صارَ من بديهيات ألأمور، أنّ ألتغيّرات السياسية – ألإقتصادية في ألبلدان النامية وألفقيرة ألتي تقود إلى إزدهار مجتمعاتها ، تدفع ألبلدان المتقدمة ذات البعد ألتاريخي ألإستعماري إلى ألتحرك ضد تلك البلدان لإفشال خططها ومشاريعها التحررية – التنموية من خلال مؤسساتها ألإقتصادية العملاقة مع تهديدها لبعض ألأنظمة ألحاكمة بإزالتها إن لم تنفذ مطاليبها. ذلك النهج، إستُخدِمَ ضد جميع مشاريع ظهور تكتلات إقتصادية جديدة من شأنها ألتحرر من هيمنة ألدولار على إقتصاداتها وإمتلاكها لإستقلالية قراراتها السياسية ألإقتصادية ألمستقلة.
بمبادرة من الزعيم الشهيد عبد الكريم قاسم، تأسست منظمة أوبك في بغداد في عام 1960، لغرض ألإتفاق على وضع سياسة تصديرية موحدة للدول المصدرة للنفط تحاشياً لتقلبات ألأسعار في السوق ألعالمية .. وكانت النواة ألأولى لتلك المنظمة هي خمس دول – ألعراق، السعودية، الكويت، إيران، فنزويلا، ثم بعد ذلك إنضمَّت إليها لاحقاً ست دول أخرى – الجزائر، ليبيا، ألإمارات، الغابون، نايجيريا، أنغولا.. ويُقال أن هنالك رغبة لدى المكسيك وسوريا للإنضمام إلى تلك ألمنظمة، لكن لم يُبَت بقرار قبولها. إستطاعت أوبك بقدر معيّن أن تسيطر على إستقرار أسعار النفط في السوق ألعالمية.
حصرياً، أتناول ألجانب ألسياسي – ألإقتصادي لتلك المنظمة وما يكتنفها من عثرات. صحيح أنّ رئاسة إدارة أوبك تجري بصورية دورية بين أعضائها، لكن واقع ألحال يقول أنّ الدولة العضو ألتي تستطيع فرض إرادتها على بقية الأعضاء هي تلك ألتي تمتلك طاقة تصديرية أعلى من بين الدول ألأعضاء، وهذه الحقيقة كانت واضحة، وكأن المنظمة صارت مؤسسة إقتصادية خاصة، رئيس مجلس إدارتها هو صاحب عدد ألأسهم ألأكثر، وهنا المقصود هي السعودية … فمنذ تأسيس أوبك، راحت الدول ألصناعية المتقدمة وعلى رأسها ألولايات المتحدة ألأمريكية، تمارس شتى الوسائل لغرض تفتيت وتمزيق وحدة القرار لدى منظمة أوبك!، وكمثال لا ألحصر: طيلة فترة ألحرب ألعراقية ألإيرانية ، أخذت ألسعودية حصة العراق في تصدير ألنفط وجعلتها جزءً من صادراتها، وبعد إنتهاء ألحرب، لم تعيد إستحقاق العراق ألتصديري كاملاً، في وقت كان العراق يصدر/ قبل الحرب أربعة ملايين برميل يومياً والسعودية تصدر خمسة ملايين آنذاك/، ولاحقاً ، صارت السعودية تصدّر بين 10 ملايين إلى 11 مليون برميل، أما ألعراق فما كان مسموح له أن يرفع من صادراته وبقي يراوح في مكانه، يصدّر 3،6 مليون برميل يومياً، والسبب يعود في ذلك إلى دكتاتورية القرار السعودي على ألدول ألأعضاء. وبإشارة من البيت ألأبيض، أغرقت السعودية أسواق ألنفط العالمية برفع إنتاجها إلى 13 مليون برميل غير آبهة لما سيحدث من إنهيار في عائدات النفط للدول ألأعضاء، سوى أنّ القرار كان إنفعالياً وبمثابة نكاية وعقوبة لروسيا لكونها المصدر ألأكبر من داخل وخارج المجموعة – أوبك + . ومن الملاحظ أن السعودية تجهل تنوّع صادرات روسيا، إذ أصبحت روسيا ألبلد ألأول في العالم بإنتاج ألحبوب – 120 مليون طن، إضافةً لتصديرها السلاح وتكنولوجيا وبناء المحطات ألكهروذرية، وأساساً لا تعتمد على تصدير النفط بقدر إعتمادها على تصدير الغاز ألذي تشتريه نصف دول ألإتحاد ألأوربي… وليس عجيباً أن تتخذ روسيا موقف المراقب من تصرفات أوبك بسبب ألسعودية، لكون ألأخيرة من حيث تعلم أم لا سيؤدي نهجها إلى إنهاء دور أوبك كمنظمة تُعنى بتوحيد ألسياسة ألتصديرية لأعضائها.