افاد تقرير مطول خاص بقياس أثر الأزمة الوبائية الراهنة في زيادة حوادث العنف المبنية على النوع الإجتماعي في العراق ، أصدرته دائرة تمكين المرأة ، في الأمانة العامة لمجلس الوزراء العراقي، بمشاركة صندوق الأمم المتحدة للسكان الـ Unfpa، الذي تبنى رعاية عمليات الرصد والتقييم ، بزيادة العنف القائم على النوع الاجتماعي في جميع أنحاء العراق .
وقال التقرير إن منهجية العمل استندت على استبانة استخدمت تقنية الإنترنت من خلال نظام الكوبو لجمع البيانات، ومساهمة (36) شريكاً، ومختصين في مجال تقديم الخدمات للناجين من حالات العنف المذكور من خلال (109) مراكز للخدمة قُسِّمَتْ إلى (92) مركزاً ثابتاً و(17) فريقاً متنقلاً في (11) محافظة، (28) منطقة، (42) منطقة فرعية في أنحاء البلاد كافة.
النص الكامل للتقرير:
“صنّفَ التقرير العنفَ القائم على النوع الإجتماعي ، بأربعة أشكال ، وهي: حوادث العنف المنزلي، والاغتصاب، والتحرُّش الجنسي للقاصرين، والانتحار المُرتبط بإيذاء الزوج ، عازياً صعود وتيرتها إلى ثمانيةِ عوامل رئيسة تتمثل بالممارسات التقليدية الضارة ، والزواج المُبكر ، والنزوح المُطوّل ، والفقر ، والموارد المالية المحدودة ، ونقص الأمان والأمن ، وشيوع العلاقات غير المتوازنة بين الجنسين ، فضلا عن ظروف عدم الإستقرار التي شهدها العراق بين عامَي (2014 – 2017) وما سبقها من تراكمات وتبعها من مخاوف على حاضر العيش ومُستقبله.
ويُضيف التقرير عاملا موازيا آخر أسهم في زيادة التعرض لمخاطر العنف؛ فقد خَلَقَتْ التدابير الحكومية الاحترازية للحدّ من إنتشار وباء كورونا المُستجد ظروفا حياتيةً صعبة دفعت الأُسَر إلى مواجهةِ تحدياتٍ عاطفية ونفسيةٍ مفتوحةٍ على الإرهاق.
ووفقا لنظام إدارة المعلومات فإنّ 98% من الناجين الذين أبلغوا عن حوادث العنف المبني على النوع الإجتماعي هم من النساء؛ إذ يُمثل العنف المنزلي أكثر من 75%، تليها الممارسات الضارة عند نسبة 10%، ثم الزواج المُبكر عند 8% .
وبحسب التقرير فإنّ محافظات: نينوى، وديالى، وكركوك، ودهوك قد سجّلت أعلى الأعداد الخاصة بحوادث العنف المنزلي، وهي بنسبة 94% من الحوادث التي تمّ الإبلاغ عنها في ظلّ الأزمة الوبائية.
وأضاف إن محافظات: كربلاء، والنجف، وبابل بحاجة متزايدة لتوفير خدمات مُتخصصة للعنف؛ لأنّ تلك المحافظات لم يُبلّغْ فيها عن وجود حالات أو إنها تعاني من وجود محدود لخدمات العنف على أساس النوع الإجتماعي.
وكشفَ التقرير أنّ التحرُّشَ الجنسي المعروف بمفهوم “الإساءة العاطفية”، والاستغلال الجنسي من قبل الغُرباء بلغ نسبة 3% لكلٍ منهما، مُشيرا إلى أنه وفقًا لنظرة عامة على الحاجة الإنسانية للعراق لعام 2020 (HNO) ، ظَهرَ إن ما يقارب (2.9) مليون عراقي بحاجة إلى خدمات الحماية، ومن بين هؤلاء تم تحديد (1.29) شخصًا هم عرضة لخطر العنف القائم على النوع الإجتماعي.
وخلصَ التقرير إلى نتائج تتكون من (8) فقرات، فضلا عن (4) مخرجات من مصادر وبيانات أخرى أشارت إلى زيادة وتيرة حالات العنف المنزلي خلال فترة جائحة كورونا، تليها حزمة توصيات مُقترحة مقدمة إلى عناية أربع جهات، وهي: حكومة جمهورية العراق، وحكومة إقليم كوردستان، والمانحين، والشركاء العاملين في مجال مُناهضة العنف، والشركاء الإنسانيين في القطاعات الأُخرى، وبحسب ما يأتي:
أولا: مخرجات ونتائج التقرير:
1- أفاد 65% من نقاط تقديم الخدمة عن زيادة أو تفاقم في واحد أو أكثر من أنواع العنف المبني على النوع الإجتماعي في مناطق تدخلهم أثناء أزمة الوباء، وأنّ حوالي 94%من الحوادث التي تم الإبلاغ عنها تتعلق بالعنف المنزلي التي يقال أنها ارتكبت من قبل الزوج أو أفراد الأسرة الآخرين، وسجلت محافظات: نينوى، وديالى، وكركوك، ودهوك أعلى أعداد.
2- تم الإبلاغ عن (123) محاولة انتحار تتعلق بحالات العنف المبني على النوع الإجتماعي والعنف ضد النساء والفتيات، وتم الإبلاغ، بشكل كبير، عن هذه الحالات في كل من محافظات: نينوى، وديالى، وكركوك.
3- تم الإبلاغ عن (62) حالة حَرَمَتْ فيها الأُسَر النساء والفتيات من الوصول إلى الحجر الصحي أو المرافق الصحية؛ بسبب الأعراف الاجتماعية أو مخاوف من التعرض لمخاطر العنف المبني على النوع الإجتماعي. ووقعت معظم الحوادث المبلغ عنها في محافظات: نينوى، وديالى، ودهوك، وكركوك، وأربيل.
4- أشار 94% من المشمولين من الفئات المُستهدفة الى موضوع النُدرة المالية وقلة الموارد، بما في ذلك نقص أو فقدان سبل العيش أو الدخل. وأشار 92% من أفراد العيّنة إلى الإجهاد الناجم عن إجراءات الحظر، وأفاد 73% من المستفيدين إن الافتقار إلى المرافق والشبكات الإجتماعية هي الأسباب الرئيسة لزيادة حالات العنف المنزلي المُبلّغ عنها.
5- أظهرت النتائج بأن الكوادر من العاملين في مجال الرعاية الصحية، واليافعات، والأمهات القُصّر، والأُسَر التي يُنظر إليها على إنها تابعة للجماعات المُتطرّفة كانت من بين الفئات الأربع الأكثر عرضة للخطر والمعرضين لخطر العنف المبني على النوع الإجتماعي بنسبة 82% و 80% و 73% و 61% على التوالي.
6- أظهرت نتائج الاستبانة إن هناك ندرة وشحة في برامج دعم التشغيل، وسبل العيش، والمساعدة النقدية المقدمة للناجين من العنف المبني على النوع الإجتماعي من قبل 64% من المستفيدين، يلي ذلك عدم الحصول على المساعدة القانونية (بنسبة 53%) والملاذ الآمن (بنسبة 43%).
7- أشارت البيانات إلى إن نقص الدخل، والأعراف الإجتماعية الضارة، أو الممارسات التقليدية، ونقص الخدمات الصحية (بما في ذلك الصحة الإنجابية)، والافتقار إلى خدمات الملاذ الآمن للناجين من العنف المبني على النوع الإجتماعي من بين أكبر مخاطر العنف المبني على النوع الإجتماعي المُبلّغ عنها.
8- أظهرت نتائج التقييم بخصوص محور تقديم الخدمات للناجين من العنف ما يأتي:
أ. أن 87% من نقاط تقديم الخدمة أفادوا بوجود قيود على الحركة في مجالات تدخلهم وقت التقييم في ظل إجراءات الحظر، وبيّنَ نسبة 50% من مقدمي الخدمات إنهم بحاجة إلى توفير رسائل تسهيل مهمة؛ لتسهيل حركة العاملين في الميدان وتقديم الخدمة والوصول إلى الناجين في ظل إجراءات فرض الحظر.
ب. وتم الإبلاغ عن صعوبة أداء تقديم الخدمات للناجين من العنف في ظلّ فرض الحظر الكلي أثناء الاستجابة لتدابير الحكومة بشأن آثار جائحة كورونا.
ج- تم الإبلاغ عن انخفاض إجمالي في خدمات الاستجابة للعنف المبني على النوع الإجتماعي بحوالي 50% لإدارة الحالات، و60% للدعم النفسي الإجتماعي، و50% لأنشطة زيادة الوعي في مارس وأبريل مقارنة بالأهداف المخططة لها.
هـ – تم الإبلاغ عن تأخير الإحالات وتوزيع حزمة صناديق الكرامة في معظم نقاط الخدمة المقدرة أثناء الإغلاق وحظر التجوُّل.
ثانيا: بعض المخرجات من مصادر بيانات أخرى أشارت إلى زيادة وتيرة حالات العنف المنزلي خلال فترة الوباء:
1- وفقا لمركز المعلومات العراقي فقد تلقى مركز معلومات العراق (IIC) عددًا أكبر من المكالمات التي أبلغت عن حوادث العنف المبني على النوع الإجتماعي أثناء الإغلاق في مارس وأبريل (أعلى بنسبة 44% تقريبًا مقارنة بالأشهر السابقة). كانت جميع المكالمات تقريبًا تتعلق بالعنف المنزلي.
2- وفقاً لنتائج التقييم السريع لمجموعة الصحة لاستجابة الخدمات الصحية للناجيات من العنف المبني على النوع الإجتماعي خلال فترة الوباء، أشار 40% من مقدمي الخدمات الصحية إلى زيادة في عدد النساء الناجيات من العنف اللواتي يطلبن المساعدة، ومن بين 40% أبلغ 17% عن العنف المنزلي الذي ارتكبه الشريك (الزوج) أو أحد أفراد الأُسْرة، في حين تم تسجيل التحرش (الإساءة العاطفية)، والاستغلال الجنسي من قبل الغرباء بنسبة 3% لكل منهما.
3- وفقا للنتائج التي توصل إليها رصد حماية NPC على مستوى المجتمع المحلي استجابة لظروف أزمة كورونا فقد تم تسليط الضوء على قضايا الحماية الرئيسة التي تؤثر في النساء والفتيات داخل المجتمعات التي تم تقييمها، بما في ذلك نتيجة لوضع لظروف الوباء؛ وفقا لذلك كانت الصدمة النفسية، والتوتر، والقلق، ونقص المساحة الآمنة والخصوصية من بين أهم المخاوف الرئيسة؛ إذ تم الإبلاغ عنها على التوالي بنسبة 62 % و34 % من المخبرين الرئيسيين، فضلا عن ذلك أفاد 26 % من KIs عن العنف أو الإعتداء داخل الأُسَر/ الأسر من بين مخاوف الحماية الرئيسة. وفي ما يتعلق بالخدمات المتاحة فقد أفاد 44% من مؤشرات الأداء الرئيسة بالقلق من نقص الخدمات المتخصصة للنساء؛ فمع إنتشار مخاطر العنف المبني على النوع الإجتماعي وغياب خدمات متخصصة في العنف المبني على النوع الإجتماعي يتفاقم ضعف النساء والفتيات في المجتمعات المعنية.
4- في ما يتعلق بفجوات الخدمة المتعلقة بالعنف المبني على النوع الإجتماعي؛ أظهرت نتائج تحليل المجموعة الفرعية للعنف المبني على النوع الإجتماعي لتقدم استجابة HRP للعنف المبني على النوع الإجتماعي لعام 2020 والثغرات، معدل الاستجابة منخفضا، أي 10% من التغطية اعتبارًا من أبريل 2020، وتم تحديد الثغرات في الاستجابة؛ بسبب التمويل، والقيود، وتحديات الوصول في محافظات: الأنبار، وديالى، وصلاح الدين، وكركوك. وعلى الرغم من أن محافظة نينوى أظهرت وجودًا كافيًا لخدمات العنف المبني على النوع الإجتماعي فقد أبرزت عدة تقارير من الشركاء مخاطرَ نقص التمويل في نهاية عام 2020، فضلا عن ذلك أبرزت أخبار المناطق الأكثر تضرراً من وباء كورونا الحاجات المتزايدة لخدمات العنف المبني على النوع الإجتماعي في محافظات: بغداد، وكربلاء، وبابل، والنجف؛ إذ لم يُبلّغ عن وجوده أو إن هناك وجودا محدودا لخدمات العنف على أساس النوع الإجتماعي.
ثالثا التوصيات:
أ. التوصيات المقترحة لعناية حكومة جمهورية العراق وحكومة إقليم كوردستان:
1- تسهيل مهمة مقدمي الخدمات؛ للوصول إلى الناجين من العنف من خلال إعطاء رسائل؛ لتسهيل مهمة حركة الكوادر.
2- تسهيل وصول الناجين إلى مراكز الخدمة في هذا الوضع، ودعم تقديم الخدمات بشكل أعلى للناجين من العنف في ظل هذه الظروف.
3- الإسراع، بشكل ضروري؛ لإقرار قانون مناهضة العنف الأُسري وتطبيقه، وفق الأُطُر الوطنية.
4- تدعيم نظام المراقبة والإبلاغ للمؤسسات الحكومية عن حالات العنف؛ للحد من هذه الظواهر.
ب: التوصيات لعناية المانحين :
1- زيادة مستوى التمويل لبرامج الحد من العنف لملء الفجوات في برامج الاستجابة لحالات العنف القائم على النوع الإجتماعي.
2- على الشركاء العاملين في مجال مناهضة العنف.
3- ضمان إستمرار الخدمات الضرورية خلال فترة الجائحة عن طريق توافر الدعم النفسي، توزيع صناديق الكرامة، وتوافر الملاذات الآمنة لضحايا العنف، وتقديم المساعدة الطبية اللازمة وفقا للأُطُر الاسترشادية للتعامل مع حالات العنف.
4- تعزيز نوعية الخدمات المقدمة، وَعَدّ السلامة للناجين أولوية فُضلى.
5- زيادة برامج التوعية؛ للحد من إنتشار العنف، والوقاية من الجائحة ايضا، وتجنُّب المخاطر للتعامل مع الحالات في مثل هذه الظروف.
6- طرح أدبيات ومنهجيات جديدة أخرى؛ للتعامل مع حالات العنف القائم على النوع الاجتماعي عن طريق تنوير المجتمعات وإشراكهم في الاستجابة، وتسهيل وصول الناجين إلى مراكز الخدمة.
7- تقوية نظام الـحالة وضمان الاستجابة السريعة وبتنسيق عالٍ على مستوى القطاعات.
8- توافر الخدمة الضرورية من وسائل الإتصال للناجين في ظل ظروف الحظر.
ج. يجب على الشركاء الإنسانيين من القطاعات الأخرى:
1- دمج ستراتيجيات الحدّ من مخاطر العنف المبني على النوع الإجتماعي في تنفيذ البرنامج بما يتلاءَم مع معايير العنف المبني على النوع الإجتماعي والمبادئ التوجيهية.
2- إعطاء الأولوية للاستدامة، في الوقت المناسب ونوعية الخدمات الصحية للناجين من العنف المبني على النوع الإجتماعي أثناء الوباء وتعزيز آليات الإحالة بين الخدمات الصحية وخدمات العنف المبني على النوع الاجتماعي.
3- يجب أيضًا وضع الآليات وتكييفها بحسب الحاجة؛ لتوافر النقد لدعم الحصول على المساعدة الإلزامية للناجين من العنف المبني على النوع الإجتماعي.
4- توسيع نطاق التدخلات متعددة القطاعات مع وجود عناصر كبيرة تتعلق بالعنف المبني على النوع الإجتماعي والصحة وسبل العيش والنقد والعناصر القانونية؛ لتمكين الناجين من العنف المبني على النوع الإجتماعي من الإفادة من الخدمات الشاملة بناءً على حاجاتهم في ظلّ ظروف الجائحة”.