بمواقع الصراع على الوجود ليس المطلوب الاستسلام بحالات الضعف العسكري اذا صح التعبير فالصراع ليس سلاح وبندقية وفقط فهناك من يخلط بين مفهوم المعركة العسكرية ومفهوم الصراع.
وهناك اختلاف؟
المعارك العسكرية جزء من عملية الصراع وليس الصراع كله معارك عسكرية؟!
هناك ادوات قوة بالصراعات قد تكون اقوى من ادوات القوة العسكرية وتأثيرها اكبر ونتائجها افضل.
بمعركة العام ١٩٥٦ كانت القوة العسكرية البريطانية الفرنسية الصهيونية اكبر واقوى ولكن النتائج والانتصار صار عند من تم التغلب عليه عسكريا والتأثير اصبح معكوس.
لذلك ليس الصراع فقط معركة عسكر!
ادوات الصراع كثيرة ومتنوعة.
هناك العامل الاقتصادي والحصار المالي وحصار الطيران المدني والقادم الجديد بالصراعات وهو الثورات الناعمة لأسقاط الانظمة السياسية الذي يمكن معه اسقاط دول وكيانات من غير حرب عسكرية.
بظل وجود مليون عربي فلسطيني يعيشون داخل الكيان الصهيوني هل هناك قدرة على اسقاط هذا الشذوذ الاداري العسكري الصهيوني المقام على ارض دولة فلسطين المحتلة؟
الإجابة نعم وبكل سهولة من خلال تفعيل آليات الثورات الملونة الناعمة.
اساسا هل فشل العرب عسكريا بالمطلق؟
الإجابة لا
كان هناك انتصار سياسي بمعركة العام ١٩٥٦ كما ذكرنا.
وكان هناك نجاح عسكري بحرب الاستنزاف.
وكان هناك نصر عسكري جبار في بداية حرب ١٩٧٣ تم خسارته لاحقا ولكن ابتداء كان هناك نصر عسكري جبار ومؤثر.
كان هناك صراع بناء توازن استراتيجي بين سوريا والكيان الصهيوني حققته سوريا وقامت به وفرضت حمايتها من اي اعتداء عسكري بالعام ١٩٨٦
كان هناك صراع عسكري بأدوات لبنانية بين الصهاينة والجمهورية العربية السورية انتصر فيه لبنان وسوريا ضد الصهاينة وتم تحرير الجنوب اللبناني المحتل بالعام ٢٠٠٠.
كان هناك صراع
“انتقام عسكري صهيوني دولي”
من لبنان تم افشاله عسكريا بالقوة اللبنانية المقاومة بالعام ٢٠٠٦.
كان ولا زال وهناك استمرار لفرض حالة منع استمرار اي اعتداء عسكري صهيوني مباشر واي اختراق للحدود اللبنانية الارضية واعادة تثبيت تفاهمات عدم الدخول وحالة الستاتيكو بين الحدود الارضية بين دولة فلسطين المحتلة صهيونيا وبين الدولة اللبنانية.
وهذا نجاح وكسر انف وعين موجه ضد الصهاينة.
اذن الواقع العربي عسكريا ليس مأساوي بالمطلق وايضا نقول ونكرر ان الصراع “جزء” من ادواته هي المعركة العسكرية وليس “كل” الصراع هو معركة!؟
ومن هو “اقوى” اليوم لن يكون قويا بالغد والعكس صحيح لذلك مسألة الصبر والصمود وقراءة الساحة السياسية في اماكن الصراع العربي الصهيوني يجب ان تكون ضمن عقلية هادئة باردة صبورة غير انفعالية تقرأ الحدث بواقعية وتتعامل معه بجدية وتنطلق بالتزام أخلاقي مبادئي ملتزم لا تتنازل عن الحقوق وبنفس الوقت تمد يدها للسلام الحقيقي الشامل المبنى على حقوق الإنسان العربي في فلسطين.
للأسف الشديد ان احد مشاكل الصراع العربي الصهيوني هو غياب قراءة حقيقية للمشهد السياسي وطريقة التعامل معه.
ما يتم الترويج له اعلاميا هذه الايام ليس
“سلام عادل يحفظ الحقوق العربية”
ما يجري هو عملية “تنازل مجاني” للصهاينة من دون ثمن ضمن “وهم” يعيشه البعض انه بتنازله المجاني فأن في ذلك “ضمانة” بقاء!؟ وهذا غير صحيح وقراءة خاطئة للواقع.
قانونا اي الكلام عن علاقات بين الانظمة الرسمية العربية وبين الكيان الصهيوني هو تجاوز واضح لما اقرته نفس تلك الأنظمة في مبادرة السلام العربية التي تم اقرارها بمؤتمر القمة العربية في بيروت.
ناهيك على ان الصهاينة يتحركون بالتحدي الوقح بعمل اعلى نسبة استيطان استعماري واعتداءات عسكرية متواصلة على القطر العربي السوري وكذلك اعتداءات مستمرة على سيادة القطر العربي اللبناني بالاختراقات الجوية والبحرية وأيضا الاختراق الاستخباراتي بدعم الصهاينة لأطراف داخلية لبنانية تتكلم بلسان صهيوني وهي تلبس طربوش لبناني !؟
وبظل استمرار احتلال ارضنا العربية بالجولان السوري الاسير.
ليس هذا فحسب ايضا على المستوى المصلحي البراغماتي الخالي من اي مبادئ أخلاقية او التزام ديني او مسئولية قومية ليس هناك اي مصلحة عربية بالتعامل والارتباط مع الصهاينة.
الكلام عن الترويج الدعائي الاعلامي سقط مع ردة فعل شعبنا العربي بكل مكان وبرودة الصمت الحاصلة لا تخفي غليان بركان الغضب الشعبي وهذا الغليان اذا انفجر فأن من كان يسعى لضمانة “البقاء” فأين سيكون موقعه من الاعراب أنذاك؟
الصراع لا يزال مستمرا كما قال المرحوم حافظ الأسد لباتريك سيل.
د.عادل رضا
طبيب باطنية وغدد صماء
كاتب بالشئون العربية والاسلامية
|