سنجار ميدان النزال
l
بغداد- ناس
سلطت وسائل إعلام عالمية، الضوء، على الأدوار غير التقليدية، للنساء الإيزيديات، في مواجهة الألغام المنتشرة في قضاء سنجار، وتشكيل فرق محلية، لمعالجتها.
وقالت صحيفة صندي تايمز البريطانية في تقرير تابعه “ناس”، (18 آيار 2020) إن في كل يوم عند الساعة الرابعة فجراً تتسلل هناء خدر، من البيت تاركة زوجها وأطفالها الثلاثة نائمين، وهي ترتدي قبعة قش تقيها من الشمس، مع بدلة خاكي وطوق في يدها مكتوب عليه صنف دمها لتبدأ يومًا آخر من حياتها الحافلة بالمخاطر.
وأضافت أن “هناء 27 عاماً، تقود أول فريق إزالة الغام جميع أعضائه من نساء إيزيديات، في مهمة البحث عن بعض من مئات آلاف المتفجرات والمخلفات الحربية المميتة التي تركها تنظيم داعش عبر أراضيهم ومناطقهم في شمالي العراق”.
وتقول هناء عبر مكالمة فيديوية من مكتبها في سنجار “أعرف أن عملي هذا خطر جداً، أي خطوة خطأ ممكن أن تكلفني حياتي. ولكنني فخورة لأنني أقدم خدمة لأبناء طائفتي ولمدينتي وشعبي ليتمكنوا من الرجوع لبيوتهم”.
وأشار التقرير إلى أنه “بعد ست سنوات من اجتياح مسلحي داعش لمنطقتهم وقتل المئات من الرجال وأسر ما يقارب من 7000 امرأة وفتاة للاستعباد الجنسي، ما يزال 300,000 أيزيدي يعيشون في مخيمات رغم الحاق الهزيمة بداعش وطرده من العراق في العام 2017”.
وذكر أن” ربع عدد الايزيديين فقط تقريبا عاد إلى سنجار، واحد اسباب ذلك يعود إلى أن أغلب احياء سنجار تعاني من دمار وتتخللها الانقاض، ولسبب آخر هو ان الارهابيين تركوا المنطقة وهي ملغمة بمتفجرات مميتة، حيث عثر فريق هناء على الغام مخبأة في قدور واوعية ولعب أطفال، فضلا عن أحزمة ملغمة بطول نصف ميل. ويذكر أن العراق مصنف على انه من اكثر البلدان تلوثا بالالغام على الارض”.
وتقول مديرة مكتب المنظمة البريطانية الاستشارية الخيرية لازالة الالغام بوريشيا ستراتون إن “داعش تمكن من تصنيع الغام ارضية على مستوى تجاري لزرع الرعب وتهديد أرواح بريئة لأجيال قادمة “.
من جهته تقول هناء “زرع داعش عبوات ناسفة في كل مكان، قاموا بعمل مفخخات وكمائن متفجرات بهدف انه عندما ينهزمون وينسحبون ستبقى معاناتنا مستمرة. لا يمر يوم بدون وقوع انفجار للغم يؤدي الى قتل أو قطع اطراف اشخاص ابرياء. هناك رعب بين اهالي سنجار”.
وبحسب الصحيفة البريطانية فقد “تمكنت منظمة ازالة الالغام البريطانية من تدريب 36 آمراة تعتبر هناء احد اربع قادة، اثنان من الايزيديات واثنان عرب، ومنذ ان بدأت العمل في 2016 تمكن فريقها من ازالة 27000 لغم، وتم ترقيتها مؤخرا كمشرفة على فريق ثان بضمنهم تسعة رجال”.
وأردفت ان “المخرج السينمائي، اورلاندو فون اينسيديل، الذي حاز على الاوسكار لتوثيقه جهود عمال الاغاثة في سوريا تحت عنوان اصحاب الخوذ البيض، قام بتوثيق عمل فرق ازالة الالغام بقيادة هناء تحت اسم، داخل النار، وهم يتنقلون بحذر بين الانقاض والحقول حاملين معهم المجس المعدني الذي يتحسس وينذر بوجود لغم، ثم يقومون بتفجيره عن بعد”.
ويقول اينسيديل “هناء وزملاؤها هم من بين اشجع الناس الذين التقيت بهم. انهم يعرضون حياتهم للخطر كل يوم من اجل جعل الارض آمنة من جديد. انها وفريقها يكشفون عن الدور الذي تلعبه المرأة في اعادة بناء المجتمعات بعد الحروب”.
وتأمل هناء أن “ينبه هذا الفيلم بالمأزق الذي عاشه الايزيديون، الآلاف ما يزالون مفقودين، وكثير من النساء محبطات من عدم اتخاذ اجراء قانوني ضد مغتصبيهن”.
وعن قصة هناء قالت الصحيفة إن “عائلتها عادت إلى بيتها القديم في قرية خانسور في سنجار. كانوا محظوظين لعدم تعرض بيتهم لضرر. 10% فقط من القرويين قد رجعوا وذلك خوفا من الالغام وانعدام الامن. هناء تخشى على اولادها وهم يقطعون مسافة ميلين للذهاب الى المدرسة”.
وقامت هي وفريقها بالتنقل حول المنطقة لتحذير الاطفال من ان يحترسوا من الاجسام الغريبة. وفي احدى المناطق اخبر رجل الفريق ان ابن اخيه البالغ من العمر 15 عاما كان قد تعرض لانفجار قبل فترة وجيزة بينما كان يقوم برعي الغنم. من جانب آخر تسبب وباء فايروس كورونا بارجاء عمل فريق ازالة الالغام، وتأمل هناء بإعادة عمل الفريق قريبا. واكدت بقولها “كل يوم لا نخرج فيه للعمل يعرض حياة كثير من الناس للخطر”.
ترجمة المدى