من مقدمة كتابي القادم “بدعة الغرب لبعض السريان بتسميتهم آشوريين وكلدان”.
سلفاً، أُكرر القول: ليس قصدنا عندما نقول إن الكلدان والآشوريين الجدد اليوم، هم من بني إسرائيل وليسوا من سكان العراق القدماء الأصليين هو انتقاصاً منهم أو من اليهود مطلقاً، بل كل قصدنا هو أن نثبت زيف إدعائهم أنهم سلسلي الآشوريون والكلدان القدماء، فنحن نحترم جميع الأديان والملل، ولا مانع أن يعود اليهود إلى العراق والعيش بكل كرامة في العراق شأنهم شأن أي عراقي آخر.
مختصر تاريخ المسيحيين في العراق
لا علاقة للكلدان والآشوريين الحاليين بالقدماء، وجميع مسيحيو العراق ومنهم الكلدان والآشوريين الحاليين (الجدد) في كل التاريخ على الإطلاق، هم سريان، شرقيون وغربيون، (شرق وغرب نهر الفرات)، ولا توجد وثيقة واحدة في التاريخ من كنيستهم بلغتهم تقول إنهم، كلداناً أو آشوريين، فهم ليسوا من سكان العراق القدماء الأصليين، بل من الأسباط العشرة اليهودية من بني إسرائيل الذين سباهم العراقيون القدماء.
كانت اللغة السريانية (الآرامية) قد اكتسحت وأقصت كل لغات الشرق منذ القرن الثامن قبل الميلاد ومنها العبرية، وحلَّت محلها، لذلك استطاع المبشرون المسيحيون الأوائل من كنيسة أنطاكية السريانية تبشير اليهود المسبيين بسهولة، وهؤلاء اليهود آمنوا بالسيد المسيح من منطلق قومي لأنه من بلادهم، من مدينة الناصرة، وليس من منطلق ديني مسيحي بحت، لذلك الكلدان والآشوريون الحاليون يعتزون باسم نصراني في كل التاريخ لأنه يعني الناصرة، وليؤكدوا أنهم من بني إسرائيل، وقد بقيت النظرة القومية العبرية الإسرائيلية عندهم مُتجذِّرة طول الوقت رغم اعتناقهم المسيحية.
منذ بدية اعتناقهم المسيحية خضعوا لبطريركية أنطاكية السريانية، لأن لغتهم هي السريانية، وأنطاكية عاصمة سوريا والشرق وأول كرسي رسولي في المسيحية، ومسؤولة الشرق المسيحي، وسُمِّيت كنيستهم، السريانية الشرقية، وعاشوا كمسيحيين سريان في كل التاريخ، لكنهم كانوا كثير التذمر ومحبي الاستقلال بسبب شعورهم القومي العبري القوي، فقد نشأ مقر كنيستهم الرئيس في ساليق قطسيفون (المدائن) عاصمة الفرس سنة 310م، واسمها بالسريانية بيت الآراميين، وتَبنَّت كنيستهم عقيدة بطريرك القسطنطينية نسطور، المحروم في مجمع إفسس المسكوني (العالمي) سنة 431م بسبب أفكاره التي اعتبرت هرطقة، لذلك سُمِّيت كنيستهم، النسطورية، وانفصلت سنة 497م عن كنيسة أنطاكية السريانية الأم بتحريض ومساندة الفرس الذين استغلوهم وكانوا يسعون جاهداً لاتخاذ عاصمتهم المدائن كرسياً عالمياً أسوةً بأنطاكية وروما والإسكندرية، ولهذا سُمِّيت: الكنيسة الفارسية، في كثير من العهود، ومن قِبَلهم أنفسهم، وشعبنا الفارسي، ولقَّب كثيرا من آبائهم، الفارسي، وأهم مزار لهم في العراق، هو دير الربان هرمز الفارسي..إلخ، وبعد أن انشقوا عن كنيسة أنطاكية واعتنقوا النسطرة سنة 479م، عاشوا في عزلة تامة عن الكنائس الأخرى.
منذ القرن السادس عشر لعبت البعثات التبشيرية الغربية دوراً في انشقاقهم أكثر لأهداف مذهبية وسياسية وقومية عبرية، مستغلةً عزلتهم وجهلهم ومشاكلهم، وتوجاهتم القومية السياسية، فانتحلت لهم اسمين مشهورين في الكتاب المقدس من حضارات عراقية قديمة لإقناعهم، فسَمَّت روما الطرف المُتكثلك، كلداناً، وسَمَّى الإنكليز الطرف الذي بقي نسطورياً، آشوريين.
سنة 1318م تبؤا رئاسة كنيسة المشرق السريانية النسطورية البطريرك طيمثاوس، وهو من عائلة اسمها “أبونا”، وهي عائلة جبلية من أصل إسرائيلي من سبط نفتالي، أعقبه ثلاثة من نفس العائلة، والرابع وهو شمعون الباصيدي +1497م، قرر حصر البطريركية في عائلتهُ استناداً إلى النظرة العبرية التي تؤمن بالرئاسة الدينية والدنيوية معاً على شاكلة ملوك إسرائيل كداود وسليمان، ونَصَّ القانون الثاني من قوانين الباصيدي بجعل البطريركية وراثية في عائلته استناداً إلى التوراة المحصورة في سبط اللاويين (سفر العدد 8 :11–19)، وأن يكون البكر أولاً (عدد 3: 12–13)، ونذر الأطفال من بطون أمهاتهم ليصحبوا أساقفة (1صموئيل 1: 11)، وساند عائلة أبونا القبائل النسطورية الجبلية التي عاشت معزولة وشبه مستقلة على مر التاريخ، حيث بقيت فيهم النظرة العبرية القومية قوية جداً مقارنة بنساطرة السهول (الكلدان) الذين اختلطوا نوعاً ما بالأقوام الأخرى كالعرب وغيرهم، ولا زالت إلى اليوم عشائر النساطرة الجبليين تتكلم لهجة الترجوم السريانية (الآرامية) الخاصة باليهود المسبيين في بلاد آشور القديمة، وأسمائها هي بصيغ عبرية بحتة، أبشالوم، يوناثان، روئيل، رأوبين، يونادب، ناهيك عن اسم إسرائيل الوارد بكثرة في أعلامهم، وتُلقِّبْ بطريركها، بطريرك الناصرة، وتُسمِّي رؤساء عشائرها، ملك، كقبائل، تياري، تخوما، وجيلوايا (أي الجالية المهاجرة من اليهود)، وملك كانت تُطلق على روؤساء عشائر اليهود، ومعناها، شيخ.
سنة 1445م، حاولت روما الكاثوليكية كسب السريان النساطرة المستقرين في جزيرة قبرص، النازحين من العراق من الحروب، فأمر البابا أوجين الرابع في 7 أيلول 1445، مطران الجالية طيمثاوس، أن لا يُسمِّي نفسه ورعيته، نساطرة بعد الآن، بل كلدان، لأن مقر جاثليقية (بطريركية) الكنيسة السريانية الشرقية كان في بغداد لقرون طويلة من سنة (780-1283م)، وبغداد اسمها عند الغربيين، بابل، وليس لأنهم من الكلدان القدماء، لكن الاتفاق فشل ومات، حيث عاد طيمثاوس ورعيتهُ إلى النسطرة، ولم يصبحوا، لا كلداناً، ولا كاثوليك.
انشقت الكنيسة النسطورية مرة أخرى في العراق وبصورة جدية وكبيرة سنة 1553م على أساس عشائري قومي، لا ديني، فانتمى أغلبهم إلى الكثلكة وثبت اسمهم كلداناً في 5 تموز 1830م، بعد أن تردد الاسم الكلداني بين الحين والآخر منذ 1445م.
أمَّا سكان الجبال الذين بقيوا سرياناً نساطرة، فأرسل رئيس أساقفة كانتربري كامبل تايت سنة 1876م بعثة إلى سريان أروميا في إيران وهكاري في تركيا سَمَّاهم آشوريين، وإبان الحرب العالمية الأولى نزح أغلبهم إلى العراق مُدَّعين زوراً أنهم أحفاد الآشوريين القدماء، فتحالفوا مع الإنكليز لإقامة كيان آشوري قومي عبري شمال العراق، لكن بثوب يهو-مسيحي، وقد لعب الآشوريين دوراً سياسياً نشطاً مقارنةً بالكلدان الذين ركَّزوا على الأمور الكنسية عموماً بعد اعتناقهم الكثلكة، فانتبه المطران الكلداني أدي شير لذلك، وحامة حميته وأراد اقتسام الكعكة السياسية مع إخوته الآشوريين، ناهيك عن محاولتهِ كسبهم للكثلكة، فاخترع سنة 1912م عبارة كلدو-وأثور، وهي عبارة سياسية بحته لا تستند إلى التاريخ الأكاديمي والعلمي مطلقاً، ولا إلى أي دليل، بل من الحقائق الثابتة أن الكلدان والآشوريين القدماء، هم أعداء ألِدَّاء.
بعد أن اخترع أدي شير عبارته كلدو وأثور، تحالف بعض الكلدان مع الآشوريين، وبعد ثلاثة أشهر من وعد بلفور وفي 28 كانون الثاني 1918م أعطى الكابتن الإنكليزي كريسي وعداً للآشوريين بإقامة كيان سياسي باسم آشور، ووضعت نقاط الوعد في بيان المندوب السامي البريطاني السير هنري دوبس في 31 أيار 1924م، وحدث نزاع الآشوريين مع الدولة العراقية وانتهى بفشلهم سنة 1933م، ونفي بطريركهم شمعون إيشاي إلى أمريكا، ومنذ سنة 1912م انصبت كل كتابات آباء الكنيستين على التركيز على أصولهم السامية والعبرية، وأنهم يهو-مسيحيين، وسليلي وورثي كرسي أورشليم، والعراق هو بلد اليهود الثاني وبديل أورشليم، في محاولة لإقامة كنيسة جغرافية قطرية في العراق بانتحال اسمين مشهورين من الكتاب المقدس وحضارات العراق القديم، مُحوَّلين كنيستهم إلى حزب سياسي، مُتجاوزين أكثر من عشرين قرناً بالقفز من سنتي، 612 ق.م. و 539 ق.م. مباشرةً إلى القرن السادس عشر وبعدهُ، وربط تاريخهم المعاصر بالآشوريين والكلدان القدماء وإبقاء أكثر من عشرين قرناً فراغاً تاماً خالياً من وثيقة واحدة تقول إن هناك كلداني أو آشوري، وكمحاولة يائسة وفاشلة لسد الفراغ وبتشجيع مبشرون وكُتَّاب غربيون كاثوليك وأنكليكان (إنكليز)، حاولوا إيجاد تخريجات وتبريرات لهم للتزوير خدمةً لأهدافهم السياسية، فبدء الآشوريون والكلدان الجدد بتزوير اسمهم واسم لغتهم وتاريخهم السرياني، كلٌ من جانبه إلى آشوري وكلداني.
انشقت الكنيسة التي بقيت نسطورية سنة 1964- 1968م، إلى قسمين، وسنة 1974م صمم جورج أتانوس وهو آشوري من طهران العلم الآشوري مطابقاً للعلم البريطاني في مؤتمر آشوري عُقد في أمريكا، وبعد وفاة بطريرك القسم الأول إيشاي 1975م، خَلفهُ مطران إيران دنحا الرابع الذي شَبَّ على الأفكار القومية الآشورية التي اخترعها الإنكليز، فكانت توجهاته قومية، لا دينية، وقرر في 17 تشرين أول 1976م ومن لندن تسمية كنيسته، آشورية، لأول مرة في التاريخ، وتندَّم بعد ذلك، أمَّا القسم الثاني المنقسم سنة 1968م ويرأسه البطريرك أدي حالياً، فإلى اليوم يرفض التسمية الآشورية، ويُسمِّي كنيسته الشرقية القديمة (الجاثليقية).
1: كلمة آشور هي صيغة عبرية مرتبطة بالعهد القديم العبري ودولة آشور في السلالة السرجونية الأخيرة (911-612 ق.م.) القديمة فقط، وهي ليست كلمة سريانية، ولا عربية، فبالعربية والسريانية هي أثور، وكلمة أثوري في قاموس ابن بهلول من القرن العاشر وهو من السريان الشرقيين النساطرة (أي الكلدان والأثوريين الحاليين) تأتي بمعنى الأعداء، ص322، وهكذا ترد في كل الأدب السرياني، وفي كتبهم أنفسهم.
2: كلمة كلداني في قاموس العلاَّمة المطران أوجين منا الكلداني تعني: عرَّاف، ساحر، مُنجِّم، فلكي، ص338، وهكذا ترد في كل الأدب السرياني وكتب وقواميس السريان الشرقيين النساطرة أنفسهم (الكلدان الحاليين)، ساحر، مشعوذ، مجوسي، هرطوقي، فتاح فال. والكلدان القدماء هم عائلة نبوخذ نصر فقط، وهي قبيلة آرامية حكمت آخر سلالة بابلية وهي الحادية عشر، ولثلاثة وسبعين فقط، وما قبلها بابلي وليس كلداني، وكلمة كلداني لم تُطلقها عائلة نبوخذ نصر على نفسها، بل أطلقها اليهود عليهم، وبالذات النبي دانيال، ومعناها السحرة والعرافين والمشعوذين، ونتيجةً لعلاقة اليهود القوية ببابل والكلدان، حيث جُمع وكُتب العهد القديم في بابل زمن الدولة الكلدانية، وبعد رجوع اليهود من السبي، شكَّلوا مراكز كثرة باسم، بابل، وسَمَّوا تلمودهم، البابلي، وأصبحت كلمة كلداني تعني عبري، واللغة العبرية، كلدانية، في كثير من الأدب اليهودي وقواميسهم.
3: سنة 2005م نتيجة صراع الكلدان والآشوريين سياسياً، قال البطريرك الكلداني عمانوئيل دلي: إن عبارة كلدو وأثور ستجعلنا أضحوكة للعالم.
4: كلمة سرياني في قاموس المطران أوجين منا، تعني: مِلَّة، لغة، أخلاق، آداب (ثقافة)، ديانة، ص487، والسريان هم الآراميون في الكتاب المقدس وكل القواميس والتاريخ والآثار على الإطلاق، والسريان بمن فيهم عائلة نبوخذ نصر الآرامية، هم أعداء الآشوريون القدماء حسب الكتاب المقدس، وتاريخياً مدنياً، كنسياً، وطقسياً.
ملاحظة أخيرة1: بعد سنة 451م، وخاصةً بعد 632م، تواجد في العراق أيضاً قلة من السريان الملكيين أي (الروم الأرثوذكس)، الذين أطلق عليهم السريان الأرثوذكس اسم الروم أو الملكيين، أي أنهم قبلوا مجمع خلقيدونية الذي رعاه ملك الروم مرقيان، ولكون اللغة الأدبية في القرون المسيحية الأولى هي لغة المُستعمِّرْ اليونانية (خاصة في المدن) إلى جانب اللغة الوطنية السريانية من جهة، ولاعتناق هذه الكنيسة مجمع خلقيدون برعاية ملك الروم من جهة أخرى، بقي التأثير اليوناني في الكنيسة، فاستعملت الكنيسة الطقوس البيزنطية واللغة اليونانية إلى جانب الطقوس واللغة السريانية، وبقي استعمال اللغة السريانية إلى القرن السادس عشر، بعدها تم تعريب الطقوس ابتداءً من عهد البطريرك أفتيموس سنة 1637م، وبقي رهبان الروم الكاثوليك يقيمون طقوسهم بالسريانية إلى أوائل القرن الثامن عشر في دير مار يوحنا شوير، واليوم حتى التأثير اليوناني كطقس ولغة قَلَّ جداً وأصبح شبه معدوم، وحلَّت اللغة العربية تقريباً بالكامل في الكنيسة، وتواجد أيضاً الأرمن الأرثوذكس منذ القرون الأولى، واستعملت الكنيسة الأرمنية أبجدية اللغة السريانية حتى سنة 404م عندما تعاون الأستاذ السرياني دانيال والأستاذ مسروب الأرمني على اختراع الأبجدية الأرمنية ونقل الإنجيل من السريانية إلى الأرمنية.
ملاحظة2: لم تدخل الكثلكة مطلقاً للعراق قبل سنة 1553م.
وشكراً/ موفق نيسكو
تحية طيبة
أنا معك في كل ما أوردته من تبديل معاني الكلمات و دلالاتها عبر العصور , هذا الذي يُعاني منه الئيزديون أيضاً , معظمها لا يستسيغها أصحابها فقد أُطلقت عليهم من قبل مُكرهيهم, لكن تحبب المسيحيين لليهود وإدعاء إنتمائهم العبري ليس عجيباً إسرح في كوردستان وتقصَّ الحقيقة سترى العجب العجاب عشرات العشائر وآلاف الأسر تدّعي السيادة ، أنهم سادة ومن نسل علي بن أبي طالب ومنهم كثير من قادة الأقليم . في بلدتي الصغيرة لو أجريت إحصاءً لكانت النتيجة أكثر من 70 من الأكراد المسلمين يدعون السيادة وهكذا كل كوردستان والذي ليس سيداً فهو من عشيرة عربية عريقة مثل طي ومُضر و خالد بن وليد المبتور أصلاً .
هكذا المسيحيون تحبباً لقوم المسيح اليهودي وعبر عشرات الكتابات وثقت على أنها الحقيقة ثم تحول الجميع إبلى الأصل العبري ، ساعد على ذلك الأصل المشتر والتشابه العرقي واللغوي فالجميع آراميون والصابئة أٌقرب عرقاً منكم إلى بني إسرائيل لكنهم لا يدعون ذلك لأنهم لم يتنصّروا ولا تحاببوا للمسيح .
هرمز إسم فارسي والفرس لم يدخلو المسيحية أبداً ونحن الئيزديون نسميه دير ملك فخردين فهي كلها معابد للزردشتيين حوّلتها العهدة العمرية إلى كنائس طوعاً من أصحابها الداسنيين الئيزديين, نعم تذهب للمسيحيين أفضل من أسلمتها أو تدميرها وشكراً