ويمكنك أن تحبّ مثلي
أخاً لم تلده أمك
(كريفا) تفديه بروحك
ثم يخون الزاد والملح والدم
ويسلمك إلى ناحر الأعناق
يخون ضحكة ابنك حين وضعته في حجرة يوم (الكرافة).
ومع ذلك عندما نتمنى الخير لأنفسنا ندعو به لاثنتان وسبعون ملّة أولا، ولا يعلم سرّ الرقم (72) من لم يقرأ كتب (فواز الفرحان)، ومن محبتنا للجميع نخاطب واحدهم ب (كريفي العزيز)، والكرافة عندنا غير تلك التي عندهم، وبعد أن تعوّدت أسماعهم على النغمة أصبح الجميع ينادوننا ب (كرّييييييف). ـ ولاحظ معي الشدّة على الراء وتطويل حرف الياء ـ وصارت العبارة أثقل على قلوبنا من (سفّاك الدم).
يحكى أن البقّال أرسل سلة بيض مع عامله إلى التاجر، وأعطاه ورقة دوّن فيها عدد البيضات التي في السلة ـ يبدو أنه لم يكن يثق به كثيرا ـ وقبل أن يذهب الخادم في مشواره دلف إلى البيت أولا وتناول هو وعياله أربع بيضات من تلك التي في السلة، فقد كانوا جائعين ولا يجدون شيئا يتناولونه في زمان الجوع ذاك، ثم راح إلى التاجر يحمل سلّة البقّال، فقال له التاجر بعد أن عدّ البيض:
“الورقة تقول هناك أربع بيضات مفقودات”. والتاجر كان رؤوفا فسامحة لا سيما هذه كانت زلته الأولى، وفي المرّة التالية، وقبل أن يدخل إلى البيت خبأ الورقة تحت حجارة وقال يخاطبها:
“لنرى كيف ستكشفينني هذه المرة”؟ ثم أكل مع أهله أربع بيضات أخرى. وهذه المرّة أيضا قال له التاجر:
” الورقة تؤكد نقص أربع بيضات من السلة ثانية”، وهنا قال العامل للتاجر:
“إنها ليست الورقة، بل أنت من تقول هذا، وتعلم ذلك من عودة الدماء وتدفقها في وجهي بعد تناول البيض”، ونحن الأيزيدية ابتلينا بأشياء كثيرة منها لون (دمنا) الفريد الذي من خلاله يعرفنا الجميع.
بعد 2003 ورمي الأحذية على المحتل بدلا من الرصاص قالو لنا:
” نعرفكم من شكلكم”، فقصصنا شواربنا، ولبسنا الكاوبوي الأزرق وغيرّنا شكلنا، فقالوا:
” لا زال بإمكاننا معرفتكم من دماءكم”. ويحدث أن ينادي المنادي في أسواق الموصل عندما نذهب بمرضانا إلى الأطباء في زمان (القاعدة ثم داعش) ب ” كرّيييييف” ولا يلتفت غير الذي عرفوه من دمه الحلو فأهدوه رصاصة من مسدس كاتم، ثم من خجل هذا الفعل هاجرت صقور ساحة (الحضر) لتلتحق بحجول جبل (شنكال).
وكلمة (كريف) كانت قد تغلغلت كما فكرة وجود الجهنم، فالأيزيدي فقط هو الكريف ومن يقولها سبع مرات يدخل الجنة.
كما كنا نكرر دون أن نتنفس مقولة:
(في الجحر سبع أبوام بلا أذناب من يقولها سبع مرات يدخل الجنة)، ويبان تناسق الكلمات وموسيقاها عندما تقال بالكرمانجية:
“هه فت كوندت ئد قوط ئل قوله كى دا هه جى هه فت جارا كوت وى جا بوهشتى”. يبدو أن درس التاريخ الذي مللنا تكراره انتهى وأدركنا كنهه، فنحن أوّل من أطلق لفظة (الكريف) على الآخر بحسن نيّة، ولنتقرب بفضائله إلى الملاك الكبير أكثر، فلا نملك غير الحبّ نزرعه أمام ابوابنا وعلى سطوح بيوتنا الطينية ابتداء من قرية (سيباى) وإلى مقر الإمارة في (باعذرا).
وارتقت (الكرافة) إلى مستوى أعلى وأرقى. إلى المشجعين والمصفقين والمحبين للساحرة المستديرة. فالمنتخب الألماني هو منتخب (الكرفان) حسب تسمية جيراننا، وأيّ نادي ألماني يلعب خارج الدوري المحلي هو نادي (للكرفان)، ولا فرق بين من يفوز بكأس دوري أبطال أوربا هذه المرة، فناديا بايرن ميونخ ودورت موند كلاهما من (الكرفان).
*******