الإثنين, نوفمبر 25, 2024
Homeالشاشة المتحركةأيزديكي-Êzdîkî لغة الايزيدين ؟

أيزديكي-Êzdîkî لغة الايزيدين ؟

 

 

” الايزيديون يسمون لغتهم الام باللغة الايزيدية ” اقتباس من كتاب الكاتب الفرنسي
ارنست شانتري ” تحت عنوان ( Notes ethnologiques sur les Yésidi) لسنة 1895 / تركيا .

منذ حدوث الإبادة الجماعية في سنجار (شنكال) سنة 2014 والتي مازالت مستمرة، معها دخل المجتمع الايزيدي في دوامة من المناقشات ، لكون الدين و
العادات و التقاليد الايزيدية غير معروفة لدى الكثيرين، بالاضافة لقلة المعلومات حول تاريخ هذه الشعب و التي تودي مراراً و تكرارا لنقاشات حادة حول هوية
الايزيدين .بالأخص الطبقة الشابة التي تستخدم وسائل التواصل الاجتماعي ، حيث تدخل في سجالات حول الهوية الاثنية واللغوية للايزيديين ، و في اغلب الأحيان
تودي هذه النقاشات الى عداوات ،خصوصا عندما يدعي الايزيدين بان لغتهم الام هي ( الايزيدية ).

هل هناك حقا لغة تحت هذا المسمى ؟

سوف نحاول شرح هذه الامر من خلال الأدلة التاريخية .

لغة الام المقدسة :

اللغة الام لغالبية الايزيديين هي ما تعرف اليوم ب الگورمانجية ، حيث جميع
الاقوال الدينية و السبقات مكتوبة بهذه اللغة ، لهذه تعتبر هذه اللغة مهمة و مقدسة
لدى الايزيدين .

الكورد يعتبرون الكورمانجية كلهجة كوردية ،حيث كما هو شائع يدعون بوجود لغة كوردية متفرعة لعدة لهجات محلية ، لكن هناك أيضاً من يدعي بان الكورمانجية
هي واحدة من اللغات الكوردية المتعددة وهي لغة بحد ذاتها و ليست لهجة .

على سبيل المثال لا الحصر ، ايزيدي الاتحاد السوفيتي السابق يسمون لغتهم باللغة
الايزيدية ، و التي هي في الوقت ذاته اللغة الكورمانجية ، هنا يفهم بان اللغة
الايزيدية هي تعبير ( اسم ) اخرللكورمانجية .

من الوهلة الاولى يظهر للعيان بان هذا شي اعتيادي ، لكن الامر ليس بكذلك ، حيث مجرد ذكر هذا الاسم يودي الى حساسية مفرطة ورفض لدى الكثير من المثقفين
الايزيديين . سوف ناتي تباعاً لمعرفة أسباب هذه الحساسية و الرفض و نبينها لكم.

عندما يلجأ ايزيدي الاتحاد السوفيتي السابق الى استخدام مصطلح ( اللغة الايزيدية ) كلغة أم لهم ، سرعان ما تأتي ردود الأفعال الرافضة ، خاصة من المحسوبين على
التيار القومي الكوردي و من ضمنهم البعض الايزيدي الذي تربى على هذا الفكر
و تشبع به .
حيث يعتبرون هذا الشي كتهجم على الوحدة القومية للكورد،ما ينتج عن هذا الامر
من صراعات ومناقشات عادة ما تكون مشحونة ايديولوجيا و بعيدة كل البعد
عن الحوار الموضوعي ، حيث يتم استخدام بعض الكليشات الجاهزة من عبارات
التخوين و الرفض .سوف نستعرض لكم البعض من هذه العبارات المتداولة على
مواقع التواصل الاجتماعي التي توضح هذه المشكلة ، من ضمنها :

-لاتوجد لغة تحت هذا المسمى
-هذه اللغة الكوردية و ليست الايزيدية
-عندما تودون التكلم باللغة الايزيدية ، ابحثوا لكم عن لغة اخرى غير الكوردية و
تكلموا بها
-عندما تتكلمون اللغة الايزيدية ، هل يتكلم الاخرين اللغة المسلمة ؟

وغيرها الكثير من الجمل و العبارات الرافضة التي يتم تداولها باستمرار في كل
نقاش يتعلق بالأمر ، ما يزيد الطينة بلة هو دخول البعض من الساسة و النشطاء و
المثقفين و الاستاذة الايزيدين في هكذا نقاشات مع استخدام نفس الجمل و
العبارات المذكورة أعلاه ، البعض الايزيدي الاخر حاول البقاء بعيداً عن هكذا
مناقشات و التزم الصمت خوفاً من تهمة التخوين و تاجيج النزعة الانفصالية من
الجانب الكوردي .

فحوى الامر يمكن تلخيصه كما يلي :

يراد من الايزيدين التنازل عن تسمية لغتهم الام ب ( اللغة الايزيدية ) من اجل هدف أسمى ، الا و هو الوحدة القومية للكورد ، حيث استخدام هذا المصطلح ينظر اليه
كتهديد للشعور القومي الكوردي المتزعزع أساساً .

هل حقاً هناك لغة أيزيدية ام اننا امام خلق مصطلح سياسي ايديولوجي جديد ؟

فقط من خلال التوضيح الموضوعي يمكننا التوصل لإجماع علمي و إيجاد حل
نهائي لهذه المعضلة الأيديولوجية .

اللغة و تسمياتها المختلفة :

من خلال مراقبة هذا الصراع يتبين للمرء بان معارضي استخدام هذا المصطلح
( اللغة الايزيدية ) لا يدركون و لا يستطيعوا تفهم بان هناك لغات لها اكثر من
تسمية واحدة .فعبارة ” انتم تتكلمون الكوردية وليس اللغة الايزيدية ” يمكن فهمها
على انه تناقض ، على اعتبار اللغة الايزيدية هي لغة اخرى مختلفة عن الكورمانجية مع إنكار وجود لغة أيزيدية خاصة أساسا و هذا ما يودي في الكثير من الأحيان
للإرباك و الحيرة .

لكن الحقيقة العلمية هي ان اللغة الكورمانجية والايزيدية هما تسميتان مختلفتان للغة واحدة ، وهذا امر شائع ، على سبيل المثال لا الحصر البوسنية و الصربية و
الكرواتية هي تسميات مختلفة للغة واحدة .
في باكستان يتم استخدام تسمية اللغة الأوردية (Urdu) في حين تسمى نفس اللغة في الهند باللغة الهندية (Hindi ).
هذه مجرد امثلة تسميات متعددة للغات واحدة للمجاميع مختلفة من البشر يتحدثون نفس اللغة .

عليه فان استخدام مصطلح ” اللغة الايزيدية ” ليس خاطئاً على الإطلاق لمجرد كون مجموعة اخرى تتكلم اللغة ذاتها و تطلق عليها تسمية اخرى مختلفة.

هل حقاً يتكلم الايزيدييون الكوردية ؟

عادة ما يقال بان الايزيديين يتكلمون اللغة الكوردية او بان لغتهم الام هي الكوردية ، لكن كوّن البعض من الايزيدين يستخدمون مصطلح اللغة الايزيدية كلغة ام لهم ،
فهنا يجب طرح السؤال فيما اذا كان الادعاء الاول صحيحاً .
فمثلاً سيكون أمرا غريبا ادعاء ان الهنود يتحدثون اللغة الاوردية او ان الصرب
يتحدثون اللغة البوسنية.

تعريف اللغة الكوردية بحد ذاته الى هذا اليوم ما زال غامضاً ، حيث ليس من
الواضح اذا كانت اللغة الكوردية هي لغة واحدة ذات لهجات متعددة ام هي عبارة
عن لغات كوردية متعددة .
أغلبية الكورد متفقين بان الكوردية هي لغة ذات لهجات مختلفة كالكورمانجية و
السورانية و الزازكية و الگورانية. لكن عندما يطّلع المرء على مقالات متعلقة بهذا الشأن في الويكيبديا سواء باللغة الألمانية اوالانكليزية ، يكون الحديث عن لغات
كوردية ( بالجمع ) وليس مفرداً ، لكن على العكس من ذلك في موقع الانسكلوبيديا باللغة الكوردية اللاتينية يكون الحديث عن لغة واحدة بلهجات متعددة.

لحد الان ليس هناك اجماع علمي لدى علماء اللغات حول الحدود الفاصلة ما بين
اللغة و اللهجة و كيفية تميز احداهن عن الاخرى .لكن النظرية الأكثر شعبية للتميز ما بين اللغة و اللهجة هي النظرية القائمةعلى سهولة الفهم و التواصل مع الاخر
او ما تسمى بنظرية سهولة الفهم المشترك(mutual intelligibility) ،
حسب هذه النظرية جميع الاختلافات اللغوية التي يمكن للاخر فهمها دون صعوبة
تدرج ضمن خانة اللهجة الخاصة باللغة الأصلية ، و ليس لغات مختلفة لمجاميع
مختلفة .لكن حتى هذه النظرية لم تستطع ١٠٠٪من إيجاد حل و توافق علمي لفصل
اللغة عن اللهجة .كمثال حي لهذه المعضلة ، في مجموعة لهجات عائدة للغة معينة
بالامكان التفاهم ما بين بعض هذه اللهجات و لهجات من لغة اخرى مختلفة ،
لهذا لا يمكن الاعتماد كلياً على سهولة الفهم المشترك كعامل تحديد و عليه ليس
هناك كما قلناخصائص واضحة و متفق عليها للتفريق مابين اللغة و اللهجة .لهذا يتم طرح سوْال ما اذا كان علمياً ممكن التفريق بينهما .في الحقيقة الجواب هو كلا .

التفريق غالباً مايكون لأسباب اجتماعية و سياسية اكثر من كونه علمي .و يمكن
تطبيق هذه الأسباب أيضاً على اختيار التسمية .على سبيل المثال عندما تكون التسمية على اساس الانتماء الشعبي او الوطني (الألمان -اللغة الألمانية – المانيا )
فيكون هذا التصنيف مصطنعاً و ليس طبيعياً .

من الممكن جداً ان يفهم شخص يتكلم اللهجة الألمانية الشمالية (Plattdeutsch) فقط ( هكذا أشخاص موجودين في الولايات المتحدة الامريكية حيث هاجر اجدادهم في القرن الثامن عاشر للميلاد من المانيا الى أمريكا قبل توحيد المانيا و و إلزامية
التعليم المدرسي ) شخص هولندي اكثرمن شخص ألماني من ولاية بافاريا الجنوبية . و هذا الشي ينطبق تماماً على اللغة السويدية و الدنماركية و النرويجية .
في الكثير من الأحيان بإمكان شخصين يتكلمون لغتين مختلفتين من التفاهم فيما بينهم اكثر من شخصين يتكلمون لهجتين مختلفتين تعود لنفس اللغة .هذا الشي واضح جداً من خلال التصنيف الاثني / الوطني المعتمد على عامل اللغة ، حيث يكون هذا
العامل مصطنع اكثر من كونه طبيعي .الشي ذاته ينطبق على الاختيار على اساس
العرق او الثقافة او القبيلة وهكذا .
هذا الوعي أخذ دوره هذه الأيام في العلوم الاجتماعية الجادة ، و الذي يعارض
المفاهيم القومية و الأيديولوجية .
لقد وصف أشهر منظري الفكر القومي والاثني في العالم هذا الامر ، حيث تحدث
العالم بينيديكت أندرسون عن ذلك في نظريته (Imagined communities )
، و العالم ارنست گيلنير في نظريته(contingent ) و العالم اريك هوبسباوم في
( invented tradition ).

الفكر القومي الكوردي على سبيل المثال استطاع على مر العصور تنمية الشعور
الاثني للكورد و المحافظة على استمراريته و تطوره .في الوقت ذاته تمكن
الايزيدين كأصل للكورد ، الذين تربوا على قيم وأقوال دينهم بلغة كوردية من
المحافظة على هذا الدين الكوردي و عدم الدخول للإسلام .
هنا التاكيد على استمرارية الأصل القومي الكوردي للايزيدية ما هو الا اداة شوفينية لتشريع الفكر القومي ، حيث اليوم هناك عدد ليس بقليل من الايزيديين الذين
ينظرون بعين الريب لهذه النظرية .
هنا يمكننا ملاحظة كيفية إمكانية مجموعة إثنية معينة من اعادة تسمية نفسها بعيداً
عن الحقائق التاريخية .او كما عبر العالم ارنست رينان في خطبته الشهيرة ( ما
هي الأمة ؟ ) في 11 مارس سنة 1882 :
النسيان ، بكل صراحة ، الأخطاء التاريخية تلعب دورا مهما في صنع الأمة ، و لهذا التقدم و التعمق في علم التاريخ عادة ما يشكل خطراً عليها .

في الحقيقة قبل سقوط الامبراطورية العثمانية و في فترة نمو الشعور القومي ، بدأت النزعة القومية لدى الكورد و الايزيدية تنمو ، في ذلك العصر كان السائد هو فقط
الانتماء الديني ، حتى نظام الامبراطورية العثمانية آنذاك كان يصنف الناس
على خلفياتهم الدينية و ليس القومية .

فيما يتعلق بالأكراد ، بالرغم من وجود لهجات مختلفة يصعب في الكثير من الأحيان التواصل والتفاهم ما بين متحدثيها ، الا انهم ما زالوا متمسكين بوحدة اللغة
الكوردية و عائدية هذه اللهجات لها . مثلاً اذاحاولنا تصنيف اللهجة اللورية، فهل
هي لغة مستقلة ، لهجة كوردية او لهجة فارسية ؟عامل التواصل و التفاهم مع المقابل هنا لا يستوفي الشروط للانتماء الى اللغة الكوردية ، لكن الاختلاف اللغوي لا يقف
بالضرورة حاجزا امام الانتماء لاثنية او قومية معينة ، حيث هنالك اممم تتكلم عدة
لغات مختلفة ، سويسرا مثالاً.

لكن في الوقت ذاته ،تكلم نفس اللغة ليس بالضرورة سبب كافياً لكي ينتمي المرء لتلك الأمة ،حيث هناك امّم و شعوب كثيرة تعيش جنب بعضها البعض و تتكلم نفس اللغة .

حتى لو افترض المرء بان الكورد لديهم لغات متعددة ، هذا لا يمنع كونهم أمة واحدة، لكن ليس شرطاً ادراج أية مجموعة بشرية تتكلم لغة مشتركة مع الكورد ضمن
خانة القومية الكوردية.

بعدما بينا لكم بان استخدام مصطلح ” اللغة الايزيدية ” ليس بشي خاطئ ، و لايمكن المقارنة بينها و بين اللغة الكوردية ، لان ليس هناك لغة كوردية فصحى و لايمكن
التميّز مابين اللغة واللهجة ، في الوقت ذاته بإمكان مجاميع بشرية مختلفة،
تتكلم اللغة ذاتها من إطلاق تسميات مختلفة على هذه اللغة ،الحقيقة التي توصلنا اليها هي ان الكورمانجية و اللغة الايزييدية تسميتان مختلفتان للغة واحدة

اللغة الايزيدية ما بين الحاضر و الماضي :

كما ذكرنا سابقاً، بان مصطلح اللغة الايزيدية ( ايزديكي) يستخدم اليوم على الأغلب في دول الاتحاد السوفيتي السابق، هنا يطرح السؤال نفسه، أية تسمية استخدمها
الايزيديين على مر تاريخهم و لحد اليوم ، ماذا عن أيزيدية بقية الدول ؟

الكثير من القوميين الكورد ، و من ضمنهم الذين يطلقون على أنفسهم لقب مثقفي
الكورد الايزديين بذلوا جهداً كبيراً من اجل عدم استخدام مصطلح ( اللغة الايزيدية )و الإصرارعلى استخدام اللغة الكوردية بدلاً عنه ،لكن منذ انهيار الاتحاد السوفيتي
السابق و اعتراف دولة أرمنيا باللغة الايزيدية ( ايزديكي ) كلغة أقلية و دعمها من خلال طبع الكتب المدرسية بهذه اللغة ، هولاء القوميين الكورد أنكراوجودة أية
لغة بهذا المسمى و اتهموا القومين الأرمن بتشجيع انفصال الايزيديين عن بقية
الكورد ،بالاضافة لذلك تم اتهام الايزيدين الذين دعموا هذا القرار بأنهم غير متعلمين و عملاء و منفذي اجندات غريبة .

هل هذا صحيح؟ هل قام الأرمن في تسعينات القرن الماضي باختراع هذه اللغة
لأغراض سياسية؟ بكل تأكيد هذا الشي ليس بصحيح ،كل المراقبين والمعنيين
بالأمر في دول الاتحاد السوفيتي السابق بامكانهم معرفة مدى تداول هذا الاسم
( اللغة الايزيدية ) في الحياة اليومية و على مدى سنوات طويلة في المجتمع
الايزيدي، كذلك من قبل الكبار بالعمرفي وقتنا الحاضر .

في حال سوْال هولاء الذين ينكرون وجود هذه اللغة ، هل كُنتُم تستخدمون كلمة ( ايزديكي ) في طفولتكم قبل استقلال أرمنيا ، اي قبل انهيار الاتحاد السوفيتي ، جوابهم
هو نعم .عليه كحقيقة يعترف بها ،استخدم هولاء المثقفين الكورد الايزيديين في
طفولتهم هذه المصطلح ،لكنهم ينكرون وجود شي بهذا الاسم .هذا الشي كان واضحاً لدى غير الايزيدين أيضاً، حيث استغل بعض المبشرين المسيحين هذا الامرو قاموا بترجمة كتاب الإنجيل الى اللغة ( الايزيدية ) وليس الكوردية او الكورمانجية ،لان
الناس هناك كانت تستخدم اللغة الايزيدية دون سواها .

من هذا المنطلق يكون السؤال مشروعاً، فيما اذا كان الايزيديين في الاتحاد
السوفيتي السابق استخدموا بجانب اللغة ( الايزديكية) الكوردية او الكورمانجية
أيضاً ،حيث لأول في التاريخ يسمح للايزيديين المشاركة في الحياة الثقافية و
الدارسة و الكتابة بلغتهم الام حيث تم ترك إرث ثقافي في هذالفترة نفتخر به
لحد هذا اليوم.

(مقالة لعرب شاميلوف في احدى الصحف الارمنية عن دروس تعلم اللغة الايزيدية سنة 1926)

ملامح هذا التطور بدا على يد الكاتب ( عرب شمو او المشهور بعرب شاميلوف ) ،
الذي ينحدر من عائلة أيزيدية من شيوخ شيخو بكر و يعد أول أديب كتب رواية
باللغة الكورمانجية ، في سنة 1926 كتب عرب شاميلوف في احدى الصحف
الروسية مقالاً عن افتتاح مدرسة تضم ثمانين طالباً في قريتين ايزيديتين و هما
بولشوي و مالي ميراك، حيث تمت الدراسة باللغة الايزيدية ، فيما و حتى الاقتراب من نهاية الاتحاد السوفيتي اختفى هذا المسمى تدريجياً من الاعلام و حل محله
اللغة الكورمانجية ، لكن ظل الايزيدين فيما بينهم يتداولون مصطلح اللغة الايزيدية،والسبب يعود لتبني ستالين لسياسية القومية بدلاً من الدين في ثلاثينات القرن الماضي
بعدما تم توكيله من قبل لينين لبحث مسالة القومية في الاتحاد السوفيتي ، سنة
1913 كتب ستالين بان اللغة المشتركة هي احدى مقومات تكوين أمة ما ،لكنه
ذكر احتمالية امتلاك امّم مختلفة للغة واحدة ، لهذا حسب ستالين لم يكن ضروريا
بان يكون الايزيدين و الكورد يملكون نفس الاثنية ،أفكاره الاشتراكية المعادية للدين كانت لا ترى الهوية الدينية كمعيار لتحديد أمة. ستالين لم يلغي حق تحديد القومية،
لكن القرار النهائي لابد ان يأتي من السلطة الاشتراكية من فوق .
الهويات الاثنية- القومية و ما يترتب عنها كانت غير مرغوب بها ، لهذا اختفى
استخدام مصطلح اللغة الايزدية من المشهد العام و برز نجم اللغة الكورمانجية او
الكوردية .هذا التغير السياسي علما يبدو ترك اثره في عرب شاميلوف أيضاً ،
حيث بعد سنة 1930 لم يستخدم هو أيضاً هذا المصطلح،لكن بعد انهيار الاتحاد
السوفيتي و احياء الشعور الوطني للأرمن و استقلال أرمنيا تغير الوضع بشكل
سريع جداً .

(مقالة لعرب شاميلوف في احدى الصحف الروسية عن افتتاح مدرستين لدراسة اللغة الايزيدية سنة 1926)

مرة اخرى تغيرت الأحوال السياسية ، التي اثرت و ماتزال تؤثر على الايزيديين ،
الأكراد المسلمين لم يعد مرحباً بهم في ارمنيا بعد الاستقلال، كوّن الأرمن دخلوا في صراع مسلح مع دولة أذربيجان المسلمة لخلافهم حول منطقة جبل كراباغ و
شكوا بولاء الكورد نتيجة الشعور الديني المشترك مع الآذريين ،بالاضافة لمشاركة بعض الكورد المسلمين الأتراك في إبادة الأرمن في بدايات القرن الماضي ، مما
أدى الى مغادرة الأغلبية لأرمنيا ، هكذا احتدم الصراع بين الشعور القومي
الأرمني و الكوردي .

فيما كان الأرمن يسمون مناطق تواجد الكورد “بغرب ارمنيا ” ، كان الكورد
يسمونها بكوردستان الشمالية ، من اجل هذه الأسباب كلها حاولت الدولة الأرمنية
أضعاف العامل الكوردي هناك ، وهذه كانت فرصة مثالية لاحياء الشعور
القومي الايزيدي .

بينما كانت السياسة القومية السوفيتية و النشاط القومي الكوردي في القرن العشرين يحاولان التأثير في عملية ” تكريد” الايزيدين ، ظهرت قوة سياسية اخرى تساند
الايزيديين بعكس ذلك الاتجاه .هذا الشي أدى الى تشنجات و صراعات داخل
المجتمع الايزيدي في ارمينيا .

كانت هناك طبقة من المثقفين الايزيدين الذين تشبعوا بالفكر القومي الكوردي في ظل الاتحاد السوفيتي و نذروا كل فكرهم و طاقاتهم لخدمة الأمة الكوردية ، هذه الطبقة رأت بان كل جهودهم وفكرهم سيذهب هباء في حال تم فصل الايزيدين عن الكورد .

الدولة الأرمنية اعترفت باللغة الايزيدية كلغة رسمية للايزيدين، لكنها اعترفت أيضاً باللغة الكوردية كلغة للكورد .

من الملاحظ بان عملية تكريد الايزيديين في كوردستان العراق كانت و ماتزال اكثر شراسة من السياسة الأرمنية ، التي لم تجبر الايزيديين على شي ، بل أعطت لهم فقط المجال وهم اختاروا .

الاعلام الكوردي المعاصر ، خصوصاً في كوردستان العراق كقناتي روداو و
كوردستان ٢٤ يحاولون دوماً التأثير في هذا ألجانب ، حيث لا يتم ذكر اسم
الايزيدين الا بسبقه بكملة ( الكورد ) و التاكيد في كل صغيرة وكبيرة بان الايزيديين
هم أكراد اصلاء!

ماهي العواقب في حال رفض شخص ايزيدي في شمال العراق من تسمية نفسه ب
( كوردي ايزيدي ) ؟ هذا الشي يمكن قرائته بوضوح في تقرير منظمة مراقبة حقوق
الانسان التابعة للام المتحدةHuman Rights Watch لسنة2009 :
عضوان من حركة الإصلاح و التقدم الايزديدي، التي تروج للفكر القومي الايزيدي، تم اختطافهما من قبل قوات الاسايش و تعذيبهم ، احدهم تم سواله اثناء التحقيق
” ماهي لغتك ؟” إجابته كانت ” الايزيدية”،فكان الرد منهم بان الايزيدية لا لغة لهم ، و هم يتكلمون الكوردية .

كذلك مجال البحث العلمي فيما يخص سياسة القومية و الهوية ليس محايد إطلاقاً ، في ارمينيا يستخدم علماء الشرقيات ( الباحثين في تاريخ و حضارات و ديانات
الشرق القديم ) مصطلح ” اللغة الايزيدية ” ،ويعد هذا شوكة في عيون الكثيرين من
الكتاب الكورد ، الباحثين الغربين على عكسهم لا يستخدمون هذا المصطلح ، بل
ينسبون الايزيدين من حيث اللغة الى الأكراد ، هذا الشي ربما يعود لكون الباحثين الغربيين اعتمدوا على الأشخاص الايزيدين ذات التوجه القومي الكوردي كمصادر لمعلوملتهم، هنا لابد من اتهام هذين المعسكرين لعدم حياديتهم ، يجب على الباحثين
الجادين ، التواصل مباشرة مع كل شرائح المجتمع و استقاء المعلومات الحقيقية
منهم ، لمعرفة ماذا يطلق الايزيدين على لغتهم .

اليوم يتم استخدام مصطلح اللغة الايزيدية بين أيزيدية الاتحاد السوفيتي السابق ،
بالاضافة لذلك يأخذ هذا مصطلح شعبيته يوماً بعد يوم في دول المهجر كألمانيا و
بعض المناطق الاخرى من العراق .

الشيق في الامر بان استخدام مصطلح اللغة الايزيدية لم يقتصر على ايزيدي الاتحاد السوفيتي فقط ،عليه فان الادعاء بان الأرمن هم من اوجودا هذا المصطلح من اجل فصل الايزيدين عن الكورد هو افتراء محض .
العالم الفرنسي ارنست شانتري ( مختص بعلم الانسان -انثروپولوجي )
قام اثناء رحلاته العلمية لتركيا بزيارة منطقة بيراجيك الايزيدية سنة 1895 وقام
بإجراء مقابلات مع السكان ، وقال في تقريره مايلي(مترجم من الفرنسية ):
الايزيدين و الكورد يتكلمون اللغة الكورمانجية ،لكن الايزيدين يصفون لغتهم ب
( اللغة الايزيدية ) ، ويدعون بان الكورد هم من يتكلمون لغتهم و ليس العكس.

اذا هذا الامر لم يقتصر على ايزيدي الاتحاد السوفيتي السابق ، حيث كان في مناطق اخرى ايزيدين يستخدمون هذا المصطلح ، لكن لأسباب سياسية تم تجاهل هكذا
مصادر محايدة .

لكن في الوقت ذاته كان و مايزال هناك ايزيديون كثر يستخدمون مصطلح
الكورمانجية كلغة لهم ، لكن استخدام مصطلح اللغة الكوردية اصبح شائعا فقط في
العقود الاخيرة،خاصة بعد ظهور الاعلام الكوردي المرئي والترويج لهذا الامر.
اليوم تعتبر الكورمانجية كلهجة كوردية الى جانب السورانية الزازكية ، حتى
وان كان الايزيدين في السابق استخدموا مصطلح اللغة الكورمانجية ،علمياً ليس
هناك ترابط لغوي اكيد بين الكورمانجية و الكوردية .المحاولات التي بذلت من اجل ربط الكورمانجية بالكوردية ادت لنتائج و نظريات مختلفة ، بعضها تناقض الاخرى .
نظرية العالم مكانزي ترجع تسمية كورمانجي الى كور ( من كورد ) و مانج الى
( الميديين) ، نظرية اخرى تتدعي بان اسم كورمانج مشتقة من اسم مدينة كرمنشاه
الإيرانية ، مع ذلك يستخدم بعض الايزيدين ايضا كلمة الكوردية عند التواصل
مع الغرباء .

الحقيقة الاخرى ايضا هو إطلاق اغلب الايزيديين تسمية ( كورمانج ) على أكراد
تركيا و سوريا ،هذا المصطلح المحلي يتم تداوله الى يومنا هذا، و يتم استخدامه
ايضا من قبل الايزيدين الذين يَرَوْن أنفسهم كأكراد.

هذا المصطلح له دلالات تاريخية و دينية وقومية ، لكن معناه غائب تماما في وعي
الكثير من الايزيدين في وقتنا الحاضر .

الغريب في الامر ، بان ايزيديوا الوقت الحاضر ، الذين تربوا على الفكر القومي
الكوردي ، لا يعارضون استخدام اللغة الكوردية كلغة للايزيدية ، رغم حداثة
استخدامها ، لكنهم يعارضوا استخدام مصطلحا للغة الايزيدية المستخدم من مئات
السنين و يعتبرونها بدعة اخترعها الأرمن ، وبهذا يقومون بتشويه الحقيقة تحت
ذرائع وهنة.

هم يعارضون استخدام مصطلح اللغة الايزيدية و يفرضون ضرورة استخدام اللغة
الكوردية والاعتراف بالانتماء القومي الكوردي ، من منطق بان المسلمين ايضا لا يتحدثون اللغة الاسلامية !

الحقيقة الثابتة هي بان التسمية اللغوية لا تعترف بالمنطق ولا القوانين الطبيعية .

نظرياً ممكن جداً تسمية لغة باللغة الاسلامية ، حتى ان لم يكن هناك هكذا تسمية ،
هذا لا يعني عدم إمكانية استخداماتها.على سبيل المثال هناك كلمة (Yiddish)التي تستعمل كتسمية اخرى للغة اليهودية (العبرية ) و يمكن ترجمتها حرفياً ب
( اللغة اليهودية ) ، عليه مصطلح (اللغة الايزيدية ) على الأساس الديني ليس شيئاً غريباً و شاذا .

عدم وجود هذا الشي لدى المسلمين و المسيحين يعود لكون هاتين الديانتين منتشرتين في جميع بقاع العالم و عامل اللغة لا دور له في الحفاظ على الدين، على عكس
اليهود و الايزيديين .

من هذا المنطلق سوف نعرض لكم مثالين لكي نرى كيف يتم محاولة ترميم الفكر
القومي . عرب شاميلوف ، كاتب اول رواية كورمانجية، أعطى لروايته عنوان
( الراعي الكورمانجي) ، هذا العنوان لم يعجب الكثير من القوميين الكورد ، كيف
يستخدم في اول رواية كوردية مكتوبة في التاريخ اسم كورمانج وليس كوردي ،
هذا الشي لا يخدم أبداً الفكر القومي الكوردي الناشى، لهذا تم طبع طبعة جديدة من
الرواية مع تغير العنوان الى ( الراعي الكوردي )،المثال الثاني هو كتاب
( فلكلور الكورمانج) للكاتب الايزيدي حجي جندي الذي سمي فيما بعد ب
( فلكلور الأكراد) .

هنا يطرح السؤال نفسه لماذا يقوم بعض المثقفين الايزيدين و الساسة بمحاربة
مصطلح ( اللغة الايزيدية ) ، بالرغم من ان هولاء المثقفين و منذ طفولتهم
يستخدمون هذا المصطلح و سمعوه من آبائهم و اجدادهم ، السبب ببساطة هو
أيديولوجيتهم الكوردية .
في مثالهم هذا يحاولون كسب الاخرين لأيديولوجيتهم الكوردية من خلال عامل اللغة .
هم لا يستطيعون قبول او لا يريدون استخدام مصطلح اللغة الايزيدية، لكي تبقى فقط اللغة الكوردية ، متهمين الذين يستخدمونها بأنهم اميين او اغبياء او عملاء و خونة .
هم من يدعون بأنهم صفوة المثقفين الايزيديين.لكن في الحقيقة أدت هذه المواجهة
الأيديولوجية الى النزعة الفاشية و غياب العقل لدى هولاء .
لن تجد شخص من هولاء القوميين خرج لكي يدافع عن أخيه الايزيدي الذي يعذب
على ايدي رفاقه في الفكر كما ذكرنا في تقرير منظمة حقوق الانسان التابعة للأمم
المتحدة .

الشباب الايزيدي من الجيل الجديد سآخط على هولاء المثقفيين الأيديولوجين و
يحملهم مسؤولية جميع ما يحصل لقومهم .

ما يثير الاندهاش ، هو ما يقوم به بعض المثقفين الايزيدين من طمس حقائق و تاريخ اجدادهم من اجل أهداف قومية كوردية ، وفِي بعض الأحيان تزوير هذه الحقائق
أيضاً و محاربة الارث و الهوية الايزيدية التى دافع عنها الايزيدين بارواحهم على مدار التاريخ،و ما حصل من ابادة سنة 2014 و ما قدمه الايزيدين من تضحيات الا هو خير دليل على هذه الهوية المختلفة.

للكاتب يلماز الجين
الترجمة من اللغة الالمانية: سعيد سيدو

RELATED ARTICLES

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Most Popular