بعد ان تم تمويل محكمة بأكثر من خمسمائة مليون دولار امريكي من حساب الشعب العربي في لبنان العزيز والمفارقة الساخرة ان بداية هذا التمويل تم مع ما تم اعتباره اعلاميا “حكومة حزب الله داخل لبنان!؟”
أي ان الحزب مول التأمر الدولي عليه اذا صح التعبير وهي مفارقة ساخرة ليست غريبة مع صداعات المشاكل الداخلية اللبنانية اذا صح التعبير.
بتصوري جل المسألة منذ خمسة عشرة سنة والى اليوم مع هذا التمويل القريب من النصف مليار دولار مدفوعة لبنانيا هي
“التوظيف السياسي”
بعيدا عن الرغبة القانونية الجنائية لتحقيق “عدالة مطلوبة” يستحقها رفيق الحريري كشخص مغدور وتطلبها عائلته وهذا حق انساني وقاعدة الهية بالقصاص من القتلة وهذه العدالة والسواسية ايضا هي مطلوبة لكل الناس بسواسية ومن ضمنهم اكثر من مائة الف ضحية بالحرب الأهلية اللبنانية تم إعطاء عفو عام عن من قتلهم وتصفير السجل الجنائي لمن تسبب بتصفيتهم في اتفاق الطائف الشهير.
ونحن لا نقول هذا لتمييع القضية او تسخيف قتل اي انسان ولكن للحق والحقيقة نقول ان حتى ضربة كف واحدة واهانة اي انسان او تقليل كرامة او تعذيب او تصفية على الهوية او ملف المفقودين بالحرب الأهلية اللبنانية يجب ان يفتح وان لا يتم الغاء كل جريمة وقتل وتصفية واغتصاب وعمالة وارتباط وتأمر وتخابر وكل ما هو شر بمادة عفو عام ضمن اتفاق الطائف والذي يدين من طلبوا العفو انفسهم لذواتهم ولأعضاء احزابهم لأنه اقرار ضمني منهم جميعا بعمل واداء وتنفيذ هذه الجرائم فالسؤال البسيط يطرح نفسه لماذا يطلب العفو العام من لم يرتكب “الجريمة” بكل تصنيفاتها وتقسيماتها وانواعها بالحرب الأهلية اللبنانية؟ الا اذا كانوا متورطين بهذه الجرائم والحوادث؟
ماذا سيحصل بعد هذه التطويل الزمني البعيد والمكلف ماليا على لبنان المأزوم اساسا اقتصاديا؟ وماذا بعد اصدار قرار المحكمة الدولية الخاصة بمقتل رفيق الحريري؟
لا اتصور سيحدث شئ غير ما كان هو هدف
“كل الحكاية منذ البداية”
وهو
“التوظيف السياسي للحدث بما يخدم أطراف دولية”
وهو توظيف متنقل متغير يختلف حسب موجة التوظيف السياسي!؟
لذلك انتقل التوظيف السياسي من استفادة دولية لأخرى من خروج الجيش العربي السوري من مواقعه داخل القطر العربي اللبناني وهو اساسا دخلها بقرار من جامعة الدول العربية وبطلب رسمي من الحكومة اللبنانية وضمن قوات مشتركة للردع العربي والتي حولتها
“ضوضاء الاعلام والتوظيف السياسي”
الى احتلال!؟
والى صناعة ثورة “ملونة” للأستقلال!؟
وهذا كله
“توظيف سياسي”
انتهي الى “غلطة” السوريين الكبرى بالانسحاب من لبنان والذي حسب رأيي ادي لاحقا مع ظروف وتعقيدات متشابكة اخرى الى نقل الصراع الدولي الى داخل اراضي الجمهورية العربية السورية بما حدث منذ العام ٢٠١١ والى اليوم.
اذن هو توظيف سياسي انتهي بانسحاب سوري خدم مصالح أطراف دولية ومنها تم اعادة التوظيف السياسي نحو مكان اخر؟
وكما قلنا سابقا نكرر مجددا انه
“توظيف انتقالي مصلحي”
نراه موجها حاليا ضد طرف سياسي لبناني واحد فقط لا غير!؟
وهو توظيف ضمن القراءات الحالية سينتهي الى اعادة اجواء ما قبل السابع من ايار الى محاولة التعدي على خطوط حمراء للسيطرة والنفوذ وبها سيعود سابع من ايار جديد وسيعرف كل طرف واقعه وحجمه الحقيقي ومقدار سيطرته بعيدا عن ضوضاء الاعلام الدعائي واساليب الثورات الملونة الناعمة والتي لم تفيد احد بالسابع من ايار القديم ولن تفيد احد بسابع من ايار جديد سيحدث.
اذن اتصور انه سيتم محاولة اعادة توظيف سياسي ضد احد أطراف المشهد السياسي اللبناني وهو “جسر” لمحاولة متواصلة متكررة لا تهدأ ولا تمل من محاولات الغاء نفوذ طرف واحد فقط لا غير من المعادلة السياسية اللبنانية وصولا لضمان الغاء اي خطر مستقبلي ضد الكيان الصهيوني السرطاني الاستعماري العنصري الموجود على ارض دولة فلسطين العربية المحتلة .
اذن هو فيلم “هندي” قديم طويل ممل لصناعة مشهد مسرحي لتوظيف سياسي مصلحي لأطراف دولية ، اما من قتل رفيق الحريري و واحد وعشرين ضحية اخرى قضوا معه فهذه قصة اخرى ليس لها مكان في واقع الأطراف الدولية ولا بمصالح الدول.
رفيق الحريري والواحد والعشرين ضحية هم انضموا للمائة الف ضحية مقتولة بالحرب الأهلية اللبنانية في عالم المصالح البعيد عن الأخلاق والمبدأ والضمير.
لا احد يريد أن يتكلم ويتحدث عن القاتل الحقيقي ولا عن الجريمة ومن قام بها ومن عملها بكل تفاصيلها.
وتبقى الساحة داخل القطر العربي بلبنان العزيز مليئة بالأحداث والمتغيرات.
د.عادل رضا
طبيب باطنية وغدد صماء وسكري
كاتب كويتي بالشئون العربية والاسلامية