الأحد, نوفمبر 24, 2024
Homeاراءقراءةٌ في كتاب اليزيدية قديماً وحديثاً ( أميرٌ أكبر من إمارة )...

قراءةٌ في كتاب اليزيدية قديماً وحديثاً ( أميرٌ أكبر من إمارة ) : ريوان ميراني

إنهُ الأمير إسماعيل بك چول، الفترة الزمنية: (نهاية القرن التاسع عشر، وبدايات القرن العشرين)، أمير الإيزيدية في (سنجار/شنگال)، الذي خرج من مسقط رأسه منطقة شيخان، وجاب الأماكن التي يقطنها الكورد الإيزديين في: (سنجار/شنگال)، و(دياربكر/ ئامەد) ، وحلب، وروسيا، وغيرها من المناطق، ساعياً وراء حقهِ في الزعامة والإمارة، حاملاً معه قوانين دينهِ؛ يعطيها لكل من يريد أن يعرف شيئا عن الدين الإيزيدي من الإيزيديين المتنائين في الشتات، وغيرهم من أتباع الديانات الأخرى.

لقد عاش الأمير طفولته يتيم الأب والأم، فأعالته شقيقته ميان خاتون، إلى أن شب، وإستطاع الإعتماد على نفسه. شحذت شخصيته التي سبقت عصره، نتيجة سفره وتطلعاتهِ باحثاً عن الدعم وحقهِ في الإمارة. فتعرف في رحلته على الأرمن وعن طريق حنكته وذكائه ولباقة تعاملهِ حصل على الإعتراف بالإيزيدية رسمياً في روسيا. وإستفاد من سلطة أصدقائهِ من الأرمن والمسيحيين في إستانبول لإسترجاع حقوق الإيزيديين، ومقدساتهم الدينية التي نهبها الفريق (عمر وهبي باشا) بأمر السلطات العثمانية اثناء حملته السيئة الصيت على الإيزيديين في عام (1892م). ورغم نجاح إلأمير في الحصول على الموافقات الرسمية من إستانبول لإسترجاع المقدسات الإيزيدية، إلا أن الأمر لم يتم وباءت محاولته بالفشل نتيجة تدخل أبن عمه (علي بك) وبعض أصحاب النفوذ والسلطة الدينية من أتباع الديانة الإيزيدية، فبات ذلك جريمةً تاريخية بحق الأمير وحق الإيزيديين.

كان للأمير دور إنساني مشرف إبان حملة ابادة الأرمن والمسيحيين من قبل الدولة العثمانية، حيث إتخذ الامير ومعه الإيزيديين في شنگال موقفا مشرفاً لحماية الأرمن من الإبادة الجماعية. ورغم ضغط العثمانيين لم يسلموهم الأرمن، وقاموا بحمايتهم وطلب الأمير من الأرمن تكليف واحد منهم لأجل تعليمهم أصول الدين المسيحي، كما بنى لهم منزلاً وجعله كدير للعبادة وإقامة شعائرهم الدينية. وأصبح هذا العون فيما بعد ارضية جيدة لتوثيق العلاقة بين الإيزيديين والمسيحيين. فتمخض عن ذلك تأييد الانكليز للأمير في بداية الانتداب البريطاني. وكانت هذه فرصة للإيزيديين للتخلص من الإجرام العثماني. فعلّا شأن الأمير وذاع صيته في العراق. وعُرض عليهِ منصب سياسي في العراق من قبل البريطانيين كما عرضت عليه مسبقاً مناصب دينية خارج العراق وإغراءات مادية، ولكنه رفض كل ما يتعلق بالمصالح الشخصية ,وبقي يطالب بشئ واحد فقط وهو مركز أمير الإيزيديين الذي كان يعتبره من حقه الشرعي. ذلك الحق الذي كانت اخته (ميان خاتون) وابنها سعيد بك (ابن علي بك) قد استولوا عليه وحرموه منه. واخيراً أصبح أميراً على (شنگال) إلا إنه سرعان ما تخلى عنه أصدقائه الإنكليز، ونفوه إلى بغداد ومن ثم إلى (شنگال) بشرط أن يتخلى عن المطالبة بالإمارة، فبقي فيها مكبل اليدين لايستطيع أن يتحرك بسبب فرض شروط الإقامة الجبرية عليه.

يعتبر الأمير أول من شجع فكرة إلتحاق أبناء وبنات الديانة الإيزيدية بالمدارس فبدأ من عائلته، وأرسل أولاده للمدارس، وجابه الأعراف والتقاليد السائدة آنذاك. مواكباً روح العصر في التقدم والإنفتاح. لكونه قد تعلم من ترحاله، وتجاربه في الحياة بأن العلم والمعرفة هما الطريقة الوحيدة للبقاء، والإرتقاء والتقدم والتغلب على الأعداء.

ليتخيل معي القارئ الكريم وجود هكذا شخصية في عصرنا الراهن، ذي حنكة ودبلوماسية وخبرة ميدانية وعلاقات واسعة توحد الإيزديين في شتى أصقاع العالم وتمثلهم خير تمثيل في المحافل الدولية، لربما كان الحال أفضل مما هو عليهِ الآن من البأس والشقاء.

لقد ورد في مقدمة الكتاب بأن الأمير “أمْلا على أحد الكُتاب قصة حياتهِ وكل ما تعرض لهُ من مواقف في حلهِ وترحالهِ، بالبحث عن الدعم لقضيته ألتي آمن بها لآخر أيام حياته. وارسلها إلى جامعة بيروت الأمريكية لنشرها كمقالات متسلسلة في مجلة الجامعة -الابحاث وكان طموحه ان يرى ما كتب لكنه توفي -رحمه الله- قبل أن يتحقق حلمه ، فقرر رئيس الجامعة نشر الاحاديث في كتاب وكلف الأستاذ المؤرخ الكبير الدكتور قسطنطين زريق بتحقيقه ومراجعته وتنقيحه وقد ساعدته الاميرة اليزيدية (ونسة اسماعيل) التي كانت طالبة في المدرسة الامريكية انذاك، فصدرت مذكراتهُ وما أرخهُ من أحداث، كتاباً مطبوعاً في 25 آب سنة 1934.”

وبهذا إعتبر الأمير إسماعيل بك چول أول من كتب مذكراته من الكورد الإيزديين وبذلك سطر إسمه في صفحات التاريخ المشرقة للكورد الإيزيديين كمؤمن صادق خدوم لديانتهِ، تلك الديانة العظيمة، والموغلة في قدم التاريخ، والشامخة كشموخ جبال (شنگال/سنجار) رغم الفرمانات والإضطهاد والقمع والتتريك والتعريب التي تعرضت لها منذ قرونٍ وقرون…

مدينة زاخو
2020/08/3

RELATED ARTICLES

2 COMMENTS

  1. فعلاً أكبر من إمارة , لكنك لم تذكر ما هو أكبر من ذلك , إنه أحد الفيتويات الئيزدية , لو لم يكن هو ما كان الئيزديون اليوم , ذلك هو إحتكاكه بالسفير البريطاني بيرسي كوكس وإستحصال إعتراف بريطانيا بنا وتسجيلنا ديناً مستقلاً عن الإسلم حر التعبد والممارسة , ولولاه لكنا الآ، مسلمين في سجلات الدولة ما كان سيؤدي ذوباننا قبل نهاية القرن العشرين , رحمه الله , وشكراً

  2. شكرا لجهودكم استاذ ريوان في الكتابة عن الامير اسماعيل جول بك فما نطقت الا بالحق وما كتبت الا انصافا لجهود الامير اسماعيل بك الذي حاول الكثيرون اسكاته ومنعه نشر مفاهيم تعاليم دينه بين يزيدية تركيا وبلاد القفقاس الذين عاشوا في عزلة بعيدا عن تعاليم دينهم وطقوس عباداتهم ولم يكتفي بذلك انما ساعد الارمن وآو الهاربين من بطش الخلافة العثمانية وتكفل بمعيشة اكثر من ٥٠٠ لاجىء ارمني . وهو حامل لواء النهضة التعليمية الاولى فكان يحث الاهالي على ارسال اولادهم للمدارس والتعليم وكان هو اول من ابتدا بهذه المبادرة وبدأ بارسال اولاده وبناته للمدارس وفتح افاق التعليم امام الجميع ..بوركت جهودكم مرة اخرى ونأمل تسليط الاضواء على كل من غيبته الظروفوادخلته في زوايا الاهمال والنسيان وهم كثر .والف شكرا لهذا الجهد .

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Most Popular