مما لا شك فيه أن قوة وعظمة بعض الدول لم تأتي من فراغ ، بل من خلال خطط ومشاريع أصلاحية حقيقية اعتمدت على أسس قوية ومتينة لتكون ضمن الدول العظمى والمتقدمة في معظم الجوانب .
لو أردنا اخذ مثال على واحدة من هذه الدول اعتقد ستكون ألمانيا خير مثال ، ومصداق حقيقي لتجربة ناجحة من حالتها التي يرثى لها بعد الحرب العالمية الثانية إلى حالها اليوم المعلوم من الجميع كيف يكون .
لماذا لا يكون بلدنا الجريح ضمن هذه الدول أو على الأقل مستقر بكافة النواحي ، وعلى من تقع المسؤولية في أحداث ثورة إصلاحية تصحح مسار البلد نحو الإمام .
أملنا في تغير الأمور في ظل الأوضاع القائمة مهمة صعبة للغاية ، لكن من بيده دفة الحكم يستطيع تحقيق ذلك ،و حسب المعلن أن شروط السيد رئيس الوزراء الدكتور عادل عبد المهدي تتضمن الحرية في اختيار الوزراء بدون تدخل أو ضغوطات ، وعلىالكتل تقديم أربع مرشحين لكل وزارة ليتم اختيار واحد منهم أو رفضهم جمعيا ، ولا يكونوا من النواب الحاليين وفي حالة تعرضه إلى ضغط سيقدم استقالته .
من حيث المبدأ شروط جيده في تغير مسار عمل الحكومة باتجاه الصحيح ، لكنها ليست كافية لمعالجة جذور مشاكل البلد وأهله لان سبب اغلب مشاكلنا تتعلق بنقطة البداية الأساسات التي بينت الدولة العراقية ما عد 2003 وليومنا هذا كانت أساسات غير صحيح فرضتها الظروف الصعبة في تلك المرحلة الحرجة .
لو فرضنا جدلا شكلت حكومة السيد عبد المهدي وفق شروطه دون ضغط أو تدخل إي جهة ، وتبدأ مهمة الحكومة في ممارسة عملها ، وما يتأمل منها الكثير في اتخاذ قرارات حاسمة لحل مشاكل ملف الخدمات والبطالة والقضاء على الفساد وإقرار القوانينالمهمة التي طال انتظارها ، وقائمة طويلة من المهام والملفات التي بحاجة إلى إجراءات سريعة ومعالجات حقيقية ، ولا مجال في وقتنا الحاضر للخطابات الرنانة والوعود الكاذبة .
لعل ابرز القوانين المنتظر من الحكومة في الإصلاح المنشود يقتصر في تشريع بعض القوانين أو إلغاء القرارات السابقة لمجلس النواب والحكومة وتغير الأشخاص وبناء مدراس أو مستشفيات أو تقليل مخصصات أو الامتيازات الممنوحة سابقا للنواب والوزراء وغيرهم وزيادة الرواتب فئات أخرى وتوفير الوجبة التموينية ومعالجة ملف الخدمات والمشكلة الأبرز الكهرباء ، قد تكون كل ما ذكرنها مطلوب لكنها ليست الحل لان المطلوب اكبر بكثير من ذلك.
هذه القوانين أو المشاريع الإصلاحية المتوقعة من الحكومة بحاجة إلى أساسات دعم لتنفيذها ، ومن خلال تجاربنا السابقة اغلبها بقيت حبر على ورق أو ناقشها البرلمان وبعدها لم نعد نسمع عنها ،أو بعضها تخالف أو تتعارض بعض القوانين الموضوعة سابقا ولأسباب سياسية أو انتخابية تم إقرارها وتخدم مصلحة فئة معينة ولا تخدم عامة الشعب ، وأخر حجة أو ذريعة ستكون الدستور لوجود بعض المواد لا تسمح بإقرار هذا القانون .
شروط أو خط عمل السيد عبد المهدي بحاجة إلى شروط أخرى لا تقتصر فقط على اختيار الوزراء منها أولا أن يطالب بتشكيل لجنة لإعادة النظر في الدستور والمواد المتعارض مع بعض القوانين التي تخدم البلد في كافة المجالات والمواد المختلف عليها من الكل وما سببت من مشاكل ، والعمل على بناء المؤسسة القضائية بشكل مهني وإبعادها عن تدخل الآخرين ، وثلاثا المطالبة بتقليل عدد الوزارات إلى اقل العشرون أو حسب حاجة البلد الحقيقية لا الحزبية وبأقل عدد ممكن مع شرط الكفاءة والخبرة لكل وزير ، ورابعا المطالبة بإعادة النظر بسلم الرواتب بسلم واحد موحد وعادل للكل دون امتيازات عالية أو مخصصات أو منافع اجتماعية ، وخامسا الكشف ملفات الفساد وإعلان أسماء حيتانها ومحاسبتهم وبدون حسابات أخرى ، وسادسا النهوض بالواقع الزراعي وتوفير الدعم اللازم والعمل على إعادة تشغيل كافة مصانع ومعامل البلد وبناء الجديدة منها وفق حاجتنا ,وسابعا إقرار القوانين اللازمة وتقديم كافة التسهيلات لتشجيع الاستثمار الخارجي ، مع خطوات أخرى يجب اتخاذها في عدة ملفات .
كما قلنا في بداية حديثنا ما كانت هذه الدول تصل إلى وصلت إليه اليوم إلا بوجود أساسات قوية ومتينة ، وما تقدم في أعلاها هي إجراءات تصحيح المسار باتجاه بناء أساسات قوية لبناء البلد من جديد .
هي دعوة للسيد عادل عبد المهدي ببدء خطة عمله بقوة وشجاعة ، والتخلص من شروط وقيود من لا يريد للبلد وأهله الخير والأمن ، ولا تنسى دم الشهداء ومعاناة شعبنا المظلوم ،والمطالبة بدعم من الجميع وأولهم المرجعية الرشيدة باتجاه بناء دولتنا الغالية والعزيزة علينا جمعيا الدولة العراقية المعاصرة .