إن الأمم المتحدة بصفتها أعلى هيئة دولية، تتجاوز مهمتها الأساسية جميع ما لديها من المهام والأهداف والاستراتيجيات أو التي يمكن أن تكون لديها، وهي أنها لا تسمح لأي فرد أو منظمة أو حكومة بانتهاك خاصية احترام الإنسان والمجتمع البشري وانتهاك أبسط حقوق الإنسان، نظرًا لأن انتهاك هذا المبدأ الأساسي يؤدي إلى التعارض مع المجتمع البشري.
وبناءً على ذلك، عندما نسمع السيدة كيلي كرافت، ممثلة أمريكا لدى الأمم المتحدة، تقول: “من الحقائق الثابتة على مدى الـ 75 عامًا الماضية هي أن الأمم المتحدة نادرًا ما تطبق مثلها العليا، وغالبًا ما تقع ضحية لأدنى المصالح السياسية لأعضائها”. فإن هذا الأمر مؤلم للغاية بالنسبة لنا، وفي الوقت نفسه، ليس مفاجئًا لنا، لأن مصداقية هذه المؤسسة في وضع سيء جدًا؛ حسب قولها.
وأشارت السيدة كيلي كرافت إلى اجتماع مجلس الأمن المنعقد في تاريخ 15 أغسطس، والذي رُفض فيه القرار الأمريكي المقترح لتمديد حظر التسلح على نظام الملالي؛ بموجب امتناع 11 صوتًا عن التصويت ورأيان مؤيدان للقرار ورأيان معارضان، وقالت: “لقد كشف هذا الاجتماع عن أسوأ توجه للأمم المتحدة في مجلس الأمن”. وأضافت: ” إن فشل هذا المجلس اليوم ليس في مصلحة إقرار السلام ولا في مصلحة استتباب الأمن، بل إنه يشعل نيران صراعات أكبر ويؤدي إلى مزيد من انعدام الأمن إلى حد بعيد، نظرًا لأن هذه الخطوة بمثابة تأييد لأكبر حكومة داعمة للإرهاب في العالم“.
والجدير بالذكر أن تصريحات ممثلة أمريكا في رسالة الفيديو هذه هي حصيلة تجارب الحكومة الأمريكية مع نظام الملالي خلال السنوات القليلة الماضية.
وفيما يتعلق بمثل هذه القضية المهمة، فإن المبدأ الأساسي هو ضرورة بحث سجل نظام مثل نظام الملالي ودراسته بدقة. ولا يجب من حيث المبدأ عدم السماح لنظام ذو سجل أسود طافح بالجرائم في جميع المجالات، بما في ذلك المجال النووي وحقوق الإنسان والإرهاب والقمع في الداخل والتدخل في شؤون البلدان الأخرى؛ بالحصول على أي نوع من الأسلحة فحسب، بل يجب انتزاع ما لديه من أسلحة أيضًا.
وبناءً عليه، فإن السؤال الأساسي الذي يجب أن يوجه للأطراف التي صوتت لرفع حظر التسلح المفروض على نظام الملالي هو: لماذا فتحتم الأبواب لمزيد من تسليح هذا النظام الدموي الإرهابي والقمعي؟
وعلى الرغم من أن المشكلة الرئيسية قد تدور حول السبب في أن قرار 2231 الصادر في عام 2015 فرض حظر تسلح قصير المدى على نظام الملالي، والذي في حد ذاته لم يكن سوى نتيجة لسياسة الاسترضاء الغربية الخبيثة المدمرة، بيد أن المصوتين على رفع حظر التسلح اليوم في اجتماع مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة سوف يكونون بادئ ذي بدء شركاء في جرائم هذا النظام الإرهابي.
نظرًا لأنه، كما قالت رئيسة الجمهورية المنتخبة من قبل المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية السيدة مريم رجوي: “إن حظر التسلح على الفاشية الدينية الحاكمة في إيران ضرورة ملحة لإقرار السلم والأمن الدوليين والإقليميين. وإن السماح لهذا النظام الفاشي ببيع وشراء الأسلحة لن يسفر سوى عن الإرهاب وإشعال الحروب وتصدير التطرف”. كما أضافت السيدة رجوي: “إن الشعب الإيراني الذي تعرض لخسائر بشرية فادحة جراء الإصابة بوباء كورونا وفقد ما يقرب من 90,000 فردًا من أبناء الوطن، يحتاج أكثر من أي وقت مضى إلى تخصيص تكاليف التسلح والمشاريع النووية والصاروخية الفلكية؛ للرعاية الصحية للمواطنين”.
والجدير بالذكر أنه منذ وصول نظام الملالي إلى السلطة، وهو يقوم بإنفاق الجزء الأكبر من ميزانية البلاد على التسلح وتجهيز قوات حرس نظام الملالي، وبهذه الطريقة تمادي في القمع داخل إيران وفي الإرهاب والتدخل في شؤون الدول الأخرى، ولاسيما دول المنطقة. وهذا هو السبب في أن دول مجلس التعاون الخليجي الست دعت الأمم المتحدة إلى تمديد حظر التسلح الدولي على إيران. وتؤكد هذه الدول على أن استمرار تدخل إيران في شؤون الدول المجاورة يجعل تمديد حظر التسلح عليها أمرًا ضروريًا.
وقال الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي، نايف فلاح مبارك الحجرف: “ما لم تكف إيران عن الأنشطة المزعزعة للاستقرار في المنطقة وتتوقف عن إمداد المنظمات الإرهابية والطائفية بالأسلحة، فإن رفع القيود أمر خطأ وغير سوي”. (وكالة “رويترز” للأنباء من دبي،9 أغسطس 2020)
وقال قائد المقاومة الإيرانية السيد مسعود رجوي، مؤكدًا على ضرورة حل قوات حرس نظام الملالي وتخصيص ميزانيتها لمكافحة وباء كورونا وللرعاية الصحية: ” إذا كان نظام ولاية الفقيه لا ينوي القمع وإشعال الحروب وتصدير الظلامية والتطرف والإرهاب فيكفيه جيش واحد ولا ينبغي أن يفرض على الشعب الإيراني الناقم المحروم أن يتحمل التكلفة المضاعفة لقوات حرس نظام الملالي”.
*کاتب ومحلل سياسي خبير في الشأن الايراني.