشاب وقال : أن زوجتي ضبطت بعض الصور للبنات في هاتفي الخلوي فزعلت وذهبت الى بيت أبيها ، فقلت لوالديها أنا لازلت شابا صغيرا وأعترف بخطيئتي و لكني سأتوب على أيديكم بأن لا أكرر طيشي وتهوري وحقارتي ، فقبلت زوجتي اعتذاري ورجعت الى بيتها . وبعد فترة زعلت ثانية وقدمت حجج واهية الى والديها ، فقلت لهما في المرة الاولى اعترفت بخطيئتي الشنيعة لأني بالفعل كنت قد ارتكبتها وكان في أمكاني أن أنفيها و أقدم تبريرات وأعذارا واهية مختلفة ، ولكن أقسم بالله بأني لم ارتكب أي خطيئة أو ذنب هذه المرة ، وما تتحجج به أبنتكم ليس له أي أساس من الصحة ، فصدق حمايي أقوالي وضغط على أبنته بأن ترجع الى بيتها والحمدلله ومنذ ذلك الحين ونحن متفاهمان و رزقنا الله بطفلة .
أنقطاع القطارات
العواصف تتسبب بين وآخر في توقف القطارات لعدة ساعات أو حتى ليوم أو يومين بالكامل ، وذلك بسبب سقوط الاشجار على خطوط السكك الحديدية ، وكذلك تتوقف مرات بأتجاه معين بسبب أنتحار شخص على السكة من خلال رمي نفسه من القطار أو الاصطدام بها ، وتتوقف أيضا بسبب ( أثناء ) أنزلاق قطار معين من سكتها على الخطوط الاخرى . أما حالات تصادم القطارات فتكاد لاتحدث ، وأن حصل فيكون ذلك من كل كم سنة مرة .
الحل موجود للحالات الطارئة من توقف القطارات بين المدن ، الا وهو استخدام الباصات كبدائل لوسائل النقل ، ولكن الامر يتأخر بعض الشيء ، لذلك تلجأ بعض الناس الى أستخدام التاكسي كونها بدائل ووسائل سريعة ومريحة ، وهذا ماينتظره سواق التاكسي كونها تدرّ عليهم بدخل جيد من المال . ويتم تزويد الركاب من قبل سائق التاكسي بوصل حساب لمبلغ تكلفة السفرة والذي يستردونه في اكثر الاحيان فيما بعد من مكاتب الخدمة الخاصة بمحطات القطارات ، كما أن تلك المكاتب تزود أحيانا كثيرة الركاب ببطاقات خاصة (شيك ـ جيك ـ أو مايسمى برصيد) لأستخدامها بالسفر بواسطة سيارات التاكسي ، ومايفرح سائق التاكسي هو أستقباله للزبائن وفي أيديهم تلك البطاقات كونها دلالة على أنه حصل على سفرة جيدة .
زيارة قريتي في المانيا بعد 23 سنة
في عام 1996 تم تسفيري كلاجيء من مركز استقبال اللاجئين في مدينة اولدنبورك الى قرية أو( ناحية ) فريرن والتي تبعد حوالي المائة كيلومتر ، أستقريت فيها لمدة سنة ، وبعد أجراء معاملة لم شمل العائلة ومجيء عائلتي الى المانيا في عام 1997 ، أنتقلت مباشرة الى أولدنبورك ثانية ، ومنذ ذلك الحين ولحد الان أنا أسكن فيها ، أي مضى 23سنة على تواجدي مع العائلة في أولدنبورك .
وفي بداية العام 2020 أستقبلت من مستشفى المدينة زبونا ، والذي طلب مني أن أنقله الى بيته الواقع قريبا من قريتي السابقة ، بعد أن أوصلت الزبون الى بيته ، ذهبت مباشرة الى( قريتي ) وبقيت فيها مدة ساعة وأستعدت فيها ذكرياتي (المرة والحلوة ) قبل 23سنة وكأنها كانت البارحة .
في تلك السنة كنا سبعة عراقين (كوردا وعربا ) ونسكن في الطابق الارضي لأحدى البيوت من تلك القرية ، وفي الطابق العلوي كان يسكن فيها زوجين مسنين من أحدى دول يوغسلافيا السابقة ، كما أن ثلاثة عراقيين اخرين كانوا يسكنون في بيت اخر من نفس القرية . في أحدى الايام استقبل احد زملائنا صديقا له من هولندا (الاثنان كانا من مدينة السليمانية ) ، و ذهبنا جميعا ( أي نحن الثمانية ) في اليوم التالي للتفسح في أحدى الغابات الموجودة بجانب القرية ومن ثم حول البحيرة الجميلة التي كانت موجودة في نهاية تلك الغابة ، وذكرنا لذلك الضيف والذي كان طابا في أحدى الجامعات الهولندية بأننا نأتي و بأستمرار للتفسح في هذه الغابة الرائعة وحول هذه البحيرة الجميلة جدا . فأجاب التفسح في هذين المكانين الجميلين بكل تأكيد شيء عظيم ولكن ليس معكم ، بل مع الحبيبة !
شاب من هنكاريا
في الصباح الباكر طلب مني شاب هنكاري ثمل بعض الشيء أن أنقله الى أحدى المدن الصغيرة والتي تبعد حوالي أربعين كيلومترا من أولدنبورك ، بعد وصولنا الى مدينته ومرورنا في أحدى شوارعها ، قال الشاب : صديقتي الالمانية السابقة تسكن في هذا الشارع وكنت أحبها حبا عظيما وكنا أسعد حبيبين ، ولكنها وللاسف خانتني وبالرغم من أني كنت وفيا جدا وألبي لها كل أحتياجاتها . وبعد أن بقيت مدة حوالي الستة أشهر مع صديقها الجديد ، ندمت وجاءت وقدمت أعتذارا شديدا عن خيانتها وتوسلت اليّ بأن أسامحها وبأن ترجع اليّ ثانية ، ولكني رفضت وبالرغم من أني لازلت أحبها .
بعدها أغرورقت عيناه بالدموع وقال أنا أتألم جدا من جراء ماحصل لي معاها . تأسفت أنا جدا لحاله وحالته وشاطرته الالم بتقديم كلمات الاسى والتضامن الانساني والاخلاقي له .
خلل مفاجيء في الرؤية
في نهاية شهر أيلول وبداية شهر أكتوبر من كل سنة تقام في أولدنبورك ولمدة عشرة أيام أحتفالات عيد الشعب والذي قد يزورها حوالي المليون والى المليون ونصف زائر ، جدير بالذكر أن نفوس مدينة أولدنبورك نفسها هو بحدود المائة وسبعون الفا .
في حوالي الساعة العاشرة من أحدى ليالي ذلك العيد وحيث الاكتظاظ الشعبي الكبير دخل عندي في التاكسي أربعة من الزبائن وطلبوا مني بأن أوصلهم الى عناوينهم . بعد السير والدخول في أحدى الشوارع الفرعية لمسافة مائتي متر لاحظت أن أضواءا ملونة تنعكس أو تظهر عندي في الرؤية من غير أن أعرف مصدرها ، نظرت الى المرآة الداخلية وكذلك الجانبية فلم أميز شيئا خاصا فيهما ، شعرت بدوخة متوسطة و استغربت للامر ، ثم ترددت بأخبار زبائني بالموضوع من عدمه ، قلت سأراقب الامر ، وبعد أن اوصلت الزبائن الى بيوتهم ، توجهت على الفور للمستشفى ، أثناء الطريق حدث لي خلل جدي في الرؤية ، أذ عند النظر الى لوحات السيارات لم أكن أميز بين حروفها وأرقامها ، بل انها كانت تتداخل ، والامر نفسه كان يحصل بالنسبة للالواح والعنوانين المعلقة على المحلات التجارية .
في المستشفى قاموا بأجراء الفحوصات السريعة اللازمة والضرورية لي ، ولكن لم تكن هناك اية علامات أو اثار للجلطة ، وخيروني بين البقاء في المستشفى لأجراء المزيد من الفحوصات في الايام التالية أو الذهاب للبيت لأخذ الاستراحة اللازمة ، فقررت الذهاب للبيت .
شاب ينتظر الموت
نقلت شابا في منتصف الليل من مركز المدينة الى بيته ، وأخبرني بأنه تعبان ومنهمك وبأنه قادم من شغله في أحدى مطاعم البيتزا ، ثم ذكر بأنه مصاب بالسرطان وبأن الاطباء أخبرونه بأنه سوف لن يعيش أكثر من الثلاثة أشهر القادمة ، وحسب مافهمت منه أنه لايزال يعمل بلا كلل وملل و بكل حيوية ونشاط ومن دون قلق أو رعب و بالرغم من أن الموت ينتظره بعد ثلاثة أشهر .
أسطورة خاصة عن أصناف المرأة
تحدث أحد الزملاء من سواق التاكسي عن اصناف المرأة وذكر لنا الاسطورة التالية عن أصولها :
أن النبي نوح كانت له بنت واحدة و حمارة (أتان) واحدة وكلبة واحدة ، وبأنه توعد للنجارالذي بنى سفينته بأنه سيزوجه من أبنته بعد الطوفان ، وفعل الامر نفسه مع الحداد الذي شارك في بناء سفينته ، و لأن رستم الاسطوري فك سفينته من قمة الجبل الذي أرتطم به ، فوعده هو الاخر بنفس المكافأة .
الطوفان أنتهى والثلاثة طالبوا من نوح بأن يفيهم بالوعد الذي قطعه لهم على نفسه ، فأخذ أبنته وحمارته وكلبته وذهب الى خلف احدى التلال ودعا عند ربه بأن ينقذه من هذا المأزق لكي يستطيع أن يوفي بوعده للثلاثة ، فحول الرب كل من حمارته وكلبته أيضا الى بنتين ، وجاء نوح ومعه البنات الثلاثة و أعطى لكل واحد منهم أحداها . ولذلك ترى المرأة الحالية على ثلاثة أصناف : الصنف الاول من المرأة أنسانة مثالية طيبة ومحترمة ومتزنة و وديعة ، راجحة العقل ، دمثة الاخلاق ، جميلة الروح والفكر . والصنف الثاني من المرأة غبية ولاتفهم الامور والمواضيع ومهما قدمت لها من تفاسير وشروح وتحليلات وتعليمات ، ويمكن لأي كان أن يلعب بعقلها ويستغلها ، وهي التي أصولها من الحمير. والصنف الثالث من المرأة هي التي تثرثر ولا تكف عن الكلام تماما كالكلب الذي ينبح على الدوام على (الذاهب والقادم ـ الرايح والجاي ) وهي التي أصولها من الكلاب .
أفريقية مزورة
هي سيدة المانية طيبة ومحترمة ، تملك محلا لرسم الاوشمة على الاجسام (التاتو) ، جعلت من نفسها مايشبه الافارقة وذلك من خلال حصولها على بشرة سمراء بعض الشيء بواسطة الاشعة وكذلك صبغ شعرها باللون الاسود وتحويله الى ظفائر وجدايل طويلة ولبسها للبدلات والاحذية السوداء ، بالاضافة الى ذلك فهي متزوجة من أحد الافارقة الجزائريين ، وهي زبونة دائمية لدى شركتنا ، في أحدى المرات دخلت الى التاكسي وكانت على عجل ، قالت أرجوك أنقلني الى مستشفى المدينة الكبير بأسرع مايمكن لأن أمي أتصلت بيّ الان وقالت بأن أبي يحتضر ، و لا أدري هل سأتمكن من رؤيته حيا أم لا ؟!
لأن أبي كان قد تبرأ مني منذ عدة سنوات ولم يسمح لي بأن أزوره لا في البيت ولا في المستشفى وسبب ذلك كله لأني تزوجت من رجل أفريقي .
أولاد المصلحة
قمت بنقل رجل مسن في أحدى المرات الى أحدى المحلات الخاصة بالادوات المنزلية و أشترى منها بعض المستلزمات الضرورية له ، ومن ثم نقلته ثانية الى منزله ، تحدث ليّ الرجل وقال بأن زوجته قد توفيت و بأنه يسكن لوحده . سألته هل عندك أولاد ؟
قال : بلا عندي ولدين ولكنهما يسكنان بعيدا عني و بأنهما لم يزوراني بتاتا وأبدا ولا حتى في مناسبة واحدة فقط سوى لطلب النقود ، وبعد أن تكرر الامر ولعدة سنوات ، منعتهم من زيارتي وتبرئت منهم .
سائق التاكسي الساحر
هو كوردي من كوردستان تركيا ، وبالاضافة الى لغته الام فأنه يجيد اللغات التركية والالمانية بصورة جيدة جدا ، وهو من أحد النشطاء في أحدى الاحزاب الكوردستانية ويشارك معهم في كافة أنشطتهم ، جريء ولايهاب أحدا ، له الرغبة في التحدث عن السياسة سواءا أكان ذلك في الصباح الباكر أو في النهار أو في الليل وفي كل الظروف والاحوال ، يجيد فن أدارة مركز التاكسي بالهاتف ويؤدي عمله كسائق للتاكسي في الوقت نفسه . كانت له شركة صغيرة لوضع الاحجار في أرصفة الشوارع وباحات الابنية والبيوت ، الا أنه أغلقها بسبب مشاكل صحية حصلت له في ركبتيه ، ولذلك تحول للعمل في سياقة التاكسي ، مؤخرا أصبح مثله مثل الكثيرين من الزملاء الاخرين مالكا لسيارته التاكسي الخاصة به ، ولكنه لايزال مرتبطا بهاتف شركتنا القديمة .
الكل يسأل عن ذلك الزميل ويطلبونه للقيام بنقلهم بسيارته التاكسي ؟!
كبار السن والمعاقين يسألون عنه ؟! الاساتذة والموظفون يسألون عنه ؟! المدمنين على الكحول والقمار يسألون عنه ؟! المومسات وبائعات الهوى تسألن عنه ؟!
دخله في التاكسي هو دائما ضعف دخل السواق الاخرين ، ولأنه لايستطيع أن يقوم بمفرده بتلبية جميع طلبيات زبائنه فأنه في أحيان كثيرة يتكرم علينا نحن زملائه ويزودنا ببعض منها ، أنه زميل ساحر بالمعنى الايجابي في فن التعامل وأقناع الاخرين .
كاناكا
الكاناك هم السكان الاصليون الميلانيزيون في كاليدونيا الجديدة (جنوب غرب المحيط الهاديء) حيث يشكلون 45 بالمائة من سكان كاليدونيا الجديدة ، الكلمة تأتي من كاناكا ماولي ، وهو المصطلح الذي يطلقه الهاوايين على الانسان ، والذي كان يستخدم في الماضي من قبل المستكشفين والتجار والمبشرين الاوربيين في اوقيانوسيا في تسمية جميع سكان الجزرغير الاوربيين . لايزال للمصطلح أو ألكلمة هذه دلالات أيجابية في بعض الدول والمناطق ، وحتى الاوربيين استخدموها في بعض الفترات للدلالات الايجابية ، وبعضهم أطلقوها على أولئك الذين يتم استخدامهم للعمالة القسرية .
في الحرب العالمية الثانية أطلقها الالمان على الروس المحتلين لبلادهم ، وفي الخمسينات أطلقوها أيضا على العمالة الوافدة من تركيا ( المصدركوكل ) ، وحاليا يستخدمها النازييون الالمان كأحقر وأبشع كلمة لذم وشتم ووصف الاجانب المقيمين في المانيا ، والشرقيين منهم بصورة خاصة كالترك و العرب والفرس والكورد .
هويات شبه معروفة
كثيرا ما تأتينا في محطة القطارات سيدات أجانب ومعهن حقائب كبيرة وثقيلة جدا واللواتي لاتحفظن العنوان الذي تودن الذهاب اليه ، بل تنظرن الى هاتفهن أو الى ورقة لكي يروننا العنوان المكتوب عليه ، عند تلك الحالات نحن كسواق التاكسي ونتيجة للخبرة المتراكمة شبه متأكدون بأن تلك السيدات بائعات للهوى . ومن ضمنهم أولئك المتحولات جنسيا والقادمات من أمريكا اللاتينية وتتحدثن الاسبانية . أحيانا أقول لهن وبحذر وخوف وتردد اتريدون الذهاب الى الشارع الفلاني رقم كذا ؟! تجيبنّ : سي ، سي بالاسبانية .
في أحدى المرات قالت لي أحداهن وبزعل كيف عرفت أني اريد الذهاب الى هناك ؟! وكان ذلك من حقها ، لأن الموضوع فيه أهانة كبيرة ، كون ذلك يعني أني قلت لها بالمباشر أنك بائعة هوى !
عقوبات وغرامات
أجازة (رخصة ) سياقة السيارة في المانيا لها نقاط رصيد محددة ، سابقا كانت 16 نقطة والان أصبحت 8 فقط ، وبالطبع عند كل مخالفة مرورية كبيرة تنقص منها بعض نقاطها ، أضافة الى الغرامة المالية وسحب الرخصة لفترة معينة ( شهر أو ثلاثة أو ستة أو حتى سنة و أكثر ) . وبأنتهاء النقاط تسحب الرخصة ويتوجب على السائق الدخول في دورات خاصة للتوعية والتأهيل النفسي ، ويكلف ذلك بالطبع وقتا ومبالغ مالية ليست قليلة . ودرجة العقوبة بالطبع تعتمد على درجة ومستوى المخالفة . كما أن المخالفات البسيطة عقوبتها هي فقط غرامة مالية قليلة نسبيا . في السنوات الاخيرة تم تشديد العقوبات أكثر بكثير من سابقاتها ، فمثلا سابقا عقوبة المكالمة المباشرة بالهاتف ( وهي في اليد ) كانت غرامة مالية فقط ، أما الان فيتم سحب نقطة من رصيد الثمانية نقاط ، وعند ضرب او السير في الاشارة المرورية الحمراء فيتم سحب نقطتين من الرصيد ولا ترجع تلك النقطتين الا بعد أنقضاء خمسة سنوات وشرط أن لاترتكب نفس المخالفة طيلة تلك الفترة ، أما عند تعاطي بعض المخدرات أو شرب الكحول بكميات كبيرة فيتم سحب خمسة نقاط من مجموع الثمانية نقاط ولا ترجع الا بعد عشرة سنوات ، مع غرامة مالية كبيرة وسحب الرخصة لشهور وهلم جرا .
سابقا أذا كان قد مضى سنتين على عدم ارتكابك للمخالفات الكبيرة فأن كل نقاط رصيدك التي فقدتها كانت ترجع اليك ثانية ، أما الان فلم يعد الامر كذلك ، بل نوعية المخالفة الواحدة يتم التعامل معها كل على حدة ، فالمخالفة المحددة والمعينة التي تسحب بسببها نقطة من رصيدك ، سترجع اليك تلك النقطة ثانية خلال سنتين ونصف شرط عدم ارتكاب نفس المخالفة في تلك الفترة ، وهكذا بالنسبة للبقية وحسب درجة ومستوى المخالفة . وبما أن سواق التاكسي هم دائمي التواجد في الطرقات والشوارع ، لذلك فهي الفئة الاكثر التي ترتكب مخالفات مرورية والتي تترتب عليهم دفع غرامات مالية بأستمرار وفقدانهم للمزيد من النقاط من ارصدتهم .
شاب سوداني
خرج شاب افريقي يتحدث باللغة الانكليزية من نقطة مركز الشرطة الواقعة في محطة قطارات أولدنبورك وهو في حالة غضب وانفعال شديدين وكان يسب ويشتم بدون توقف ، دخل المحطة ومن ثم خرج ثانية وبيده قضيب حديدي غليظ وكبير وهو في حالة هستيرية وتوجه الى سيارتي التاكسي والذي كنا (أنا وصديقي) جالسين فيها ، أخرج الشاب ورقة وتحدث اليّ بكلام لم أفهمه ، فقلت له أنا لاأفهمك أذهب الى الشرطة و أخبرهم بمشكلتك ، وما أن ذكرت كلمة الشرطة ، رأيته يتهيأ للهجوم عليّ وضربي وأنا بداخل السيارة بذلك القضيب الحديدي الذي كان في يده ، ولحسن الحظ بادر صديقي بالخروج من السيارة وصدرت منه بالصدفة كلمات شتم ومسبة باللغة العربية ضد ذلك الافريقي ، وما أن سمع ذلك الشاب المهاجم الكلمات العربية ، هدأ في الحال وأسترخت أعصابه وتحدث الينا أيضا باللغة العربية ، وقدمّ لنا أسفه وأعتذاره الشديدين عما بادر منه من سلوك عدواني ، نحن بدورنا قدمنا له العتاب والتحذير الشديدين من ماصدر منه من تصرفات همجية ووحشية ، وقلنا له أفترض أننا أناس أخرين ولانجيد اللغة العربية ، فربما كنت سترتكب الان جرما ! تبين أن الشاب سوداني و قد صدر بحقه قرار استبعاده الى بلاده ، كونه غير مشمول بقانون منح اللجوء و الاقامة في المانيا .
أجهاض
استلمت طلبية من زميلنا الساحر ، والذي ذكر لي بأن طلبيتي جيدة جدا ، وهي سفرة الى مدينة بريمن . وعندما توجهت الى عنوان الطلبية رأيت سيدتان واقفتان بأنتظاري ، احداهن كانت شابة والاخرى كانت كبيرة السن . قالت لي السيدة الشابة توجه الى مدينة بريمن فأنا في حالة خطرة ويجب أن أصل الى هناك بأسرع مايمكن ، لأن الطاقم الطبي ينتظرني في غرفة عمليات المركز الطبي الخاص لأجراء عملية خاصة بيّ . وتبين أن السيدة المسنة كانت جدتها والتي توسلت الى حفيدتها بأن نتوجه الى أحدى مستشفيات أولدنبورك لأجراء العملية الطارئة لها ، كون أن الوقت الى بريمن سيستغرق ربما ساعة كاملة ، الا أن الحفيدة الشابة أصرت على أن نذهب الى بريمن ، وما أن دخلنا الى الاوتوبان فاجئنا طوابير السيارات التي كانت قد دخلت في ازدحام مروري ، ولكن لحسن الحظ لم يستغرق ذلك سوى عشرة دقائق . في الطريق كانت السيدة الشابة تقول لجدتها : هل سأتحمل الوضع خلال هذه الساعة ، وهل سأبقى على قيد الحياة ، أم أنه سأموت ؟!
الجدة كانت تقول لها : لاتقلقي ، وستعيشين بكل تأكيد ، ولن يحصل لك أي مكروه . أما بصدد والداك فلن أخبرهما بالموضوع والى أن يرجعان من سفرهما وحينها ستكون الامور كلها على مايرام .
قالت لي السيدة الشابة بالرغم من أني رياضية شبه محترفة ، الا أنني في وضع خطر وخاص ، لذلك أرجوك ساعدني للوصول والدخول الى غرفة العمليات كونها تقع في الطابق الثاني من البناية وبالطبع المصعد هو الذي سيوصلنا الى الاعلى . قلت لها سأفعل ذلك بكل رحابة صدر ، لكن المهم هو أن ترفعي معنوياتك الى ذلك الحين . وما أن دخلنا الى باحة المركز الطبي و أوقفت السيارة ، رأيت ان السيدة الشابة قد خرجت بسرعة جدا فتابعتها ورأيتها تصعد من خلال درجات البناية وليس من خلال المصعد وبالكاد لحقتها ووصلنا الى باب غرفة العيادة الخاصة في ذلك المركز ، فتحت أحدى الممرضات باب العيادة وقالت لها نحن بأنتظارك وكل شيء جاهز لأجراء العملية . لم أكن فضوليا الى تلك الدرجة لأسأل الشابة وجدتها عن موضوع العملية ، ولكني خمنت أنها عملية أجهاض .
فرص السفر
فرص السفر ذهبية ورخيصة جدا في المانيا لمن يستغلها وخاصة في الشتاء أو بعد انتهاء العطل المدرسية والجامعية ، فمثلا هاهو زميلنا الالماني الوقور ذوو الشواريب الطويلة والجميلة والهادئ بطبعه يقول : أنا و زوجتي نسافر بالطائرة سنويا ولمدة اسبوعين الى تركيا ونقيم بفندق ثلاثة او أربعة نجوم يطل على البحر ويتضمن البرنامج ثلاثة وجبات أكل ايضا ، وذلك كله يكلفنا مائتا يورو للشخص الواحد . بالطبع توجد هكذا فرص من السفر لبلدان عديدة في العالم .