سألت بروفيسور عربي في فلسفة التاريخ وهو خريج سوربون .. كيف تنظرون للتاريخ وانت العربي والبروفيسور في فلسفة التا. تأفف البروفيسور .. ونظر لي مبتسماً .. التاريخ فلسفة يا استاذ .. وكتابة التاريخ يحتاج الى صدر رحب .. محايد .. باحث عن الحقيقة ويكتب الحقيقة .. وهذا بعيد علينا كل البعد نحن العرب. فكل الحكام لا يحبون كتابة التاريخ الا ما كان لمصلحتهم ومصلحة عوائلهم . الحاكم الدكتاتور هو لبطل المقدام .. و الحاكم باسك اللة في الارض .. وهو القائد لملهم والفذ .. الفلتة .. الذ لا نظير له .. لا اح يستطيع ان يحكم البلدغيره .. ليس في البلد رجل مثله قادر على الحكم .. الدكتاتور شخص مغرور .. متغطرس .. يمنجح نفسه الحق في قتل كل من يءشر عليه او له .. لأن مد السبابة له يعني الانتقاص من شخصه وكرامته .. وفي الحقيقة كل الكتاتوريات لا كرامة لهم .. وجاؤا من اتعس العوائل .. وادنى العوائل الاجتماعية .. لذا فإنه يحاول ان يصنع لنفسه الامجاد من خلال تكوين شخصية موهومة ، كما انه يعمل من اجل فرض هذه الشخصية على الرعية( الشعب ) ، ووضع شروط ، واسماء وصفات كيفما يطرأ على باله وعلى بال من يحيطون به من المستفيدين المتملقين المطبلين .. كما أنه يتصرف بعنجهية وغطرسة ويظهر نفسه انه لا يخشى اية قوة .. بل ينفخ نفسه ليتحدي القوى الكبرى وفي الحقيقة فإنه متخاذل وعبد مطيع لتنفيذ كل الاوامرالتي تصدر له من هذه القوى .. لكنه لكي يظهر جبروته يحاول التحكم بإرادة الشعب ولا يترك شئ للارادة الشعبية والجماهيرية .. الدكتاتور يجمع حوله زمرة من الجهلة في السياسة والعلوم وادارة البلد لكي يصفقوا له في كل منابة وفي غير مناسبة .. على أهم مستشارين له (لكنهم لا يحلون ولا يربطون) لا من قريب ولا من بعيد ..هؤلاء المستشارين يصفقون لرئيسهم في كل كبيرة وصغيرة ولا يخالفون ما يطرحه ولي نعمتهم .. الدكتاتور .. ولا يعرفون ان المستشار هو الذي يجمع الامور ويكون الدليل الناصح للرئيس .كما يجتمع حول الدكتاتور زمرة من المثقفين .. إن صح التعبير ان يقال عنهم مثقفين .. من الكتاب والصحفين الذين يرقصون عل انغام الموت .. يكتبون التاريخ له .. عن بطولاته .. هيبته الكارتونية .. يحولونه الى ما يشتهون من رموز .. بالباطل ..ويكون الحكم بشكل فردي بيد القائد الهمام الدكتاتور .. يحول رعيته الى مزمرين ومصفقين ولا يحق لهم غير ذلك .. عليهم ان يفكروا كيف يحلم .. كيف يأكل وماذا يأكل .. عليهم ان يعملوا من اجل راحته .. ومن الامور الذي يستغله .. او من الناس الذين يستغلهم .. رجال الدين .. يحولهم الى وعاظين .. يبحثون عن الطرق الشرعية لاذلال الشعب والقبول بحكم الدكتاتور .. ويجعلونه نقياً .. تقياً .. ناسكاً خاشعاً وعداءه مخالف للشرع والدين .. وهم ينتفعون منه في كل سجود وقعود .. يحولون اعماله الى قدسية تاريخية وشرعية .. من الامور التي يخضعه لاوامره المباشرة .. الاعلام .. التعليم .. الجيش .. المال لعام زز يصبح الاعلام بيد اعلاميون مزيفون للوقائع .. يحجبون الحقيقة عن الشعب .. المتعلم وغير المتعلم .. التعليم يكون حالة خاصة للمقربين منه ومن حزبه .. وكذلك التعليم العالي .. حيث يتخرجون اعداد من الاكاديميين الذين لا تعمل عقولهم إلا في دائرة ضيقة من الثقافة الحزبية .. يعملون له الدعاية الاعلامية لتثبيت اقدمه وترسيخ حكمه التعسفي .. ويوهمون الناس بما في جعبتهم من الخدع والتحايل والالفاظ الاعلامية .. اما نظرية المؤامرة فتكون حاضرة في كل وقت .. يخلقون الاعداء للشعب .. والمتآمرين على الرئيس الذي لا يعيش الشعب بأمان من دونه .. فهو الأمن والأمان وهو الدولة .. وكأنه البلد قطعة ارض اشتراه .. ولا ننسى الطبالين الموسيقيين الذين يغنون وينشدون باسم الدكتاتور .. وللدكتاتور .. ويكثر المحللون السياسيون الذين يبجلون بشخصيته وانه مصدر الالهام .. فيكتبون عن شخصيته الفذة .. وفكره .. وآيدلوجيته .. رغم ان الدكتاتور لا يحمل في رأسه اية ايدلوجيا سوى الفكر التعسفي ونظرية القتل والتصفيات الجسدية من اجل الاستمرار.. وبقاء قبضته على االسلطة.. من خلال اللجان القانونية والاجتماعية التي تعيد الشرعية لكل عمل غير قانوني يكتشفه الجماهير عدم شرعيته او قانونيته ، وعندما تفشل اللجان ويفشل الطبالون والمزمرين في عملهم .. يكون الديش القوة التي يتصدر ويهجم الاعداء في الداخل والخارج .. ليخلصوا الرئيس القائد من المآزق .الكذب صفة متلازمة للدكتاتور في كل الامور .. عندما يواجونه بالحقائق .. ويحاول من خلال الكذب والدجل تحسين صورته المشوهه وكانها ضرورة للامن القومي .. للبلد .. وكلما يخفق الدكتاتور في أي امر او عملية .. مشروع اقتصادي .. سياسي .. عسكري .. فإنه يلقي باللوم على القوى الخارجية التي تعمل ضد البلد وضد شخصه . لاستمرار الدكتاتور في البقاء على رأس السلطة فإنه يعين وينسب المقربين من عائلته في المناصب الحساسة .. حتى وان كانوا غير مناسبين لهذه لمناصب والوظائف .. يجب .. فقط .. أن يكون لبقيين في الكلام وقادرين على تحوير الكذب الى حقيقة يصدقه المتلقي من خلال الثرثرة واللغو الفارغ … ويخلق زمرة من المخادعين الى جانب المقربين لينفذوا له الاوامر .. من خلال الشقاواة .. ومسلحين غير قانونيين لخلق الفوضى بين المواطنين مدعياً وجود ارهابيين يجب القضاء عليهم .. ولكي ينهي مسرحيته الذي يكتبه له ويخرجه له مخرجين تافهيين انبطاحيين .. بتهمة أناس ابرياء لا علاقة لهم بما تجري على ارض الواقع .. ليصبحوا كبش الفداء وضحية ويحكم عليهم باللعدام للخلاص منهم لكي لا يبقوا شهوداًعلى كذبهم .. ذلك من اجل بقاء الدكتاتور .. وبقاء زبانته الغارقين في الاجرام والقتل .. السرقة .. التزوير والغش .. أما في مسرحية الانتخابات التي لا يؤمن بها أصلاً .. لأنه يجريها لاعطاء الشرعية القانونية والدستورية لحكمه .. وإلا فإن المرشحين لن يكونوا إلا الشخصيات المشتركة في حزبه .. و من المقربين له .. ومن زبانته .. وازلامه المنافقين وفوق هذا .. يكون الخيارات .. يكون لمن هو أكثر أجراماً من بينهم .. من قتل اكثر وسرق أكثر .. ونافق أكثر .. وفي النهاية ينتهي كل هذه المسرحيات بقبضة حديدية على قحف رأسه و بنعال اطفال البؤساء من الشعب .. على الرؤوس الفارغة.. وينتهي الدكتاتورية واسرافه في التشوية للحقائق .. لكتابة تاريخ لا أصل له .. وترمى كل ما كتب في عهده في مزبلة التاريخ . |