شاهدت وقرأت العديد من المقالات ,ورد فيها تعبير(مذابح الأرمن)سنة 1915م أو مذابح سيفو ,وذكر 99 بالمئة منهم بأن الأرمن فقط هم الذين تعرضوا للمذابح , ولكن أرى ذلك بأنه خطأ بحق التاريخ وحق الحقيقة ’لأن الذين تعرضوا للمذابح كانوا من المسيحيين عامة(السريان ,الأرمن والأشوريون –) وكذلك كان بين الذين تعرضوا للمذابح الإيزيديون .
المذابح لم تبدأ فقط بسنة 1915م ,بل بدأت منذ أمد طويل وقبل ذلك ,ففي سنة 1892م كانت المذابح من قبل الخيالة الحميدية بقيادة صهر السلطان عبد الحميد العثماني ومشاركة ومساعدة حوالي 50 عشيرة كوردية ومن العرب أيضا ضد كل من هو غير مسلم , وفيما بعد جاءت مذابح سنة 1915م لذلك يمكن القول بأن تلك المذابح كانت تمهيدا لمذابح فيما بعد .
ماذا حدث ؟هنا تم اصدار أمر من السلطنة العثمانية بإداة كل من هو غير مسلم ,بدليل أن العثمانيين ومن معهم ,هاجموا كل الشعوب غير المسلمة من مسيحيين وايزيديين وبكل مكان بتركيا وسوريا ,وذلك كان بقيادة طلعت باشا وجمال باشا وطارق باشا ,وتم قتل من استطاع العثمانيون الوصول إليهم ومن بقي كان أمامه المقاومة أو الهجرة القسرية .
آ-ماذا فعل المسيحيون ؟ هنا أقسم هؤلاء لقسمين 1-السريا 2-الأرمن لأن هؤلاء كانوا بسوريا وتركيا آنذاك ,فالسريان قسم منهم هاجر إلى خارج تركيا ,وقسم منهم بقي بداخل تركيا ولكنهم قاوموا ضد العثمانيين كما حدث في مناطق ماردين ومديات وعيورت ,القسم الآخر هاجر ولكنهم ورغم هجرتهم فإنهم لم ينجوا من المذابح ,لأن بعض الناس وكما حدث في قرية تل خاتون بسوريا حيث قام بعض المسلمين بجمعهم وقتلهم بشكل جماعي ,وهذا ما فعله حجي شيخي وهو من عشيرة البرازية بتلك القرية ,حيث جمعهم بوادي بين قريتي تل خاتون ومزكفت ويسمى بوادي العميق )كور) وقتل كلهم معا لدرجة أن حجي شيخي جامع امرأة مسيحية وهي ميتة ,ولكن آخرون رفضوا ذلك وأخبروا المسيحين بالإختفاء ,فذهب هؤلاء لجبل الطور بتركيا وبين الإيزيديين حتى هدأت الأمور كما فعل شيخي عباس من عشيرة السنجقية بقرية الشلهومية قرب تربسبي (القحطانية ) .
أما الأرمن فقد انقسموا إلى 3 مجموعات :
1-مجموعة قاومت وهاجرت مع المقاومة ,هي التي كانت مع وتحت قيادة زعيمهم انترانيك باشا الأرمني وكان معه جنكير آغا الإيزيدي وهؤلاء انسحبوا نحو ارمينيا الحالية بظروف حرب.
2-مجموعة بقيت في بعض المناطق ,كما في استانبول وقاموا بالمظاهرات السلمية ,لكن مع ذلك تعرضوا للقتل من قبل العثمانيين .
3-مجموعة تم اجبارها للهجرة عبر الصحراء نحو سوريا والأردن للموت هناك جوعا وعطشا ,وسكن هؤلاء بأماكن مختلفة مثل رأس العين وكوباني ودير الزور –.واثناء الهجرة استولى المسلمون على أموالهم ونسائهم وأطفالهم .
*ماذا فعل الإيزيديون ؟
بإعتبار الإيزيديين رجال الموت والمقاومة ,فإنهم لم يهاجروا ولم يستسلموا لآن هذا هو طبعهم, بل قاوموا 1-في تركيا:لجأ الإيزيديون للجبال وخاصة جبل باكوك,قلعة الإيزيديين بتركيا وقاوموا,كما ساعد الإيزيديون المسيحيين من أرمن وسريان ,وكان ذلك بإخفائهم عن الأنظار والباسهم لباسهم الإيزيدي الخاص وذلك في الطور والجول (الجبل والسهل ومناطق خالتا) ,كما وقفت عشائر السيبكا والزوقرية والحسنة بمناطق وان وسرحد وبقيادة جنكير آغا إلى جانب المسيحيين وهاجروا وقاوموا معا إلى أن صاروا في أرمينيا الحالية .
2-في العراق ,قام الإيزيديون بحماية المسيحيين في جبل شنكال وبمساعدة قادة العشائر هناك مثل داوود داوود و حمو شرو وكذلك بدعم وتأييد أمير الإيزيديين هناك آنذاك المرحوم اسماعيل بك ورغم التهديدات التركية لم يسلم هؤلاء المسيحيين للعثمانيين ويقال بأن عدد المسيحيين هناك والذين تمت حمايتهم كان حوالي 10 آلاف شخص .
*ماذا كان موقف الكورد المسلمين ودورهم ؟
هنا يمكننا تقسيم الكورد المسلمين إلى قسمين
1–قسم وقف إلى جانب العثمانيين لجهلهم وطمعهم بمال ونساء المسيحيين والإيزيديين وقد ذكرت مثالا من قبل وقد فعلت الكثير من العشائر الكوردية المسلمة بتركيا كذلك ,حيث قتلوا المسيحيين واستولوا على أملاكهم ونسائهم .
2-قسم من الأكراد المسلمين وقفوا إلى جانب المسيحيين وحموهم من الإبادة ,وقد ذكرت مثالا عن ذلك في سوريا ,ولكن الدور الأهم والأبرز كان أن قام المرحوم والقائد التاريخي الراحل ملا مصطفى البرزاني وبتوجيه من أخيه المرحوم الشيخ أحمد البرزاني بالتوجه للمناطق الساخنة ومناطق الحرب والخطر,وجلب معه من هناك حوالي 10 آلاف مسيحي وبدون تمييز إلى العراق ومنع بذلك تعرضهم للمذابح .
إننا في جمعية كانيا سبي الثقافية والإجتماعية نستنكر تلك المذابح ,ومن طرف آخر ندعو الكورد المسلمين لتقديم الإعتذار لما قاموا به ومساعدتهم للعثمانيين .