بداية الجيوبوليتيك مصطلح تقليدي ويعني جيوسياسة اي التأثير الجغرافي على السياسة، كما هناك علاقة سببية بين السلطة السياسية والمساحة الجغرافية. وهو علم دراسة تأثير الارض (برا وبحرا ومرتفعاتها وجوفها وثرواتها وموقعها).
لمدينتنا تسميات مختلفة ومتقاربة تغيرت تلك الاسماء بمرور الزمن وسيطرة الشعوب والاقوام المختلفة عليها منها (شنكال / شةنكال/ شةنكار شنغار / سنكورا / سنكارا/شنغارا /سنكار/ سنجار/ زةنكار /جيايي شيرين / اجتر/ اوروليا/ شنخار) ولكن الاسم المعتاد في الوقت الحالي لدى سكان شنكال هو (شنكال – ذو مقطعين شةنك + ئال ويعني الطرف الجميل ) كما ورد اسم (سنجار ) في قصة الطوفان حسب الرواية اصطدمت السفينة بقمة جبل سنجار المسماة (سندلكلوب) وقال نوح (هذا سن -جار -علينا ) ولكن بعيدة عن الواقع كون نوح كان يتكلم الارامية ولم تكن انذاك اللغة العربية في الوجود ، وكما وردت(شنعار) في الكتاب المقدس (التوراة) لايستبعد ان تكون شنكال الحالية . وهناك مصادر تشير الى اقتران اسم المدينة باسم احد احفاد نبي الله ابراهيم الخليل اسمه سنجار بن مالك وهذا يتناقض مع تاريخ شنكال العريق قبل مجيء ابراهيم الخليل ، اما بالنسبة لتسميته باسم سنجار السلجوقي فهذا ايضا افتراء بل ولد سنجار ابن الملك السلجوقي في سنجار وتيمنا لأسمها وطبيعتها اطلق على ابنه بهذا الاسم .ولايوجد اي دليل تاريخي او اثري على قيام (سنجار بن دعر ) في بناء هذه المدينة.
جبل شنكال يقع على الحدود العراقية السورية بين محافظة نينوى العراقية ومحافظة حسكة السورية وبطول(70 ) كلم و بعرض (20) كلم ، بينما اعلى ارتفاع للجبل (1463) متر، اي (4800) قدم على مستوى سطح البحر . ويعتبر مساحته (1240) كيلومتر مربع. وتقع شنكال بين خط عرض (361915)درجة شمالا و (415235 )درجة. وتبعد عن مدينة الموصل (مركز محافظة نينوى ) بحوالي 120 كلم غربا، بسبب التعريب والتغيرات الادارية لاتوجد ارقام بالمساحة الجغرافية للمنطقة ولكن بالتأكيد تأخذ مساحة شاسعة من ناحية الشمال والغرب حتى الحدود السورية ومن الجنوب اراضي خصبة ومنبسطة كان يمتد لأكثر من خمسن ميلا ولكن بسبب استحداث قضاء البعاج والتغيرات الادارية بسبب التعريب فاصبح حدودها الادارية قرية كرعانة ، وكان يقدر عدد سكان شنكال حسب البطاقات التموينية حوالي 450 الف نسمة معظمهم من الايزديين .عندما نلاحظة الخارطة الحديثة نرى جبل شنكال قارعة مرميا في الزاوية الشمالية الغربية من العراق في موقع شبه مثلث بين سوريا والعراق وتركيا الحالية.
الأسباب الاستراتيجية للصراع القائم على شنكال:
اولا: بسبب أستراتيجية منطقة شكال والجزيرة بصورة عامة كانت ميدانا للصراعات السياسية والحروب العسكرية بين الحضارات ومن ثم الأمبراطوريات والمماليك عبر العصور، وكان ميدانا للكر والفر بين الامبراطوريات الفارسية والرومانية والاشورية والبابلية والمغولية والعثمانية والصفوية ، ومن ثم تعرض للاجتياح العربي الاسلامي بقيادة عوض بن غنم سنة 637 للميلاد .كانت شنكال المدينة الاقدم والاعرق في التاريخ، حينما كانت مدينة لم يكن هناك سكان من جهاتها الابع سوى بادية الصحراء المقفرة القاحلة ،واحدى اهم المدن الغابرة في القدم بمنطقة الجزيرة ومن اولى المدن التي اعتمدت على صناعة الغذاء ذاتيا دون الاعتماد على الاخرين وقد نشأت فيما بعد مستوطنات بشرية متفرقة في سهوبها وجبالها كأثار (تبه) و(تل حوشي)و(كري رةش) و(كهوف شلو )و(قباني وماميسي) و(ديرعاصي ) و(دويري )و(قلعة بولاذ )و(باب الخان) و(كهبل) و(كهوف دويري) و(خانةصور)….الخ. وكانت شنكال عامرة في عهد ملكها الارامي (معنو) وكما هناك العديد من الخرائب والقصور والمعابد والاسوار والسدود لامجال لذكرها … يعود جذور البعض من هذه المواقع حسب اراء الاثاريين والمتخصصين الى اكثر من سبعين الف عام مضت. كما حكمت الامبراطورية الرومانية شنكال زها 170 عاما ومازال اثار سورها شاخصا للعيان حيث ازدهرت المدينة وكانت لها اربع بوابات رئيسة مازال اثار احد الابواب شاخصا في بربروش التي تدعى بوابة الشمس او السماء تلك البوابة الرئيسية ومنها باب الشرق وباب الجبل او مايسمى الشمال وباب الليل وكانت شنكال عاصمة مشرقية للأمبراطور اسكندرألأكبر.
ثانيا: كان شنكال من الناحية الزراعية والاروائية من المناطق المتميزة حيث وصفها ابن بطوطة جمالها وانهارها واشجارها من الفواكه من النارنج والاطرنج والبرتقال اضافة الى التين والغابات الكثيفة والعيون والينابيع .شنكال من المواقع السياحية والاثرية الناجحة كمناطق كرسي وبارة وصولاغ اضافة الى مركز المدينة ومئاة المواقع الأثرية والكهوف التي ذكرنا بعض المواقع نماذج للمواقع الاخرى. شنكال من اخصب الاراضي الزراعية في بلاد الرافدين وخاصة سهل الجنوب وينتج سنويا محاصيل الحنطة والشعير يكفي لمحافظة نينوى ، اضافة الى محاصيل الفاكهة والخضروات والتبغ التي تسد حاجة السكان ويتم تسويق الفائض الى المدن والقصبات المجاورة.وحتى بداية الفرمان الاسود في الثالث من اب 2014 كان الشنكاليين يهتمون بالماشية والدواجن ومنتوجاتهن من الحليب ومشتقاته والصوف واللحم والبيض.
رابعا: الاهمية الاستراتيجية من الناحية جيوبولتيكية لشنكال التي تعتبر اسبابا ومبررات لتدخل الاطراف الدولية والجهات المحلية المختلفة لمحاولة السيطرة عليها ، طمعا لأستراتيجيتها الاقتصادية والعسكرية والتجارية ولأهمية موقعها الجغرافي الشبه مثلث في اقصى الزاوية الشمالية الغربية من العراق والمتاخمة ل(روزافا) محافظة الحسكة السورية كما يسيطر جبل شنكال على مناطق مهمة من سوريا وتركيا وحتى اسرائيل من الناحية العسكرية وسبق استخدم نظام صدام حسين قاعدة صواريبخ على قمة جبل شنكال (جلميران) وضرب منها 39 صاروخا من نوع سكود المطور وذلك في 18 كانون الثاني 1991 ولغاية 25 شباط 1991
خامسا: لايخلو شنكال من الاسلحة والمواد الكيمياوية حيث قامت مصانع التصنيع العسكري في شمال شرق الجبل بمسافة قريبة من مزار شرف الدين ولحد الان تلك الانفاق مغلقة يقال انه كان موقعا لتخصيب اليورانيوم ،كما يوجد موقع اخر للتصنيع العسكري تحت الارض في منطقة حيالي غرب مركز المدينة ببضع كيلومترات، وكان هناك قطارا صغير يقوم باخراج التراب من تحت الارض.
سادسا: يعتبر الجبل بوديانه السحيقة ومضايقه وكهوفه ومسالكه موقعا استراتيجيا لحرب العصابات الطويلة الامد ويسهل على المسلحين اجتياز الحدود السورية من عدة محاور كمناطق بارة وسنوني اضافة الى جبل كولك .
سابعا: اكتشف في ثمانينات القرن الماضي مادة بلورية بيضاء تشبه الملح تحت التراب في سفح الجبل ، حالما تلامسها الشمس يتحول من الحالة الصلبة الى الحالة الغازية دون عبور المرحلة السائلة وتم اختباره في مختبرات جامعة الموصل وادخل في القاموس العلمي تحت اسم (سنجارايت) ولحد الآن لم يتوصل العلماء الى لغز ماتحتويه تلك المادة التي تشكل ظاهرة غريبة وعجيبة.
ثامنا: وفق الاكتشافات والبحوث والتقارير الجيولوجية هناك الكثير من الثروات الطبيعية من المعادن وحجر الحلان والمرمر والمواد الخامة للسمنت اضافة الى المعمل ،كما هناك مخزون كبير من النفط والغاز الطبيعي والترسبات كمادة القير مثلا، والعديد من الابار النفطية الجاهزة والمبطنة بالانابيب المعدنية في ناحية الشمال (سنوني)، ففي عام 1977 قامت شركة بلغارية بالبحث والتنقيب على النفط والغاز بدأت بالتنقيب من منطقة بلسطين من جهة الشرق نحو الشمال الغربي ومن ثم من جهة الغرب في منطقة بارة نحو الشمال الشرقي وتم حفر العشرات من الابار وتم اغلاقهن وترقيمهن وانا شخصيا(خيري شنكالي ) اعرف موقع احدى الابار داخل مجمع خانصور. وعندما نعود الى الماضي نلاحظ اثار الحفر والتنقيب البريطاني في شنكال موجود بالمنطقة جبلية جنوب غرب ماميسي تحت مرتفع يدعى (كورتكي سيسيرك) ويسمى تلك الموقع ب(معملة)مازال اثار الاحواض والأنابيب المدفونة ظاهرة للعيان ومادة القار تسيل صيفا من تلك المرتفعات مما يدل على وجود المواد النفطية. ولأهمية المنطقة قام الانكليز بمد طريق صخري من شنكال الى سوربا من جهة الجنوب ومازال اثاره باقيا في شمال مجمع سيبا شيخدري حيث قاموا بعمل هذا الطريق بالسخرة على اكتاف ألأيزديين.
قرية قيرنكي الواقعة في السفح الشمالي لمنطقة حليقيان فيها ينبوعا من القير ويجري صيفا ولهذا سميت هذه القرية باسم تلك المادة النفطية.يؤكد السيد بيوار خنسي بما اشرت اليه من وجود ثروات طبيعية من معادن والنفط والغاز في جبل شنكال، حيث ادلى في تقرير لقناة روداو الكردية: ((مشيرا الى العثور على ابار نفطية في تلك المنطقة اي منطقة شنكال بالاضافة الى ابار نفطية اخرى عثرت عليها خلال عمليات التنقيب)).
تاسعا : يؤكد الباحثون الجيولوجيون في جامعة الموصل ((ان كهاريز جبل شنكال تعد من اعظم واوسع واطول القنوات المائية في العالم، وان المياه التي تمر من خلال جبل شنكال من خلال الكهوف والكهاريز غير المكتشفة لحد الان، بامكانها ان تسد حاجة دولة كبيرة بحجم سعة العراق)).وقد تتبع بعثات علمية متخصصة مجاري تلك المياة المدفونة تحت الارض وعلى شكل كهاريز ومجاري وجميعها مصنوعة من الخزف وتجري نحو عمق الصحراء من ناحية الجنوب حتى مدينة حضر الاثرية، ويرجح ان يكون امتدادها حتى بحيرة الثرثار. ومن السفح الشمالي الى شمال خانصور ايضا .
احد كهوف الجبل يدعى كهف سميركي فيه من سعة المياه يسمح بمرور باخرة فوق مياهها ولكن الدخول فيها صعب لضيقه من الجانب الخارجي، مثل هكذا مصادر للمياه بحاجة الى جهود تقنية ومبالغ اقتصادية باهضة.