1 ـــ حتى ولو, افرغوا رصاص الكلام البذيء والتشويه والذخيرة الحية في صدر الأنتفاضة, يبقى الجنوب والوسط, مجتمع وطني, تاريخه معبد بالأنتفاضات والثورات, اهمها في التاريخ الحديث, ثورة الرابع عشر من تموز 1958 الوطنية, هاجمتها الأنظمة الأقليمية والدولية, وكانت المؤسسة الدينيه , واحزاب القومية العربية, واغوات الأحزاب الكردية (لعصيان ايلول1961) ادواتها المحلية, ثلاثيي الردات والخيانات كان جاهزاً تحت الطلب, فأنتصر ظلام الردة على نهار الثورة التموزية, واستشهد زعيم وطني لا يتكرر, الجنوب المسكون بتقاليد الرفض والتمرد, كان مقلقاً للجميع, لهذا كان مستهدفاً, وعليه ان يدفع ضريبة الحروب والحصارات والأضطهاد والأفقار والتجهيل, حتى تحول الى محافظات منكوبة, يشرب الجميع من مراضع ثرواتها ثم يخذلها.
2ـــ الأنتفاضة كانت استجابة لنداء شعب يتألم, مواجهات غير متكافئة, بين مجتمع انهكه العوز والجهل والتهميش وموجات تأديبية, تشنها فصائل مليشيات دموية غير “مقدسة” مدعومة بحكومة مليشياتية منشطرة بين ارادتين شريرتين, امريكية وايرانية, ثمن تظاهرات سلمية تطالب بحقوق اقل من الأدنى, الخبز والماء الصالح والكهرباء وخدمات اكثر من الصفر بقليل, تقدم خمسة وعشرين شهيداً وعشرات الجرحى ومئآت المعتقلين والمطاردين, ولا زال اغلب شباب الأنتفاضة محتجزين في مقرات الأجهزة الأمنية وفصائل المليشيات , يتعرضون للتعذيب وانتزاع البراءات والتعهدات المهينة.
3 ـــ بعض الكتاب المحللين والباحثين!!!, يتذاكون في استعراض خسائر الدولة (بالعملة العراقية), ليشوهوا وجه الأنتفاضة, بقذارات البعث والدواعش, وكأن القتلى والجرحى والمعتقلين والمطاردين من المتظاهرين ليس لهم قيمة وطنية, كلنا نرفض العنف, لكن مقرات المليشيات, اغلبها اُحرقت من قبل المليشيات ذاتها, ليُتهم بها المتظارين كذريعة للتنكيل بهم, مع ذلك, كانت مقرات للخطف والأغتيال والأبتزاز, لم يعد للعراق جاجة بها, ويجب ان يرفعها الناس من شوارع محافظاتهم, لا نختلف مع غيرنا, كون عناصر البعث كانت ولا تزال قوى اجرامية يجب التصدي لها, لكن: اذا تجاهلنا كثافتها في العملية السياسية, ونفوذها في السلطات الثلاث والرئاسة, ومشاركتها في الثروات, وكل اوجه الفساد والأرهاب, فيصبح الأمر تسويقاً للذات مرفوضاً..
4 ـــ عندما تصبح معادات البعث, محاولات للمزايدة, فاوراقها غير نافعة, والعراقيون يقرأون مضمون الأشياء, منطق الأنتفاضة اكثر بلاغة, وحروفها كتبت بدم الشهداء والجرحى ومعاناة الضحايا, الكاتب عندما ينسحب عن صلب وظيفته المجتمعية, عليه ان يتجنب عبثية سحب الحقائق معه, بعد ان افرغ ذاته من اي هدف او قضية, حتى ولو كانت على هامش التوافه, ما يحدث في الجنوب والوسط, انتفاضة شعب رغم زخم الأكاذيب الباطلة, وحتى لو كبرت بيضة الكتلة الاصغر, التي اُجهضت من رحم فضيحة التزوير, ستبقى محاصرة داخل كلس المنطقة الخضراء, والأنتفاضة لها شوارعها وساحاتها ومنتفضيها.
28 / 09 / 2018