يبدو أن انتهاكات الفصائل السورية المدعومة من أنقرة تتزايد في عفرين شمال سوريا، إذ لم تترك بابا إلا وقرعته، من سرقة الآثار، إلى تجنيد الشباب وابتزازهم من أجل إرسالهم للقتال في ليبيا، إلى الخطف وسرقة المحاصيل، وصولاً إلى الإيزيديين.
فقد رفع أحد الناشطين الإيزيديين الصوت عاليا محذراً من مجزرة داعشية جديدة تحت الغطاء التركي هذه المرة.
ورأى مراد إسماعيل، الناشط العراقي الشهير في مجال الدفاع عن حقوق الإيزيديين الذين تعرضوا إلى ما يشبه الإبادة على أيدي تنظيم داعش إثر دخوله إلى مناطقهم في العراق سنة 2014 لا سيما في سنجار، أن “الإيزيديين في عفرين السورية يتعرضون لإبادة جديدة”، بحسب تعبيره.
كما أكد أن تلك الفصائل هجرت عشرات العائلات من أرضها، وصادرت بيوت الإيزيديين، وحولتها إلى ثكنات أو مقرات أو سجون.
What is happening to Yazidis of Afrin is another genocide backed this time by Turkey officially. The Yazidis are being removed from their homeland and suffering in displacement. This is systematic and we will do all we can that those behind pay the price, legally, in a court.
— Murad Ismael (@murad_ismael) May 27, 2020
” سيناريو سنجار يتكرر”
إلى ذلك، اعتبر المدير التنفيذي لمنظمة يزدا المعنية بحقوق الإنسان في مقابلة مع العربية.نت أن “ما حصل في سنجار عام 2014 يتكرر اليوم في عفرين حيث يُجبر الإيزيديين على تغيير دينهم، كما يتعرضون لأبشع أنواع التنكيل والتهجير، تماما كما فعل داعش عند اجتياحه سنجار بالعراق ذات الغالبية الإيزيدية”، وارتكابه مجزرة راح ضحيتها الآلاف، حيث أعلن المجلس الإيزيدي الأعلى في آب 2016 مقتل 10 آلاف شخص واغتصاب 6 آلاف امرأة وفتاة بسوريا والعراق على يد تنظيم داعش” .
وأكد أن العديد من العائلات الإيزيدية فرت شمال سوريا نتيجة الاضطهاد والتهجير القسري.
كما أوضح أن “ما يقارب الـ 22 قرية إيزيدية فرغت مع دخول الجيش التركي والمجموعات المتطرفة الموالية له” حيث اضطر أغلبية أبناء تلك المناطق في سوريا إلى ترك قراهم والذهاب إلى مخيمات أقيمت جنوب عفرين، ومن هناك خرج الكثير منهم إلى لبنان والعراق، مؤكداً وجود أكثر من 140 عائلة من عفرين فقط في لبنان، هربت خوفا من بطش الأتراك والموالين لهم، في حين هربت نحو 70 عائلة إلى العراق منذ الاحتلال التركي لعفرين.
إلى ذلك، أضاف أن عددا قليلا من العائلات بقي في عفرين في ظل التهديد المباشر لحياتهم.
“على خطى داعش”
كما لفت إلى أن “الأتراك هدموا عددا من المزارات وأماكن العبادة الإيزيدية في تصرفات مشابهة لما فعله داعش بالإيزيدين في العراق.”
وأضاف أنه تم تسجيل حالات تعدي على النساء الإيزيديات أيضاً
إلى ذلك، أكد اسماعيل أن تركيا تمارس كافة الانتهاكات بحق الإيزيدين وكل من هو غير موال لها .
كما اعتبر أن تركيا استباحت كل شيء في عفرين، مناشداً المجتمع الدولي التدخل لحماية شمال سوريا من بطش الأتراك والموالين لهم، واصفا ما يجري بالتطهير العرقي.
تهجير ونزوح
من جانبه، قال علي عيسى مدير مؤسسة إيزيدينا للعربية.نت إن تعداد الايزيديين قبل “الغزو التركي على عفرين كان حوالي 35 ألف نسمة، لكن حوالي 90 بالمائة من الإيزيديين نزحوا أو هجروا إلى خارج عفرين وفقًا ما رصده فريق يعمل لصالح مؤسسة ايزدينا من داخل عفرين.”
فقد أجرى الفريق، في أواخر عام 2019 بعد احتلال عفرين إحصاءً ميدانيًا للايزيديين الذين كانوا متوزعين في أكثر من 22 قرية ايزيدية، بحسب ما أوضح عيسى، لتأتي النتيجة مفاجئة، فقد انخفض عدد الإيزيديين إلى حوالي 1500 شخص فقط معظمهم من كبار السن
وأضاف أن الانتهاكات بحق الإيزيديين عديدة ومستمرة من قتل متعمد للمدنيين الإيزيديين لدوافع متطرفة، وتدمير واسع للمزارات الدينية التي يتجاوز عددها الـ 18 مزارا موزعين في منطقة عفرين، بالإضافة إلى انتهاكات أخرى من خطف وتعذيب للنساء والتعدي عليهن جسديًا ونفسيًا أيضا.
وكما أكد للعربية.نت أن جميع تلك الانتهاكات سلمت إلى لجنة التحقيق الدولية المستقلة للأمم المتحدة.
إلى ذلك، تحدث عن اعتقالات تعسفية وعمليات خطف بحق نساء إيزيديات وانتهاكات جسدية، مورست من قبل ما يسمى “الجيش الوطني السوري” المدعوم من أنقرة.
كما وثقت مؤسسة إيزدينا شهادات العديد من الفتيات اللواتي تعرضن للاعتقال أو التحقيق، فضلًا عن شهادات لذوي النساء اللواتي قتلن بدوافع متطرفة، ومنها شهادة ذوي نرجس دادو التي قتلت بعشرات الرصاصات في 17.11.2019.
إلى ذلك، أكد عيسى أن المؤسسة ترصد منذ عامين جرائم تلك الفصائل ضد المدنيين في عفرين، ومن ضمنها شهادات لأطفال تعرضوا للتحرش، وقد تم تقديم تلك الملفات إلى عدد من المنظمات الحقوقية الدولية، لا سيما لجنة التحقيق الدولية المستقلة للأمم المتحدة.
يذكر أن تركيا شنت في 20 يناير 2018 هجوما على عفرين ضمن ما أسمته في حينه، “عملية غصن الزيتون”.