مع کثرة وتباين القضايا والمسائل التي يحذر منها نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية کثيرا ولايريد إثارتها وطرحها على بساط البحث، فإن ملف حقوق الانسان في إيران، يأتي على رأس تلك المواضيع والقضايا والملفات خصوصا وإن هذا الملف يرافق هذا النظام کسکينة خاصرة منذ تأسيسه ولحد يومنا هذا.
طهران التي تٶکد وتشدد دائما على کذب وزيف ماتقوله منظمات حقوق الانسان والمعارضة الايرانية بشکل خاص بشأن إنتهاکات حقوق الانسان في ظل الحکم الديني في إيران، فإن مبرراتها التي تستند عليها تبدو واهية وغير مقنعة بالمرة، خصوصا عندما تزعم بأن أية إنتهاکات لم تقع وبشکل خاص فيما يتعلق بالمرأة، في حين إن ماتطرحه منظمات حقوق الانسان والمعارضة الايرانية تدعمها أدلة ووثائق ومستمسکات دامغة لامجال لإنکارها أو دحضها، ولعل مجزرة صيف عام 1988، الخاصة بإعدام 30 ألف سجين سياسي بفتوى من جانب مٶسس النظام والتي إعترف آية الله منتظري نائب الخميني في تسجيل صوتي مع لجنة الاعدامات التي نفذت فتوى الخميني ببشاعة الجريمة وإنها ستلاحق النظام طوال التأريخ، واحدة من تلك الجرائم التي لايمکن إخفاء بشاعتها خصوصا وإن منظمة العفو الدولية إعتبرتها جريمة ضد الانسانية ويجب محاکمة مرتکبيها.
زعيمة المعارضة الايرانية، مريم رجوي، دعت طوال الاعوام الماضية على إثارة ملف حقوق الانسان في إيران بل وحتى طالبت بإحالة هذا الملف الى مجلس الامن الدولي، من الواضح جدا إن دعوة مسؤولون كبار في وزارة الخارجية الأميركية خلال اجتماع في الأمم المتحدة، يوم الجمعة المنصرم، إلى فتح ملف حقوق الإنسان في إيران، يمکن إعتبارها بداية مثيرة للقلق لطهران ومنعطف يبعث على الثقة والامل بالنسبة للمعارضة الايرانية.
ذلك الاجتماع الذي تبدو الجدية واضحة عليه ولاسيما وقد شارك فيه كل من بريان هوك الممثل الأميركي الخاص بشأن إيران، ومايكل كوزاك مسؤول شؤون الديمقراطية وحقوق الإنسان إلى جانب المتحدثة باسم الخارجية الأميركية هيذر نويرت، حيث دعوا إلى وقف الانتهاكات في إيران والإفراج الفوري عن كافة سجناء الرأي الإيرانيين، كما أكدوا أن الولايات المتحدة ستتصدى بحزم لانتهاكات حقوق الإنسان في إيران. ليس بإجتماع عادي وعابر وانما هو إجتماع نوعي وغير مسبوق، ذلك إن هناك قائمة طويلة عريضة من الجرائم والانتهاکات الفظيعة التي أقدم عليها هذا النظام طوال العقود الاربعة الماضية.
إثارة الامريکان لهذا الملف، من شأنه أن يحرج الاوربيين کثيرا خصوصا وإنهم الان في صدد دفاع ضمني عن النظام وتخفيف وطأة العقوبات الامريکية عليه وإنقاذ الاتفاق النووي، ذلك إن بلدان الاتحاد الاوربي تضع مبادئ حقوق الانسان على رأس أولوياتها وإن ترکيز الامريکيين على هذا الملف ودعوة الاوربيين للعمل من أجل حث طهران وإجبارها على وقف إنتهاکاتها والکف عن عمليات القمع ضد الشعب الايراني، سوف يحرج الاوربيين بحيث من الصعب أن يلتزموا موقفا متجاهلا ولاأباليا من ذلك، وبطبيعة الحال فإن إثارة هذا الملف تعني مسك إيران من موضع الالم ونقطة الضعف تماما وسوف يفتح الابواب أمام الکثير من الاحتمالات التي لن تسر هذا البلد أبدا.