تجريم “ختان البنات” في السودان: هل ينهي الرعب الذي يلاحق الفتيات؟
تتذكّر السودانية حكم ابراهيم، ربّة المنزل الأربعينية، حتى اليوم الكابوس، الذي عاشته قبل سنوات طويلة والألم المبرح الذي أحست به خلال ختانها، وهي ممارسة لا تزال منتشرة في السودان الذي يتجه الى منعها وتجريمها.
كانت ابراهيم طفلة في السابعة من عمرها عندما مرّت بهذه التجربة القاسية، وتروي اليوم كيف حضرت نساء من الحي الذي كانت تقطنه عائلتها في الخرطوم، إلى منزلها في يوم العملية ورحن يغنين ويزغردن ويرسمن الحناء على يديها.
ولاحقا تمّ نقلها إلى غرفة صغيرة للخضوع للختان الذي يقوم على إزالة كلّ العضو التناسلي الخارجي أو أجزاء منه.
وتقول ابراهيم التي تغطي رأسها بوشاح: “شعرت بألم مبرح في كل جسمي لازمني لمدة أسبوع”.
وتضيف حزينة: “راحت فتيات أعرفهن ضحايا لهذه العادة وفقدن حياتهن.. وفي الزواج لا متعة، بل ألم وتعب”.
وأقرّ مجلس الوزراء السوداني تعديلا في القانون الجنائي ينص على أن تجريم عادة الختان ومعاقبة مرتكبها بالسجن لمدة أقصاها ثلاث سنوات مع دفع غرامة.
وينتظر أن يقرّ مجلس السيادة الانتقالي بدوره خلال اجتماع مشترك مع مجلس الوزراء التعديل ليتم نشره ويصبح قانونا. لكن لم يُحدد موعد للاجتماع بعد.
وتعاقب المادة من يقوم بالفعل سواء أكان طبيبا أو طبيبة أو زائرة صحية. وبحسب إحصاءات للأمم المتحدة، عانت 87% من النساء والفتيات السودانيات من هذه الممارسة.
نحو 200 مليون امرأة شُوّهت أعضاؤهن التناسلية عبر العالم بـ”ختان الإناث“
وتنتشر عادة ختان الإناث في عدد من بلدان إفريقيا والشرق الأوسط وآسيا، وخصوصا المناطق الريفية.
في مصر المجاورة، يحظر الختان بموجب القانون وتم تشديد عقوبة مرتكبها في 2016 لتصل إلى سبع سنوات سجن، بعد إحصاء نشرته منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) أشار الى اقتراب نسبة الفتيات والنساء اللواتي أُجريت لهن عمليات ختان بين أعمار 15 و49 عاما في مصر من 90%.
وتعبّر الناشطة النسوية السودانية زينب بدر الدين عن سعادتها بالتعديل، وتقول لفرانس برس: “هذا أمر مهم جدا للنساء السودانيات، ويؤكد أننا قطعنا خطوات”.
كما رحبت اليونيسيف بخطوة السودانيين.
وقال ممثل المنظمة في الخرطوم عبد الله فاضل في بيان: “هذه الممارسة ليست فقط انتهاكًا لحقوق كلّ طفل، إنها ممارسة ضارة ولها عواقب وخيمة على الصحة البدنية والعقلية للفتاة”.
وأضاف “على الحكومات والمجتمعات على حد سواء اتخاذ إجراءات فورية لإنهاء ذلك”.
“التجريم لا يتعارض مع الدين “
وترى الناشطة الحقوقية السودانية شيرين أبو بكر (28 عاما) أن “تجريم الختان لا يتعارض مع الدين وليس هناك نص يبيح الختان، هي عادة يمكن مكافحتها في ظل التغيير الذي تشهده البلاد، وأنا سعيدة بما يحدث”.
ويعيش السودان حاليا عهدا جديدا بعد نجاح ثورته التي شهدت دورا بارزا للمرأة وأسقطت في نيسان/أبريل 2019، الرئيس السابق عمر البشير الذي حكم البلاد لمدة 30 عاما.
ومنذ آب/أغسطس الماضي، يتولى مجلس سيادي انتقالي يضم عسكريين ومدنيين الحكم في الدولة.
وتقول بدر الدين: “خلال العقود الثلاثة الأخيرة، ازدادت ممارسة العادة ووصلت الى مناطق جغرافية لم تكن تعرفها مثل جبال النوبة (جنوب) كما عادت إلى الانتشار في المدن التي كانت تخلت عنها”.
وليست هذه المرة الأولى التي تجري فيها محاولة لتجريم عادة الختان. في عام 2015، تم إدراج التعديل في قانون الطفل.
وتوضح بدر الدين أنه بعد وصوله إلى البرلمان، قام البشير بإلغاء النص: “بضغوط من بعض رجال الدين الإسلاميين”.
وترى بدر الدين أن “العقاب يجب أن يشمل جميع أفراد أسرة الطفلة التي تُرتكب في حقها هذه الجريمة”.
وتقول منال عبد الحليم، المستشارة في حملة “سليمة” التي أُطلقت قبل خمس سنوات لمناهضة العادة، “نحن سعداء بهذا التعديل في القانون”، مضيفة “لكن طبعا القانون وحده لا يكفي، لا بدّ من حملات توعية للمجتمع”.
وتقول ابراهيم “نتمنى بعد تعديل القانون أن يدرك كل الناس أن الفتاة كما ولدت سليمة، يجب أن تعيش سليمة”
. المصادر: أ.ف.ب، دويتشه فيله
قنطرة