.
خطبها له الرئيس العراقي بعد رفض والدها له وواساه بها الزعيم ياسر عرفات.. قصّة الشاعر السوري نزار قباني وبلقيس التي كتب لها أجمل قصائده!
نزار قباني وبلقيس قصة من أعظم قصص الحب في العصر الحديث، دارت بين الشاعر السوري الشهير وشابة عراقية.
بلقيس يا وجـ.ـعي.. ويا وجـ.ـع القصيدة حين تلمسها الأنامل.. هل يا ترى من بعد شعرك سوف ترتفع السنابل.. قتـ.ـلوك يا بلقيس.. أية أمة عربية تلك التي تغـ.ـتال أصوات البلابل؟
بهذه الكلمات الرقيقة والعذبة رثـ.ـى نزار قباني حبيبته وملهمته وزوجته “بلقيس الراوي” بعد أن وافـ.ـتها المنـ.ـية على إثر انفـ.ـجار سيارة مفـ.ـخخة أمام مبنى السفارة العراقية في بيروت عام 1981.
كيف بدأت قصة الحب بين نزار قباني وبلقيس؟
في عام 1962 كان الشاعر نزار قباني يلقي إحدى قصائده في مهرجان شعري أقيم في العاصمة العراقية بغداد، وأثناء إلقاء القصيدة وقع بصره على فتاة عراقية فاتنة ممشوقة القوام وساحرة الجمال، وما زالت في ريعان شبابها، فتقوقعت في قلبه، وهام بحبها من النظرة الأولى.
تعلق نزار بطيف الفتاة، وأحبها، فسأل عنها وعن مكان إقامتها، فعلم أن اسمها بلقيس الراوي، وتسكن في بغداد حي الأعظمية، بمنزل يطل على نهر دجلة.
ما إن علم نزار بذلك حتى سارع إلى التقدم لخطبتها من أبيها، ولأن التقاليد والأعراف السائدة في تلك فترة عند العرب كانت تنص على عدم قبول الرجل الذي يتـ.ـغزل بالفتاة قبل خطبتها، لم يوافق والد بلقيس، فـ.ـحزن نزار حـ.ـزناً شديداً، وسافر إلى مكان إقامته آنذاك، حيث كان يعمل في السفارة السورية بإسبانيا.
الرئيس العراقي وعلاقته بزواج نزار قباني من بلقيس
حب لقيس بقي يلاحق نزار قباني كظله، ولم تغب عن مخيلته أبداً، فوجد طريقة يتبادل معها الرسائل الغرامية، سراً دون علم والدها، إلى أن عاد إلى العراق مجدداً، بعد مضي 7 سنوات على بداية قصة حبه لـ بلقيس.
في عودته هذه شارك “نزار” في مهرجان شعري ألقى فيه قصيدة غزلية أثارت شجون ومشاعر جميع الحضور، فعلم الجميع أنه يروي فيها قصة عشق حقيقية يعيشها على أرض الواقع وليست فقط مجرد كلمات منظومة في قصيدة شعرية غزلية، فحظي بتعاطف الحضور إذ قال في قصيدته تلك:
مرحباً يا عراقُ، جئت أغنيك
وبعـضٌ من الغنـاء بكــ.ـاءُ
مرحباً، مرحباً.. أتعرف وجهاً
حفــ.ـرته الأيـام والأنــ.ـواءُ؟
أكل الحب من حشاشة قلبي
والبقايا تقاسمتـها النسـاء
كل أحبابي القدامى نسـوني
لا نوار تجيـب أو عفـراءُ
فالشفـاه المطيبـات رمـ.ـادٌ
وخيام الهوى رماها الـهواءُ
سكن الحـ.ـزن كالعصافير قلبي
فالأسـ.ـى خمرةٌ وقلبي الإنـاءُ
أنا جـ.ـرحٌ يمشي على قدميه
وخيـولي قد هـ.ـدها الإعيـ.ـاءُ
فجـ.ـراح الحسين بعض جراحـ.ـي
وبصدري من الأسـ.ـى كربلاءُ
وأنا الحـ.ـزن من زمانٍ صديقي
وقليـلٌ في عصرنا الأصدقاءُ
كيف أحبابنا على ضفة النهر
وكيف البسـاط والنـدماءُ؟
كان عندي هـنا أميرة حبٍ
ثم ضـ.ـاعت أميرتي الحسـناءُ
أين وجهٌ في الأعظمية حلوٌ
لو رأته تغار منه السـماءُ؟
وصلت أصداء القصة إلى الرئيس العراقي حينها “أحمد حسن البكر”، فأعجب بقصة الحب وتأثر بها، فأرسل وزير الشباب آنذاك “الشاعر شفيق الكمالي” ووكيل وزارة الخارجية، ومجموعة من شعراء العراق، ليخطبوا بلقيس لنزار من أبيها، فوافق والداها، فأقيم زواجهما عام 1969، لتبدأ قصة حب أجمل بينهما بعد الزواج.
نزار قباني و زوجته بلقيس الراوي
قصة حب تكللت بالنجاح
عاش نزار قباني وبلقيس حياة زوجية مثالية، وتعمق الحب بينهما أكثر بعد الزواج، إذ ترجم ذلك الحب عبر القصائد الغرامية التي كتبها “نزار” بعد زواجه من بلقيس، إذ كتب بعد مضي 10 سنوات على الزواج القصيدة الجميلة التي غناها الفنان كاظم الساهر ويقول مطلعها:
أشهدُ أن لا امرأة ً
أتقنت اللعبة إلا أنتِ
واحتملت حمـ.ـاقتي
عشرة أعوام كما احتملت
واصطبرت على جنـ.ـوني مثلما صبرت
وقلمت أظافري
ورتبت دفاتري
وأدخلتني روضة الأطفال
إلا أنتِ ..
كان نزار قباني يبلغ من العمر 56 سنة عند كتابته لهذه القصيدة، إذ تلقى أول صـ.ـدمة كبيرة في حياته في تلك الأثناء حين توفـ.ـت والدته عام 1976، حيث شكلت هذه الصدمة منعطفاً في وجدان وحياة الشاعر، لشدة ارتباطه بأمه وتعلقه بها، فهي التي كتب لها قصيدة “خمس رسائل إلى أمي، عندما كان يضـ.ـطر لتركها بسبب سفره الدائم، بحكم عمله في المجال الدبلوماسي.
بعدها تنقل نزار قباني وزوجته بلقيس بين العواصم العربية والعالمية، وذاقا طعم الاستقرار، حيث كانت ثمرة زواجهما أن أنجبا طفلين هما “عمر وزينب”، وكما يقول معظم النقاد إن أكبر ثمرة نتجت عن زواجه، هي مجموعة من القصائد الشعرية التي ألهم بها نزار آنذاك.
إذ بقيت تلك القصائد خالدة حتى يومنا هذا يرددها العشاق، وتغنت بها حناجر الكثير من المطربين العرب، أمثال عبد الحليم حافظ ونجاة الصغير وكاظم الساهر ولطيفة العرفاوي وغيرهم.
مأساة مـقـ.ـتل بلقيس
مع بداية الثمانينات استقر المقام بنزار قباني وبلقيس في العاصمة اللبنانية بيروت، التي كان يفضل نزار أن يطلق عليها اسم “ست الدنيا”، لتجمع المثقفين فيها آنذاك، إذ كانت الملاذ الآمن للمبدعين العرب الهـ.ـاربين من بطـ.ـش الأنظمة الحاكمة في البلدان العربية حينها، ليجدوا في لبنان مكاناً يعبرون فيه عن حريتهم وآرائهم دون قيود.
في تلك الفترة كانت زوجة نزار قباني على رأس عملها في بيروت، إذ كانت تعمل في السفارة العراقية هناك، وكان منزلها يعتبر بمثابة القاعة الثقافية والأدبية، ومكاناً مميزاً يجتمع فيه المثقفون والمبدعون العرب، كحال مكتب زوجها الموجود بشارع الحمراء وسط العاصمة اللبنانية.
في يوم 15 ديسمبر/ كانون الأول عام 1981، كانت المـ.ـأساة عندما هز انفجـ.ـار وسط العاصمة بيروت، وهز معه قلب نزار قباني، إذ استهدفت سيارة مفـ.ـخخة مبنى السفارة العراقية التي سويت بالأرض، وراح ضـ ـحية هذا التفـ ـجير أكثر من 60 شخصاً، كانت من بينهم زوجة ومعشوقة نزار قباني ” بلقيس الراوي”.
قصّة نزار قباني وبلقيس الراوي مع ياسر عرفات
بعض وسائل الإعلام العربية منها موقع “بوابة فيتو“، تحدّثت نقلاً عن الشاعر الكبير الراحـ.ـل نزار قباني حديثه عن القصّة بين ياسر عرافات وبلقيس.
يقول نزار إن هناك الكثير من الأسرار التي لم يعلمها عن بلقيس إلا بعد رحيـ.ـلها، ومنها قصّتها مع ياسر عرفات.
وأشار أنه في يوم التفـ.ـجير، أتى ياسر عرفات فجأة للمكان، وبدا الحـ.ـزن واضحاً عليه وهو يبحث عن بلقيس ويسأل “أين أنت يا بلقيس أين أنت يا ابنتي”، لتأخذ الأفكار بنزار ويسأل “هل ممكن أن تكون زوجته العراقية التي التقاها قبل 12 عاماً هي ابنة ياسر عرفات، وهو لا يعلم أن لعرفات ابنة”.
بعد 15 يوم بقيت فيها بلقيس تحت الأنقاض والزعيم الفلسطيني يبحث عنها مع الباحثين، وذهب لوالدتها ليواسيها بعد أن تمت مراسم الجـ.ـنازة، تحدث إلى نزار عن السر الذي أخفته بلقيس عنه.
ويروي نزار كاشفًا سر زوجته الراحلة: «عندما رجعنا من الجـ.ـنازة لمكتب أبي عمار، بدأ اللغز ينكشف، قال : «في عام 1968 وكنا خارجين من معـ.ـركة «الكرامة»، جاءتني في الأردن فتاة عراقية فارعة القامة، تجر وراءها ضفيرتين ذهبيتين، وطلبت مع زميلاتها في الثانوية تدريبهن على حمل السـ.ـلاح، وقبولهن مقـ.ــتلات في صفوف الثورة الفلسطينية، وبالفعل أعطينا الفتيات العراقيات، ومن بينهن بلقيس، بنـ.ـادق وأخذناهن إلى ساحة الرمي حيث تعلمن إطلاق الرصـ.ـاص، وأساليب القـ.ـتال».
وأضاف ” بعد أن دارت الأيام وانتقل النضال إلى لبنان، كتب لبلقيس أن تعمل في السفارة العراقية في بيروت، وفي أحد الأيام كان عرفات مدعواً للعشاء لدى أحد أصدقائه فصادف بلقيس زوجة نزار تدخل ومعها ذكريات نصرنا الجميل في «الكرامة» وتصافحه بحمسة”.
وقد تم تشييع بلقيس كمناضلة فلسطينية، ودفـ.ـنها إلى جانب الشهداء الفلسطينيين، ولفها بالعلمين العراقي والفلسطيني؛ تكريمًا للأرض التي أخرجتها وللثورة التي نذرت نفسها لها، واختتم عرفات: «بلقيس الراوي لم تكن زوجتك فقط يا نزار، بقدر ما كانت ابنة الثورة الفلسطينية».
ويتناقل بعض الرواة الذين كانوا شاهدين على تلك المأسـ.ـاة أن الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات كان متواجد بالقرب من السفارة العراقية حين وقع الانفـ.ـجار، فسارع إلى المكان منادياً بين الأنقاض عن بلقيس بقوله: ” أين أنت يا بلقيس أين أنت يا ابنتي ردي على أبيك يا وردة الثورة الفلسطينية”.
وتحدث نزار قباني عن لحظة وقوع الانفـ.ـجار قائلاً: “كنت في مكتبي بشارع الحمراء حين سمعت صوت انفـ.ـجار زلزلني من الوريد إلى الوريد ولا أدري كيف نطقت ساعتها: يا ساتر يا ربي”.
ويضيف “بعدها جاء من ينعـ.ـي إلي الخبر.. السفارة العراقية نسـ.ـفوها.. قلت بعفوية بلقيس راحت.. شظـ.ـايا الكلمات مازالت داخل جسدي.. أحسست أن بلقيس سوف تحتجب عن الحياة إلى الأبد، وتتركني في بيروت ومن حولي بقاياه، كانت بلقيس واحة حياتي وملاذي وهويتي وأقلامي”.
ليكتب بعدها نزار قباني أطول قصيدة في حياته يـ.ـرثي فيها زوجته بلقيس الراوي، بكلمات جميلة توجت مسيرته الشعرية، وظلت خالدة وحاضرة بقوة ومتداولة إلى يومنا هذا، وإليكم جزء صغير من هذه القصيدة التي عنونها نزار باسم “بلقيس”:
شكراً لكم ..
شكراً لكم . .
فحبيبتي قتـ.ـلت .. وصار بوسعكم
أن تشربوا كأساً على قـ.ـبر الشهيدة
وقصيدتي اغتـ.ـيلت ..
وهل من أمـةٍ في الأرض ..
– إلا نحن – تغـ.ـتال القصيدة ؟
بلقيس …
كانت أجمل الملكات في تاريخ بابل
نزار قباني و زوجته بلقيس الراوي
بلقيس ..
كانت أطول النخلات في أرض العراق
كانت إذا تمشي .
.ترافقها طواويسٌ ..
وتتبعها أيائل ..
بلقيس .. يا وجـ.ـعي ..
ويا وجـ.ـع القصيدة حين تلمسها الأنامل
هل يا ترى ..
من بعد شعرك سوف ترتفع السنابل ؟
يا نينوى الخضراء ..
يا غجريتي الشقراء ..
يا أمواج دجلة . .
تلبس في الربيع بساقها
أحلى الخلاخل ..
قتـ.ـلوك يا بلقيس..
أية أمةٍ عربيةٍ .
.تلك التي
تغـ.ـتال أصوات البلابل؟