الإثنين, نوفمبر 25, 2024
Homeمقالاتقرية ميركةتى... الابادة الجماعية المنسية : عبدالله جعفر كوفلي 

قرية ميركةتى… الابادة الجماعية المنسية : عبدالله جعفر كوفلي 

kuvileabdelah@yahoo.co.uk

26/8/2020

صدر عن مطبعة محافظة دهوك بإقليم كوردستان العراق كتابنا(قرية ميركةتي الابادة الجماعية المنسية) عدد صفحاتها 227 من الحجم المتوسط، وهو عبارة عن دراسة وثائيقية عن الابادة الجماعية التي تعرضت لها قرية ميركةتي في منطقة بةرى كارة بالقرب من ناحية سرسنك بمنطقة العمادية إبان عمليات الانفال السيئة الصيت عام 1988 حيت ثم تنفيذ حكم الاعدام رميا بالرصاص بحق ثمان من المواطنين الابرياء وإبقائهم في العراء وبعد حوالي 15 يوما قام أقربائه بنقل جثمانهم المتفسخة الى مقبرة قرية دهيكى القريبة من موقع الرمي ليتم دفنهم بملابسهم في حفرتين ولم يتم إخراج الجثث الى اليوم.

من الصعوبة بمكان، ان يقف الباحث او المؤلف على الحياد من موضوع بحثه، بل لابد ان يدلي برأيه بسواء بالتأييد او الرفض لأنه كغيره يحمل العواطف ومشاعر الحب والكره فهو يؤثر ويتأثر في نفس الوقت، لا سيما عندما يكون موضوع البحث يتعلق بقضية مشروعة لشخص او لشعب وقد ذاق من اجلها المرارة وقدم في سبيلها حياته وناضل في طريق تحقيق امانيه واحلامه او ان يكون بريئاً  ويتطاول عليه يد الظلم و الطغيان.

موضوع بحثنا في هذه المرة يتناول إبادة جماعية لأشخاص أبرياء من وطني كوردستان الحبيبة وهم من (قرية ميركه تى) التابعة لناحية سرسنك من اجل توثيقها وانقاذها من طي النسيان، وكذا خدمة لذويهم الذين طالما انتظروا لسنوات وسنوات ولم يلب احداً نداءاتهم بضرورة اخراج احبائهم من مكان دفنهم دون غسل او الصلاة عليهم وقراءة التلقين على قبورهم.

كيف لا وجلاوزة السلطان الحاكمة يقبضون على رجال كل همهم تأمين لقمة العيش لأسرهم لا يعرفون معنى للحقد والكراهية وكل واحد منهم يمثل رحلة طويلة وتجربة فريدة في الحياة وهم رموز للانسان كأنسان وللاخوة الصادقة وكتلة من الحنان والحب الدفين حتى مع الحيوانات .

قرروا رميهم، وكان قراراً سابقاً لأوانه تنفيذاً لأوامر مراجعهم العليا، صوبوا فوهات بنادقهم لصدور لا تحمل غير الخير للجميع، ودقات قلوبهم تزداد حتى تكاد وتخرج من القفص الصدري وتنفجر بوجه اصحاب القلوب المتحجرة والقاسية التي انتزعت منه الرحمة، صوبوا لرؤس لا تفكر إلا بخدمة الانسانية وعزة النفس والوفاء بالعهد وكراهية الكذب والأنانية والنفاق والظلم والجور، صوبوا لعيون لا ترى إلا النور وبراءة الحياة وآذان لا تسمع إلا ما هو نافع وفي المصلحة العامة.

اطلقت النيران، وسقطوا حيث اختلطت الدماء البريئة مع ذرات التراب التي تشتاق اليها لتكون عجينة تفوح منها رائحة المسك ولمست اجسادهم الارض واحتظنتهم بكل رأفة وصرخاتهم امتلئت الوديان وتعالت جبل كاره ومتين وبلغت عنان السماء وتشكوا الى رب العزة، ان ظلم المخلوق لم تعد تطيقه السموات والارض وارتفعت ارواحهم لتلتقي في رياض الجنة.

دفنوا، في غير دارهم بعد عناء من ذويهم بملابسهم الملطخة بالدماء، وبها تعرفوا عليهم ورائحة تحلل الاجساد ترتفع ونقلوهم الى مثواهم .

حرموا، زوجاتهم وأولادهم من الدفء بأحضانهم ومن تلك العاطفة التي خلقها الله بينهما لأدامة الحياة والافتخار بهم، لأنهم كانوا السند لظهورهم والقوة الدافعة والحماس الجيّاش، جعلهم كلما رأوا رجلاً يتذكرونهم ويتحسرون لتلك الايام التي كانوا فيها يسرحون ويمرحون مع آبائهم وزوجاتهم، مع ايمانهم بأن عدالة الله عز وجل اخذت مجراها ونفذت بهم.

 

بعد تاريخ 8/8/1988، أي بعد وقف إطلاق النار بين العراق وإيران، تفرغت قوات النظام العراقي كليا لمحاربة الثوار الكورد، فشملت عملياتها العسكرية منطقة بهدينان، حيث دارت فيها معارك كبرى، كان من أبرزها ملحمة خواكورك عند المثلث الحدودي. وكان هدف النظام العراقي فرض طوق على المثلث الحدودي، ليقطع الطريق أمام العوائل الكوردية الهاربة إلى إيران وتركيا، فيسهل القضاء عليها، وبالتالي يمكن عدُّ تلك العوائل من جملة ضحايا حرب النظام ضد إيران، وليست جزءا من ضحايا حربه العنصرية ضد الشعب الكوردي. وحسب اعتقاد النظام العراقي؛ فإنه سوف يحقق أكثر من هدف، الأول القضاء على الحركة الكوردية، والثاني النصر على إيران في آن واحد.

 بدأ النظام العراقي عام 1988 حملة عسكرية سميت (بالأنفال)، وكلمة (الأنفال) اسم لسورة قرآنية، استعملها المسلمون في غزواتهم ضد الكفار في بداية ظهور الإسلام، إلا انها تكررت في العراق لتنفذ ضد الكورد، إذ نفذت عمليات الأنفال طوال سنة 1988 وتعددت العمليات لتسمى بحملة الأنفال من (1 إلى 8). واختفى من على وجه الأرض أكثر من (182000) كوردي خلال تلك العمليات في قبور جماعية، ودمرت أكثر من أربعة الاف قرية وسويت بالأرض، وكذلك (18) مدينة متوسطة الحجم، وأزيلت أرياف بحجم مساحة دولة لبنان، واستعملت في عمليات الأنفال السلاح الكيمياوي، ودمرت الآبار والمدارس والمستشفيات ودور العبادة من المساجد والكنائس، وتحولت بفعل هذه العمليات ثلث مساحة كوردستان الجنوبية إلى أرض قفراء، وبقي نحو مليون فرد بدون مأوى، وفي مقدمة هؤلاء أبناء منطقة بهدينان.

من القرى الكوردستانية التي تعرضت إلى التدمير والتخريب شأنها شأن القرى الأخرى قرية (ميركةتي)، في منطقة جبل كارة التابعة لناحية سرسنك في قضاء العمادية ضمن محافظة دهوك، لكن ما جرى لأبنائها كان أكثر شراسة ودموية، إذ تم تنفيذ حكم الإعدام بمجموعة من الأبرياء العزل رميًا بالرصاص تنفيذا لأوامر القيادات العليا، وجرى دفنهم في مقبرة جماعية ما تزال قائمة إلى يومنا هذا، متروكة ومنسية، إذ لم تحاط بأي التفات واهتمام من الجهات الحكومية والمنظمات الدولية؛ وذلك ببناء مقبرة خاصة بهم أو بناء نصب تذكاري لهم.

شكرنا وتقديرنا لكل من ساهم وساعد وخاصة الدكتور علي تتر محافظ دهوك على دعمه ومساندته

RELATED ARTICLES

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Most Popular