منذ عدة أيام تشن حملة شعواء ضد الفنان الكردي الكبير “شفان برور“، من قبل قطاعات معينة تحت لافتة، (تطاوله على الديانة اليزيدية)، خلال حديث مصور له في ضواحي مدينة بون الألمانية، حيث يقيم ويعيش هذا الفنان العملاق. ووصل الحد بالبعض إلى إستخدام عبارات بذيئة وقذرة لا يمكن لشخص متزن، ويملك القليل من الأدب والوعي، أن يتفوه بمثل هذه العبارات المقززة والمعيبة.
هذه الحملة القذرة ضد شفان، بسبب إنتقاده لبعض رجال الدين اليزيديين وغيرهم، الذين يستغلون الدين لمأرب شخصية، ومثل هؤلاء كانوا على الدوام موجودين، والتاريخ مليئ بمثل هذه النماذج السيئة. وهذا ينطبق على جميع العقائد، كاليهودية والمسيحية والإسلامية، وهذا ليس بشيئ جديد، ولا نقد شفان لهؤلاء المستغلين بجديد.
وهذه الحملة تذكرني بتلك الحملات التي تعرضت لها شخصيآ ومازلت، كل ما إنتقدت صنمآ من الأصنام الكردية من قيادات ما يسمون أنفسهم أحزاب سياسية، وتحديدآ من قبل محبكجية تلك الأحزاب، وخاصة الأحزاب الثلاثة الكبرى وهي معروفة على كل حال. أو كلما إنتقدت الإقطاعيات العائلية، التي تتحكم بتلك الأحزاب وتستغلها لمأربها وكل ذلك على حساب شعبنا الكردي.
من حق كل إنسان أن ينتقد، أي دين كان بما فيه الديانة اليزيدية، وإنتقاد أي كتاب كان، بما في ذلك القران والتوراة والإنجيل والأفيستا ومصحف رش وغيرها ورأس المال لماركس. وأضيف لذلك إنتقاد الأنبياء والرسل وفوق هذا وذاك الذات الإلهية نفسها. لا شيئ ولا أحد فوق النقد.
فما بالكم لو أن هذا الشخص كاتب وفنان حقيقي لديه رؤية فكرية وسياسية. ثم لا يوجد شيئ مقدس لذاته في الكون على الإطلاق. التقديس فعل فردي وهو نابع من داخله تجاه المُقدسَ. ما تعتبره أنت مقدس، يعتبره غيرك غير مقدس والعكس بالعكس.
أرى أن حرية التعبير، فوق كل إعتبار ومن أجل هذا ناضلت وتناضل الشعوب منذ ألاف السنيين ودفعت لذلك ثمنآ باهظآ لتحقيق هذا الهدف النبيل. لذا ليس من المقبول على الإطلاق، سياسة تكميم الأفواه، التي يمارسها أكثرية رجال الدين، بغض النظر عن إسم ديانتهم، ونفس الشيئ يفعله أكثرية السياسيين الكرد، الذين لا يختلفون عن اولئك المستبدين الذين يحكمون دول المنطقة مثل بشار واردوغان وملالي طهران وغيرهم الكثيرين.
لا يمكن لشعب من الشعوب، أن يتحرر ويتطور ويخطو خطوات حقيقة للأمام، من دون مراجعة نقدية لتاريخها وإرثها الثقافي وهذا يشمل أيضآ الجانب الديني منه.
شخصيآ إستمعت لما قاله الأخ شفان في حديثه المصور، ولم أجد في كلامه أي إساءة لأي دين وعقيدة على الإطلاق. هو تحدث في العموميات وإنتقد دور بعض المشايخ ورجال الدين ورؤساء العشائر والأغوات على دورهم السلبي عبر التاريخ، ولم يعمم ذلك على الجميع، وبدليل أنه إستثنى منهم الشيخ سعيد بيران و الشيخ رضا وأخرين.
ومن المؤسف حقآ، أن ينضم إلى هذه المحلة الرخصية ضد فنان بمقام شفان برور، الذي كرس حياته لخدمة القضية الكردية، بعض “المثقفين”، وهذا معيب ومرفوض كليآ. كيف لمثقف أن يشارك الغوغاء في حملة تكميم الأفواه؟ فعلآ إنه لأمر محزن ومخزي في نفس الوقت. الحرية واحدة لا تتجزأ، فحرية من حريتي، وحريتي من حرية جمال خاشقجي، وحرية جمال خاشقجي من حرية مصطفى سليمي.
وأخيرآ، لا أستبعد وجود أصابع للمخابرات التركية في الموضوع، وذلك بالتعاون مع بعض الأطراف الكردية، التي إنتقدها وينتقدها شفان بين الحين والأخر، ولا أستبعد تعرض حياته للخطر جراء هذه المواقف.
عاشت حرية الكلمة.
18 – 04 – 2020