ردت الميليشيات العراقية الموالية لإيران، على قرار رئيس الحكومة إعفاء فالح الفياض من منصبين أمنيين حساسين، باغتيال الخبير الأمني هشام الهاشمي، الذي قضى برصاص مسلحين، يعتقد على الأغلب أنهم تابعون لكتائب حزب الله.
وفتح المسلحون النار على الهاشمي، الخبير البارز في شؤون الجماعات المسلحة، والصوت الناقد لانفلات الميليشيات الموالية لإيران، عندما كان يهم بدخول منزله في حي زيونة شرق بغداد، في عملية اغتيال صدمت الرأي العام والطبقة السياسية، وأثارت ردود فعل دولية.
وشكلت وزارة الداخلية لجنتين ضمتا عددا من كبار الضباط، تعمل الأولى على مطاردة القتلة، فيما تهتم الثانية بتحديد مكامن الخلل التي سمحت بتنفيذ عملية اغتيال ضد شخصية معروفة على هذا النطاق.
.
وقال مقربون من الهاشمي إنه تلقى مؤخرا تهديدات بالقتل، من كتائب حزب الله، وهي ميليشيا أسسها الحرس الثوري الإيراني وتُتهم بمهاجمة السفارة الأميركية وعدد من المقرات العسكرية في العراق.
وأبلغ ساسة عراقيون “العرب” بأن لديهم تقديرات تربط بين اغتيال الهاشمي والإطاحة بفالح الفياض من منصبي مستشار الأمن الوطني ورئيس جهاز الأمن الوطني.
وقال هؤلاء إن إيران ردت على قرار رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي ضد الفياض باغتيال الهاشمي.
وكان الكاظمي أقصى الفياض من المنصبين، برغم أنه حليف بارز للإيرانيين.
ومع أنه يسكن في بغداد، إلا أن الهاشمي تحدث بجرأة عبر حساباته في وسائل التواصل الاجتماعي أو عبر مختلف المحطات الفضائية المحلية والعربية والدولية التي تستضيفه باستمرار، عن خطورة استخدام صواريخ الكاتيوشا الغبية من قبل ميليشيا كتائب حزب الله، لقصف أهداف قرب مناطق مأهولة وسط بغداد، بحجة أنها “تستضيف محتلين أميركيين”.
ويبدو أن كتائب حزب الله لم تنس للهاشمي أنه أول من كشف الهوية الشخصية معززة بالصور للمسؤول الميداني عن عملياتها، الذي يكنّي نفسه بـ”أبوعلي العسكري”، ونشر تفاصيل دقيقة عنه.
ويقول مراقبون إن الميليشيات التابعة لإيران ضربت أكثر من عصفور برصاص اغتيال الهاشمي، فهي تخلصت أولا من صوت كثير الإزعاج وشديد التأثير في توجيه الرأي العام المضاد لها، وثانيا أرسلت رسالة إلى كل من ينقدها تفيد بأنه قد يلقى المصير نفسه.
وربحت ميليشيا الكتائب أولى مواجهاتها مع الكاظمي، عندما اضطر الأخير إلى إطلاق سراح عدد من عناصرها، بالرغم من ضبطهم متلبسين وهم يعدون العدة لتنفيذ هجمات صاروخية على مطار بغداد والمنطقة الخضراء.
وفور اعتقالهم دفعت الكتائب بمئات المسلحين إلى الشوارع، وطوق عناصرها منازل ضباط بارزين في قوات الأمن، واقتربوا من الموقع الذي يقيم فيه مصطفى الكاظمي شخصيا.
بموازاة ذلك، تدخلت أطراف إيرانية رسمية، فضلا عن قوى سياسية شيعية للضغط على الكاظمي الذي استجاب وسلم المعتقلين لمديرية أمن الحشد الشعبي، وسرعان ما أفرج عنهم القضاء تحت بند “عدم كفاية الأدلة”.
وسخر مدونون عراقيون من هذا الإجراء، وكتب بعضهم أن منصات إطلاق الصواريخ ليست أدلة كافية لإدانة عناصر الميليشيات التابعة لإيران.
ويقول مراقبون إن فشل الكاظمي في تقديم قتلة الهاشمي إلى العدالة، قد يطيح بآخر فرصه لبناء علاقة ثقة متبادلة مع الشارع العراقي، الذي وجد في رئيس الوزراء الجديد، ساعة تكليفه، خروجا عن المألوف في عالم السياسة.