لسنا هنا في معرض عرض مواقف المرجعية الدينية العليا ، ولا الدخول في آراءها فهم مراتب خصهم الله بها دون خلقه ، ولكننا هنا من باب التحليل لاغير ، ولاندخل بأي رأي أو توجه لها في اختيار او عدم اختيار مرشح لرئاسة الوزراء القادم ، ولكننا ندعي القراءة التي ربما تكون قريبة من موقفها أة يتس معه ، إذ ان الخطبة الاخيرة للمرجعية من على منبر الجمعة ، كانت واضحة جداً لاتقبل التأويل أو التفسير في اختيار المرشح لمنصب رئيس مجلس الوزراء ، واعلنت صراحة موقفها الرسمي من ترشيح الاسماء المكررة ، والتي لم تكن قادرة على النهوض بالواقع المتردي في البلاد ، وضرورة اختيار الشخص الكفوء والنزيه والشجاع ، والقادر على تشكيل كابينته الوزارية القوية القادرة على النهوض بواقع البلاد ، واخراجه من محنته السياسية والاقتصادية .
كانت هناك قائمة تضم 20 اسماً مرشحين لتولي منصب رئيس مجلس الوزراء ، ولكن هذه الاسماء على الاغلب ممكن كان في سدة الحكم على مدى الحكومات المتعاقبة منذ 2003 ، وبعد جملة من الاسقاطات على هذه القائمة ، لم يتبقى سوى عدة مرشحين ، حتى جاء ترشيح السيد عادل عبد المهدي من قبل رئيس قائمة سائرون مقتدى الصدر ، والذي كان يشغل منصب نائب رئيس الجمهورية ، قبل ان يقدم أستقالته بناء على توجيه من المرجعية الدينية على ضرورة تقليص المناصب الحكومية في الدولة العراقية ، حيث جاء هذا الترشيح بما يتسق ورؤية المرجيعة الدينية العليا ، في ضرورة ان يكون المرشح مستقلاً لا ينتمي لاي جهة سياسية ، وهنا كانت حظوظ السيد عبد المهدي جيدة في صعوده لرئاسة الوزراء ، وعلى الرغم من كل العراقيل والمعرقلات التي وضعتها بعض الكتل السياسية ( الشيعية تحديداً) الا ان الرجل يمتلك عدد لابأس به في المضي قدماً نحو كابينته الوزارية ، فهو يمتلك علاقات جيدة مع المحيط الدولي ، والولايات المتحدة الامريكية ليس لها تحفظ عليه ، الى جانتب الوضع الاقليمي والذي يبدو مرتاح خصوصاً إيران ، الى جانب ارتياح دول الخليج لهذا المرشح ، داخلياً فالرجل يمتلك علاقات متميزة مع الاكراد ، حيث كان عراب أي محادثات تحصل بين اقليم كردستان زالحكومة الاتحادية ، الى جانب امتلاكه لعلاقات جيدة مع المكون السني ، والذي يمتلك السيد عبد المهدي مفاتيح حله ، بما يعكس وضع مريح دون وجود مشاكل او عراقيل ، الا ان الوضع الشيعي هو المتأزم دائماً ، فالكتل السياسية الشيعية منقسمة على نفسها من ترشيح السيد عبد المهدي ، لهذا كان لزاماً على الاخير ان يشترط ان يكون هناك اتفاق وتوافق عليه ، وان يكون المرشح الوحيد للشيعة ، وبعكسه فانه في جلسة اختيار رئيس الوزراء سيعلن انسحابه من الترشح ، وبهذا يكون قد ضغط الموقف تماماً ، واخرج نفسه من عنق الزجاجة ، ورفع يد الضغوط من على كتفه ، ليسير واثق الخطى مطمئن ، ان لا ضغوط سياسية ستمارس عليه هنا او هناك .
تبقى القوى الشيعية الرافضة لترشيحه وهي الاقلية فستكون مضطرة الى الذهاب للمارسه دورها الرقابي في المعارضة ، والتي بلا شك ستكون معارضة قوية ، تمارس دورها الرقابي الى جانب دورها التشريعي ، وهذا ما يعد خطوة اولى باتجاه دولة حكومة لا دولة احزاب ، والسير قدماً نحو تشكيل الكابينة الوزارية ذات المهنية والكفاءة ، بعيداً عن المحاصصة الحزبية التي اوصلت البلاد والعباد على الهاوية مرات عدة .
|