الثلاثاء, نوفمبر 26, 2024
Homeمقالاتالمفاوض الأمني بين الإهمال والضرورة : عبدالله جعفر كوفلي

المفاوض الأمني بين الإهمال والضرورة : عبدالله جعفر كوفلي

أعتدنا في حياتنا اليومية المفاوضات في كل مجال، فقي السياسة والاقتصاد والزواج و البيع و الشراء والحوادث والمشاكل هناك طرفين او اكثر يتصارحون على الموضوع محل الخلاف حتى يتم التوصل الى حل يرضى الطرفين او الاطراف وبأختصار الحياة هي التفاوض، لأن الانسان لابد له ان يعيش مع غيره فيكون الاحتكاك وتضارب المصالح وارداً لا محالة فيه ، فيكون التفاوض طريقا نحو الحل والتسوية .

تفاوض الاجهزة الامنية سواء في داخل الدولة الواحدة او دول مختلفة على تحديد آلية معينة للتعامل مع مصدر خطر معين او تحديد مساحة عمل كل جهاز أمر وارد، ولكن أغلب هذه المفاوضات تجري بصورة سرية او تحت غطاء آخر وقد يكون التفاوض مع المتظاهرين لاسباب مختلفة

الغريب في الموضوع ، بظهور العصابات المسلحة والجريمة المنظمة و الجماعات الارهابية ولجؤها الى السطو المسلح للمباني وأقتحام الأهداف والسيطرة عليها لفترة محددة واحتجاز الرهائن وتدخل الاجهزة أمن وحتى القوات المسلحة والقضاء على هؤلاء الخارجين عن القانون الذين يعكرون صفوة حياة المواطنين، ناهيك عن التظاهرات التي تخرج للمطالبة بالحقوق المسلوبة وأحياناً تخرج من إطار سلميتها وتتجاوز عل حقوق الغير وتصبح مصدراَ لتهديد الأمن العام، كثيرا ما يحتاج الامر الى التفاوض في سبيل إنقاذ الرهائن او المحافظة وأسترداد ما تم الاستيلاء عليها قبل هؤلاء أو فك المتظاهرين .

نادرا ما يلجأ اجهزة الأمن الى التفاوض مع الخارجين عن القانون أنطلاقا من عدم ايمانها بنتائج المفاوضات او شعورها  بالضعف امام الجمهور، باعتبارهم السلطة التنفيذية للقوانين والقرارات، وكذلك وجود إحساس داخلى عند رجل الأمن بأن التفاوض يبعث بصورة ضعفها وبالتالي اهتزاز ثقة المواطنين بهم ويشعرهم بعدم قدرة هذه الاجهزة على أستتباب الأمن وفرض القانون، وبما أن هدف هذه الاجهزة هي حماية أرواح المواطنين وممتلكائهم بأية وسيلة، فإن لجؤها الى أسلوب الحوار والتفاوض مع العابثين لا يعد ضعفا او عدم قدرتها على أداء دورها، بل أنها تدل على إخلاصهم ودقة عملهم وسلوكهم الطريق الصحيح نحو تحقيق أهدافه .

فالأجهزة الامنية تحتاج الى التفاوض سواء مع غيرها من الأجهزة او حتى الخارجين عن القانون وباتت المفاوضات جزءاً من عملها في سبيل أداء رسالتها، وهذا ما يدفع بهذه الأجهزة الى بناء مفاوض أمني ناجح، لأنه يمثلها ودليل رقي وتطورها ومدى استجابتها للأمور وقراءتها الصحيحة للأحداث وقدرتها على تحليل المعلومات وأستنتاجها وقوة ثقة أفرادها بعملهم وأمتلاكهم للأدوات الناجحة في التعامل مع الأزمات وتحديدهم لمصادر التهديد وحبها للوطن ومبادئها وأفتخارها بمنجزاتها .

المفاوض الامني هو أحد افراد الأجهزة الأمنية الذي يتحلى بصفات رجل الامن الناجح ويتقن فن الحوار والتفاوض يكون شجاعاً هادئاً صارماً عارفاً بمهامه حساساً في تعامله قادراً على الإقناع جريئا يمتلك مفاتيح الأمور حازماً … مع الفارق فيما اذا كان مفاوضاً مع الأجهزة الأمنية الداخلية (في سبيل تحديد ميدان عمل كل منهم) او خارجية (في سبيل التنسيق والتعاون وتحديد مصادر الخطر) او مع المختطفين وعند عمليات السطو المسلح واحتجتاز الرهائن والتعامل مع المظاهرات، فلكل منها اسلوبه الخاص، ومن هذا المنطلق، بات وجود المفاوض الأمني ضرورة في ظل عدم الأعتراف او التقليل من الأهتمام به فيما مضى، وأصبح وجود المفاوض الأمني جزء من قدرة هذه الاجهزة على التطور والإنسجام مع الواقع و إيجاد الحلول للأزمات ، وأحد أركانها الرئيسة.

تم الاستفادة من مقال بعنوان (دروس من اقتحام الارهابين للمباني وغياب المفاوض الامني للاستاذ رياض هانى بهار) .

 

عبدالله جعفر كوفلي /ماجستير قانون دولي

kuvileabdelah@yahoo.co.uk

15/6/2020

RELATED ARTICLES

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Most Popular