عشرين عام على نجاح الاتفاق السوري مع الجمهورية الإسلامية على توحيد البندقية ضد الصهاينة بيد حزب الله التنظيم اللبناني وهذه الاستراتيجية كانت ناجحة ضمن الصراع العربي الصهيوني بقيادة سوريا التي كانت تريد “فرض سلام” يعيد اليها الجولان السوري المحتل وأيضا يقوقع الكيان الصهيوني داخل حدود دولة فلسطين العربية المحتلة الى ان تتغير موازين القوى العسكرية لصالح العرب على مستويات الجيوش النظامية او تتفجر القنبلة السكانية الفلسطينية المجنسة “إسرائيليا” اذا صح التعبير نقول اذا تنفجر لصالح العرب من حيث قوة العدد والتأثير السكاني فيكون نهاية الكيان الصهيوني من الداخل.
هذه كانت الادوات المتاحة بيد سوريا الدولة العربية المحاصرة عربيا ودوليا والصامدة بقوميتها العربية المؤدلجة ضد كل ما هو تأمر داخلي وهجوم خارجي.
نجحت سوريا بخلق ردع استراتيجي عسكري اوقف الاعتداءات العسكرية المباشرة وبمقابل القوة النووية الصهيونية كان هناك القوة الكيميائية السورية وحائط الصواريخ الذي ردع والذي يعرف الصهاينة انه سيؤلمهم وان الكيمياوي السوري سيدخل المعركة اذا دخل النووي الصهيوني.
اذن كان هناك ردع متبادل ولكن سوريا الدولة كانت تريد استمرار الصراع واقعيا لكي تستطيع الحصول على ما تريد ولكي تستعيد الجولان السوري المحتل لذلك توافقت المصالح السورية مع رغبة الجمهورية الإسلامية وكان الاتفاق الذي سمح لحزب الله بالحركة العسكرية بشكل مفتوح.
الاستراتيجية السورية نجحت بتحقيق تحرير ارض عربية لبنانية من خلال هزيمة عسكرية واذلال للصهاينة وهروبهم من لبنان وكانت فرحة التحرير للجنوب اللبناني.
اعاد التحرير الروح للأمة العربية واصبح هناك امتداد شعبي عربي مؤيد لما حدث وجرى واثبت الصبر السوري الاستراتيجي البارد من العواطف والانفعال والواقعي انه هو الاسلوب الناجح!؟
وكمحصلة لهذا التكتيك السوري اصبح لدى لبنان منظومة امنية عسكرية استخباراتية دفاعية هجومية متطورة وممتدة نموذجية اعلى من نموذج حرب العصابات واقل من جيش نظامي ليس فقط اخرجت الاحتلال الصهيوني من جنوب لبنان وليس فقط فرضت حالة الستاتيكو والثبات بعدم الدخول بين حدود دولة فلسطين العربية المحتلة والقطر العربي اللبناني.
هذه المنظومة اعطت استقرار امني وقوة لدولة لبنان استطاع معها ابسط فلاح ان يغرز محراثه عند اقصى علامة حدودية بلا خوف ولا رهبة واستطاعت خط القرى الحدودية بمجتمعاتها ان تضع كراسيها امام بيوتها وتعيش حياتها بكل بساطة وسهولة.
ماذا حدث بعد التحرير؟ واين كانت بوصلة الانحراف بعد العام الفان ؟
حدثت غلطة تاريخية وخطأ كبير
بامتناع المقاومة اللبنانية عن استلام السلطة السياسية بعد عام 2000 .
وعدم قيامها بأعادة هندسة الواقع الاجتماعي والاقتصادي والثقافي اللبناني حسب تضحيات عوائل الشهداء والناس الذين شاركوا بالمقاومة ضد الاحتلال الصهيوني ولا نعني بهذا الكلام طائفة دينية واحدة أو حزب سياسي واحد.
بل مجمل شبكة الاحزاب السياسية والشخصيات المضادة للمشروع الصهيوني بلبنان.
كان غباء تام محاولة تعويم وضم من تأمر وخطط وتحرك ضد من قاوم الاحتلال الصهيوني وإعادة ضمهم في دولة “الفشل وإعادة إنتاجه” الموجودة من بعد وما قبل اتفاق الطائف.
مشكلة المقاومة اللبنانية ليس أنها تحاول السيطرة على الدولة اللبنانية.
مشكلتها أنها تنازلت عن حقها التاريخي بالسيطرة علي الدولة وإعادة هندسة النظام الاجتماعي والاقتصادي والثقافي حسب مصالحها وضمن تضحيات شهدائها.
اين ادى ذلك بالقطر العربي اللبناني اليوم؟
حدث استمرار بصناعة الفشل واعادة انتاج المأساة وتثبيت طبقة طفيلية تسرق ثروات القطر العربي اللبناني وايضا تبعات القروض المليارية تفجرت ونجح التأمر وبنفس الوقت شلة مليشيات الحرب الأهلية ومجرميها الحاكمة لا زالت بمواقعها وانتفض شعبنا العربي في لبنان ضدها ضمن الموجة الثورية الثانية بالواقع العربي.
ضمن هذا الواقع المأساوي المعقد والمتشابك مع اكثر من جهة واتجاه تعيش منظومة الاحزاب السياسية والشخصيات المضادة للمشروع الصهيوني بلبنان.
فهي موجودة ضمن كل هذا “الصداع”.
هي تحاول المناورة والبراغماتية من جهة وايضا هي من جهة أخرى اصبحت بواقع الحال جزء من سلبيات الواقع اللبناني وعيوبه وايضا جزء من طفيلية الاستفادة من مواقع السلطة وهذا واقع انساني قد ينحرف معها ملتزم من هنا او مقاوم من هناك لأن ذلك واقع السلطة وهذا موضوع اخر ولكن نريد القفز الى المشهد السياسي والاقتصادي والاجتماعي الحالي حيث التجويع المباشر الحاصل اليوم داخل لبنان العزيز الذي بدأ مع سياسة الاقتراض الملياري منذ استلام شلة مليشيات الحرب الأهلية ومجرميها الحاكمة للسلطة بهذا القطر العربي.
وهذا الاستلام للسلطة وذلك الاقتراض الملياري لم ينتج شيئا على ارض الواقع بالقطر العربي اللبناني الا تدمير الواقع نفسه.
كان لبنان العزيز الخارج من حرب اهلية مدمرة بصفر ديون خارجية يتحول الى مديونية ملياريه اضخم من مديونية القطر العربي المصري!؟ هذه المسألة مرتبة ومخطط لها سلفا.
وحذرت منها منذ التسعينات ورفعت ناقوس الخطر أنذاك وكنا نقرأ الساحة بما وراء اللعبة ولكن للأسف الشديد لم يكن هناك من يريد ان يسمع!؟
سلبية المقاومة ومنظومة احزابها وشخصياتها انها دخلت ضمن لعبة سلبيات الواقع اللبناني وعيوبه ولم تحاول اعادة هندسة الواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي اللبناني ولكن لنكون منصفين وموضوعيين علينا ان نعترف ان الكلام سهل جدا وممارسة دور الحكمة والموعظة الحسنة اذا صح التعبير من خارج الصراع الداخلي اللبناني هو أمر استطيع انا وغيري القيام به بكل اريحية ونحن نرتشف كوب القهوة الصباحي في بيوتنا المطلة على البحر!؟.
ولكن الدخول بالواقع الداخلي اللبناني الحقيقي صداع رأس كبير لمن يعيش بالداخل اللبناني ويلمس ادواته بيده والكلام من الخارج سهل جدا ولكن ايضا ترك الامور على حالها اوصل القطر العربي اللبناني الى حالة صناعة مجاعة عامة يراد اسقاط هذا القطر العربي للمجهول.
اذن الكلام “سهل” ولكن ترك الامور من غير تغيير جعل الواقع “صعب”
بالإيجابي اذا صح التعبير هناك انطباع “واقول انطباع”
ان هناك اقتصاد موازي تجاوز الازعاج الداخلي اللبناني قامت بصناعته والعمل عليه المنظومة العسكرية الامنية الاستخباراتية التابعة للجمهورية الإسلامية المقامة على أرض إيران وهذا “الانطباع” ان صح وتأكد إنه موجود وحقيقة قائمة فأنه يكون شئ جيد وامر ممتاز ولعل قرار الرئيس السابق للجمهورية الإسلامية الدكتور محمد خاتمي بإيقاف تمويل ودعم المنظومة العسكرية الامنية الاستخباراتية التابعة للجمهورية الإسلامية وهو القرار الذي الغاه واوقفه المرشد الحالي السيد علي الخامنئي.
نحن نقول لعل ذلك القرار الذي تم ايقافه بالتسعينات قد سارع مسألة انشاء الاقتصاد الموازي للمقاومة اللبنانية لذلك نرى هدوء نسبي بين المنتمين للمنظومة العسكرية الامنية الاستخباراتية التابعة للجمهورية الإسلامية لأن مجال الامن الغذائي والمالي والصحي والتعليمي مؤمن لهم ولعائلاتهم.
ما مدى صحة الكلام الذي قلته؟ بخصوص تلك المسألة؟
لا اعرف وهو انطباع موجود وليست حقيقة ثابتة ولذلك قلت بالأعلى “انطباع” اما الحقيقة الواقعية اين هي؟
الاجابة لا اعرف
والمصيبة ان كان كلامي خاطئ ولا يوجد اقتصاد موازي فأذن القطر العربي اللبناني داخل الى مجهول شامل ولا اقول شيئا اخر!؟
د.عادل رضا
طبيب باطنية وغدد صماء
كاتب بالشئون العربية والاسلامية