في كلمة بمناسبة ذكرى إبادة الإيزيديين.. رئيس الجمهورية يؤكد ضرورة العمل الحثيث والمخلص لمعرفة مصائر المفقودين والمختطفين
أكد السيد رئيس الجمهورية الدكتور برهم صالح أن تنظيم داعش كان يهدف إلى الإبادة الجماعية ومحو الإيزيديين من الوجود، مشيراً إلى أن صمود شعبنا ووحدته وتكاتفه خيّب أحلام الإرهابيين وآمالهم السود.
وقال السيد الرئيس في كلمة عبر الدائرة التلفزيونية، اليوم الاحد 2-8-2020، خلال المؤتمر الذي نظمته منظمة يزدا برعاية سيادته بمناسبة الذكرى السنوية السادسة للإبادة الجماعية للإيزيديين على يد تنظيم داعش الإرهابي في سنجار، إن “التاريخ سيحفظ بتقدير واعتزاز لأبناء قواتنا المسلحة ومعهم البيشمركة والحشد الشعبي وسائر العراقيين الأصلاء ممن قاتلوا وضحوا واستبسلوا من أجل تحريرِ مدننا وقرانا، ومنها سنجار، فسطروا بهذا ملاحم للبطولة الوطنية التي كرست ورسخت مشاعرَ الوحدة والأخوة وخيبت ما خطط له الإرهابيون”، مشدداً دعمه وسعيه لتأمين كل ما يمكن تأمينه لصالح عودة طوعية وكريمة وفي ظروف آمنة للمهجرين والمهاجرين من الإيزيديين وسائر العراقيين الذين أجبرتهم ظروف الحرب على الهجرةِ أو أرغموا على ذلك بفعل سياساتِ التهجير الإرهابي والتهديدات التي تعرضوا لها، وضرورة تجاوز العراقيل السياسية والإدارية التي تمنع انصاف ذوي الضحايا، والإسراع بتنظيمِ الإدارة في سنجار وتعزيزِ الأمن والاستقرار وتقديم المساعداتِ المادیة والخدمات الأساسية من أجل عودتهم من مخيمات النزوح إلی محال سکناهم.
وأشار السيد الرئيس إلى أهمية العمل الحثيث والمخلص من جميع أجهزتنا الأمنية والاستخبارية وكذلك أصدقائنا في الخارج على تكثيف الجهود في البحث وتأمين المعلومات للمساعدة في معرفة مصائرِ المفقودين والمختطفين وتحريرِ الأحياء منهم، حيث يربو عدد المختطفين الإيزيديين على (2500) مختطف ومختطفة ما زالوا مغيبين من أصل (6417) مواطناً إيزيدياً عانوا الخطفَ والتغييب، معبراً عن أمله في الإسراع بتشريعِ قانون الناجيات الإيزيديات من قبل مجلس النواب العراقي والذي أُرسل من قبل رئاسة الجمهورية للمجلس قبل أكثر من سنة.
كما أكد السيد الرئيس على ضرورة دعم الجهد الدولي للتحقيق في جرائمِ داعش بالعراق والذي تأسس بموجب قرار مجلس الأمن الدولي ذي الرقم (2379) لعام (2017) وذلك بالتنسيق مع الجهات التحقيقية العراقية والقضاء العراقي بشأن جمعِ الأدلة والوثائق وآلية التعامل مع قيادات وعناصر داعش الذين هم الآن في قبضة الدولة العراقية أو في قبضة دول أخرى.
وفي مايلي نص الكلمة:
“أحييكم، أيتها السيدات والسادة الحضور، وأنتم تلتقون وتستعيدون ذكرى المأساةِ الإنسانية التي تعرّضَ لها الإيزيديون في مثلِ هذا اليوم مع إقدام مجرمي التنظيم الإرهابي (داعش) على غزوِ واحتلالِ سنجار وارتكاب أفظع الجرائم.
لقد كان هدف الإرهابيين الإبادة الجماعية ومحو الإيزيديين من الوجود، لكن صمود شعبنا ووحدته وتكاتفه خيّب أحلامَ الإرهابيين، فيما لن ينسى الضميرُ الوطني والإنساني هذه الجرائم التي اقترفها داعش، والتي فاقت ببشاعتِها وتجاوزت بلؤمها ما حفظه التاريخ من جرائم قتل وإبادة وترويع وتدمير من التي مارسها الغزاة والقتلة على مر العصور.
لقد عشنا بمرارةٍ وغضبٍ ما رأيناه خلال فترة الاحتلال الداعشي من كمّ هائل وفادح من الجرائم التي ارتكبت بحقِّ الإيزيديين، والتي تمثلت بالقتل على نطاقٍ واسع وبتهجيرِ الذين نجوا من آلةِ القتل وتدميرِ ممتلكاتِهم ومزاراتِهم الدينية وبيوتهم، ثم ارتكب وحوشُ داعش الجريمةَ الأشد بشاعة والمتمثلة بسبي النساء، وإرغام الصغار والأطفال على التخلي عن ديانتهم.
سيحفظ التاريخ للقتلة عارَ جرائمهم، فيما سيحفظ بشرفٍ وفخرٍ للإيزيديين العراقيين تضحياتِهم وبطولاتِهم وصمودَهم.
سيحفظ التاريخ أيضاً بتقدير واعتزاز لأبناء قواتِنا المسلحة ومعهم البيشمركة والحشد الشعبي وسائرِ العراقيين الأصلاء ممن قاتلوا وضحوا واستبسلوا من أجل تحريرِ مدننا وقرانا، ومنها سنجار، فسطّروا بهذا ملاحمَ للبطولة الوطنية التي كرست ورسخت مشاعرَ الوحدة والأخوة وخيبت ما خطط له الإرهابيون.
هذه بطولات ستظل تستحق منا التقديرَ والفخر، مثلما نظل نتذكر لأصدقائِنا من المجتمعِ الدولي و الجيران ما قدموه من دعمٍ وإسناد كان لا بدّ منهما لتعزيزِ صمود وشجاعة شعبِنا في تلك المواجهة التي وقف فيها العراقُ بالنيابة عن العالمِ كلِّه بمواجهةِ القتلة الإرهابيين.
وفي هذه المناسبة التي تلتقون فيها نؤكد دعمَنا وسعيَنا وعملَنا من أجل تأمينِ كل ما يمكن تأمينُه لصالح عودةٍ طوعيةٍ وكريمة وفي ظروفٍ آمنةٍ للمهجّرين والمهاجرين من الإيزيديين وسائرِ العراقيين الذين أجبرتهم ظروفُ الحرب مع الإرهاب على الهجرةِ أو أرغموا على ذلك بفعل سياساتِ التهجير الإرهابي والتهديدات التي تعرضوا لها.
ونؤكد بهذا الصدد على ضرورة الإسراع بتنظيمِ الإدارة في سنجار وتعزيزِ الأمن والاستقرار وتقديم المساعداتِ المادیة والخدمات الأساسية من أجل عودتهم من مخيمات النزوح إلی محال سکناهم والذين بدأوا مؤخراً بالعودةِ الطوعية.
من المعيب فعلاً القصورُ والتقاعسُ الخطير في تلبيةِ متطلباتِ أهلِنا في سنجار.
أؤكدُ على ضرورةِ تجاوز العراقيل السياسية والإدارية و التي تمنع إنصاف ذوي الضحايا.
فيجب تغليب مصلحة الضحايا وذويهم، وهنا أدعو القوى السياسية إلى تجاوزِ الخلافاتِ والترفعِ عليها وصولاً إلى الحلول الادارية والامنية المطلوبة لخدمةِ الإيزيديين وجميع مواطنينا الذين عانوا بفعل الإرهاب وجرائمِه.
وندعو أيضاً إلى أن يتحملَ المجتمعُ الدولي مسؤولياتِه في مساعدةِ العراق وتعويض المتضررين والعمل على تخفيفِ معاناتهم.
لقد تحمّل العراق مسؤوليةَ النهوضِ بواجبِ الدفاع عن الإنسانية بمواجهةِ تنظيمٍ إرهابيٍّ دولي عابرٍ للجنسيات والحدودِ وللقارات، ومن هنا تتأكد ضرورةُ المسؤوليةِ التضامنية الدولية في المساعدة وفي العمل على تجاوز ظروف ما بعد المواجهة وإعادةِ البناءِ وتخفيف معاناةِ الضحايا العراقيين. يجب علينا نحن في الجهاتِ الحكومية ذات الصلة العملُ بجديّةٍ أكبر مع الأممِ المتحدة والدول الصديقة على مشروعٍ يحوّلُ هذه الدعوةَ إلى برنامجٍ عملي.
ولا يقلّ أهميةً عن ذلك العملُ الحثيث والمخلص من جميع أجهزتنا الأمنية والاستخبارية وكذلك اصدقائنا في الخارج على تكثيف الجهود في البحثِ وتأمين المعلومات للمساعدة في معرفة مصائرِ المفقودين والمختطفين وتحريرِ الأحياء منهم، حيث يربو جسب الإحصائيات المتوفرة لدينا عدد المختطفين الإيزيديين على 2500 مختطف ومختطفة ما زالوا مغيبين من أصل 6417 مواطناً إيزيدياً عانوا الخطفَ والتغييب. كما نأمل إسراع الأخوة في مجلس النواب العراقي في تشريعِ قانون الناجيات الإيزيديات والذي أُرسل من قبل رئاسة الجمهورية للمجلس قبل أكثر من سنة.
نؤكد هنا أيضاً ضرورةَ دعم الجهدِ الدولي للتحقيق في جرائمِ داعش بالعراق والذي تأسس بموجب قرار مجلس الأمن الدولي ذي الرقم 2379 لعام 2017 وذلك بالتنسيقِ مع الجهاتِ التحقيقية العراقية والقضاءِ العراقي بشأن جمعِ الأدلة والوثائق ومحاسبة قيادات وعناصر داعش الذين هم الآن في قبضة الدولة العراقية أو في قبضة دول أخرى.
وداخلياً، سيداتي سادتي، نؤكد أهميةَ محاسبة المقصرين والمتسببين في دخول واحتلال داعش لمدنِنا وقرانا، وما نتجت عن ذلك من أضرارٍ مادية واعتبارية في قواتِنا الأمنية والعسكرية وما تعرضت له المدنُ وسكانها الآمنين العزّل. وحتى لا تتكرر المآسي لا ينبغي، بأي شكل من الأشكال، التهاونُ في أسبابِ هذه المأساة ودواعيها ومسببيها.
نعضّد أيضاً الدعوةَ لأهميةِ فتحِ المقابر الجماعية (أكثر من ٨٠ مقبرة جماعية مكتشفة في سنجار لحد الآن) وبصورةٍ علميةٍ ومهنية وجمعِ وحفظِ الأدلةِ و الوثائق التي تؤكّد إدانةَ عصابات داعشِ الإرهابية.
إن النجاح في تحقيق هذه المساعي هو بعض من استحقاقات الإيزيديين الكرام بل هو استحقاقٌ وطني وانساني، وبما يحول دون تكرار مثل هذه الجرائم ضدّ أي مكون من المكونات العراقية وضد أي مواطن.
نؤكد مسؤولياتِنا إزاءَ أنفسِنا، قبل أيِّ شيء آخر، من أجل عملٍ حثيث ومنظَّم وعلى مستوى العالمِ الإسلامي لتشخيصِ دواعي التطرف والغلواءِ في الكراهيةِ والقتلِ والتدميرِ لدى الجماعاتِ التكفيرية والمتطرفة واجتثاثِ واستئصال هذا الفكر والسلوكِ المنافي للقيم الدينيةِ الحنيفة ولتقاليدِ الحياةِ الإنسانية السليمة. لا بد من عملٍ مشترك لمحاصرةِ وإيقافِ سُبلِ تمويل ودعمِ التطرفِ والحيلولة دون حريةِ الحركة والعملِ لهؤلاء الأفراد والجماعات التكفيرية، لا بد من اتفاقاتٍ وبرامجَ عملٍ مشتركة تحقّق هذا وتجرّمُ كلَّ من يساعد أو يغضُّ الطرف عن تنميةِ وتفاقمِ العمل الإرهابي بمختلفِ تسمياتِه ويَحول دون القضاءِ عليه قضاءً مبرماً.
مرة أخرى، أخواني وأخواتي في يزدا والمنظمين لهذا المؤتمر، أحيي جهودَكم، وأحيي من خلالِكم النشاطَ المدني الساعي لإرساء قيمِ السلامِ والتعايش والاعتدال والتسامح.
نأمل ونعمل على أن نصلَ إلى نتائجَ مطمئِنة بخصوصِ المفقودين والمختطَفين وبما يُنهي معاناةَ عوائلِهم.
نترحم دائماً ونذكرُ بفخرٍ واعتزاز شهداءَنا.
المجدُ للأبطال صنّاعِ الحريةِ والنصر والسلام
وشكرا جزيلاً”