أصل الباسيين :
يذكر الدكتور زرار صديق في كتابه القبائل الكردية في العصر الوسيط : كانت باسيان قبيلة مغامرة يصل عدد أبنائها إلى حوالي ألف أسرة في سنة 1353م هاجر جميع أبنائها بقيادة زعيمها شهرزور إلى بايزيد ويعتنق جميع هؤلاء الديانة الإيزيدية ، وكانت معروفة في القرن الرابع عشر وذكرها المسعودي في كتابه التنبيه والاشراف ص 94 بالبارسيان، بينما في كتابه مروج الذهب 2/124 بالبارسان، اما معاصره الرحالة مسعر بن مهلهل الذي زار شهرزورفي حدود عام 341هـ – 952م فقال بالباسيان وان أصل الباسيان من منطقة بازيان ما بين كركوك وسليمانية وهاجروا منها الى منطقة شهرزور نتيجة حملات الإبادة التي تمت ضدهم من قبل العرب وكانت في شهرزور ثلاث قبائل رئيسية لكن قبيلة باسيان كانت الاكثر تعداداً من حيث المنتمين إليها وكان يرأسهم (شهروز) وبعدها هاجرت القبيلة الى منطقة فارقين واسسوا إمارة باسم (فارقين) عاصمتها (قولب) يرأسها (علي الباسي) والامارة متكونة من (40) عشيرة من ابناء الديانة الايزيدية، ولما سقطت الامارة فإن أكثر ابناء العشائر الايزيدية المنضوية تحت رايتها هاجروا الى منطقة (كلس) لتبقى بعض العشائر تحت اسم الباسيين، ولكن جلهم توزعوا بين بقية العشائر الايزيدية هناك وانصهروا معهم.
تقول الدكتورة (Xanna omerxala) كان الباسيون يقطنون حول سيرت واروحا، ولهم قرى داخل ولاية سيرت في اقليم قضاء ارووحا وجبال (كفرىَ) الى نهر سهل بؤتان.
وذكر الدكتور عسكر بويك كانت هناك (801) قرية للايزيدية في تركيا وقرى مشتركة بين الارمن والايزيدية وكذلك بين الكورد المسلمين والايزيدية لحين 1920م، لم تبق الا القليل من القرى الاهلة بهم فمنهم من هاجر ومن ابادوا.
بينما يذكر الكاتب كمال تولان في كتابه (هه بون ونه بوونا ئيَزديان) كانت هناك العديد من قرى الباسان في الجزيرة (باسا الايزيدية وباسا سلؤ فرحؤ ، بوتارا )، وذلك قبل حملة الابادة التي تمت في 14-5-1916 ، التي راح ضحيتها 400 شهيد، وأضاف تولان: كانت هناك قرى لهم في قضاء (دهى) التابعة لولاية سيرت من جبال كفر الى نهر إمارة بوتان، واجدادهم انتقلوا من منطقة امارة خالتا –نقيبا- الى بوتان والبعض منهم أصبحوا دخلاء عند الخالتية .
الموقع الجغرافي :
تقع قرية زفنكا باسا في سيرتى، بالقرب جبل كفر جنوباً، في سهل بوتان . يحدها من جهة الشرق (ديوك، عينك وجَلتوك) ومن الغرب (فالا – سؤسكى – تانزى وسورك)، ومن الشمال ((شمال قرية زفنكا باسا يقع جبل اومر داغي ومزار شيخ عمر مراد وله مناسبة (تواف) وخلفه هناك منحدر باسم كفر، طريق جبلي واحد تسمى (قرزىَ) تتسع لشخص واحد بالعبور ومن آثار القرية (حنيركا باسيا) وتوجد خمسة عيون للماء (كوفل- زينى – بركا باسا- البلافا – بركة المدور (مالا) وبركة بَستا بالقرب من العين لقلة المياه في العين وعين كوفل …
تقع على نهر بوتان بمحافظة سيرت / قضاء دهى / ناحية عيتى، ومن طرف خالتا جاءوا الى عائلة زورو، تحت تأثير عوامل خاصة تركوا ديارهم والتجؤا الى منطقة (سيرت)، وأستجيروا بعائلة (محمد أغا رسول) وهم ثلاث عوائل وكان للأخير عدة قرى فسكنوهم في قرية (زفيك) وفيها العديد من المغارات، فمكثوا لفترة طويلة وأصبحوا عدة عوائل، وزرعوا الارض القريبة منهم.
كان (سلو محو) يقود قبيلة الباسيان قبل الفرمان وتعدادهم (150) عائلة
مشكلة المسيحيين الأرمن .
يعيش (60) الف مسيحي في قضاء سيرت منهم (25)الف أرمني – (20) الف يعقوبي (15) الف من الاقوام الأخرى الاثورية والكلدانية، وفي داخل المدينة سكانها (7442) نسمة ومنهم (4200) مسيحي، وفي القضاء (20) الف ايزيدي، يسكن المسيحيين في (36) قرية مع تشيد كنيستين في القضاء، عدا كنائس القرى، لكن الكرد المسلمين كانوا مرتزقة للقوات العثمانية وكانت التجاوزات عليهم من قبل جندرمة الترك والعشائر الكردية المسلمة ، لكن المطران آدي شير يحاول دون حدوث عراقة الدماء.
يقول صديق الباسي/ مواليد 1963: قاد حلمي بك والي سيرت عملية مجزرة بحق الأبرياء الغير المسلمين في سيرت في سنة 1914، والمرتزقة يهاجمون سيرت من اجل النهب .
المطران آدي شير الدومنكاني من ولادة الموصل، كان مطراناً لولاية سيرت حينئذ، وقد اهدى للوالي حلمي بك (500) قطعة ذهبية للحفاظ على المسيحيين وممتلكاتهم في الولاية، وقد جمعها من أهالي المسيحيين في القضاء .
اصدر حلمي بك والي سيرت أمراً بإعفاء عبد الرزاق رئيس البلدية من منصبه، كان صديقاً للمسيحيين وأنقذ الأرمن لغاية أيار 1915 .
جوزت بك قائد عملية حزيران 1915 من ديار بكر الى سيرت وتم محاصرتها لمدة شهر، كان مجرماً طلب من آدي شير فدية قدرها (500) قطعة ذهبية، أكد له المطران بان ما كان يمتلكه سلمه الى الوالي حلمي بك، لكن نهره قائلاً :
- قلت لك اريد منك فدية للجيش كي نحميكم، ما سلمته الى الوالي لا علاقة لي بها .
اجبر آدي شير أن يتصل بعثمان العمر الذي كان تربطه صلة الصداقة به .
هجم جوزت بك على القرى الأرمنية هناك في وادي القصابين في سيرتى وقتل فيها (742) فرداً أرمنياً في يوم واحد وبعدها بشهر قتل في نفس الوادي (4032) أرمني، والعشائر الكردية في هذه المنطقة احتلوا كافة القرى الأرمنية وصادروا ممتلكاتهم وسبوا النساء والأطفال وهدموا الكنائس وقتلوا الرهبان.
تقدم قوات العثمانيين والمرتزقة نحو الباسيين :
مشكلة المطران آدي شير :
داهمت قوة من الجندرمة التركية موقع تواجد آدي شير في كهوف (زيواج) في الجبل، وقد جاءت هذه القوة عبر القرى ( قلعة التل – هه ر كولى – شةر كول – سه ر بنتكا – سه ر بنا – ديرى – ديوكى ) دافع عنه شمو مسطو الايزيدي لحين الاستشهاد، القي القبض عليه تنكر (آدي شير) بملابس كردية فجلبوه الى قرية العينة، لكن بعدها علم لا مفر منهم اعترف وطلب منهم أن يلبس الصليب ويقيم الصلاة، وبعدها تم نحره بالساطور وأرسل رأسه الى والي سيرت، لكن السيد صديق باسي يقول: بعد مقتل حمايته الايزيدي (شمو مسطو) القي القبض على المطران وهو متنكر بالزي الكردي (شال وشبك)، وبعدها اعترف فأخذوه الى قرية زيوة وطلب منهم بلبس ملابسه الديني وصليبه وبعدها اعدم من قبل (10) أشخاص، ونزع منه (المحبس الذهبي) وقطع رأسه وارسله الى والي سيرت وقائد الجيش هناك .
بعد مقتل آدي شير حاول المسيحيين العبور سراً الى سوريا ، فاستطاع سمو بابير إنقاذ مجموعة كبيرة منهم على سبع وجبات واوصلهم الى منطقة آمنة في سوريا.
وقبل الابادة بشهر أو أكثر رحلت ثلاثة عوائل من الباسيين (حسو باسي، حسين مسطو – عمو) مع عائلة شيخهم (شيخ علي – من شيوخ آمادين) الى قرى الخالتية (دوشايى) لان عمته كانت متزوجة من (بركات مامند) وأدركوا بان مصيبة ما ستحدث للباسيين .
جاءت قوة عثمانية والألوية الحميدية بعد ثلاثة أشهر بقيادة والي سيرت للهجوم على العوائل الأرمنية في قرية باسا وهنا ناشدو اوصمان باشا لكنه لم يكن بمقدوره تحدي قوات والي سيرت والألوية الحميدية فتخلى عنهم وأصبحوا صيداً سهلاً للجيش العثماني، حاول الأرمنيين الاستسلام وطالبوه بعدم قتلهم .
- قال عمو قاسو : يا اوصمان أغا لنحارب الجيش العثماني والمرتزقة ها هم قادمون الينا؟ باستطاعتنا دحر قوتهم نحن نمتلك البنادق وهم ايضاً، هم مرتزقة من اجل المال والجنس ونحن ندافع عن الشرف، والله لا يستطيعون أن يأخذوا شبراً من أرضاً.
- اوصمان آغا : علينا تجنب القتال مع رجال الدولة .
- لكن هؤلاء قادمون لمحاربتنا كيف لا نحاربهم ؟
- سنخسر في حالة محاربتهم .
- سيبيدوننا في حالة استسلامنا !.
- لقد حاربت الدولة العثمانية سابقاً وتم إعفائي وفي حالة تكراري لعدائهم سينالون مني ومن قومي .
- ألم تعلم في حالة جمعك سبع قرى مسيحية في هذه المنطقة وجلب المطران، سيتم محاربتكم من قبل الدولة العثمانية ؟
- قلت لربما لفترة تنتهي مشكلة الإبادة ويتم الصلح أو ايجاد وسيلة لنقلهم الى منطقة أخرى آمنة يتجنبوا من عملية القتل .
- (بعصبية) رمى عمو قاسو سلاحه أرضاً وقال : لقد هدمت بيوت الباسيين سيتم ابادتنا لا محال .
- اوصمان آغا: على أهالي الباسان انقاذ انفسهم.
ملاحظة : 1- سأنشر المصادر في الحلقة الاخيرة 2- الصورة من صفحة اورهان باسي