عبدالله جعفر كوفلي /ماجستير قانون دولي
18/8/2020
اثبتت التجارب الماضية , بأن الصراع قائم في الحياة، وكذا لابد من مهزوم ومنتصر فيها وان اول ما يفعله المنتصر هو محو تاريخ المهزومين وفي ذلك اهداف , اول هذه الاهداف لكي لا يعود المهزوم المسكين الى سابق عهده مفتخراً بتاريخ اجداده وما قدموه من خدمات وبناء الحضارات بل يرجع ذليلاً ناكسا رأسه و يخفيه بين الانقاض خجلاً وخوفاً من تكرار هزيمته فاقداً الارادة على المقاومة و الدعوة الى التحرير , لذا فإن الحركات التحررية في العالم تعمل على إعادة الروح المعنوية للشعوب و بناء إنسان ذو عزيمة و إرادة صامدة يقدم حياته فداءً من اجل وطنه ليعيش شعبه أبياً منتصراً .
عملت الحكومات العراقية المتعاقبة على محو تاريخ الشعب الكوردستاني واختلفت في اساليبها و ادواتها حسب المرحلة و ما يطلبه الواقع, فكان تغيير الاسماء الكوردية للاشخاص و المدن الى العربية و التهجير و حجز الاموال المنقولة و غير المنقولة و فرض الحصار الاقتصادي وهدم الاثار وحرق البيوت و تدمير المساجد و المعابد وخلق البدائل وكل ما يشوه صورته وسمعته مارستها مع الشعب الكوردستاني .
وصل النظام العراقي السابق الى ذروة حقده و كراهيته عندما بدأ بعمليات الأنفال السيئة الصيت عام 1988 بمراحلها الثمانية وكان اشرسها وحشية ودمارا المرحلة الثامنة (خاتمة الانفال) في منطقة بادينان بمحافظة دهوك حيث بدأت في 25/8/1988 بعد انتهار الحرب العراقية الايرانية المدمرة للبلدين وشاركت فيها مختلف صنوف الجيش العراقي وأرتكبت جرائم الإبادة الجماعية بقتل المدنيين العزل رميا بالرصاص على أرضهم في قريتي كوريمى وميركةتي، بهدف محو الشعب الكوردستاني بتاريخه وجغرافيته من الوجود فكانت حروباً و ليس حرباً واحدة بخطة متكاملة ومتناسقة , فالابادة الجماعية و جرائم ضد الانسانية ارتكبت خلالها و الحرب البيئة بدأتها بحرق الزراعة و منع تربية المواشي وحرقها واستخدام الاسلحة الكيمياوية وردم عيون المياه و تجفيف الانهار , والحرب الاقتصادية بفرض الحصار الاقتصادي ومنع الزراعة بالاضافة الى الحرب النفسية التي اثرت على نفسية المواطن الكوردستاني و جعله خائفاً قلقاً غير آمن , وايضاً كانت حرب القرارات المجحفة على الرغم من كونها مجحفة من اولها حتى بعد أنتهائها، حيث اسقطت حق الحصول الجنسية وحق طلاق الزوجة من زوجها الذي انضم الى صفوف البيشمةركة (المخربين / بتعبيرهم) و تنفيذ الاعدامات الجماعية دون محاكمة و الضرب و الاهانة و الاعتداء على الاعراض و الاسكان في المجمعات القسرية، بأختصار كانت عمليات الانفال عام 1988 محاولة جادة لمحو تاريخ هذا الشعب العريق صاحب الانجازات و الخدمات الجليلة و المدافع الاعمى عن القيم الاخلاقية و المفاهيم الانسانية و الدين الاسلامي الحنيف , ولكن هيهات هيهات فأن شعباً خالداً شامخاً شموخ الجبال ممتداً جذوره الى الاعماق صمد امام كل المحاولات وحافظ على تاريخه وارضه وقيمه و اخلاقه و لم يغيره السياسات الممنهجة ضده من قبل الحكومات السابقة , لأن الانفال كانت حلقة من حلقات الاضطهاد والقتل والدمار فتعلمنا منها الصبر والوحدة والصمود والثبات وهكذا نكون مهما ابتلينا .