هل #ثورة_تشرين .. ام .. #فيروس_كورونا
ثورة تشرين
عندما ابتدأت الانطلاقة الاولى لثورة تشرين في 2019/10/01 ، والتي استمرت لعشرة ايام تقريباً ليس اكثر ، يعني الى غاية 2019/10/10 وبعدها توقفت ، فأن هذه المدة القصيرة المحصورة بين هذين التاريخين ، لم يشهدا فيهم توقف الحياة اليومية العامة في العراق وتعطيل حركة العمل والمصالح والتجارة والتعليم وغيرها من الامور الاخرى ..
لانها في الاصل كانت مدة قصيرة ، ليست كافية لان تقوم بكل ذلك المذكور اعلاه من تعطيل الحياة ، وطبعاً لا ننكر ان شبكة الانترنت في العراق توقفت وقتها لبعض الوقت منذ ثاني الثورة ، واستمرت لبضعة ايام ولكنها عادت الشبكة في نهاية الامر ، ومن قام بقطعها هي وزارة الاتصالات العراقية بأمر من الحكومة الفاسدة ، والسبب في ذلك هو لمنع الثوار والناس بشكل عام من ان يقوموا بشر جرائم الحكومة التي تمارسها بحق الثوار والشعب من قمع وقنص وترهيب وغيرها الكثير ، ولذا قاموا بقطع شبكة الانترنت عن الشعب ، بهدف قطع طرق التواصل بين ابناء الشعب في مختلف المحافظات ..
وكذلك الحال بالنسبة للطرق ، فأن بعض الطرق والشوارع الثانوية تم قطعها ، وهي طرق غير رئيسية تم قطعها بواسطة الثوار لمدة قليلة من الوقت ولكن سرعان ما تم إعادة فتحها ، من دون تأخير كثير ..
وبالنسبة لحظر التجوال ومنع السفر بين المحافظات الذي تم فرضهما بواسطة الحكومة الفاسدة ، فأنهما الاثنين لم يدوما كثيراً ابداً ، بل استمرا لايام قليلة معدودة ، وبعده تم كسر الحظر وتم إعادة السفر بين المحافظات ، والسبب لانه في الاصل تم فرضهما على اساس باطل وبغير وجه حق ، من اجل فقط منع الثورة وقمعها ، ولكن هي في الاصل قامت ضد الفاسدين في الحكومة ، اذاً فكيف يلتزم الثوار والشعب بقرارات الفاسدين الذين خرجوا ضدهم ..
هذا كله طبعاً ما ذكرته هو ما شهدته الانطلاقة الاولى لثورة تشرين في 2019/10/01 ، والآن سأتناول الانطلاقة الثانية للثورة في 2019/10/25
عندما ابتدأت الانطلاقة الثانية لثورة تشرين والتي جاء بعد الزيارة الاربعينية المشاية للامام الحسين عليه السلام ، وكانت حينها الانطلاقة بتاريخ 2019/10/25 ، هنا وقتها كان الامر مختلف تماماً عما شهدته الانطلاقة الاولى ، وكان مختلف من حيث الشدة والقوة والضخامة في الانطلاقة وعودة الثورة مجدداً بعد الانقطاع ..
هذه المرة كان الحدث جداً كبيراً وقوياً عما سبق ، حيث هنا لم تقوم الثورة بواسطة الثوار فقط وانتهى ، بل قامت بواسطة فئات اخرى كثيرة غيرهم ، اشعلوا نيران الثورة ، وكلاً من موقعه ومكانه الذي يتواجد فيه ، فمنهم قبل كل شيء هم طلاب المدارس والجامعات والمعاهد الذين اعلنوا الاضراب الطلابي العام عن الدوام ، والتضامن مع اخوتهم الثوار ، ومنهم كذلك ايضاً الموظفين في الدوائر الحكومية الذين اعلنوا هم الآخرين الاضراب عن الدوام والتضامن مع الثورة ، فعلى الرغم من انهم موظفين ومتعينين ويمتلكون رواتب ، الا انهم مع ذلك كله خرجوا ولم يقولوا نحن ما دخلنا في الامر ، لان هذه الثورة هي في الاصل ثورة شعبية من اجل الوطن ، وليست من اجل مطالب شخصية لكل فرد ..
منذ 2019/10/25 الى غاية 2019/12/31 ، هذه المدة المحصورة بين هذين التاريخين ، توقفت حينها الحياة اليومية العامة في العراق من نواحي مختلفة ، ولكنها لم تكن متوقفة بشكل كامل 100# ، بل كانت متوقفة بشكل شبه كامل 50# فقط لا اكثر ، حيث ان كل ما جرى من توقيف الحياة في تلك الفترة لم يكن في عموم العراق ، او بمعنى اصح لم يكن في جميع محافظات العراق التسعة عشرة ، بل كان ذلك مقصوراً ومحدداً فقط في المحافظات العشرة الثائره المشاركة في #ثورة_تشرين وهذه المحافظات هي موزعة بين كل من الجنوب والوسط ، عدا الشمال والغرب والشرق ..
المحافظات التي كانت متوقفة فيهم الحياة العامة بشكل جزئي هي كل من ( بغداد ، بابل ، واسط ، كربلاء ، النجف ، القادسية ، المثنى ، ميسان ، البصرة ، ذي قار )
اما المحافظات التسعة الاخرى التي كانت الحياة تسير فيها بشكل طبيعي من دون مشاركة في ثورة تشرين او توقف في بعض المفاصل ، فهذه المحافظات هي كل من ( ديالى ، صلاح الدين ، الانبار ، كركوك ، نينوى ، السليمانية ، حلبجة ، اربيل ، دهوك ) حيث ان هذه المحافظات لم تشارك في الثورة اصلاً ولم تشهد اضطرابات او اضرابات للطلاب او الموظفين فيها ، بل كانت تسير الحياة فيها بشكل طبيعي واعتيادي من دون ان تتأثر اي تأثير كان بما يجرى في المحافظات الاخرى الثائرة .. هذا اولاً
اما ثانياً .. فأن تلك المحافظات العشرة الثائرة نفسها هي ايضاً لم تشهد وقت تلك الفترة توقف الحياة العامة فيها بشكل كامل 100% ، بل كان ذلك من اغلبية الشعب فيها نعم صحيح ، ولكن لم يكن كل الشعب ، حيث ما اريد قوله هو انه كان يوجد العديد والعديد من الاشخاص في تلك المحافظات الذين كانوا ضد ثورة تشرين اصلاً وضد حدوثها من الاساس ، فكيف اذاً كانوا موافقين على تعطيل الحياة بسبب الثورة ، وهؤلاء الاشخاص ينقسمون الئ عدة انقسامات تبعاً لمنطلق وقوفهم ضد الثورة ، حيث لو انهم كانوا فعلاً وطنيين احرار محبين العراق ، لما تجدهم وقفوا ضد الثوار وضد ثورة الشعب ، ولكنهم في الاصل كانوا في تقسيمات معينة ..
وهذه التقسيمات تجدهم اما كانوا متحزبين منتفعين ومستفادين ، يعني بمعنى آخر كانوا تابعين الى احدى الاحزاب السياسية الفاسدة الحاكمة ، او انهم تجدهم كانوا اذناب وذيول لدول اخرى كانت ولازالت لا تريد الخير للعراق ابداً ولا تريد اصلاح الوضع في العراق نحو الافضل ، او تجدهم في تقسيمات اخرى غير هذه ولكنهم في الاصل يجتمعون في الهدف واحد نفسه وهو الوقوف ضد ثورة تشرين وضد ثوارها ..
مختصر الكلام ، هؤلاء الفئات التي ذكرتها والتي كانت ضد الثورة والثوار ، هم نفسهم كانوا ضد فكرة اضرابط الطلاب والموظفين عن دوامهم ، وكانوا يفعلون كل ما بوسعهم من اجل عدم اضراب تلك الفئات الاحرار عن دوامهم ، ولذا هؤلاء الاشخاص كانوا وكأنهم في عالم آخر بعيدين كل البعد عن عالم الثورة والثوار ، وبعيدين كذلك عما كان يجري من احداث كثيرة حولهم ، فمن كان منهم يستطيع الدوام وقتها سواء كان طالب او موظف ، فأنه تجده لم يمتنع ابداً ولم يشارك زملائه الاحرار الوطنيين في ذلك ..
مختصر الكلام : ثورة تشرين رغم قوتها وشدتها ، ورغم كل ما شهدته ، ورغم الاضرابات التي حدثت وقتها من الموظفين والطلاب ، الا انها رغم كل ذلك لم توقف ابداً الحياة العامة اليومية بشكل كامل في العراق بصورة عامة ، او في المحافظات العشرة الثائرة على وجه التحديد ، بل كان التوقيف فقط بشكل جزئي لبعض من مرافق الحياة لا اكثر من ذلك ، يعني من كان وقتها مع الثورة ومتضامن معها ومضرب عن دوامه فهو حر ، ومن كان وقتها ضد الثورة وغير متضامن معها وليس مضرب معها فهو حر ايضاً ، ولا يوجد اي اجبار كان في ذلك.
..
..
فيروس كورونا
اما بالنسبة لفيروس كورونا فأنه عندما اكتشف لاول مرة في العراق ، وعند تسجيل اول حالة اصابة للطالب الايراني في محافظة النجف في الشهر الثاني من العام الحالي 2020 ، فأنه وقتها كانت هذه اول حالة تسجل في العراق ، وتم اتخاذ بعض التدابير الوقائية على مستوى المنطقة التي يسكنها الطالب الايراني ، وعلى مستوى محافظة النجف فقط ، يعني باختصار لم تشهد حينها اجراءات شديدة صارمة بهذا الصدد ..
يعني الحياة وقتها مازالت مستمرة ، ولم يتم توقيف اي شيء كان ، في اي مكان ، او في اي شيء بصورة عامة من قبل الحكومة ، حتى ثورة تشرين نفسها لم تتوقف حينها من قبل الثوار بسبب هذه الاصابة التي ظهرت انذاك ..
ولكن بعدها بقدوم الشهر الثالث والرابع والخامس والشهر الحالي السادس ، ماذا حصل
بعد اصابة الطالب الايراني ، والتي كانت تعتبر الاصابة الاولى والوحيدة ، تم بعدها تسجيل آلاف الاصابات بفيروس كورونا في مختلف المحافظات ، ولم تكن لاشخاص اجانب ، بل كانوا لعراقيين ..
وبسبب هذا تم توقيف وتعطيل الحياة العامة اليومية بالكامل 100% في كل العراق “يعني جميع المحافظات الثائرة وغير الثائرة” والتعطيل شمل كل مرافق الحياة ، ومنها :
فرض حظر التجوال ، اغلاق كافة الطرق الرئيسية والثانوية ، اغلاق كافي المساجد والحسينيات والاضرحة والمراقد والكنائس والمعابد ، والمسابح والمقاهي والاسواق والمحلات والشركات والمتنزهات والحدائق وجميع الاماكن العامة الاخرى ،
وكذلك تم منع كافة التجمعات البشرية ، وتم اغلاق المحافظات ، وتم منع السفر بين المحافظات ، وتم تعطيل الدوام الرسمي في جميع الدوائر الحكومية بما فيها المدارس والجامعات والمعاهد ،
وتم انطلاق الكثير من الدعوات الى الشعب ليلتزموا بالحجر الصحي داخل منازلهم وعدم الخروج ابداً خارج المنزل ، وكذلك الدعوة الى ارتداء الكمامات والكفوف اذا ما تم الخروج من المنزل ،
وغيرها الكثير والكثير من الاجراءات الاخرى التي تم فرضها على الشعب العراقي ..
يعني باختصار تم توقيف الحياة بشكل كامل 100# وليس جزئياً 50%
..
كل هذا الذي حدث ، وكل هذا التعطيل والتوقيف الذي شهدته الحياة العامة في العراق ، كله لم يحدث مثله ابداً ابداً في ثورة تشرين ، فالثورة كانت مشتعلة ضد الفاسدين رغم استمرار الحياة في العراق ..
ومن كان ضد الثورة والثوار ، وكان مستمراً بالدوام سواء كان طالب او موظف ، هذا نفسه بعد مجيء فيروس كورونا اصبح غصباً واجباراً عليه الالتزام وفعل اشياء هو لم يكن يفعلها سابقاً ابداً في ثورة تشرين ، ولكنه الآن اصبح مجبراً على ذلك ، لانه ليس في يديه حيلة ، او طريقة معينة للخلاص ..
حتى ان الكمامات الطبية الواقية التي كان ارتدائها مقصوراً ومحدداً على ثوار تشرين فقط ، وذلك بسبب الغاز المسيل للدموع ، اصبح بعدها الجميع يرتديها من الشعب العراقي بسبب فيروس كورونا ، والجميع هنا اقصد بما فيهم اعداء ثورة تشرين واعداء الثورة ..
..
نهاية الكلام .. ما حدث بسبب #فيروس_كورونا ، لم يحدث مثله ابداً ابداً بسبب #ثورة_تشرين
لانها ثورة حق ، ولم يكن هدفها التخريب وتعطيل مصالح وحركة وحياة الناس هكذا بصورة مقصودة ومن لا شيء ، وان شهد بعض التعطيل القليل فهو كان لأجل الوطن ولأجل الشعب ، عكس هذا الوباء اللعين الذي عطل حياتهم بالكامل ولم يكن جاء لمصلحتهم ابداً.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شكراً جزيلاً الى ادارة الموقع ، والى الاستاذ طارق خصوصاً بنشر هذا المقال ?