ابتهجت الاحزاب الشيعية في اختيارها للسيد مصطفى الكاظمي في تكليفه بتشكيل الحكومة التي تعلقت كثيراً في شباك احزابها , وخرجت الى النور باختيار الكاظمي , وتعهدت بدعمه واسناده بشكل مطلق وترك له حرية الاختيار دون تدخل وضغط وتأثير حتى ينال ثقة البرلمان , واعتبارت ان اختيارها هو الاصلح في ادارة الازمة والخروج منها . وتعهدت بأنها لم تشارك في اختيار الشخصيات ان تكون خارج نطاق احزابها , بترك الحرية المطلقة لاختيار الشخصيات المستقلة التي تحوز على الكفاءة والخبرة والنزاهة , وتسهيل مهمته بأسرع ما يمكن في انهاء الازمة المتعلقة بتشكيل الحكومة , فمنذ خمس شهور وهي تدور في حلقة مفرغة , دون ان يصدر منها الدخان الابيض . وتعهدت بأن هذا الاختيار في التكليف سيخرج منه هذه المرة الدخان الابيض خلال اسبوع , وانها تحترم اختياراته وتؤيد ما يختار لتشكيلته الوزارية , من اجل مصالح البلاد , وانهاء الازمة المعلقة , هذا في العلن . اما خلف الكواليس فهناك صراع وخلاف حاد بينهم على توزيع الحقائب الوزارية كأنها غنائم خاصة بهم . ودخلوا في مقايضات ومساومات في البيع والشراء الحقائب الوزارية . فقد اجبروا بضغوطاتهم السيد مصطفى الكاظمي ان يترك شماعة المستقلين والشخصيات الكفوءة والنزيهة , وان يختار من اسطبلهم السياسي والحزبي , وان يسير على شريعة التوزيع الطائفي , وامتثل المرشح المكلف لهم واختار الشخصيات التي هم اختاروها له , وليس هو من أختارها بعدما قيدوا حريته بخيارتهم . وحسب القوائم المسربة لتشكيلة الوزارية المرتقبة , وهي من اختيارات الاحزاب التي فرضتها عليه . وماهي في الحقيقة سوى تدوير نفاياتهم السياسية والحزبية , كشرط اساسي في انجاح تكليفه ونيل الثقة في البرلمان . ولكن العلة والمصيبة تكمن في بعض الوزارات السيادية . لانها وزارات تدر الملايين الدولارية عليهم ويغرفوا منها بملاعق الذهب . رغم ان السيد مصطفى الكاظمي انصاع لهم في تغيير وزير الخارجية ووزير الشباب والرياضة المختارين في التشكيلة المرتقبة , ولكن هذا لم يشبع جشعهم , ولم يحل تنافسهم وخلافهم الحاد , لان عيونهم على وزارة الدفاع والداخلية , وكل طرف يريد ان يخطفها من الاخر , في صراعهم الحامي الوطيس . وهذا ما يفسر تأخير وتعطيل اعلان تقديم التشكلة الوزارية الى البرلمان لتصويت عليها ونيل الثقة بالحكومة والتكليف . بعدما اعلنوا في ابتهاج بالنصر العظيم في التكليف , بأنه خلال اسبوع من تقديم المرشح الكاظمي في يوم 9 – 4 – 2020 ولحد الآن لم ترَ الحكومة المرتقبة النور , وهذا يدل على شراسة الخلاف والصراع خلف الكواليس . وهذا يدل بشكل ساطع عدم استعداد الاحزاب الطائفية , ان تتنازل قيد أنملة عن السلطة والفساد والنفوذ , عدم التفريط بنفوذ ايران الكبير وهيمنته على العراق , من خلال الاحزاب الشيعية ومليشياتها الموالية لايران والتي تتحكم بها القيادة الايرانية , التي تعتبر العراق ضيعة وملك الى أيران , لهذا لا يمكن التفريط به , حتى على انهار من الدماء , كما قاموا باعمال اجرامية في التصدي الى انتفاضة الشعب وغرقها بالدم . لذلك تريد العراق بالجمل بما حمل . . وهذا ما يفسر تهديد الاحزاب الشيعية بأرجاع الازمة الحكومة المعلقة الى المربع الاول , وافشال واسقاط تكليف الكاظمي والانقلاب عليه . وافشال مهمته , اذا لم يستجب الى شروطهم نقطة نقطة وهي شروط ايران بالذات . واذا حاول التملص السيد الكاظمي , فأنه سيجد باب البرلمان مسدوداً في وجهه . ان امام السيد مصطفى الكاظمي , طريقان لا غيرهما , اما ان يكون بيدق شطرنج بيد الاحزاب , او يقدم اعتذاره في التكليف كما فعل من سبقه , انها احزاب فقدت الصلة بالعراق واهل العراق .
جمعة عبدالله