الثلاثاء, نوفمبر 26, 2024
Homeمقالاتصراع الدولة العميقة مع الاحتجاجات .3. : د. مهند البراك

صراع الدولة العميقة مع الاحتجاجات .3. : د. مهند البراك

ahmedlada@gmx.net

 

و ترى اوسع الاوساط الجماهيرية و الاحزاب و النقابات و القوى المدنية و الديمقراطية و غيرها، ان انتفاضة تشرين الباسلة بشيبها و شبابها، برجالها و نسائها و بمستوى وعيها، قد كشفت الكثير من اسرار البيت الحاكم في البلاد اثر فزع اطرافه من سعة مشاركيها و تحديّاتهم الجريئة التي ثبتت و توسّعت و جرّت اوسع الاوساط الشعبية التي تعيش الفقر و البطالة و وضعت البرلمانيين و الاوساط الحكومية في صراعات بينهم في محاولات لتبييض ادوارهم، بعد ان خاب امل الدولة العميقة في انّ بامكانها اسكات المنتفضين بالقناصين الملثمين بداية .  .

فتراجعت الدولة العميقة امام قوّة الانتفاضة لتعيد تنظيم صفوفها التي بدأت تنهار ـ حتى صارت مؤخراً كتلة حاكمة تهاجم كتلة حاكمة اخرى علناً في الاعلام و الفضائيات ـ ، فاستقالت حكومة عادل عبد المهدي لتصبح حكومة تصريف اعمال ناقصة الصلاحيات، سعت الدولة العميقة لإستغلالها لتغطية كل الإجراءات اللادستورية و اللاقانونية في النهب و لتنفيذ خططها الشيطانية المتنوعة في مقاومة الإنتفاضة على طريقة التجربة (الارجنتينية) في استخدام القوة و الديماغوجية و انواع الأحابيل و التمثيليات، التي تكسّرت امام جبروت الإنتفاضة التي تشقّ طريقها بدماء مئات الشهداء و عشرات آلاف الجرحى و المعوقين، و مئات المخطوفين و المجهولي المصير.

حتى صارت الجارة تحاول بكل الضغوط لفتح الحدود و نشر كوروناتها لفرض مصير قاتم مشترك، و صارت الميليشيات بصراعاتها و بشتى عناوينها هي الحاكمة الفعلية في البلاد، بلا اي تقييد دستوري او قانوني، و صارت الدولة العميقة باطرافها تقاتل بكل امكاناتها للحفاظ على ثروات و مواقع كتلها المتحاصصة و ازلامها، الذين اجمعوا كلّهم في لحظة فزع وجدوا انفسهم فيها بانهم جميعاً سيغرقون، في مرحلة فاصلة لم تعد تحتمل المحاصصة و لا السلاح المنفلت و لا الميليشيات و لا مصاريف و مخصصات الهيئات الحاكمة الخيالية، لفشلهم في الحكم و في ادارة الدولة .  .

و فيما يرى كثيرون بأن الكتل الحاكمة اجمعت على اختيار مكلف و وضعت تمثيليات متنوعة للرسو عليه، ليمرّ الوقت و تجد حلاّ لأزمتها بقبوله سائراً على سكّتها التحاصصية (1)، على ان ينفّذ شيئاً من مطالبات الإحتجاجات للتهدئة و محاولة شق الصفوف . .

لتصبح قضية اختيار رئيس وزراء بضجيجها و كأنها سائرة في وادٍ و الاحتجاجات المهملة و المغيّبة اخبارها في وسائل الإعلام الحكومية في وادٍ آخر، لمحاولة عزل الاحتجاجات في مواقعها (تداوي جروحها على حد تصورهم)، في توازن تحاول رسمه الكتل الحاكمة، لإزالتها بعدئذ على حد تعبيرها، كما حصل مع انتفاضات الربيع العربي، و في احتجاجات اسطنبول المليونية في “بارك غازي” قبل بضع سنوات، رغم الاعداد الكبيرة للشهداء و الجرحى.

و يرون في الاستمرار على ملهاة اختيار رئيس وزراء جديد و امور البلاد و حياتها تزداد سوءاً في حالة قد تصل الى ان يُنصّب المالكي عرّاب الدولة العميقة ـ على حد وصف العديد من الوكالات الاعلامية و مناقشات برلمانيين متنوعين ـ رئيساً للوزراء من جديد، وفق تصريحات متنوعة لنواب من كتلة دولة القانون و ممن يرتبطون بها او ينشطون في فلكها، للإتيان بحكومة تنهي الإحتجاجات بالقوة (للحفاظ على السلم الأهلي) !!

و بينما تزداد الازمة الشعبية تفاقماً بسبب : وباء كورونا، و الازمة المالية الخطيرة، في وقت تفاقم الصراع الاميركي ـ الايراني و اطرافهما، رغم تعب الجميع بسبب اجراءات الحصار و خسائر كورونا، حتى صارت البلاد و هي بايديهم، في مهب الريح  .  .  يرى خبراء و سياسيون مستقلون، ان الصراع سيستمر لمدة اطول و ان على الانتفاضة من اجل تحقيق اهدافها و ايفاءً لدماء شهدائها، عليها بعد ان تحوّلت من كونها عفوية طالبت بحقوق مهنية و انسانية مهضومة، الى انتفاضة تسعى من اجل التغيير السلمي للحكم .  . 

عليها ان تتحوّل الى كيان سياسي ـ اجتماعي لابد منه لتواصل و تصعيد النشاط لتحقيق اهدافها من اجل حياة عموم الشعب بمكوّناته في دولة مدنية و عدالة اجتماعية .  . من اجل وطن ! كما طالبت منذ بدء انطلاقتها و  شدّت اليها كل مكونات البلاد، و ان يبادر المنتفضون بشجاعتهم المعهودة الى تنظيم و شدّ صفوفهم و الإعداد لفريق يشارك في الانتخابات المبكرة القادمة.

كيان يقرر ماهيته و اسمه و بنائه نشطاء الانتفاضة، بلا تهيّب من المسؤولية، كيان صغير التكوين واسع التاثير يستطيع وقاية نفسه اعتماداً على آليات التواصل الحديثة التي تتطور دوماً، و يستطيع التنسيق بين كل ساحات الإحتجاج، يحقق صلات اوسع و اوثق مع كل التجمعات و القوى الفاعلة في البلاد التي تناضل من اجل نفس الأهداف، لرصّها جميعاً كتفاً لكتف نحو هدف واحد حسب التغييرات و الانعطافات المتتالية في البلاد .  .

و ان يكون لها ناطقون يجري تغييرهم دورياً، و ان حتّم الاضطرار(2) ان يكون قسم منهم او حسب الضرورة في خارج البلاد، و يتواصلون بشكل دائم مع ناشطي و متطلبات الحراك في الساحات من جهة و يتواصلوا مع الهيئات و القوى الدولية لتعزيز تضامنها و كسبها لقضية الشعب العراقي .  . و يثمّنون التحرك لتشكيل لجان تسعى و تتابع قضية تعويض عوائل شهداء و جرحى الانتفاضة .  .  و الاّ ستضيع الدماء و الجهود المتفانية لأبطال الانتفاضة و تصبح في ادراج الكتب، و تتراجع البلاد الى ضياعها، في ظروف بدأت فيها خلايا داعش الاجرامية الكامنة بنشاطها التخريبي، و باسلحة و عتاد غلب عليه النوع الإيراني كما تتناقل وكالات الانباء. (انتهى)

 

4 /5 / 2020 ، مهند البراك  

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

  1. كما جرى في اختيار داعية الإصلاح الرئيس الإيراني الاسبق خاتمي اواخر التسعينات، مجرّداً من اجهزة و ادوات الإصلاح التي شُددت قبضة الدولة الاسلاموية العميقة هناك عليها . . و صار الاصلاح في خبر كان و الرئيس تحت الاقامة الجبرية.
  2. الاضطرار ، تسبب به القمع الوحشي و ارهاب السلطة و الميليشيات، تسببها بمقتل و جرح و اختطاف و تضييع الآلاف من المحتجين السلميين، و بمحاولات خائبة لشراء ناشطين .
RELATED ARTICLES

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Most Popular