ايلاف/أسامة مهدي: أثير جدل سياسي على ارفع مستوى في العراق اليوم لمناسبة احياء ثورة العشرين ضد الاحتلال البريطاني حول السيادة وحصر السلاح بيد الدولة ومواجهة الفساد واخراج القوات الاجنبية من البلاد.
وقال رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي في كلمة الى العراقيين لمناسبة الذكرى المئوية لثورة عام 1920 الشعبية في العراق ضد الاحتلال البريطاني والتي حلت اليوم وتابعتها “إيلاف” ان “هذه الثورة أول ثورة تحررية في تأريخ العراق الحديث كونها جاءت كي يحكم العراقيون أنفسهم بأنفسهم، وهذا ما نطمح بعزم الى تحقيقه اليوم عبر السعي لترسيـخ قِيَمِ المواطنة والحقوق الدستورية وحقوقِ الانسان ورفض أيّ مَساس بسيادتِنا الوطنية”.
وأضاف أن “من أوجه عظمة ثورة العشرين أنها كانت بحق ثورة كل العراقيين من أجل كل العراقيين وهذا ما أكدته مشاعر التضامن العميق والشعور بوجود مصلحة مشتركة لكل الشعب بالانتصار”.. وتابع انه “ومن هنا تكمن أهميةُ التذكير بأسس ومنطلقات ثورة العشرين وضرورة استلهام القيم والأهداف النبيلة التي بشرت بها لمواجهة التحديات والأخطار وإبراز الدور الشجاع الذي وقفته مراجعنا الدينية وكذلك عشائرنا وجماهير شعبنا في تصديهم للاحتلال الاجنبي وهذا يؤكد من جديد دورها الراهن كما يشير بقوة الى أهمية العشائر العراقية لدعم الدولة والقانون والسلم الأهلي الى جانب تسخيـر جميع طاقاتنا لتوفير المستلزمات الصحية من أدوية ومعدات وأجهزة لدحر وباء كورونا الذي داهم العالم أجمع ومنه العراق”.
وشدد الكاظمي على إن “هذه الذكرى تلهمنا الآن أيضا مزيدا من العزم لإطلاق خطط استراتيجية لبناء وطننا على أسس متينة تلبي طموحات الشرائح الاجتماعية الواسعة بالحياة الكريمة ولا سيما سكان المحافظات المحرومة والشباب والخريجون.. وبما يضمن الإعداد لانتخابات مبكرة نزيهة ولاستكمال بناء مؤسسات الدولة على أرضية صلبة تلبي طموحات شعبنا بتوفير الخدمات والإعمار والاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي وتضمن محاربة حقيقية وعاجلة للفساد وتعزز مكانة العراق بين دول المنطقة والعالم”.
صالح: نريد دولة مستقلة تحصر السلاح بيدها وتحارب الفساد
وفي كلمة مماثلة الى العراقيين بالمناسبة قال الرئيس العراقي برهم صالح إن ثورة العشرين كانت وما زالت ذكراها مصدر إلهام للشعب العراقي في الدروس والعبر التي يستعيدها العراقيون بما يرسّخ فيهم قيم الوطنية الحقة.
وشدد صالح في رسالته الثلاثاء التي تابعتها “إيلاف” على “ضرورة العمل لاعادة بناء الدولة المقتدرة ذات السيادة الكاملة القادرة على فرض القانون ومحاربة الفساد وحماية حق المواطن في الحياة الحرة الكريمة دولة خادمة لشعبها في سلام وأمان مع شعبها ومع جيرانها.” ودعا لاعتبار هذه الذكرى مناسبة لتعزيز الإرادة الوطنية الحرة الطامحة لمراعاة مصالح العراق وكرامة العراقيين في علاقاته بمحيطه الإقليمي وفي المجتمع الدولي ككل و الاستناد الى مرجعية الدولة و قرارها السيادي.. دولة حرة ومستقلة وواثقة في سعيها الحثيث للبناء والتنمية والتقدم.. دولة تضبطُ السلاح المنفلت ويكون فيها القانون هو الفيصل.
وطالب بإستغلال هذه المناسبة لتجديد التضامن في مواجهة جائحة كورونا من خلال زيادة الوعي الصحي والالتزام باجراءات الصحة والسلامة”.
العامري: على أي سيادة تتباكون؟
لكن رئيس تحالف الفتح الشيعي احد اكبر تحالفين مع الصدري في البرلمان هادي العامري تساءل قائلا ان الذين يتباكون على هيبة الدولة عن أي هيبة يتحدثون والقوات الأجنبية تسرح وتمرح في البلاد والسيادة الجوية منتهكة والطائرات الأميركية والاسرائيلية تجوب سماء بغداد.
واشار في كلمة له بالمناسبة تابعتها “إيلاف” الى ان ثورة العشرين كانت “بحق صرخة مدوية اطلقها الشعب العراقي العزيز بوجه الاحتلال البريطاني واثبت بشكل جلي وواضح انه شعب تواق للسيادة وللحياة الحرة الكريمة ورافض لكل اشكال الاحتلال والعبودية”.
وعبر العامري عن الامل في “ان يكون الموقف الوطني موحداً في رفض بقاء وجود أي قوات اجنبية على ارضنا الطاهرة وتحقيق السيادة الوطنية وبناء عراق حر ينعم بالتقدم والازدهار”.
وشدد على ضرورة تحقيق التلاحم الوطني الشامل وإلاسراع باخراج القوات الاجنبية من العراق لتحقيق امنه واستقراره وابعاده عن كل الصراعات الجانبية في المنطقة سواءً كانت دولية او اقليمية.
وأضاف “نقول للذين يتباكون على اعادة هيبة الدولة..عن اي هيبة تتحدثون والقوات الاجنبية تسرح وتمرح في البلاد.. والسيادة الجوية منتهكة بشكلٍ كامل والطائرات الاميركية والاسرائيلية تجوب سماء بغداد وتستهدف ابناء العراق في جرائم راح ضحيتها العشرات منهم بين شهيد وجريح وفي مقدمتهم قادة النصر على الارهاب الداعشي الشهيدين الكبيرين الحاج المهندس والحاج قاسم سليماني وتهدد بضرب كل من لا يدين لها بالولاء ويطالب بخروج قواتها البغيضة من ارضنا المقدسة”.
واكد بالقول “لن نتراجع عن مطالبنا بخروج جميع القوات الاجنبية من العراق وبسط يد الدولة والقانون في جميع مرافق الحياة ليعيش العراقيون آمنون كرماء في وطنهم يتمتعون بخيراته ويدافعون عن مقدراته”.
لكنّ مراقبين لاحظوا ان العامري الذي يملك مليشيا مسلحة لم يشر في كلمته الى انفلات السلاح بيد الفصائل العراقية الموالية لايران والتي ترفض تسليم سلاحها الى الدولة والخضوع لقوانينها ولسلطة القائد العام للقوات المسلحة كما اعلنت كتائب حزب الله العراقي المرتبطة بالحرس الثوري الايراني أمس.
ثورة العشرين
يشار إلى أن ثورة العشرين هي ثورة شعبية اندلعت في العراق في نهاية مايو عام 1920 ضد الاحتلال البريطاني وسياسة تهنيد العراق تمهيدا لضمه إلى بريطانيا وواحدة من سلسلة من الانتفاضات التي حدثت في الوطن العربي جراء عدم ايفاء دول الحلفاء بالوعود المقطوعة للعرب بنيل الاستقلال.
واتخذت الثورة في بادئ الأمر شكل مظاهرات من قبل أهالي بغداد ثم انتشرت الى مناطق متعددة من العراق وشملت احتجاجات الضباط الساخطين من الجيش العثماني القديم ضد الاحتلال البريطاني للعراق وحازت زخماً عندما امتدت إلى المناطق ذات الأغلبية الشيعية في الفرات الأوسط والأدنى والتي شاركت العشائرهناك فيها وكان المرجع الشيعي العربي آية الله الشيخ مهدي الخالصي من أشهر القادة الشيعة للثورة.
وقد راح ضحية الثورة حوالي 10 آلاف عراقي وحوالي 500 من الجنود البريطانيين والهنود لكنها تسببت بتغيير جذري لنظرة المسؤولين البريطانيين واعادة النظر في استراتيجيتهم في العراق حيث كلفت الثورة الحكومة البريطانية 40 مليون جنيه استرليني وهو كان ضعف مبلغ الميزانية السنوية المخصصة للعراق.
كما دفعت الثورة وزير المستعمرات انذاك ونستون تشرشل الى تأكيد الحاجة لادارة جديدة في العراق وضرورة السيطرة عليه من خلال وسائل غير مباشرة عن طريق تثبيت مسؤولين سابقين ذوو علاقة ودية بالحكومة البريطانية في المناصب العليا في البلاد.
وقررت لندن في النهاية تثبيت فيصل بن الحسين كأول ملك للمملكة العراقية التي تأسست عام 1921 وكان قد عمل مع البريطانيين قبلاً في الثورة العربية خلال الحرب العالمية الأولى.
وقد أظهرت ثورة العشرين تلاحما غير مسبوق بين رجال الدين والعشائر من السنة والشيعة اضافة الى مشاركة النخب العلمية والثقافية والاجتماعية ومختلف القطاعات الشعبية فيها.