بعدما خرجا معا، من رحم حزب سياسي واحد، وعملا سويا لسنوات، في صفوف حزب العدالة والتنمية التركي الحاكم، انشق أحمد اوود أوغلو عن الجماعة السياسية، في مايو 2016، وكان انشقاقا مدويا وأحدث صدعا كبيرا، في صفوف الحزب.
أردوغان وداوود أوغلو، ربطتهما علاقات ودية للغاية، شملت البعد الشخصي والعائلي لسنوات طويلة، لكن الرئيس التركي أراد سلطة تنفيذية برأس واحدة، تجنبا للنزاع وسعيا للوحدة والقوة، فيما سعى داوود أوغلو لأن يكون رئيس حكومة قوي بغية لأداء أفضل للجهاز التنفيذي، فنشب الخلاف بينهما في ملفات عدة في سياق تنازع صلاحية اتخاذ القرار ومرجعيته.
تعهدات بالعودة إلى “الديمقراطية”
رئيس الوزراء السابق ظهر في مناسبات عدة وهاجم فيها الرئيس الحالي وسياساته، بما وصفه، بمحاولة ترسيخ الدولة الاستبدادية، وتعهد بعودة البلاد للديمقراطية البرلمانية وتوسيع قاعدة الحقوق والحريات.
واعرب عن عزمه التنسيق مع كافة أحزاب المعارضة التركية وعقد تحالفات متوازنة معها، “لإنقاذ البلاد”، وقال “نحن نتواصل مع كل الأحزاب ونناقش كل المواضيع، وعندما يتعلق الأمر بأمتنا وسعادة شعبنا فإننا مستعدون للتحالف مع جميع الأحزاب وليس مع حزب واحد فقط”.
وأضاف: “تركيا لا يمكنها تحمّل السياسة التي تخلق جدرانا بين الأحزاب السياسية. كما أن مستقبل البلد وسلام الأمة ليس من اختصاص حزب واحد” مُشيراً لوجود أزمة إدارة في بلاده.
واعتبر الصحفي التركي فراس رضوان أوغلو أن “التحالف بين حزبي داوود أوغلو وعلي باباجان وبقية أحزاب المعارضة سيشكل خطرا على التحالف الحكومي، ولا أعتقد بإمكانية التحالف بين داوود أوغلو وباباجان لوجود خلافات في الحسابات السياسية بين الطرفين”.
وكشف داوود أوغلو أن حزبه، يعتزم في 15 يونيو الجاري تقديم رؤية جديدة للعمل من أجل تركيا، حيث سيقوم بمشاركة ورؤية اقتصادية جديدة مع المواطنين الأتراك.
وقال “نحن مصممون على الدخول في الانتخابات بقوتنا الخاصة، في أي وقت وتحت أي ظرف من الظروف. لذلك، نحن عازمون على استكمال عقد مؤتمراتنا في أغسطس”.
تراجع في شعبية حزب العدالة
وأظهرت استطلاعات الرأي الأخيرة تراجعا واضحا في شعبية حزب العدالة والتنمية، مما جعل قياداته تخطط للدفع مع حلفائهم القوميين لاتخاذ إجراءات من شأنها أن تؤثر على طريقة خوض المجموعات السياسية للانتخابات، ويمكن أن تقف حجر عثرة أمام مشاركة أحزاب المعارضة الجديدة في أي انتخابات مبكرة.
ومن شأن الإجراءات أن تخفض الحد الأدنى من الأصوات اللازمة لدخول الأحزاب البرلمان إلى 5 في المئة بدلا من 10 في المئة لكن الأهم بالنسبة للأحزاب الجديدة أنها ستمنع عمليات النقل التكتيكية بين الأحزاب كتلك التي حدثت عام 2018، وتعتقد مصادر أن تقدم الحكومة التعديلات إلى البرلمان الشهر الجاري.
وللمشاركة في الانتخابات، يتحتم على الحزب أن يكون قد عقد مؤتمرا وشكل هيكلا حزبيا في نصف الأقاليم التركية، أو أن يكون لديه بالفعل مجموعة من 20 نائبا على الأقل في البرلمان.
وتعتقد مصادر أنه “من الواضح أن أي تشريع قانوني بخصوص الأحزاب السياسية، يتم طرحه لمنع الأحزاب الجديدة كحزب المستقبل من دخول الانتخابات”.
أوغلو: لسنا دولة أقزام
وتشمل الانتقادات التي تشنها المعارضة على أردوغان وحزبه المسائل السياسية، خاصة ما يتعلق بتعامل الرئيس التركي مع خصومه ومنتقديه، والرد عليهم من خلال توظيف نظرية المؤامرة وتلفيق تهمة الانقلاب.
ورفض داوود أوغلو ذلك قائلا “يحاولون جعل تركيا دولة أقزام عبر إشاعة مناخ الخوف في أوساط الشعب وتحويل السلطة الحاكمة إلى شركة دعاية”، واستنكر “ترويج النظام وأذرعه الدعائية للشائعات حول التخطيط لانقلاب جديد في تركيا”.
واتخذ الرئيس التركي سلسلة قرارات في الآونة الأخيرة، تضمنت تعيين 18 واليًا جديدًا، وتغيير أماكن 23 آخرين، وتعبئة مناصب تشغلها شخصيات تدين بالولاء لحزبه، وبالتالي يضمن، إجراءات تضمن تفوقه أو على الأقل حمايته من السقوط في أي انتخابات مقبلة.