جائزة نوبل من الجوائز التي في الغالب تثير جدلا عالميا حول من يمنح له هذه الجائزة. هذه الجائزة غايتها المعلنة انها لا تمنح لشخصيات معنوية او عينية كتثمين او تكريم للجهود التي بذلت من قبل الجهة المكتسبة لهذه الجائزة بل من اجل دعم هذه الشخصيات في مساهمتها و دورها في احلال السلام.
جائزة هذه السنة سبق تاريخي فريد جدا من عدة زوايا، فاولا انها منحت لامرأة ايزيدية اصبحت رمز عذابات مكون بشري لا يتجاوز نسمته في بلدها النصف مليون، بالكاد كان يعلم العالم بوجوده.
مكون صغير بين ليلة و ضحاها وقع ضحية واحدة من اشنع و اشرس الفصائل الدينية المتطرفة، لا بل المجرمة بكل المقاييس. فشرد هذا المكون و شتت شذر مذر بين سبايا و مذبوحين ذبح النعاج و نهب الاموال، في وضح النهار و في بداية الالفية الثالثة.
من المحزن المحبط ان الذي اصاب هذا المكون المغدور قبل و بعد الفاجعة كان اكبر و اشنع من الفاجعة ذاتها. فاما قبل الكارثة فلقد فشلت قوات عراقية و قوات الاقليم بمختلف صنوفها في الدفاع عن هذا المكون المسالم الاعزل، و ترك كقطيع غنم بين فكوك ذئاب جائعة مارست هلوستها و امراضها النفسية في حنين زائف الى ماض لا يعتد به من له ذرة من القيم الانسانية ، ليشهد العالم و كأن التاريخ الدموي البشع يكرر نفسه بين قرى شنكال الايزيدية ليصبح صفحات تاريخ اسود قاتم فلما مرئيا حيّا يتفرج عليه الجميع دون حياء او خجل.
لقد استمر مسلسل الغدر بان لا احدا الى يومنا هذا قدم للمسائلة لا في العراق النائم ولا في اقليم كوردستان الذي صار مرتعا لبعض هؤلاء الدواعش الانذال او من كان سندهم في الخفاء والعلن على حد السواء. لم يفي الى يومنا هذا فخامة رئيس اقليم كوردستان انذاك كاك مسعود البارزاني بتشكيل تحقيق في الامر و تقديم المقصرين الى العدالة القانونية. اما بغداد المنبطحة لكل من هب و دب من الداخل و الخارج فاكثر ما قامت به ان سفيرها لدى الامم المتحدة امتنع عن مصافحة السبية العراقية الناجية (الكافرة) و التي يكرمها المجتمع الدولي اليوم بواحدة من انبل الجوائز العالمية. البرلمان العراقي و معه الكوردستاني وقفا متفرجين على البرلمانات و الرؤساء و الملوك من المجتمع الدولي يستقبلون و يستضيفون هذه الناجية الناشطة ليخففوا و يواسو المجتمع الايزيدي في فاجعته في شخص نادية مراد. هذا الموقف الغير مفهوم اضاف عمقا و ازاد الما جرح الانسان الايزيدي العراقي وهو يذبح على يد اخوته في المواطنة و يد اخرى تصفق او لا تحرك ساكنا لنجدته او مواساته.
وكأن كل ذلك لم يكن كافيا فبرز طائفة من بني ايزيدا انفسهم ليسكبوا الملح في جراحات الانسان الايزيدي من خلال تحريف و تشويه قضيته الانسانية العادلة فسخروا هذا الجرح و الالم لصالح مكاسب نفعية ذليلة في خدمة جهات سياسية كانت على احسن تقدير واقفة متفرجة كي لا نقول سببا في نكبته..
من لا يفرح لهذه الجائزة في تقديرنا ليس ايزيديا على المستوى الايزيدي وهو ليس عراقيا على مستوى الوطن وهو دون شك ليس انسانا بمعنى الانسان على المستوى الانساني و ذلك بغض النظر عن الموقف من شخص ناديا مراد و من حولها في مشروعها.
حاملة الجائزة و ما عليها:
على حاملة هذه الجائزة ان تعي جيدا ان هذا التكريم و التقدير انما يخصان كل المجتمع الايزيدي و كل ضحية عراقية للارهاب بغض النظر عن الانتماء الديني المذهبي او القومي… فليس الايزيدية وحدها من اغتصبت و الاغتصاب جريمة بشعة تؤلمنا جميعا دون النظر في هوية الضحية. المسلمة من كلا المذهبين تم اغتصابهن و كذلك المسيحية و التركمانية و الصبية و الكوردية لاننا جميعا كنا و لازلنا مستهدفين. من هذا المنظور على الانسان العراقي الشريف ان يكون فخورا بهذه الجائزة وهو سبق تاريخي لم يحدث في تاريخ العراق. و على حاملة الجائزة و كل عراقي شريف و اخص بالذكر قيادات العراق السياسية و الدينية ان تفهم الرسالة العالمية هذه و ان تنتهزها فرصة للملمة الذات العراقية الممزقة و خاصة انها اي الرسالة العالمية تاتي في توقيت يمكن للعراقيين فيه ان يدركوا عمق الجرح و لزوم المعالجة الفورية لانقاذ ما يمكن انقاذه.
فكما ان المنتخب الوطني العراقي لكرة القدم يجمع العراقيين حول وطنيتهم و عراقيتهم جميعا ، على حاملة هذه الجائزة و من حولها بالدرجة الاولى و علينا جميعا ان نعمل على رعاية هذا التقدير العالمي ليكون من قلة الرموز التي يمكننا ان نجتمع حولها.
مؤلم و مرفوض جدا ان تكون هذه الجائزة عامل ينشط بعض الاصوات الناشزة و ذات الافق الضيق لتعميق الجرح العراقي… فكما ان الايزيدي فرح و يفرح و افتخر و يفتخر لكل انجاز عراقي على كل الاصعدة دون النظر الى هوية فاعل الانجاز ، وجب على العراقيين جميعا ان يفتخروا بهذا الانجاز.
مرفوض و مرفوض جدا للايزيدي و تحت اية ذرائع كانت، ان يتنكر لعراقيته او يمسها بسوء مهما بلغ غضبه. فليس العراق كوطن و ليس كل العراقيين دواعش و حاشاهم من ذلك. و على الايزيدي ان لا ينسى ابدا ان المئات من اخوته في المواطنة قد ضحوا بارواحهم في تحرير الناجيات و ارض ايزيدخان العراقية من دنس دولة الخرافة التي دفعتها السواعد العراقية من كل لون و بدعم من المجتمع الدولي، الى مزبلة التاريخ و سحقت اوهام وخرافات قادة هذا التجمع المجرم.
اذن انها چائزتنا جميعا بحق و استحقاق و ان استلمها شخص نادية مراد مثلما نريد ان يكون رئيس جمهورية العراق رئيسنا جميعا و حكومة بغداد حكومتنا جميعا بغض النظر عن مواقفنا الشخصية من شخوص و رموز هذه المناصب و المواقع.
على المجتمع الدولي ان لا يقف عند هذه الجائزة لكي لا تصبح مجرد خبر يموت بعد ايام قليلة بل يدعم و يضغط على قادة العراق في سبيل احقاق العدالة الاجتماعية في تقديم المجرمين و المقصرين الى المحاكمات العادلة.
السويد