الخميس, نوفمبر 28, 2024
Homeمقالاتكوابيس أنخفاض أسعار النفط –يهدد الأقتصاد العراقي بالأنهيار : عبدالجبارنوري

كوابيس أنخفاض أسعار النفط –يهدد الأقتصاد العراقي بالأنهيار : عبدالجبارنوري

أن الأقتصاد العراقي يتعرض لضربة مزدوجة — بين هبوط أسعار النفط وفايروس كورونا ، وأن الأزمة المالية في العراق خطيرة الأيرادات لم تصل إلى أكثر من 20% من حجم الموازنة الكلية ، أضافة لقبول العراق بقرار منظمة أوبك بخفض الأنتاج لمليون برميل في اليوم أنها تحمل الميزانية خسائر فادحة .

أن أحدث خبرعاجل لهبوط سعر البرميل إلى أقل من 30 دولار للبرميل في تسعيرة هي الأدنى لهُ منذ 2002، والكابوس المقلق أن هبوط التسعيرة لا تزال مستمرةً حتى ونحن في نهايات شهر مايس .

ما الذي خفض وقلل قدر هذا الذي سميّ بالذهب الأسود ؟ هو أنهيار التحالف بين منظومة أوبك بقيادة السعودية وروسيا وهما المصدران الرئيسيان في العالم ، تزامنت الأحداث مع هوس زيادة الأنتاج لكل من الدولتين بضخ السوق العالمي بأكثر من 10 ملايين برميل في اليوم ، وأخذوا يبيعون في الأول من أبريل بسعر بين 4 و7 دولار للبرميل ، أضافة إلى فشل قرارات الأوبك لخفض الأنتاج ، وتلازم جائحة كوفيد 19 ومخرجاتها الكارثية في تسريح العمال وغلق الحدود الدولية ، والحضر القسري .

وأن هبوط أسعار النفط يهوي بأيرادات العراق ( للنصف ) فيما أذا وصل السعر إلى أقل من 30 دولار لأن بعد طرح الكلفة البالغ تقريبا 13 دولار للبرميل حسب قرارات تراخيص الوزير الأسبق حسين الشهرستاني الباقي 17 دولار علماً أن الصادرات النفطية تشكل نسبة 98 % من تدفقات العملة الأجنبية إلى العراق ، في حين يشكل النفط 45 % من الناتج المحلي الأجمالي و 93 % من أيرادات الموازنة العامة مما يجعلهٌ المورد الرئيسي للأقتصاد وهذا مما يشكل ( صدمة ) كبيرة في أيرادات البلاد وهو ما يتطلب بوقفة جادة وحكمة في أدارة الموارد ورقابة وطنية خالصة .

وأني أعتقد جازما أن العراق ( لا ) يملك ذلك الجهاز المبكرالسحري الذي تفضل في ذكره الخبيرالأقتصادي والمستشار العراقي مظهر محمد صالح لكون العراق يمتلك بدائل لكنها مجمدة وغير مستغلة لغياب الهاجس الوطني .

ماذا سنفعل على المدى القريب ؟!

الجواب هو —- لا شئ

ماذا أستفاد العراقيون ؟ عندما كان سعر النفط لا يقل عن 100 دولار للبرميل ؟؟؟!!!

الجواب هو —- أيضاً لا شئ!!!

أن الفساد المالي والأداري داء ينهش النسيج الأجتماعي من جوانبهِ السياسية ولأقتصادية والثقافية ، وهو من أكبر التحديات التي تواجه عالمنا الحديث فهو يقوّض الحكم الصالح ويشوّه السياسة العامة ويهدم مرتكزات القطاع العام ويقوّض القطاع الخاص ، ويلحق الضرر بالطبقات الفقيرة ، وهو سلوك فردي طاريء يشذُ عن القواعد السلوكية السوية للنظام العام ، وللفساد أثر بليغ في تزايد العنف ، والعراق يتصدر لائحة الفساد العالمية ، وحسب المؤشر الدولي للدول الأكثر فساداً هي : العراق وفنزويلا وكوريا الشمالية وليبيا والسودان واليمن وأفغانستان وسوريا ، وأن هذه المعطيات نُشرتْ من قبل المنظمة الدولية Tronsparency International

ويعتبر ” مزاد العملة الأجنبية ” تلك الفرية الأمريكية البريمرية للمحتلين طُبقتْ بالتحديد عام 2004 من قبل البنك المركزي العراقي ، والذي يعتبر شكلاً جديداً من أشكال الفساد الأقتصادي المرتبط بحبلهِ السري مع عملية غسيل الأموال في العراق ، فمزاد العملة في العراق أصبح وسيلة لتهريب الأموال من العراق فقد تمّ هدر 312 مليار دولار من 2004 لحد 2014 وهي من عائدات النفط العراقي الآيل للنفاذ في 2040 والذي ضخهُ البنك المركزي العراقي إلى الأسواق وتمّ تحويلهُ ألى الخارج وهو رقم لا يستهان به حين يعاني الأقتصاد العراقي شللا بسبب أستنزاف الحرب الداعشية وأنخفاض سعرالبرميل من النفط الخام والألتجاء إلى الأستدانة من البنوك الدولية ورهن مستقبل الأجيال القادمة بالضمانات السيادية والرضوخ للشروط التعسفية للصندوق النقد الدولي .

ما هو مزاد العملة ؟ يمكن توضيح الأصطلاح كما يلي كمثال عابر ومغث وقاهر: أذا أشترى أحد المصارف ( 10 ) مليون دولار بسعر صرف الدولار 4-118 دينار عراقي للمصارف وتقوم تلك المصارف ببيعه بسعر 5-125 دينار عراقي ، كان ربحهُ 71 دينار لكل دولار فيصبح 710 مليون دينار عراقي أي ما يعادل 600 ألف دولار لذلك اليوم وخلال سنة واحدة يربح المصرف ( 200 ) مليون دولار علماً أن أكثر من 65% من الوصولات والكوبونات ( مزورة ) أو تسجل بأسماء أشخاص عاديين يحملون جوازات سفر عراقية حتى وأن لم يشتروا أي دولار ، ويخسر الأقتصاد العراقي 3 مليار دولار سنوياً لصالح جهات مافيات تهريب المال العام الغير مبرر والغير مسؤول ، فكان الأجدر بناء مدارسنا الطينية وتشغيل جيوش العاطلين وأعادة الحياة لشركاتنا المعطلة ، وللعلم أن عملية مزاد العملة الأجنبية في البنك المركزي العراقي مرتبطة بمصارف تعود لجهات سياسية تموّل من قبل أحزابها وميليشياتها في بيع العملة الأجنبية وسبائك الذهب حيث يبيع البنك المركزي يومياً 180 مليون دولار ، وفشلتْ محاولات العديد من السياسيين المخلصين – وهم قلّة – في ألغاء مزاد العملة الذي يطبقهُ البنك المركزي العراقي بعد ما بلغت 180 مليون دولار في اليوم ولكن محاولاتهم باءت بالفشل لتقاطعهم بمافيات الفساد المنظمة المدعومة بالميليشيات والأحزاب المسلحة والمرتبطة بشبكات التهريب في الداخل والخارج ، وأن البنك المركزي يعلن أن التدقيق في الفواتير ليس من أختصاص البنك وأنما من أختصاص دائرة الجريمة الأقتصادية التابعة لوزارة الداخلية ، وأن هذه الطفيليات المالية ما كانت ترقى إلى أمبراطوريات مالية لولا للمناخ الفاسد العراقي للفترة ما بعد 2003 ، ولم يكن لهُ وجود منذ تأسيس الدولة العراقية في 1921 حتى 9 نيسان 2003 الذي شهدهُ العراق بعد الأحتلال الأمريكي لهُ ، وعلى ضوء هذا الفساد ونهب المال العام لم يكن مستغربا أن يصنف العراق لسنتين متتاليين في صدارة الدول الأكثر فساداً وظهرت تداعياته المرضية على الكيان العراقي الهزيل أصلا : وهذه بعض التداعيات السلبية التي ظهرت على الحياة السياسية والأقتصادية والأجتماعية والثقافية  :

-خلخلة الوضع الأقتصادي الذي يؤثر مباشرة بالوضع السياسي .

– التذبذب في سعر الصرف .

– خضوع الأقتصاد العراقي الأحادي لتقلبات ومضاربات السوق المحلي .

– أستنزاف أحتياطي البنك المركزي من العملات الصعبة وسبائك الذهب الذي يؤثر بدوره في صرف العملة المحلية .

– تراجع أحتياطي البنك المركزي في سنة 2009 ألى 35% .

– فقدان أستقلالية البنك المركزي العراقي .

– توسع الفجوة بين سعر الصرف الرسمي وسعر السوق .

– البطالة بنسبة 39 % والفقر بنسبة 40% .

– العجز بميزان المدفوعات وثم ألى أنخفاض القدرة الأنتاجية .

– تنامي وأنتشار الفساد والسرقة للمال العام وضعف الروابط الأجتماعية .

– تنامي ظاهرة غسيل الأموال .

كلمة أخيرة / لقد تدهورت (أستدامة ) المصادر المالية في العراق منذ سنة 2014 وهي مستمرة حاليا التي تلت الأزمة المالية العالمية وتأثر بها العراق في 2008 ، وأستمر ظهور العجز في الميزانية العراقية حتى وصل ألى رقم كارثي يتجاوز 111 مليار دولار وخفف الرقم ألى 37 مليار دولار بعد شطب المانحين في نادي باريس لتلك الديون بنسبة 80% .

من المستحيل أن الجهات الرقابية والتي هي ( هبئة النزاهة ووديوان الرقابة المالية ومكاتب المفتشين العموميين ) من أن تقف بوجه الفساد لأن هذه الجهات الرقابية بحاجة ماسّة لتوفير الأمن والدعم السياسي لهم ولأنّ (بعض ) هذه القيادات السياسية تقع تحت نأثير ضغوطات داخلية وخارجية أقليمية ودولية ، ونصيحة مجانية لرئيس الوزراء الجديد مصطفى الكاظمي : هوألغاء ( وكلاء) الوزارات لكونهم لصوص بأمتياز ، أو أن يجري تدقيق شديد في الأختيار ووضعهم تحت المراقبة الشديدة بعد تفعيل القانون .

الهوامش والمصادر/

د-علي مرزا – أستخدام الأحتياطي في غير وظيفته /

سمير شعبان –جريمة تبييض الأموال 2016 /

أيمان محمود –الأزمات المالية العالمية .

كاتب عراقي مقيم في السويد

في مايس 2020

RELATED ARTICLES

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Most Popular