في السادس من أبريل الماضي، دعا هيثم سليمان (48 عاما)، منظم حركة احتجاج في منشور على فيسبوك، محافظ المثنى في العراق إلى التحقيق في مزاعم الفساد في دائرة الصحة بشأن شراء كمامات لفيروس كورونا.
تقول منظمة هيومن رايتس ووتش في تقرير لها إن السلطات العراقية اعتقلت هيثم في 10 أبريل، “وتعرض للضرب، وأرغم على التوقيع على وثيقة تفيد بأن الولايات المتحدة قد مولت حركة الاحتجاج”.
تقرير المنظمة المكون من 30 صفحة ونشر الاثنين تحت عنوان “ممكن نستدعيك في أي وقت” يقول إن السلطات العراقية، بما في ذلك سلطات إقليم كردستان، استخدمت بشكل روتيني قوانين فضفاضة الصياغة لتوجيه اتهامات جنائية ضد الأشخاص الذين يعبرون عن آراء لا تعجبهم، وذلك لإخافة الصحفيين والنشطاء والأصوات المعارضة الأخرى، وإسكاتهم في بعض الحالات.
وانتقدت هيومن رايتس ووتش ما وثقته بتصاعد في انتهاكات الحق في حرية التعبير في العراق وسط الاحتجاجات الواسعة النطاق، مؤكدة على ضرورة قيام الحكومة العراقية الجديدة بإصلاح قوانينها.
واندلعت احتجاجات وسط وجنوب العراق في الأول من أكتوبر الماضي تمحورت حول فساد الحكومة والظروف الاقتصادية والانتهاكات التي ترتكبها القوات الأمنية ومطالبة بتعديل قانون الانتخابات.
لكن الاحتجاجات قوبلت بقوة مفرطة من قبل قوات الأمن، ما أسفر عن مقتل 544 شخصا على الأقل وإصابة 24 ألف آخرين على الأقل بين أكتوبر 2019 ومارس 2020.
ووثقت المنظمة إغلاق السلطات، بعد اندلاع الاحتجاجات، 12 محطة تلفزيونية وإذاعية، لمدة ثلاثة أشهر بدعوى انتهاكها لقواعد ترخيص وسائل الإعلام.
وأصدرت السلطات العراقية بحسب التقرير تحذيرات لخمس جهات بث أخرى بشأن تغطيتها، كما داهم رجال مسلحون مجهولون مكاتب ثلاث وكالات إخبارية على الأقل وألحقوا أضرارا بها في أكتوبر الماضي.
ويبحث التقرير مجموعة من الأحكام القانونية المتعلقة بالتشهير والتحريض والتي تستخدمها السلطات ضد منتقديها من الصحفيين والنشطاء والأصوات المعارضة الأخرى.
وطالبت أعضاء مجلسي نواب العراق وإقليم كردستان استبدال مواد التشهير الجنائي في قانون العقوبات بعقوبات تشهير مدنية وتعديل القوانين التي تحد من حرية التعبير تماشيا مع القانون الدولي.
ودرست هيومن رايتس ووتش 33 قضية تتعلق بمحاكمة 21 ناشطا و14 صحفيا تعرضوا للاعتداءات، 13 قضية منها متصلة بدعم أنشطة الاحتجاجات على وسائل التواصل الاجتماعي، وسبع منها متصل بتغطية فساد الدولة في وسائل الإعلام الرئيسية أو وسائل التواصل الاجتماعي. لم تحدث أي من القضايا في المناطق الخاضعة لسيطرة بغداد بعد تولي رئيس الوزراء الحالي والحكومة الجديدة مقاليد الحكم.
وتقول المنظمة إنه مع تولي مصطفى الكاظمي منصبه الجديد كرئيس للوزراء، ورغبته المعلنة بمعالجة التحديات الحقوقية في العراق، فإن لدى الحكومة فرصة استثنائية للتصدي للقيود المفروضة على حرية التعبير منذ أكثر من 10 سنوات.
ويقول تقرير المنظمة إنه في الفترة ما بين 2017 و2019، كان العراق بيئة معادية بالنسبة إلى أولئك الذين يريدون انتقاد الحكومة والجماعات المسلحة مثل قوات الحشد الشعبي وهي قوات مسلحة تعمل بشكل رسمي تحت قيادة رئيس الوزراء، بحسب المنظمة.
وفي 2014، أصدرت هيئة الإعلام والاتصالات، وهي هيئة مستقلة مرتبطة بالبرلمان، إرشادات إلزامية لتنظيم وسائل الإعلام خلال الحرب على الإرهاب، والتي لا تزال سارية.
ويقول التقرير إن المنظمة لم تتمكن من تحديد أي أساس قانوني للتوجيهات أو إجراءات الهيئة.
كما أكدت المنظمة أن سلطات إقليم كردستان تستخدم قانون العقوبات المحلي، وقانون العمل الصحفي، وقانون منع إساءة استعمال أجهزة الاتصالات للحد من حرية التعبير.
وأشار تقرير المنظمة إلى حالات اعتقال في الإقليم، منها اعتقال شخص بعد أن بث مباشرة مظاهرة صباح 26 يناير 2019، واتهم بانتهاك قانون العقوبات وقانون منع إساءة استعمال أجهزة الاتصالات.
وطالبت المنظمة السلطات العراقية الاتحادية وسلطات إقليم كردستان توجيه قوات الأمن لوضع حد للترهيب والمضايقة والاعتقال والاعتداء على الصحفيين وغيرهم بسبب ممارستهم حقهم في حرية التعبير.
كما طالبت المنظمة بالتحقيق في الادعاءات ذات المصداقية بتهديدات أو اعتداءات من قبل موظفي الحكومة أو آخرين ضد المنتقدين.